منذ الساعات الأولى من صبيحة الاثنين ثاني يونيو الجاري عاش السوق القديم للجملة بمنطقة باب دكالة بالمدينة القديمة على وقع مشهد إنزال أمني كبير ولافت للعيان سيج محيط السوق لتشرع ، بعد حين ، جرافات في عملية هدم واجتثاث كل المحلات العشوائية المتواجدة بهذا الفضاء والمختصة في بيع الخضر والفواكه والدجاج الحي. ومنعت الأعداد الكبيرة لمختلف قوات الأمن الحاضرة الدخول إلى السوق ومزاولة أي نشاط تجاري للباعة المعتادين ارتياد هذا الفضاء ، وبعد وضع سياجات حديدية وإقامة وبناء علامة منع المرور في هذه اللحظة بالذات بواجهة الطريق الرئيسي المؤدي للسوق. وفي الوقت الذي واصلت فيه الجرافات دك كل ما هو متواجد بالسوق لم يجد المتضررون بدا من رفع الأعلام الوطنية وترديد شعارات منددة بالعملية ، ومطالبة المسئولين بالإنصاف وإنقاذهم وأسرهم من التشرد والضياع والفقر. وعبر لنا مختلف الباعة عن تفاجئهم واستغرابهم من تنفيذ هذا الإجراء صباح هذا اليوم من طرف السلطات المحلية من دون فسح أي مجال لإسماع صوتهم ومطالبهم مشيرين إلى أن إبلاغهم بالترحيل لم يتوصلوا به إلا مساء الجمعة الماضية . وأكدوا أنهم مع الحل المقترح بنقلهم إلى السوق الجديد بمنطقة العزوزية موضحين أن عملية الاستفادة من المحلات بهذا السوق الجديد مرت في جنح الظلام واستفاد منها 102 شخص فقط يوجد بينهم أناس لا علاقة لهم بالمهنة أو بجمعيتهم المسماة الأمل التي تضم 388 منخرط وناشط بالسوق ، مما يعني – يضيفون - إقصاء 286 من الباعة المنخرطين وتعريضهم وأسرهم للتشرد والضياع. من جهتهم أوضح باعة الدجاج بأنهم مع قرار الترحيل مبرزين أن المحلات التعويض بالسوق الجديد بالعزوزية لا تتوفر فيها كل الشروط الضرورية لمزاولة المهنة زيادة على ذلك فمساحتها جد ضيقة. في ظل هذه الأجواء المشحونة انتقلنا إلى الضفة الشمالية لهذا السوق حيث لاقينا أصحاب المحلات التجارية والصناعية الذين عبروا عن قلقهم البالغ من الإجراء الذي طال الباعة بهذا السوق حيث بات يتهددهم نفس المصير خصوصا بعد وضع علامة منع المرور بالطريق الرئيسي للسوق كمؤشر على ذلك ، متسائلين في ذات الوقت عن الطريقة التي سيلج بها الزبناء ووسائل النقل إلى محلاتهم ، ليعبر أحدهم مستهزئا بأن الولوج سيتم من السماء بواسطة المظلات. وأوضحوا أنهم يمثلون 19 محلا تجاريا وصناعيا بفضاء هذا السوق مشيرين إلى أنهم ظلوا يمارسون مهنهم بموجب قرارات قانونية معترف بها رغم ترحيل تجار سوق الخضر بالجملة، منذ سنة 2006، إلى منطقة المسار بالحي الصناعي. وقالوا بأن معاناتهم طالت في سبيل إيجاد حل لوضعيتهم والاستفادة بدورهم من التعويض بجوار سوق المسار مؤكدين أنهم كانوا ضحايا المجلس السابق الذي غلق في وجههم كل الأبواب، واستنزف أرزاقهم ولم يطرح أي حل جذري بهذا الخصوص. وأضافوا:" في الوقت الذي استبشرنا فيه خيرا ، وبعد موافقة المجلس البلدي أخيرا وبالإجماع على ترحيلنا إلى أراضي التعويض بجوار سوق الخضر بالجملة بحي المسار، وبعد إجراء القرعة بالأرقام في أكتوبر من سنة 2012، حلت علينا صاعقة لم تكن تخطر ببال أحد حيث تمت مطالبتنا بأداء واجب القطع الأرضية المخولة لنا ، لكن مع وضع شرط تعجيزي وخيالي ممثل في أداء في سبعة آلاف درهم [ 7000 ] للمتر المربع ، لنجد أنفسنا مكتوفي الأيدي ، وكأن الأمر لا يتعلق بتعويض بل بمصيبة تنذر شتات شمل أسرنا والرمي بهم إلى الشارع." ويناشد التجار والصناع بهذا السوق كل الجهات المسئولة النظر في هذا القرار المجانب للصواب والمرفوض شكلا ومضمونا وإيجاد حل ناجع ومقبول لمشكلهم. ومن جهتهم وجه كل باعة السوق القديم الأخذ بعين الاعتبار واقعهم الاجتماعي البئيس وتضميد جراح أطفال وصغار ومرضى وعجزة يعولونهم ويوفرون لهم لقمة العيش من نشاطهم التجاري.