أكد المرصد المغربي للسجون أن الواقع السجني مازال يعرف مآسي رغم المجهودات المبذولة، حيث تمت تعريته أيضا من طرف مؤسسة دستورية، رصدت الانتهاكات الفظيعة والممارسات المشينة وتجاوزات خطيرة تضرب عرض الحائط بالدستور وبالقوانين وبكل القيم الانسانية وتحط من كرامة البشر. وأوضح مسؤولو المرصد أنه لابد من تقديم إجابات واضحة بشأن عدم الانسجام مع سياسة المنظومة الجنائية، وانغلاق الإدارة السجنية، وطبيعة أسس المعالجة القضائية والقانونية وتعاطي المجتمع مع الفضاء السجني، والتي قدموا حولها مقترحات ومذكرات، معتبرين أن أهم وأخطر ماتعانيه المؤسسات السجنية اليوم آفة الاكتظاظ القاتل والارتفاع المهول لكثافة ساكنة السجن، ثم معضلة الحكامة غير الجيدة في تدبير أوضاع السجون اعتماداً على مقاربة أمنية وطأطأة الرأس. في هذا الصدد فإن عدد ساكنة 73 مؤسسة سجنية وصل إلى غاية شهر شتنبر 2012 إلى 70675 معتقل بعد ان كان عددهم 59212 معتقل عام 2008 . وبلغ عدد المعتقلين الاحتياطيين خلال السنة المنصرمة 32626 معتقل، أي ما يُشكل نسبة 46% من المسجونين الذين يمثل منهم الذكور 97.6% والإناث نسبة 2.4%. وإذا كانت قضايا استهلاك المخدرات تمثل 1.52% فإن جرائم المخدرات تصل إلى 25.81% وجرائم ضد الأموال 27.68%. ولاحظ المرصد أن ما يُشكل 79.33% من المعتقلين أميون أو يتوفرون على مستوى دراسي ضعيف، مما يطرح عدة صعوبات على مستوى تنفيذ برامج إعادة الإدماج، خاصة فيما يتعلق بالتكوين المهني والتعليم الذي يخضع للشروط المحددة من طرف القطاعات الوصية. وأوضح تقرير المرصد أن واقع الاكتظاظ يحول حياة السجناء إلى جحيم ويكدسهم كسلعة وليس كبشر، الشيء الذي ينتج انتقال الأمراض المختلفة، خصوصا منها المعدية إضافة إلى الاعتداءات الجنسية والآثار النفسية والاجتماعية. ودعا المرصد في موضوع الرقابة الخارجية على المؤسسات السجنية الى تفعيل آليات الرقابة القضائية للنيابة العامة وقضاة التحقيق وقاضي تنفيذ العقوبة وإلغاء دور اللجن الاقليمية المنصوص عليها في المادة 620 من قانون المسطرة الجنائية، وخلق آلية مؤسساتية مركزية مستقلة عن المندوبية العامة للسجون تتمتع بضمانات دستورية تشرف على مراقبة السجون، فضلا عن الانفتاح على المجتمع المدني والرأي العام وخلق آليات جهوية. وبخصوص شكايات السجناء التي توصل بها المرصد فإن العنف الممارس على السجينات والسجناء يأتي في الصدارة ، ثم تظلمات المضربين عن الطعام ضد ارتكاب تجاوزات في حقهم من قبيل التعرض للتعذيب أو الحرمان من العلاج أو الابتزاز كفرض أثاوات للاستفادة من بعض الحقوق، في مقابل فئات تتمتع بامتيازات خارج نطاق القانون. من جهة أخرى أكد حفيظ بنهاشم المندوب السامي لإدارة السجون في اتصال مع (العلم) أن إدارته تبذل جهودا لاينكرها أحد للرقي بشروط إقامة نزلاء المؤسسات السجنية. وردا على ما أثير في ندوة المرصد المغربي للسجون أكد السيد بنهاشم أنه على المنتقدين أن يتفحصوا نصف الكأس الممتلئة، وأن يقارنوا بين ما كانت عليه السجون في السابق ووضعها الحالي، وما عرفته من تحديث وعصرنة مما يجعلها ملبية لحقوق الإنسان. وأكد أن المندوبية بصدد إقفال سجون عتيقة في العديد من المدن، وانها وضعت مخططا للاستغناء عن بعض السجون القديمة سواء لموقعها أو لعدم تلبيتها لشروط إقامة النزلاء. وأقر بنهاشم بأن مؤسسته تراكم إرثا ثقيلا وهي بصدد معالجته ، مضيفا أنه سيفتح قريبا أبواب السجون الجديدة في وجه الصحفيين.