المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارك الخفية لركوب حركة التطور في الشرق الأوسط الكبير
نشر في العلم يوم 20 - 02 - 2012

معركة ركوب الولايات المتحدة ومن يحسبون كأنصارها لحركة التطور السياسي في مصر لم تحسم بعد، ولكن هناك مؤشرات عديدة على أن قدرة مخططي واشنطن على تمرير مشاريعهم تتقلص وخلال شهر فبراير 2012 تم تسجيل جملة من النكسات التي أصابتهم.
أسابيع قبل تاريخ 11 فبراير 2012 رصد طوفان في الدعوات من أجل القيام بعصيان مدني في مصر وتنظيم مظاهرات مليونية في كل مناطق مصر لإجبار المجلس العسكري الأعلى على التخلي عن إدارة الفترة الانتقالية وتسليم السلطة إلى هيئة مدنية ولكن دون تحديد هويتها. عشرات وسائل الاعلام العربية والدولية وما يسمى بشبكات التواصل عبر الانترنت تجندت لهذا التحرك وتوقع بعضها أن تشهد مصر أحداثا عاصفة تكتسح كل سابقاتها من حيث قدرتها على صياغة المستقبل.
ما حدث كان غير ذلك.
يوم 11 فبراير 2012 كتبت وكالة أنباء «رويترز» الدولية للأنباء : أكد شهود عيان في القاهرة ومدن مصرية أخرى ان دعوة الاضراب العام التي وجهها نشطاء لم تلق استجابة يوم السبت وان المرافق التي تديرها الحكومة عملت بانتظام وكذلك كان الأمر بالنسبة للنشاط التجاري. وأضاف الشهود ان المكاتب والمؤسسات والشركات الحكومية فتحت أبوابها كالمعتاد في القاهرة، كما ان المترو الذي ينقل مئات الالوف من الركاب يوميا في القاهرة عمل بصورة طبيعية.
وفي قناة السويس كانت حركة عبور السفن بالمجرى الملاحي الحيوي للعالم منتظمة وعبرت 49 سفينة القناة وهو المعدل اليومي العادي.
وفي جامعة القاهرة اكبر الجامعات المصرية رأى مراسل لرويترز أن حركة الدراسة والامتحانات سارت بصورة طبيعية. وشارك نحو 100 طالب فقط في مظاهرة داخل الجامعة هتفوا خلالها ضد المجلس العسكري.
وفي مدينة المحلة الكبرى الصناعية في دلتا النيل قال القيادي العمالي في شركة مصر للغزل والنسيج محمد العطار ان العمل منتظم في الشركة التي يعمل فيها أكثر من عشرين ألفا.
وأفاد شهود في ميناء دمياط على البحر المتوسط ان العمل في الميناء سار كالمعتاد. كما كانت حركة العمل طبيعية ايضا في منطقة ابو رواش الصناعية على مشارف القاهرة وفي كل الموانئ.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن محمد ابراهيم وزير الدولة لشؤون الاثار قوله ان جميع المتاحف والمواقع الاثرية على مستوى الجمهورية لم تتأثر بالاضراب واستقبلت زائريها بشكل طبيعي حيث ولج المتحف المصري في ميدان التحرير مئات السائحين وزاد عدد السائحين الاجانب لاثار مدينة الاقصر في جنوب البلاد على 1500 كما استقبلت اثار منطقة الاهرام ألاف السائحين والزائرين المصريين الذين آثروا انهاء اجازة نصف العام الدراسي عند الاهرام.
صدمة للمراهنين على أزمة
فشل محاولة العصيان المدني وحشد الجماهير في مظاهرات ضخمة، صدمت العديد من العواصم الغربية وخاصة واشنطن ولندن وباريس، في حين استقبلت بإرتياح في الشارع المصري حيث كان الجيش قد نشر كإجراء احترازي مزيدا من الجنود والدبابات لحماية المباني والمنشات العامة.
وفي مؤشر على انهيار التوقعات الأسوأ، قال احد أصحاب المصانع لوكالة فرانس برس «لم نشهد أي آثار للاضراب رغم أننا خططنا لخفض الانتاج».
