لم يكف دومنيك شتراوس كان المدير العام لصندوق النقد الدولي، عن حث بلدان المغرب العربي عن التكتل من أجل مواجهة الأزمة المالية، و هو الهدف الذي يمر في نظره عبر غض الطرف عن الخلافات السياسية التي لا يراها عائقا أمام تحقيق التكامل الاقتصادي. شتراوس كان، يخاطب بلدان المغرب العربي منذ توليه أمور الصندوق بذات اللغة التي سمعوها من سلفه الإسباني رودريغو راطو، فقد اعتبر، أول أمس الثلاثاء، أثناء مروره بتونس، أن اندماج اقتصاد بلدان المغرب العربي يعتبر أفضل حماية ممكنة ضد تأثيرات الأزمات الخارجية. مشددا على «ضرورة العمل على السير نحو الاندماج الاقتصادي المغاربي باعتبار المنافع التي تجنيها الاقتصاديات». المدير العام لصندوق النقد الدولي، دومينيك شتراوس كان، أوصى يوم الاثنين من طرابلس دول المغرب العربي بتخطي مشاكلها السياسية لتسريع تحقيق تكامل اقتصادي. حيث قال على هامش مؤتمر حول «التكامل الاقتصادي في المغرب العربي» «يجب التقدم في مجال التكامل الاقتصادي وكأنه لا توجد أية مشكلة سياسية ويجب بالتالي معالجة المشاكل السياسية وكأنه لا توجد مشاكل اقتصادية». ويقول خبراء إن عدم التوصل إلى تحقيق تكتل اقتصادي مغاربي، يكلف دول المنطقة خسارة سنوية تبلغ نحو 4.6 ملايير يورو جراء هروب استثمارات خارجية. ويقر مسؤولون مغاربيون بأن إرساء تكتل إقليمي مغاربي سيسرع نمو كل بلد بما لايقل عن اثنين في المائة سنويا وسيخلق 20 ألف فرصة عمل جديدة كل عام. ويعتقد البنك الدولي أن دول شمال إفريقيا تفوت على نفسها معدلات نمو إضافية قد تصل إلى 3 % من الناتج الإجمالي، يمكن تحقيقها من العمل على تفعيل اتحاد المغرب العربي، وفتح الحدود وتحرير التجارة البينية وتنقل رؤوس الأموال, وتنفيذ مشاريع وتجمعات اقتصادية ومالية مشتركة على غرار ما يجري في الضفة الأخرى للبحر المتوسط. ولا تتعدى قيمة المبادلات التجارية البينية معدل 3 في المائة من مجمل التبادلات بين الدول المغاربية الخمس (الجزائروتونس وليبيا وموريتانيا والمغرب). وخفض صندوق النقد الدولي توقعات النمو الاقتصادي في دول المغرب العربي الثلاث، الجزائر والمغرب وتونس إلى 5,5 % خلال العام المقبل من أكثر من 6 % حالياً, تحت تأثير الأوضاع المالية الدولية وتداعياتها على تدفق الاستثمارات ورؤوس الأموال نحو المنطقة.وتوقع الصندوق، في تقرير حديث له أن النمو في الجزائر سيتراجع إلى 4.9 %، وفي المغرب إلى 5,5 % وفي تونس إلى 5 % عام 2009. أشار صندوق النقد الدولي إلى أن انخفاض أسعار الطاقة سينعكس سلبا على مداخيل بلدان شمال إفريقيا النفطية مثل الجزائر وليبيا، فالجزائر تبدي تخوفها من استمرار انخفاض أسعار الطاقة ارتباطاً بالأزمة المالية التي قد تدفع البلد إلى إعادة النظر في سياسته الاقتصادية، علما أن المحللين يرون أن الأزمة الحالية لن تستثني أية دولة في العالم.