أعادت مناقشة الميزانية الفرعية لمديرية السجون وإعادة الإدماج أخيرا الجدل القائم حول وضعية السجون بالمغرب، حيث كشف النواب البرلمانيون حجم الاختلالات التي تعرفها تلك المؤسسات مطالبين بتشديد المراقبة على رؤساء المعاقل والعنابر ومداهمتهم من أجل الحد من المضايقات على النزلاء وابتزازهم والحد من ظاهرة اغتصاب الأحداث، إلى درجة أن أحد النواب أكد على أن معظم الأشخاص الذين دخلوا السجن لا يخرجون منه إلا وقد تطورت كفاءتهم في الإجرام، مطالبين مديرية السجون بفصل الأحداث عن الراشدين، وفصل المجرمين حسب نوعية الجريمة.فيما طالب بعضهم بتقديم بعض الإحصائيات المتعلقة بعدد الوفيات التي تتم داخل السجون، وكذلك عدد السجناء الذين يعانون من مرض مزمن.. من جهته، أكد عبد الحفيظ بنهاشم، مندوب إدارة السجون وإعادة الإدماج أن هذه الأخيرة تعمل على صيانة حقوق النزلاء و الحفاظ على كرامتهم وتوفير الأمن و الإنضباط داخل المؤسسات السجنية، وكذا توفير الظروف الملائمة لتحقيق إدماج فعلي وحقيقي للنزلاء بعد الإفراج عنهم، كما عملت المندوبية على تأهيل الموارد البشرية بالمؤسسات وتخليق الوسط السجني، وأن المندوبية عازمة على تطبيق برنامجها الإصلاحي للفترة الممتدة بين 2012 و2016، وذلك وفق برنامج شمولي يهتم باحترام حقوق الإنسان وأنسنة ظروف الإعتقال ومراعاة الدستور الجديد في كل ما يتعلق بالشأن السجني مع الأخذ بعين الإعتبار جميع الإكراهات. وبالأرقام نتساءل، حول مدى التزام الإدارة الوصية بالمعايير الدولية في معاملة السجناء..الطاقة الإيوائية..المساحة المخصصة لكل سجين..وأسئلة أخرى نعرضها ضمن هذا الملف. 80 ألف سجين يتراوح عدد السجناء مابين 75 ألف و80 ألف سجين، برسم سنة 2011، يشكل الذكور حوالي 97,5 في المائة، فيما لا يتجاوز عدد النساء 2,5 في المائة، ويمثل السجناء الذين يتراوح أعمارهم بين 21 و50 نسبة 87 في المائة. وارتفع عدد المعتقلين بحوالي 5600 سجين خلال الأربع سنوات الأخيرة، وذلك بالرغم من الإنخفاض الذي سُجّل سنة 2009 بفضل العفو الملكي الذي شمل ما يقارب 17 ألف سجين، كما أن نسبة السجناء الاحتياطيين حسب إحصائيات المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج انخفضت من 46 في المائة سنة 2008، إلى 39 في المائة، عند متم 2011. هذا وأقر المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج حفيظ بنهاشم بوجود عدد من الاختلالات في المؤسسات السجنية منها الاكتظاظ بسبب عدم قدرة البنية التحتية لبعض السجون القديمة على استيعاب الساكنة السجنية في ظروف ملائمة، وارتفاع عدد حالات الإعتقال الإحتياطي، موضحا في هذا الإتجاه أن المساحة الإجمالية المخصصة لإيواء المعتقلين ارتفعت من 83 الف متر مربع إلى 106 ألف و 200، أي بزيادة 30 في المائة تقريبا. وقال بنهاشم في هذا الاتجاه إن المساحة المخصصة لكل سجين هي 1,4 متر مربع سنة 2008 ووصلت ل 1,64 سنة 2011، وبلغ حجم النفقات المتعلقة بالتغذية 331 مليون درهم سنة 2011، حيث يصل معدل المبلغ اليومي لتغذية كل سجين من 5 دراهم سنة 2008 إلى 14 درهما سنة 2009. الصحة بالسجون تؤكد الأرقام الرسمية أن عدد المصحات بالمؤسسات السجنية 43 وحدة سنة 2011. وعدد الأسِرَّة 876 سرير خلال نفس الفترة. أما سيارات الإسعاف لنقل السجناء المرضى إلى المستشفيات فيبلغ عددها حاليا21 وحدة منها 9 تم اقتناؤها نهاية سنة 2011. وعدد الأطباء بلغ 149 سنة 2011، وعدد الممرضين 305 سنة 2011. البرامج التربوية