حين التحدث عن القابلة في المغرب يذهب الذهن مباشرة إلى الدايات اللواتي كن مشهورات في أحيائنا الشعبية ، هؤلاء كن بمثابة أمهات للجميع، فهي المرأة التي يعرف الكل عنوان سكنها ويمكنك التوجه إليها في أي لحظة من الليل أو النهار،" أمي فاطمة" كانت من هؤلاء امرأة تقدمت بها السن لكنها ظلت محتفظة برجاحة عقلها، امرأة مهيبة جعلت نساء الحي يفضلن الولادة على يديها بدل التوجه إلى مركز للولادة يوجد بالحي أيضا، ظلت تمارس مهنتها بكفاءة شديدة إلى أن توفاها الله دون أن تسجل على يديها حالة وفاة واحدة لرضيع أو أم.. اليوم وخاصة داخل مستشفيات الولادة ازداد عدد القابلات وهذا يعني رعاية أكثر للنساء الحوامل قبل الوضع وخلاله، وللحديث مع إحدى القابلات توجهنا لمستشفى الولادة السويسي، مررنا على جناح الولادة الذي كان يضج بالنساء الحوامل وأهاليهن ، وعند باب قاعة الولادة خرجت قابلة شابة بادرت رجلا واقفا بالقول" زوجتك لن تلد إلا حوالي السادسة مساء" وكان الوقت حينها منتصف النهار كانت القابلة تمشي بحيوية وتحدثت إلى الرجل بلطف ترك لديه ولدينا انطباعا جيدا.. طلبنا منها أن تدلي لنا بتصريح بمناسبة اليوم العالمي للقابلة ، لكنها فضلت أن نحصل على إذن من الحارس العام..عند سؤالنا عن هذا الاخير تم توجيهنا نحو مكتب الطبيب الرئيسي ، هناك بادرنا احدهم يلبس الوزرة البيضاء بطلب بطائقنا الصحفية واختفى لتخرج موظفة كانت تجلس الى حاسوبها لتخبرنا أن هاتف المدير hors zone والمسؤولة التي تنوب عنه طلبت أن نعود يوم الاثنين ونقدم طلبا كتابيا للمدير، أخبرت السيدة أن الاثنين هو تاريخ اليوم العالمي للقابلة .. رسمت ابتسامة تعلن بها أسفها.. انصرفنا وشعور كبير بالخيبة يملانا ليس على عدم إجراء مقابلة مع "القابلة" بل على سياسة المنع والتكتم التي مازال البعض يمارسها داخل مؤسساتنا العمومية .. خارج أسوار المستشفى قابلنا امرأة حامل تسير بصعوبة شديدة ..بادرتها بالقول" الله ايفك وحايلك.." وسألتها عن سبب خروجها من المستشفى وهي في هذه الحال فردت " المفروض أن ألد في 20 ابريل أخبرتني مولدة أني تجاوزت تاريخ الولادة و طلبت مني أن ارجع الى البيت عل المخاض"الوجع" ياتيني ليلا، حال المراة يشي انها من وسط فقير هي الأم لأربعة أطفال ، سألتها "وان لم يأت ؟ " اجابت "قالت لي القابلة نرجع يوم غد.." تركنا المرأة تسير في اتجاه محطة للحافلات وغادرنا متمنين أن تعود .. وتجد في استقبالها قابلة طيبة او طبيب ، يعينها على الولادة والعودة الى اطفالها حية هي ورضيعها.. المغرب بادر إلى إعمال مخططات لتقليص وفيات الأمهات والأطفال التزاما منه بتقليص وفيات الأمهات بنسبة ثلاثة أرباع، ووفيات الأطفال البالغين أقل من خمس سنوات بنسبة الثلثين، وذلك بحلول عام 2015،ومن اهم المبادرات مجانية الولادة وقد عملت وزارة الصحة في السنتين الأخيرتين على تعميم مجانية الولادة داخل المستشفيات العمومية، وكذا التحاليل البيولوجية الخاصة بتتبع الحمل، فضلا عن التكفل بالحالات التي تتعرض لخطر حدوث مضاعفات أثناء الولادة، ثم النقل المجاني لجميع النساء والأطفال حديثي الولادة من دور الولادة إلى مستشفيات الولادة في القرى، مع تعزيز الوحدات الطبية المنتقلة بالريف لتغطية 20 منطقة جديدة..كما تعمل الوزارة على تحسين شروط الخدمات الصحية للأم والطفل، اخذا بعين الاعتبار العوامل الاجتماعية والاقتصادية ذات التأثير على أوضاعهم الصحية.. عالميا وعلى مدى العقدين الماضيين، انخفضت معدلات وفيات الأمهات بما يناهز النصف. وخلال الفترة نفسها، زادت معدلات توافر القابلات بنسبة 15 في المائة. ويبقى توفير فرص الحصول على الرعاية الصحية الجيدة هو حق أساسي من حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن هناك قرابة 40 مليون امرأة لا تحظى بوجود رعاية صحية متخصصة عند الوضع، الأمر الذي يضاعف من خطر التعرض للموت أو العجز سواء بالنسبة إلى الأم أو الوليد. إن العالم اليوم في حاجة إلى القابلات أكثر من أي وقت مضى. ومن شأن الاستثمار في توفير القابلات أن يساعد على تجنب حدوث 000 290 من الوفيات النفاسية وثلاثة ملايين حالة وفاة بين المواليد تحدث كل عام جراء عدم توافر الأخصائيين الصحيين النظاميين..