«لقد وصلنا».. العبارة لنيكوس ميهالولياكوس زعيم النازيين الجدد في اليونان في ندوة صحفية بأثينا، حيث أضاف «بأن ساعة الخوف قد دقت بالنسبة للذين خانوا الوطن »، وذلك بمناسبة إعلان نتائج الإنتخابات التشريعية حيث دخل النازيون الجدد إلى قبة البرلمان لأول مرة في تاريخ اليونان، حيث حصل النازيون على ما بين 6 و 8 في المائة من الأصوات المعبر عنها، وهذه النتيجة شكلت صدمة على المستوى الأوربي سيكون لها ما بعدها. الإنتخابات اليونانية لم تحمل فقط مفاجئة النازيين الجدد، بل فجرت نظام الثنائية الحزبية الذي ترتكز عليه الممارسة السياسية هناك منذ انهيار الديكتاتورية عام 1974 والتي استمرت منذ 1967، والتي كانت تقوم على حزبي الديمقراطية الجديدة المحافظ وحزب باسوك الإشتراكي، حيث سيدخل حزب الائتلاف اليساري سيريزا الذي يمثل اليسار المتطرف على خط القوى البرلمانية الكبرى حيث حصل على المرتبة الثانية ب 17,06 % بينما لم يتجاوز 4,9 % في انتخابات 2009، بينما حصل الحزبان الكبيران المحافظين والإشتراكيين في الإنتخابات التي جرت أول أمس، معا على 32 % من الأصوات المعبر عنها، بينما كانا قد حصلا على 77 % في الانتخابات التي جرت سنة 2009، وقد جرت الإنتخابات على خلفية الأزمة الإقتصادية والمالية الحادة التي تعرفها اليونان، حيث اشترطت الجهات المانحة جملة من الإجراءات التقشفية على الحكومة الإئتلافية وذلك لضخ 130 مليار يورو لإنقاذ الإقتصاد اليوناني، أوفي المقابل إخراج اليونان من منطقة اليورو وتركها تواجه مصيرها المجهول. اليونانيون رفضوا كل الخطابات التي تتبنى حزمة الإجراءات التقشفية التي تبناها الإئتلاف الحكومي الذي يضم المحافظين والاشتراكيين، وفي المقابل دفعوا إلى الواجهة بحزبين متطرفين هما الإئتلاف اليساري والنازيين الجدد يناهضان معا كل الشروط الأوربية وكل السياسات المرتبطة بالعولمة، ويبدو من خلال النتائج أن اليونان دخلت مرحلة خطيرة سياسيا أكثر تعقيدا من الأزمة المالية، وأن هذه الأزمة الحكومية إذا لم تنهي وجود اليونان الأوربي بصفة نهائية، فإنها سوف تؤثر على سرعة تجاوز الأزمة وتنفيذ الإصلاحات الضرورية التي يلاحظ عليها أنها تغلب مقاربة التقشف على مقاربة النمو ولا تجد من سبيل لتجاوز الأزمة سوى جيوب المواطنين والخدمات الإجتماعية. جملة كل الانتخابات التي عرفتها أوربا تميزت بالتصويت العقابي على من يوجدون في السلطة انطلاقا من اليونان ومرورا بإسبانيا وإيطاليا وأخيرا في فرنسا بمناسبة إنتخابات الرئاسة، فلم يعد أي جزب كان في حكومة صادفت الأزمة المالية والإقتصادية , وأن النتائج لم تكن تعبر عن رؤية إيديولوجية وفكرية تقدم حلولا للأزمة، بل فقط تغيير الوجوه الموجودة في السلطة، ففي إسبانيا و اليونان تم إسقاط حكومات إشتراكية وفي فرنسا تمت الإطاحة باليمين ومنح السلطة للإشتراكيين، وهذه النتائج أثرت على الأسواق الأوروبية، حيث تم تسجيل تراجعات عديدة في العديد من الأسهم الأوربية، فأين نحن مما تحمله لنا أوربا قادمة يسجل فيها المتطرفون تقدما كبيرا في ظل الأزمة؟