عدد السجناء المستفيدين من البرامج التربوية بلغ 10,531 مستفيد سنة 2011. *** عبد الله مسداد(الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون): هاجس الجمعيات الحقوقية إعادة السجون لوصاية وزارة العدل يتضمن الإطار القانوني 98/23 المنظم للسجون عدد من القضايا التي تحتاج إلى إعادة النظر، هذا القانون كان ولايزال موضوع اعتراض الحركة الحقوقية، منذ تعيين مندوبية السجون وإعادة الإدماج، حيث عرفت السجون تدهورا كبيرا خصوصا في شأن المكتسبات السابقة للمجتمع المدني فيما يتعلق بزيارة السجون، وبالتالي إقصاء المعتقلين من الاستفادة من مجموعة من البرامج الثقافية والترفيهية التي تم تقييدها بتعيين عبد الحفيظ بنهاشم على رأس المندوبية منذ 2008، و صرنا أمام مخاطب يعتمد المقاربة الأمنية فيما أغلق الأبواب في وجه الحقوقيين. تتوصل الجمعيات الحقوقية بملفات كثيرة من المعتقلين وأهاليهم تتعلق بالتعذيب والإنتهاكات داخل السجون، فيما تنفي مديرية السجون وإعادة الإدماج تلك الإتهامات، وفي نفس الوقت تغلق أبوابها في وجه الجمعيات، فتبقى لدينا صعوبة للتأكد من تلك الأمور، ونفتقر أمام هذا الوضع للآليات للتحقق من الشكايات، وبالتالي فهاجس الحركات الحقوقية في ظل التدهور الذي تعيشه السجون(الاكتظاظ، العنف، سوء المعاملة، الإنتهاكات، الإضرابات المفتوحة عن الطعام التي صارت تنذر بحدوث كوارث...) هو إعادة الأمور إلى نصابها من خلال إعادة الوصاية على هاته الإدارة إلى وزارة العدل. ومن جهة أخرى، نطالب بتفعيل اللجن الإقليمية التي نص عليها القانون الجنائي، فأغلب العمال والولاة لا يفعلون تلك اللجن رغم التنصيص القانوني عليها باستثناء والي البيضاء، ووالي جهة الغرب، بالرغم من أنها آلية مهمة للإطلاع على أوضاع السجناء. تعاني السجون أيضا من مشكل قديم حديث، يتمثل في ارتفاع الطاقة الاستيعابية لها، بالمغرب 52 سجنا فيما وصل عدد السجناء إلى 80 ألف سجين تقريبا، مشكل يطرحه المسؤولون في كل مناسبة كما يعلنون عن ضعف الموارد البشرية بتلك المؤسسات مما يجعل تحقيق سياسة إعادة الإدماج المعلن عنها أمرا مستحيلا. إدريس السدراوي(رئيس للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان):وراء تلك الأسوار عايشت عن قرب الواقع المؤلم كنا في الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، نتلقى المئات من الشكايات حول الواقع الأسود للسجون بالمغرب، ولكن بعد أربعين يوما أمضيتها وراء تلك الأسوار، عايشت عن قرب هذا الواقع المؤلم كضريبة حقوقية، وهنا أجزم أن السجناء على خلفية قضايا سياسية (سجناء الرأي، النقابيين، السياسيين..) يتعرضون إلى معاملة مميزة عنوانها التعذيب والعنف والإهانة. هناك، يحصل كل سجين على مساحة داخل السجن لاتتجاوز المتر ونصف المتر تقريبا كمعدل وطني، ولاتصل هذه المسافة إلى متر في بعض السجون المغربية الشئ الذي يؤدي إلى التكدس أثناء النوم، واستعمال حتى الأماكن غير المعدة أصلا للنوم (الممرات، المراحيض..)