في الوقت الذي وجه فيه من طرابلس المدير العام لصندوق النقد الدولي نداء واضحا الى المغرب و الجزائر داعيا إياهما الى نبذ الخلافات جانبا و إلى "تخطي مسألة النزاعات للتقدم في التكامل الاقتصادي". اختارت الجزائر مجددا سياسة دس الرأس داخل الرمال ، و كلفت الاعلام الموالي لها لإفراغ تصريحات دومينيك ستروس من محتواها الحقيقي و القفز على بعض مقاطعها و مفاهيمها لاتهامه شخصيا و معه دول غربية بالاسم ( فرنسا و أمريكا ) بالتحيز الى المغرب . فقد اكتفت و كالة الأنباء الرسمية الجزائرية بتعويم تصريحات مدير صندوق النقد الدولي و انتقت منها تعابير فضفاضة تجردها من المعنى الحقيقي للسياق الذي وردت فيه , وهكذا نقرأ في قصاصة الوكالة التزام الهيئة الدولية بدعم جهود إندماج المغرب العربي و مساعدة دول المنطقة على "تجاوز صعوبات البيئة الدولية الراهنة" ، و هو ما يحيل لفهم القارىء أن وكالة أنباء الحكومة الجزائرية تخاطب رأيا عاما جاهلا و متخلفا لا يدرك حق الادراك حقيقة الوضع المجمد بهياكل اتحاد المغرب العربي بفعل تعنت قادة الجزائر في الرضوخ الى مطلب الاندماج و التكامل المأمول من شعوب المنطقة ، و الذي تتفنن الجزائر في إيجاد ما يكفي اللحظة من مبررات و ذرائع لإجهاض حلم مشروع لهذه الشعوب . و بقدر ما تكتفي الواجهة الرسمية للحكومة الجزائرية بمنطق التعتيم و التمويه الفضفاض تتكلف صحافة الطابور الخامس التابع و الموازي لنفس النظام مجددا على نفث ما يتيسر من سرابيل السموم و الاتهامات الرخيصة , حيث نلمس في تقرير صحفي لإحدى صحف الجنرالات الناطقة بالفرنسية إتهاما مباشرا لدومينيك ستروس بالانحياز لما تسميه بالطرح المغربي الذي يتقاطع و يتناغم مع جوهر نداء التكامل الذي أطلقه دومينيك ستروس ، و معناه الواضح هو ترك الخلافات السياسية جانبا و المضي قدما في مسارات التكامل والاندماج المتوفرة و المعلقة منذ عقود . و يبدوا من باب الجهل أو التجاهل لعمق الأمور أن الموقف الجزائري المتصلب الذي يخلط في غالب الأمر العديد من الأوراق الحساسة في كيس واحد و يستخدم حينما يشاء إحدى هذه الملفات للضغط على المغرب و مساومة المجتمع الدولي ، ما زال ذات الموقف حبيس و رهين أحداث متقادمة يفصح استغلالها المستمر و المتجدد عن سوء النية المبيتة المبنية على شعور الحقد والكراهية لمواجهة تحديات العالم المعاصر بجميع تعقيداته و تمظهراته الاقتصادية المقلقة . و هكذا حينما نجد الديبلوماسية الاعلامية الموازية للنظام الجزائري تدعي جهارا وبدون حياء أن "القضية الصحراوية شكلت و ما زالت تشكل موضوع مزايدات بين العواصمالغربية وفي مقدمتها باريس و واشنطن ، و أن مسؤولي هذه العواصم أبعد من وضع الأمور في نصابها و يرفضون الرضوخ للشرعية الدولية " يمكن أن نتصور حجم الورطة التي تتخبط فيها الخارجية الجزائرية التي تصنع من الأوهام و الأباطيل شعارات فارغة لنظام يدعي أنه يملك وحده صكوك الحقيقة المطلقة بغض التظر عن ما يعتقده و يظنه و يقتنع به الآخرون . إن مثل هذه المناسبات و الظروف التي تحمل ممثلي و كفاءات و قادة المنظومة الدولية لإبراز مواقفهم و قناعاتهم من واقع النزاع المفتعل بمنطقة شمال إفريقيا و تبعاته الاجتماعية والاقتصادية على شعوب المنطقة المتقاسمة للعديد من نقط الالتقاء ، هي من تشكل في واقع الأمر الصفعة المتجددة التي ما زالت صدماتها المتتالية لم تفق بعض الأشقاء بالجزائر من كابوس طال أمده .