دخلت ساكنة مدينة ترجيست ونواحيها قبل أيام في موجة احتجاجات غير مسبوقة ، منها ما هو مرتبط بالسياق الوطني حيث الوضعية العامة الكارثية لا تستثني اية منطقة من المغرب، لكن هناك وجه آخر لاحتجاجات تارجيست ترتبط أكثرها أهمية بالسياق المحلي ، والجميع هنا في الرباط وهناك في تارجيست يعرف أن هذه الاحتجاجات ظلت صامتة ومخنوقة لسنوات، والمطالب التي تشكل رافعتها الأساسية ،كانت مخطوطة في الكثير من المراسلات والنداءات والبيانات ، لكنها أصوات ظلت تعاني من رجع الصدى ولا شيء يتحقق على أرض الواقع. الحل بكل تأكيد ليس أمنيا، ومن يريد أن يدخل تارجيست في مواجهات أمنية فإنه مخطئ بشكل كبير، إذ الجواب التاريخي هو جواب تنموي، هناك قرارات إدارية بسيطة يجب اتخاذها لكي يعطى للمنطقة أمل جديد في المستقبل ، فتارجيست عانت طويلا من غياب العدالة المجالية بالمقارنة ليس مع باقي مناطق المغرب فقط، بل مع باقي المناطق في الحسيمة نفسها، حيث غياب شبه كلي للتجهيزات الأساسية، وحالة الطرق والمرافق الرئيسية مثل المرافق الصحية تبقى كارثية، غياب نسيج وبنيات مستقبلة للاستثمار وبالتالي الانتشار الواسع للبطالة وبصفة خاصة وسط حاملي الشهادات ، زيادة على ذلك يسجل بطئ مريب في إنجاز المشاريع المبرمجة ، وعدم برمجة أية زيارة ملكية للمنطقة من خلال برمجة مشاريع جديدة بها ، كما يتم بصفة مستمرة في باقي مناطق الحسيمة ( الحسيمة، أجدير، إمزورن، بني بوعياش...) ،حيث استفادة بأزيد من 95% من المشاريع المبرمجة في الإقليم، في حين تاركيست والجماعات المرتبطة تم إقصائها بشكل مريب ، وعندما يتكرر هذا الإقصاء يصبح الأمر في حاجة إلى الكثير من الوضوح... ساكنة ونخب تر جيست اليوم هم أكثر وضوحا من أي وقت مضى، ولا داعي لجعل الموضوع و تصويره على أنه حدي في وجه الدولة...إنهم ببساطة يجددون طلبا قديما وهو إحداث عمالة بترجيست، ولا داعي إلى الإستمرار في صم الآذان عن هذا المطلب الحيوي ، خاصة وأن الحكومة إلتزمت في شخص رئيسها بتحقيق هذا الطلب، هذا المطلب تتفرع عنه مطالب أخرى ترتبط بدائرة ترجيست وكتامة وإساكن ، وأهمها ضرورة إلغاء مذكرات البحث في حق الآلاف من فلاحي المنطقة مع التعجيل بإيجاد الحل المناسب لزراعة القنب الهندي ، والبحث عن مقاربة واقعية بدل تكرار نفس الخطب والحلول عن زراعات بديلة لم تصمد أمام واقع إقتصادي وثقافة فلاحية ، إضافة إلى تمكين جماعات العمالة الجديدة من التجهيزات الأساسية في قطاعات التعليم والصحة والماء الصالح للشرب مع إعادة النظر في الملك الغابوي، هذه ببساطة شديدة المطالب التي ترتفع الأصوات للإعلان عنها ، وهي على كل حال ليست جديدة.. إن أي انزلاق نحو الحل الأمني ، بعد كل هذه الحقائق التي أعرف أن من بيدهم القرار يعرفونها حق المعرفة، لن يعتبر خطأ في التقدير..بل مؤامرة جديدة على ساكنة ترجيست وكتامة وإساكن...