، ما يخلق الصدامات بين السجناء، وانتقال الأمراض المختلفة سيما المعدية، بالإضافة للإعتداءات الجنسية والآثار النفسية والإجتماعية التي يتعرض إليها السجناء المعتدى عليهم، علما أن المعايير الدولية تحدد المساحة مابين ستة إلى تسعة أمتار لكل سجين،علما أن ما يقارب نصف عدد السجناء معتقلون احتياطيون في انتظار محاكمتهم مما يطرح مسألة العقوبات البديلة غير السالبة للحرية. تعرف السجون أيضا، تردي التغذية وانتشار المخدرات والرشوة، خاصة وأن وضعية حراس السجون هزيلة مما يجعلهم هدفا سهلا لكبار المجرمين للحصول على وضع تفضيلي داخل السجون. وبالرغم من هذه الأوضاع فالمؤسسات السجينة تغلق أبوابها في وجه الجمعيات الحقوقية مما يجعل موظفيها أبطالا لانتهاكات حقوقية فظيعة، وفي هذا الصدد ندعو رئيس الحكومة شخصيا إلى التحقيق في الحقن التي تحقن لبعض السجناء وتتسبب لهم في أضرار بدنية وعقلية جسيمة. خديجة الرياضي(رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان):المقاربة الأمنية أسفرت عن نتائج كارثية ملف أوضاع السجون، ملف مستعجل وخطير، خاصة في اتجاه بعض المعتقلين، ومن بينهم معتقلي ما يعرف ب»السلفية الجهادية»، وأيضا المعتقلين المضربين عن الطعام، فالسياسة الممنهجة ضد السجناء السياسيين، أو السجناء المعتقلين على خلفية ملفات ذات طابع سياسي واضحة، هؤلاء يتعرضون أكثر من غيرهم للتعذيب و الإهانة. سبق لمجموعة من الجمعيات أن أصدرت تقريرا سلبيا يجسد الأوضاع المزرية للسجون والسجناء منذ سنوات بعد زيارتهم لتلك الأماكن، لكن الآن صرنا نعتمد على ما يصلنا من شكايات من السجناء وذويهم بعد إغلاق أبواب السجون في وجه الجمعيات الحقوقية من طرف مديرية السجون وإعادةالإدماج، شكايات تصور وضعا قاتما يجب تغييره. وعموما، فأوضاع السجون جد مزرية، تعرف استشراء العنف، سواء بين السجناء أو من قبل موظفي السجن، انتشار بعض الأمراض، وضعف العلاج سيما وأن الطاقة الاستيعابية للسجون تفوق العدد المفروض، كما أن شروط النظافة متردية جدا. وفي هذا الإطار، نرجع أسباب رفض مديرية السجون لاستقبال الجمعيات الحقوقية إلى تخوف هذه الأخيرة من فضح الجمعيات لواقع السجون المتردي، هذا الواقع الذي صارت «الفيديوهات» المسربة من داخل السجن، والشكايات تفضحه. من جهة أخرى، أريد التوقف عند مسألة عدم تفعيل بعض الإتفاقيات التي يتوصل إليها محمد الصبار، الكاتب العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان مع بعض المعتقلين داخل السجن، وبالتالي فطلبنا واضح بضررورة إبعاد المندوب الحال على رأس مندوبية السجون وإعادة الإدماج، فقد ازدادت الأوضاع تدهورا بسبب تنفيذ المقاربة الأمنية التي أسفرت عن نتائج كارثية، فهذه المقاربة ليست الأداة الوحيدة للتعامل مع المواطنين أينما كانوا ومهما كانوا. أنس الحلوي(المسؤول الإعلامي للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين): السجون تعرف انتهاكات جسيمة على عكس ما يتم الترويج له، تعرف السجون مجموعة من الانتهاكات الجسيمة، ونؤكد أن صحة السجناء في آخر ترتيبات الأولوية بالنسبة للمندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج، فسجني تولال2 بمدينة مكناس، وسجن سلا2 لا يتوفران حتى على مشرف على صحة المعتقلين..، وفيما يتعلق بالتغذية فقد أكد المدير العام للسجون وإعادة الإدماج أخيرا بمجلس النواب على أن إدارته وظفت أخيرا أعوانا متخصصين في الطبخ، كما قامت بالاستعانة بطباخين يحملون شهادات ولهم خبرة كبيرة في فنادق ضخمة حتى يتم رفع مستوى وجودة التغذية بالسجون المغربية، إلا أن الواقع يفند هاته المزاعم فقد توصلت اللجنة المشتركة بعدة بيانات من المعتقلين الإسلاميين بمختلف سجون المملكة تطابقت الأقوال فيها بأن التغذية المقدمة من طرف الإدارة لا تصلح طعاما للكلاب، ناهيك عن احتوائها على الحصى والصراصير، فيما تصر المندوبية على عدم السماح للعائلات بإدخال مجموعة من المواد الغذائية التي من شأنها سد