من المؤكد أن رئيس الحكومة الأستاذ عبدالإلاه بنكيران أخذ علما بما تضمنه التقرير الأخير لمكتب الإحصاء الإسرائيلي ، و يتعلق الأمر بمؤسسة رسمية تابعة مباشرة لرئيس حكومة الكيان الصهيوني ، فلقد أخبر هذا التقرير بأن المغرب احتل خلال السنة التي لفظت أنفاسها الأخيرة قبل أسبوعين المرتبة الثامنة إفريقيا فيما يتعلق باستيراد المنتوجات الإسرائيلية و احتل في ذلك أيضا المرتبة الثالثة عربيا بعد كل من مصر و الأردن ، و أبلغنا هذا التقرير أن حكومة بنكيران استوردت أو سمحت باستيراد ما قيمته 52,6 مليون دولار خلال الإحدى عشر شهرا من السنة الفارطة ، بيد أن حكومة الكيان الصهيوني لم تستورد من حكومة الأستاذ بنكيران عدا 5,4 مليون دولار ، بمعنى أن حكومة الكيان الصهيوني استوردت عشر ما صدرته لحكومة بنكيران . و أكدت معطيات أضحت معلومة و مشهورة الزيادة المهولة في حجم التطبيع الإقتصادي و التجاري بين المغرب و الكيان الإسرائيلي خصوصا خلال السنتين الفارطتين على عهد حكومة الأستاذ عبدالإلاه بنكيران . حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه بنكيران كان قبل أن ينتقل إلى ممارسة الحكم يتخذ من التطبيع مع الكيان الصهيوني قضية مركزية في انشغالاته و نضالاته ، كان يؤكد أن الكيان الصهيوني يستثمر العائدات المالية في تقتيل الشعب الفلسطسني و إبادته لذلك كنت في السابق تراه مترصدا لجميع مظاهر التطبيع مع الكيان الصهيوني ، يحتج بالبيانات و ينظم المسيرات و الإعتصامات ، و يكشف أسماء المطبعين ، و كانت حركته الدعوية أكثر حرصا على صب ما يكفي من كميات الزيت الحارقة لتزيد النيران التهابا . سبحان مبدل الأحوال ، لم يعد لردود الفعل هذه أثرا سواء من الحزب المذكور أو من حركته الدعوية ، و لم يجدا أي حرج في ابتلاع اللسان في هذا الموضوع رغم أن حجم التطبيع زاد بنسبة مهولة جدا . دعنا نتساءل عن موقف الأستاذ بنكيران مما يحدث في فلسطينالمحتلة ، و عن موقفه من تضييق خناق الحصار على الشعب الفلسطيني في غزة الصامدة ؟ و أجيب شخصياب أن التفسير الوحيد لزيادة حجم المبادلات التجارية بين بلدنا و حكومة الكيان الإسرلئيلي و ارتفاع منسوب التطبيع الشامل يتمثل في الإطمئنان الكبير الذي يشعر به المطبعون في زمن حكومة بنكيران ، بل إن هذه الزيادة في مستوى التطبيع تكشف اطمئنان حكومة الكيان الصهيوني لحكومة بنكيران ، و الدليل أنها لم تفعل شيئا في هذا الصدد ، و الدليل أن حزب العدالة والتنمية و حركته الدعوية لم ينطقا بكلمة واحدة في هذا الشأن منذ أن وصل الإخوان إلى سدة الحكم. على كل حال ، سبحان مبدل ، ليس الأحوال ، و لكن سبحان مبدل المواقف و القناعات .