ويقول محللون غربيون لقد تزايد الشعور بالسأم لدى الكثير من الاشخاص تجاه المظاهرات في الشوارع والاعتصامات وأصبحوا يطالبون بنهج أكثر هدوءا قائلين أن مصر في حاجة إلى الاستقرار حتى ينتعش الاقتصاد الذي يواجه صعوبات كثيرة بسبب عام من الاضطرابات، ويضيف المحللون أن الكثيرين من المصريين خرجوا في المظاهرات التي بدأت في 25 يناير 2011 أخذوا يطرحون علامات استفهام عن دور قوى أجنبية في دفع مصر إلى مصير مجهول تحت غطاء شعارات براقة أثبتت التجربة أنها لم تنفع البلاد.
وكانت صفحة على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي تحمل شعار ما يسمى اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة قد نشرت بيانا بتوقيع 40 حركة وحزبا يدعو للاضراب ويحمل عنوان «لنرفع راية العصيان ونسقط حكم العسكر، بيان القوى الثورية».
وفي بيان مشترك دعت هذه الحركات المصريين إلى «دعم الإضراب من اجل التخلص من الحكم الظالم وبناء دولة تسود فيها الحرية والعدالة والكرامة».
في حين أطلق «ائتلاف 19 مارس للأغلبية الصامتة» على فيسبوك حملة مضادة للإضراب تحت شعار «شغلني مكانه».
دبلوماسيون غربيون وشرقيون في القاهرة قالوا بعد فشل حركة العصيان المدني أنه يظهر أن غالبية المصريين أخذت تستيقظ وتقتنع أن هناك مؤامرة واسعة لتخريب البلاد والزج بها في متاهة فتنة ومواجهات لا تخدم غير الأعداء. وأشار هؤلاء أنه سجل قبل 11 فبراير أن كلا من شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية وبطريرك الكنيسة القبطية الارثوذكسية رفضوا الدعوات للإضراب. كما امتنعت جماعة الإخوان المسلمين عن المشاركة في الإضراب. ويعد حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للجماعة أكبر كتلة في البرلمان الجديد.
واحتشدت وسائل الإعلام الكبرى في مصر خلف حملة تعارض الدعوة للاضراب. وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة الأهرام واسعة الانتشار يقول «الشعب يرفض العصيان».
وفي محطة السكك الحديدية الرئيسية بالقاهرة رفعت لافتات تردد نفس الموقف. وكتب على واحدة منها ان سائقي القطارات ومساعديهم يرفضون العصيان المدني.
فايزة ابو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي قالت لوكالة فرانس برس بعد فشل العصيان «أن الشعب المصري بكل أطيافه رفض دعوة العصيان المدني وشل مرافق الحياة في مصر ويتطلع إلى أن يحصل على حقه بالطمأنينة والهدوء حتى يستعيد العمل والإنتاج مرة أخرى».
وأضافت في تصريحات نقلتها وكالات أنباء عدة انه «توجد بعض الأصوات التي ترفض ذلك وتؤكد أن الأيام القليلة القادمة ستشهد مفاجآت من شأنها زعزعة الاستقرار المصري واستمرار القلق والتوتر في الشارع المصري».
إصرار على التصعيد
القوى التي دعت للعصيان ورغم فشلها وعدت بتصعيد الخطوات الاحتجاجية لاحقا. وقد نقلت وكالة فرانس برس عن علاء عبد الفتاح الذي وصفته بالناشط والمدون البارز الذي سجن لمدة شهرين بتهمة التحريض على أعمال، ان الاضراب هدف لتوصيل رسالة إلى المصريين. وان هذه الخطوة «تهدف إلى دعم وترويج فكرة العصيان المدني»، مضيفا ان النشطاء يخططون للتنسيق مع العمال في الاضرابات المقبلة. وقال محمد عبد العزيز المنسق لحركة كفاية «النهاردة أول خطوة قوية نحو العصيان المدني».
وكان المجلس الاعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى ادارة البلاد منذ 11 فبراير 2011، قد ذكر في «رسالة الى الأمة» نشرت مساء الجمعة 10 فبراير «ان مصرنا الغالية تتعرض لمخططات تستهدف ضرب ثورتنا في الصميم عن طريق بث الفتنة بين ابناء الشعب والفرقة والوقيعة بينهم وبين قواتهم المسلحة». واضاف المجلس «اننا في مواجهة مؤامرات تحاك ضد الوطن هدفها تقويض مؤسسات الدولة المصرية وغايتها اسقاط الدولة نفسها لتسود الفوضى ويعم الخراب».
