... لعلنا لن نبالغ في الكلام إن قلنا بأن هناك نيات هادفة لطمس المعالم الحضارية لمدينة الدارالبيضاء، التي رغم وصفها بالعاصمة الاقتصادية الحديثة المعمار، إلا أن هناك العديد من المعالم التاريخية التي ترسخت بها في أذهان ساكنتها عبر الأجيال ومعهم المغاربة بمختلف المدن المغربية وفي هذا السياق، لنا أن نتساءل أين هو الفندق التاريخي آنفا والمسبح البلدي وملعب مصارعة الثيران والشهيد المسرح البلدي؟ والآن جاء الدور على فندق لنكولكن بشارع محمد الخامس الذي علمنا أن هدمه سيتم بعد أيام معدودة، ثم النافورة الشهيرة وسط ساحة محمد الخامس التي تقرر هدمها وتحويل موقعها إلى الحديقة المحاذية للمحكمة، ومكانها سيعرف إقامة دار الأوبرا حسب ما قرره مجلس المدينة، ناهيك عن العديد من الفيلات الجميلة المعمار ومعها العديد من العمارات التي يطالها الهدم وتتحول إلى مراكز تجارية أو عمارات فاخرة بحكم ارتفاع أثمان العقارات، وهذا التصرف يسير بوتيرة سريعة تعجل بالمزيد من طمس المعالم التاريخية بالمدينة التي لها ارتباط بذاكرة السكان والزوار على حد سواء. وإذا كان هاجس التحديث يكاد يكون هو ذريعة مهندسي المعمار بالدارالبيضاء، فهذا لا يعني محو كل ما هو جميل على مستوى البنايات والفن المعماري الجميل الذي تميزت به الدارالبيضاء بين العواصم العالمية الحديثة والذي يمكن تصنيفه ضمن التراث العالمي لما يحتوي عليه من دقة في الهندسة والبناء والزخرفة والقوة والصمود أمام التقلبات المناخية. في الوقت الذي نلاحظ فيه أن البناءات الجديدة رغم حداثتها وتطورها تفتقد الشيء الكثير من الجماليات السابقة التي كانت تمنح المدينة رونقا وتناسقا عمرانيا قل نظيره في الكثير من المدن الكبرى مثيلة الدارالبيضاء التي أصبحت اليوم خليطاً من الأبنية المختلفة الأنماط والأشكال عبر خلط صارخ بين وجود السكن الأفقي والعمودي في غياب تناسق عمراني لسنا ندري من المسؤول عليه كمسؤولية رسوخ حزام البناءات العشوائية والصفيحية التي مازالت تطوق المدينة من جهات مختلفة. إننا لا نمانع عصرنة البيضاء بقدر ما نريد ألا تطمس معالمها التاريخية بهذه السرعة غير المبررة التي تفتقد إلى التروي والحفاظ على الهوية المعمارية التي عمرت زمنا طويلا وكانت مثار فخر للمغاربة بوجود معالم دونت بها أحداث معلومة وزارتها مشاهير الأسماء واستمتع بها البيضاويون وأغلب المغاربة واحتفظوا من خلالها بذكريات لا تنسى.