اختتم البرلمان دورته التشريعية الخريفية أكتوبر 2013- 2014 بحصيلة حملت معها العديد من التساؤلات بخصوص المراقبة البرلمانية للعمل الحكومي سواء من حيث الاستجابة لانشغالات واهتمامات المواطنين وقضايا الوطن الكبرى، بما فيها القضايا الطارئة ذات الطابع الاستعجالي ومدى تفاعل الحكومة مع المواضيع الراهنة التي يتتبعها الرأي العام الوطني باهتمام بالغ بشكل فوري، او من حيث فعالية آليات المراقبة البرلمانية، أو من حيث طبيعة جلسات الاسئلة الشفهية القطاعية منها والمتعلقة بالسياسة العامة للحكومة ومدى استجابتها لتطلعات وانتظارات المواطنين في اعطاء المراقبة البرلمانية مدلولها الحقيقي بعيدا عن الصورة النمطية التي سئموا منها، أو من حيث مدى تفعيل الدستور وتوجهاته فيما جاء به من آليات جديدة لتقوية مراقبة العمل الحكومي، بما فيها الاسئلة المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة التي يجيب عنها رئيس الحكومة كل شهر، أو من حيث المشاركة الفعلية للمعارضة البرلمانية في مراقبة العمل الحكومي ، بما يضمن لها الدستور في فصله 10 من مكانة متميزة تخولها حقوقا من شأنها تمكينها من النهوض بمهامها على الوجه الأكمل في العمل البرلماني، أو من حيث مدى تحقيق التعاون المنتج بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بما يضمن تكريس مقومات وآليات الطابع البرلماني للنظام السياسي المغربي كفيلة بنهوضه بمهام التمثيلية والتشريعية والرقابية على الوجه المطلوب، او من حيث النتائج المحصل عليها ومدى انعكاساتها على تدبير الشأن العام، وتجسيد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص واقرار العدالة الاجتماعية أو من حيث وقعها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية ، وتأثيرها على تدبير السياسات العمومية بتعزيز مبادئ الحكامة الجيدة وسمو القانون، مادامت المراقبة البرلمانية ليست غاية في حد ذاتها، بقدر ماهي أداة لضمان احترام سيادة الحق والقانون في مجتمع يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم في إطار القيم الديمقراطية التي أقرها دستور البلاد. إن أي تقييم لحصيلة مراقبة العمل الحكومي يمر حتما، كما هو معمول بع في الأنظمة البرلمانية المعاصرة، عبر تقييم الجدوى من خلال عدد الأسئلة الشفهية التي تقدم بها أعضاء البرلمان خلال الدورة التشريعية والعدد الحقيقي للأسئلة المجاب عنها، بما فيها عدد الاسئلة الآنية ذات الطابع الاستعجالي والمجاب عنها بما يبين بوضوح التعامل الحكومي مع أسئلة الساعة التي يتتبعها الرأي العام والتي تقتضي من الحكومة تقديم توضيحات بشأنها دون خضوعها للمدة الزمنية التي تفتضيها أحكام الفقرة الثانية من الفصل 100 من الدستور التي بمقتضاها تدلي الحكومة بجوابها عن الاسئلة الشفهية العادية خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال إليها، عدد الأسئلة الشفهية المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة المطروحة والمجاب عنها من طرف رئيس الحكومة خلال الجلسات الشهرية وفقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 100 من الدستور، نوعية الأسئلة الشفهية المطروحة وكذا الاجوبة التي يتقدم بها أعضاء الحكومة، عدد الأسئلة الكتابية التي يتقدم بها أعضاء البرلمان تهم قضايا دوائرهم الانتخابية وانشغالات ومشاكل وقضايا ساكنتها والاجوبة التي تلقوها من طرف القطاعات الحكومية المعنية، عدد طلبات القيام بالمهام الاستطلاعية المؤقتة للجان النيابية الدائمة وكيفية التعامل مع هذه الطلبات ومدى الاستجابة لها، عدد طلبات اجتماعات اللجان النيابية الدائمة لدراسة قضايا طارئة تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني ومدى استجابة الحكومة لهذه الطلبات، دون الحديث عن ملتمسات الرقابة واللجان النيابية لتقصي الحقائق وغيرها من الآليات الرقابية للعمل الحكومي. في هذا السياق، لابد من تسجيل التحول النوعي الذي عرفته جلسات الأسئلة الشفهية الأسبوعية باعتماد أسلوب التعقيب الاضافي الذي أضفى على هذه الجلسات جاذبية بعدما تحولت من حوار ثنائي بين النائب والوزير إلى حوار متعدد الأطراف بمشاركة عدة نواب في موضوع السؤال الواحد، بالإضافة الى تبني مقاربة جديدة في مواضيع الاسئلة بتقسيمها الى ثلاث قطاعات تكون موضوع مساءلة كل اسبوع على أساس ان يكون الاسبوع الرابع في كل شهر مخصصا للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة، ولكن هذا الاسلوب الجديد لم تتحقق الاهداف المتوخاة منه نظرا لغياب بعض القطاعات الحكومية لتضيع معها الأسئلة المتعلقة بهذه القطاعات . ومع ذلك لازال المتتبعون للشأن البرلماني يلاحظون روتينية هذه الجلسات سواء من حيث طريقة تقديم الاسئلة او كيفية الجواب عنها أو من حيث نوعية هذه الاسئلة التي غالبا ما يطغى عليها الطابع المحلي والاقليمي والجهوي في غياب جلسة خاصة لهذه المواضيع كما هو معمول به في العديد من برلمانات العالم.