وأكد المجلس في رسالته هذه «لن نخضع أبدا لتهديدات ولن نرضخ لضغوط ولن نقبل إملاءات (...) وسنظل امناء على المسؤولية التي حملنا بها الشعب حتى نسلم الأمانة في نهاية المرحلة الانتخابية».
من جهة اخرى وتاكيدا على نيته ترك الحكم وتسليمه الى سلطة مدنية في نهاية المرحلة الانتقالية قال المجلس في رسالته «منذ أيام أوفينا بأول عهد، وسلمنا سلطة التشريع إلى مجلس الشعب في أولي جلسات إنعقاده بعد انتخابات جرت في حرية ونزاهة».
وأضاف «وها نحن نستعد لإكمال تعهداتنا، فقد تم الإعلان عن فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية يوم العاشر من مارس 2012، وسوف تسلم سلطة الرئاسة إلي رئيس الجمهورية بعد إجراء الانتخابات لتنتهي المرحلة الانتقالية ويعود جيشكم الوفي الشجاع إلى مهمته الأصلية مدافعا عن الحدود وحاميا للثغور والأجواء».
تعثر حركة العصيان المدني ترافق مع تصاعد التوتر بين القاهرة وواشنطن أو امتحان القوة حسب وصف بعض الملاحظين الأجانب، وذلك على خلفية المتابعة القضائية التي قررتها النيابة العامة المصرية ضد 17 منظمة غير حكومية على تلقيها تمويلا أجنبيا غير قانوني ومخالفتها للتشريعات المعمول بها في مصر، مع العلم أن في مصر ما يقارب 37 ألف منظمة وجمعية غير حكومية.
والمعروف أنه في بداية سنة 2011 بلغ عدد الجمعيات الأهلية والمدنية في مصر 34 ألف جمعية وبعد أحداث 25 يناير 2011 تم تسجيل ثلاثة آلاف جمعية جديدة خلال أربعة أشهر فقط، وهي عاملة في مجال العمل التطوعي الخيري أو تندرج تحت بند المنظمات الحقوقية والسياسية المدنية.
قمة جبل الجليد وما خفى أعظم
تقول مصادر رصد غربية أن المتابعة القضائية ضد 17 منظمة غير حكومية وعدد من مسؤوليها ومن بينهم أمريكيون بشأن خرق قوانين التمويل، ليست سوى قمة جبل الجليد الطافي فوق الماء والذي يختفي غالبه تحت السطح، وأن هناك ما هو أخطر كثيرا في الممارسات الأمريكية وتابعيها سواء كانوا من الأوربيين أو أطرافا عربية تتوفر على قدرات مالية ضخمة وتتدخل في الشأن المصري الداخلي.
يوم الاثنين 13 فبراير 2012، تم الكشف عن واحدة من إفادات تم الادلاء بها من طرف مسؤولين مصريين خلال شهر اكتوبر 2011 امام لجنة مكلفة من وزير العدل المصري بالتحقيق في تمويل الجمعيات غير الحكومية أو الأهلية كما توصف في مصر.
في هذه الشهادة، اتهمت وزيرة التعاون الدولي المصرية الولايات المتحدة بأنها عملت على «احتواء» الثورة المصرية و»توجيهها» لخدمة مصالحها ومصالح إسرائيل. وقالت فايزة أبو النجا في إفادة نقلتها وكالة انباء الشرق الأوسط ان «الولايات المتحدة قررت العمل بكل ما لديها من إمكانات وادوات لاحتواء الموقف وتوجيهه في الاتجاه الذي يحقق المصلحة الأمريكية والإسرائيلية أيضا».
واوضحت ان الولايات المتحدة أو إسرائيل يتعذر عليهما القيام بخلق حالة الفوضى والعمل على استمرارها في مصر بشكل مباشر، ومن ثم استخدما التمويل المباشر للمنظمات خاصة الأمريكي منها، كوسائل لتنفيذ تلك الأهداف».
وأشارت إلى أن «كل الشواهد كانت تدل على رغبة واضحة واصرار على إجهاض أي فرصة لكي تنهض مصر كدولة حديثة ديمقراطية ذات اقتصاد قوي، اذ سيمثل ذلك أكبر تهديد للمصالح الإسرائيلية والأمريكية ليس في مصر وحدها، وإنما في المنطقة ككل».
