احتضن أخيرا المسرح الملكي بمراكش ندوة فكرية عقدتها منظمة العمل المغاربي إحياء للذكرى الأولى لتأسيسها حول موضوع الاتحاد المغاربي والمجتمع المدني . في مستهل هذا اللقاء العلمي الذي عرف حضور عدة فعاليات فكرية وثقافية وطلابية ذكرت الأستاذة عائشة الحجامي التي ترأست الجلسة بأهداف المنظمة المتمثلة أساسا في التحسيس بضرورة تفعيل الاتحاد المغاربي والعمل على فتح الحدود بين المغرب والجزائر 'مبرزة مختلف الأنشطة العلمية التي نظمتها المنظمة منذ إنشائها. وأوضحت أن اختيار موضوع " الاتحاد المغاربي والمجتمع المدني" محورا لهذا الملتقى كونه ينبع من إيمان المنظمة بأهمية المجتمع المدني ومحوريته في بناء الاتحاد المغاربي، خاصة وأن كل الدراسات تظهر أن شعوب المنطقة تتطلع إلى فتح الحدود وتدارك ما أضاعته السياسة من فرص لتحقيق مصالح مشتركة. وأكدت أن المجتمع المدني أصبح في وقتنا هذا يشكل قوة فاعلة لها دور وازن في المساهمة في تفعيل التنمية الشاملة والمستدامة،و في انسجام مع المفهوم الحديث للحكامة الذي يقوم على إشراك المجتمع المدني في بلورة وتنفيذ ومتابعة السياسات العامة وخلصت للقول بأن المراهنة على تحقيق فكرة الاتحاد المغاربي أصبحت تفرض نفسها، وعلى المجتمع المدني أن يتبوأ موقع الشريك الأساس في جميع البرامج والمبادرات التنموية المتعلقة بهذا الهدف. وتطرق الأستاذ علال الأزهر في مداخلته حول"الاتحاد المغاربي والمجتمع المدني" إلى مسار مفهوم المجتمع المدني منذ بداياته في الكتابات الغربية عند فلاسفة القرن السادس عشر مرورا بالفكر الماركسي قبل أن يتناول المفهوم في الواقع العربي. وخلص الأستاذ الأزهر إلى القول بضعف المجتمع المدني في هذا الواقع وعدم قدرته 'لحد الساعة' على تحقيق المؤمل منه. وقدم الأستاذ مصطفى فنيتير مداخلة عن كتاب الأستاذ عبد الله إبراهيم بصدد المغرب الكبير الذي صدر سنة 1969 والمعنون ب : "الصمود وسط الإعصار" . وهو المؤلف الذي تم فيه التركز على مجموعة من القضايا المرتبطة بفكرة المغرب الكبير وضرورة إعادة صياغة التاريخ المغاربي الذي يعود إلى ثلاثين قرنا من الزمان مع إيلاء الأهمية لمختلف مكونات هويته. وتضمن عرض الأستاذ فنيتير من جهة تحليلا لأطروحات الأستاذ عبد الله إبراهيم حول المجتمعات المغاربية والعوائق التي تحول دون تحقيق فكرة المغرب الكبير، ومن ناحية ثانية مقترحاته لتجاوز تلك الإكراهات والمتمثلة أساسا في تطبيق الديمقراطية وبرنامج الإصلاح الزراعي وتقوية الثقافة العربية الصحيحة مدعمة بالفرنسية. وتلا المداخلتين نقاش ثري تناول العديد من القضايا الراهنة المرتبطة بتحقيق الاتحاد المغاربي ومدى مساهمة الحراك المجتمعي الذي تعرفه المنطقة المغاربية في تحقيق الوحدة وتجاوز المشاكل السياسية التي تقف حجرة عثرة أمام هذا المبتغى. كما أثيرت إشكالية الهوية في علاقتها بفكرة الاتحاد المغاربي وكذا تعدد المرجعيات في هذا المضمار. وأكّد المشاركون في ختام هذا اللقاء على ضرورة الانفتاح على هيئات المجتمع المدني في تداول القضايا والمبادرات المرتبطة بالاتحاد المغاربي وإشراكها في اللقاءات المرتبطة بهذا الشأن.