جوع المعتقلين... من جهة أخرى، نؤكد أن المقاربة الأمنية التي تعتمدها إدارة السجون أبانت عن فشلها، بل أعادت إلى أذهان المغاربة بشاعة سجون سنوات الجمر و الرصاص بدءا من تاريخ 09 أكتوبر 2010 و مرورا بأحداث 16 و 17 ماي 2011 بسجن الزاكي بسلا، حيث التعذيب وهتك للأعراض و قلع للأظافر و انتهاج مختلف أساليب التعذيب خاصة داخل سجني سلا2 و تولال2، كما تحدث بنهاشم عن سياسته الجديدة الرامية إلى إبعاد المؤسسات السجنية عن وسط الساكنة حتى لا يتأثر المواطنون بما يقع من أحداث كما وقع في سجن سلا، والحقيقة أن إبعاد المؤسسات السجنية عن المجال الحضري من شأنه أن يعمق معاناة العائلات المكلومة، وتزيد من تكاليف تنقلهم كما أن من شأنها أن تنأى عن أنظار الجمعيات الحقوقية المتابعة لأحوال المعتقلين حتى يخلو المجال للجلادين لممارسة ساديتهم على المعتقلين والتفنن في تعذيبهم بكل حرية و في غياب لتواصل السجناء مع العالم الخارجي. حفيظ بنهاشم(المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج):المندوبية عازمة على بذل مزيد من الجهود أكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، حفيظ بنهاشم أن المندوبية العامة عازمة على بذل مزيد من الجهود للنهوض بأوضاع السجون. وأبرز بنهاشم، في معرض رده على أسئلة ومداخلات نواب لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، المجتمعة لمناقشة مشروع الميزانية الفرعية للمندوبية، أن هذه الأخيرة، وفي إطار الحكومة الجديدة، بصدد التغلب على حالات الإكتظاظ التي تعانيها بعض المؤسسات السجنية، وأنها تعتزم نقل المؤسسات السجنية من المدن إلى الضواحي، وتبديل السجون القديمة بأخرى جديدة، مع الإبقاء على العدد نفسه من هذه المؤسسات. وأوضح المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج حسب قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء أن البرمجة المقبلة للمندوبية ستفرق بين السجناء الإحتياطيين ونظرائهم المحكومين، وأنه سيجري بمراكز الإعتقال الجديدة تخصيص أجنحة منفصلة تماما لكل من الأحداث والنساء والبالغين. وبخصوص الإهتمام بصحة السجناء، أوضح بنهاشم أن السجناء يستفيدون من الخدمات الطبية، بما في ذلك إجراء عمليات جراحية، وأورد كمثال على ذلك إجراء 5 عمليات جراحية للقلب، أخيرا، بلغت تكلفتها 75 مليون سنتيم، واستفاد منها، بشكل مجاني، سجناء مغاربة وأجانب. وأعلن المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج في هذا السياق، أن المندوبية «في الطريق للتعاقد مع أطباء جدد لشغل المناصب الشاغرة « لديها. وفي ما يتعلق بتكوين السجناء، أبرز المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أصدر أوامره السامية من أجل تكوين السجناء حتى ما بعد مرحلة الإعتقال، مؤكدا أن المغرب يتوفر في هذا السياق على 7 مدارس أعطت نتائج مهمة. وفي معرض حديثه عن تمتيع السجناء بحقوقهم، أشار المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بالخصوص، إلى أن الحق في الصلاة بالنسبة للسجناء مضمون تماما، وأن المجالس العلمية تقوم بزيارة المؤسسات السجنية بشكل منتظم. من جهة أخرى، أقر المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج بوجود «بعض النواقص»، في عمل المندوبية، و«خصاص على المستوى المحلي» بالمؤسسات السجنية، نافيا بالمقابل «وجود أعيان بالمعتقلات»، أو منع بعض المعتقلين من اجتياز اختباراتهم الجامعية، أو الإمتناع عن منح رخص الخروج من السجن.