يذكر أن موقع ويكيليكس الذي شرع خلال الأشهر الأخيرة من سنة 2010 في نشر مئات آلاف الوثائق السرية الأمريكية، كان قد كشف عن برقيات تبين أن واشنطن اعتمدت سياسة تقضي بالسماح بنقل أموال لبعض السياسيين والناشطين المصريين عبر منظمات أمريكية أو دولية أو عربية تعمل كواجهات للتمويل الحكومي الأمريكي تفاديا للرقابة المصرية.
وأدرج موقع ويكيليكس على الشبكة العنكبوتية برقيات تفيد بأن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون وافقت شخصيا عام 2009 على السماح بتقديم أموال لمنظمات مصرية بطريقة وأسلوب أقرب إلى عملية غسيل الأموال التي تقوم بها الشبكات الاجرامية عبر العالم.
وكشف موقع ويكيليكس أن السفيرة الأمريكية لدى مصر مارغريت سكوبي طلبت سنة 2009 أن تغير واشنطن مسار نقل أموال الحكومة الأمريكية المخصصة للسياسيين المصريين «غير المسجلين» بحيث تمر أولا عبر منظمات واجهة لإخفاء التمويل بعدما اتهمت السلطات المصرية واشنطن بالتدخل في الشؤون السياسية الداخلية للبلاد.
وكتبت السفيرة سكوبي «نود إيجاد سبيل أفضل وأقل صداما لدعمهم. ونقترح بدلا من تمويل هذه المنظمات بشكل مباشر باستخدام صندوق الدعم الاقتصادي المصري، أن نقدم بدلا من ذلك التمويل من خلال مصادر أخرى، على سبيل المثال من مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل أو مبادرة الشراكة الشرق أوسطية أو من مخصص مباشر جديد من الكونغرس».
وذكرت سكوبي في مراسلاتها إلى واشنطن «ينبغي أن تذهب الأموال إلى منظمة خارجية مهنية مثل الوقف الوطني للديمقراطية. وبالفعل قام «الوقف الوطني للديمقراطية» بتقديم الملايين من الدولارات لجمعيات ومنظمات وسياسيين مصريين.
وقدم الوقف جوائز لسياسيين وصحفيين مصريين على اتصال لمدى سنوات بالسفارة أيدوا غزو العراق وضرب إسرائيل للبنان عام 2006 مثل الناشر المصري هشام قاسم الذي يعمل مع إحدى مبادرات الوقف الوطني الأمريكي كعضو في لجنة إرشادها كما أنه يشغل منصب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
الأخطر أنه يوم 1 سبتمبر 2011 هدد موقع ويكيليكس بنشر الصيغة الكاملة للبرقيات البالغ عددها 251 الفا و287، على الرغم من تحذيرات منظمات حقوق الانسان والولايات المتحدة من مغبة ما يمكن ان يمثله هذا الأمر بالنسبة إلى الاشخاص الواردة اسماؤهم فيها وإمكانية تعرضهم لأحكام بالسجن أو الإعدام في دولهم بتهمة التجسس والتخريب. في النهاية أمتنع جوليان اسانغ مؤسس الموقع عن نشر الأسماء والتفاصيل التي تبين كذلك تعاون المخابرات المركزية والخارجية الأمريكيتين للتدخل في شؤون دول ذات سيادة.
يذكر كذلك أنه في شهر أغسطس 2011 تقدم عدد من الصحافيين المصريين ببلاغ للمجلس العسكري يتضمن القائمة الأولى ل 18 منظمة ومركزا وجمعية تتعاون مع جهات أجنبية.
وطالب الصحافيون في بيان بندب من يلزم من أعضاء النيابة العسكرية لتحقيق شكواهم من تعامل وتعاون. وتحصل بعض الجمعيات التي تعاملت مع المنظمة العربية للديمقراطية القطرية ومنظمة فريدم هاوس الأمريكية على تمويل مخالفة للقوانين المصرية ذات الصلة، ومتجاهلة سلطات الدولة المعنية.
