أصدرت المحكمة الابتدائية بمكناس يوم الثلاثاء 21 أكتوبر الماضي حكما استعجاليا يقضي بإغلاق مصحة بمكناس، إلى حين البت في دعوى جنحية مقامة من طرف شريكين ضد أربعة أطباء شركاء جدد في هذه المصحة. ويستشف من هذه النازلة أنه بتاريخ ثاني مايو المنصرم، وبناء على محضر تفتيش منجز من طرف وزارة الصحة، وضعت الأمانة العامة للحكومة بكتابة الضبط بابتدائية مكناس، مقالا يرمي إلى إغلاق المصحة المذكورة، تترجم من خلاله الإختلالات القانونية والتنظيمية التي طالت سوء التدبير والخدمات المقدمة للمرضى، والمتمثلة أساسا في استغلال أربعة أطباء للمصحة على وجه شراكة بينهم بعد وفاة صاحبها (ر.ر) بتاريخ 18 غشت 2006، دون إخطار الأمانة العامة للحكومة بالوضعية الجديدة للمصحة، وكذا استغلال جهازين للفحص بالأشعة غير مرخصين من طرف المركز الوطني للوقاية من الأشعة، وتثبيت جهاز في قاعة يمكن للأشعة الأيونية أن تتسرب عبر الباب. مع افتقار المصحة إلى طبيب وتقني مختصين في طب الأشعة. وكذلك فقدانها لوسائل التخلص من النفايات الاستشفائية، وعدم توفرها على مصعد مخصص للمرضى، وكذلك غياب شروط النظافة داخل المطبخ والخزين، بالإضافة إلى خروقات أخرى تم رصدها. وبمقتضى مقال تدخل اختياري مقدم من طرف الدكتور (ج.ب) والدكتور (با. محمد) مفاده أن الأول بصفته شريكا بالمناصفة مع الدكتور المتوفى (ر.ر) والثاني بصفته يملك غالبية الأسهم، ومديرا متصرفا بهذه المصحة منذسنة 2000 إلى غاية 31 يونيو 2007 ، يتمتعان بصلاحية الإشعار بالوضعية التي توجد عليها المصحة، ملتمسان استصدار قرار بإغلاقها إلى حين البت في النزاع المعروض على القضاء المدني والزجري معززين دفوعاتهما بجملة من الوثائق. كما تقدما أيضا بمقال إدخال في مواجهة المصحة المذكورة بصفتهما طبيبين منتميان لهيئة الأطباء بمكناس. وطالبا بإغلاق مصحة زرهون التي قالا عنها أنها حلت محل المصحة المعنية التي كانت تشتغل في إطار غير قانوني حسب إقرارهما. ويلاحظ ضمن أوراق الملف كتاب من النيابة العامة موجه الى رئيس المحكمة الابتدائية يشعره بتنظيم متابعة قضائية في مواجهة خمسة أطباء من أجل استغلال المصحة بدون ترخيص، والتعديلات التي طالت الشكل القانوني لها، وطريقة تسييرها دون إشعار الجهات الوصية. وقد أثار دفاع المصحة الدفع بعدم اختصاص قاضي المستعجلات للبث في النازلة، واعتبر قانونية ممارسة مهنة الطب بها لوجود رخصة استغلال منذ سنة 1952 بقرار من الأمين العام للحكومة في شكل شركة تجارية، وأن الرخصة لا تنتهي بوفاة صاحبها، وأنها غير محددة من حيث الزمن. وأضاف أن المصحة تم تحويلها من شركة مساهمة إلى شركة مدنية بمقتضى قانونها الأساسي المودع لدى المصالح المختصة، وأنها لم تتوصل بأي إنذار أو أجل لتدارك الاختلالات المسطرة بمحضر التفتيش، وأن تغيير شكل المصحة القانوني ناتج عن الموافقة القبلية، واسترسل الدفاع في القول بعدم صحة المتابعة لكونها لا تنصب على الطابع التقني للمصحة ولا على الخطر للمرضى، وإنما شملت الرخصة، وتغيير شكل المصحة وهما أمران ثبتت قانونيتهما ليخلص في الأخير إلى أن المصحة تداركت جميع الاختلالات، وأدخلت تعديلات على المصحة، ملتمسا بذلك رفض طلب الأمانة العامة للحكومة. وفي تعليل القاضي الاستعجالي لحكمه بخصوص الدفع بعدم الاختصاص فقد اعتبر أن القضاء الاستعجالي مختص في إغلاق المصحة إلى حين البت في الدعوى الجنحية المقامة ضد مستغليها الجدد. أما فيما يتعلق بوجود الرخصة وسريان استغلالها منذ 1952 في اسم الدكتور كرنيط تحت صفة شركة تجارية فقد عللت المحكمة ردها لهذا الدفع كون الأمر يتعلق بمزاولة أطباء آخرين لأنشطتهم الطبية والجراحية، وردت أسماؤهم بمحضر التفتيش، ومتابعة النيابة العامة دون أن يعملوا على استغلال المصحة باسم شركة مدنية لا تجارية، طبقا لمقتضيات المادة 24 من ظهير 94 10 المتعلق بمزاولة الطب. وفيما يخص الدفع بتدارك الإختلالات فقد اعتبر القضاء أن الدفع بصحة الوضعية القانونية للمصحة الجديدة هو دفع مردود لعلة خلو الملف من الإذن النهائي المنصوص عليه في المادة 24 من الظهير المذكور. وعن الدفع بانعدام إنذار المصحة بعد التفتيش، فقد ارتأت المحكمة رده لكونه غير ملزم إلا بالنسبة للمصحة المزاولة لعملها بصفة شركة مدنية. وهو أمر لا يتوفر عند المصحة المدعى عليها. وخلص القضاء في إرجاع تبريره لأمر إغلاق المصحة كون مسيري المصحة الجدد قاموا باستغلالها دون الحصول على الرخصة المنصوص عليها في المادة 24 من ظهير 94 10 . وفي عدم تبليغ الإدارة مسبقا بالتغييرات التي طالت الشكل القانوني للمصحة وشروط تسييرها. وعن طلب التدخل الإرادي في الدعوى وإدخال الغير فيها كذلك فقد اعتبرت المحكمة أن المادة 64 من ظهير 94 10 قد حددت على سبيل الحصر الجهات المخول لها صلاحية رفع طلب إغلاق المصحة، وتتمثل في الإدارة المختصة والمجلس الجهوي لهيئة الأطباء دون غيرهما مما يجعل المتدخلين لا صفة لهما في التدخل في الدعوى.