بعد استضافة حزب العدالة والتنمية للاسرائيلي عوفير برونشتاين في مؤتمره الأخير، سال مداد كثير حول هرولة الحزب نحو التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وتعالت الأصوات المنددة بهذا السلوك خاصة أن الحزب خلال زمن المعارضة لم يكن يترك مثل هذه الأمور تمر دون أن يقيم الدنيا ولايقعدها كلما وقع حادث مماثل، فيكون أول المشيرين بالتصهين إلى أصحابه. غير أن هذه الأصوات التي صدحت بانتقاد الحزب لم تكن مسموعة ولم يحرك الحزب اتجاهها ساكنا، حتى صدر بيان جناحه الدعوي حركة التوحيد والاصلاح الذي مسح عن الحزب تهمة «التطبيع» واعتبر ذلك «اختراقا صهيونيا». آنذاك فقط سارع الحزب إلى إصدار اعتذار سياسي مشيرا إلى أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر لم تقصد التطبيع مع الكيان الصهيوني، مرجعا الأمر إلى مجرد «تقصير» موجب الاعتذار. الجواب السريع للحزب على بيان المكتب التنفيذي للحركة، وتعامله بأذن من طين وأخرى من عجين مع باقي الأصوات المحتجة من المجتمع، مؤشر واضح على أن الحزب لا يريد الخروج على أهم مبادئ الحركة وهو «الطاعة والانضباط» الذي ينص على «الالتزام بالقرارات التي تتخذها الحركة ومسؤولوها طاعة لله»، إذ لم تمر 24 ساعة كاملة حتى جاء اعتذار الحزب ما يؤشر على الحضور القوي، لحركة تعتبر نفسها دعوية، في المجال السياسي الموكول تدبيره للحزب. الواضح إذن أن الحركة تتجاوز الدور الذي اختارت لعبه بحيث تعتبر نفسها حركة دعوية رسالتها «الاسهام في إقامة الدين وتجديد فهمه والعمل به»، وذلك من خلال الدعوة حسب وثائقها المقسمة إلى مبادئ وأهداف إلى «توحيد الخالق سبحانه توحيدا بالربوبية وتوحيدا بالعبودية وتوحيدا بالمرجعية العليا لكتابه وسنة نبيه». لكن واقع الحال يكذب هذا التوجه، فمتى كان التدخل في شؤون مؤتمر حزب سياسي وانتقاد تدبيره موقفا دينيا؟ فمثل هذه المواقف هو ما يفضح زيف التوجهات التي تعبر عنها الحركة في وثائقها التي تظل مجرد حبر على ورق لا يصلح لشيء، سوى للتعبير عن الوجود القانوني للحركة في المجتمع أما مواقف الحركة فكلها تعبيرات سياسية لا علاقة لها بالدين عكس ما تفصح عنه. بذلك تتجاوز الحركة الاطار الديني الذي وضعته لنفسها بل صارت مؤطرا سياسيا لتوجهات الحزب، وهو ما أعلن عنه رئيس الحركة مباشرة بعد تنصيب عبد الاله بنكيران رئيسا للحكومة مؤكدا أن الحركة لن تتوقف عن إسداء النصح ومتابعة عمل الحزب بخصوص المرحلة الراهنة التي يتبوأ فيها رئاسة الحكومة.