وأوضح الصحافيون أن هذه الجمعيات ارتكبت مخالفة صريحة للاتفاقيات التي تحكم العلاقات الدولية بين الدول وبرامج المساعدات الاقتصادية بين مصر وشركائها في التنمية.
كما طالبوا بتمكنهم من تقديم المستندات الدالة على صحة البلاغ وطلب تحريات الجهات الرقابية عن مخالفات وثروة المشكو في حقهم وفحص أعمال ومستندات هذه المنظمات الواردة لإثبات تحصلهم على تمويل من جهات خارجية بالمخالفة للقوانين المصرية والتزوير والتربح مع التحفظ على جميع مستندات ودفاتر المؤسسات التي وردت أسماؤها، ووضع الأختام على مقراتهم لحين انتهاء التحقيقات حتى لا يتمكن المشكو في حقهم من طمس الأدلة والتلاعب في المستندات، كما قدموا حافظة مستندات بالبلاغات التي تقدموا بها للنائب العام.
مفترق طرق
يوم الخميس 16 فبراير سجل تصعيد في إمتحان القوة بين القاهرة وواشنطن حيث شهدت جلسة استماع بالكونغرس الأمريكي عقدت تحت عنوان «مصر في مفترق طرق»، اتهامات عنيفة ضد الدكتورة فايزة أبو النجا، حيث طالب عدد من النواب الأمريكيين باتخاذ إجراءات عقابية ضدها ووقف المعونة الأمريكية إلى حين انتهاء قضية التمويل الأجنبى للمنظمات غير الحكومية.
وطالبت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، النائبة إليانا روس ليتينن، باتخاذ «خطوات عقابية» ضد مسؤولين مصريين بسبب حملتهم تجاه المنظمات غير الحكومية العاملة في مصر، مشيرة إلى الدكتورة فايزة أبوالنجا، وزيرة التعاون الدولي.
وقالت: «إن نشاط هذه المنظمات غير الحكومية ليس له أي علاقة بزعزعة الاستقرار في مصر، وتفعل كل شيء مع مساعدة الشعب المصري في سعيه لتحقيق الحرية والحكم الديمقراطي الذي من شأنه تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية».
ودعت «روس» إلى «إعادة النظر في المساعدات الأمريكية لمصر»، وأضافت أن تصرفات الحكومة المصرية لا يمكن أن تؤخذ باستخفاف، وتتطلب اتخاذ خطوات عقابية ضد بعض المسؤولين.
وأضافت: «بينما يتحمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسؤولية المطلقة على هذا التوتر فى العلاقات، فإن وزيرة التعاون الدولي يجب ألا تستثنى من هذه الخطوات العقابية».
وحذرت «روس» من استمرار المساعدات الأمريكية لمصر، قائلة إنها تبعث عدداً من الرسائل غير المقبولة مفادها بأن واشنطن وتمول الهجمات على التظاهرات المنادية بالديمقراطية، والتراجع عن معاهدة السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل، وغير ذلك من التصرفات المشابهة التي تقوم بها دول أخرى.
واعتبرت «روس» أن تصرفات الحكومة المصرية تجاه المنظمات غير الحكومية تعد «ذات دوافع سياسية»، واصفةً ذلك بأنه «أسوأ من طريقة نظام الرئيس السابق حسني مبارك».
وتابعت: «الولايات المتحدة عليها ألا تقف مكتوفة الأيدي وتترك للحكومات الأخرى التي تتلقى المساعدات الأمريكية حق التصرف فى ارتكاب مخالفات صارخة لقيم الولايات المتحدة ومعايير الديمقراطية». النائب الديمقراطي غاري اكرمان قال «اعتقد اننا نقترب من حافة يمكن ان تعاني بعدها علاقاتنا الثنائية من ضرر دائم».
من جانبه ذكر لورن كرينر، رئيس المعهد الجمهوري الدولي: خلال جلسة استماع الكونغرس «يمكننا أن نقول باطمئنان إن فايزة أبوالنجا بدأت الهجوم، لكن الأمور خرجت عن السيطرة مؤخرا»، مضيفا أن «وزيرة التعاون الدولي نجحت بأكاذيبها في إقناع البعض في المؤسسة العسكرية بأننا كنا نقوم بأنشطة شائنة».
وأضاف «كرينر» ورؤساء آخرون للجماعات الأمريكية إنهم يخشون أن يواجه نشطاء يعملون لحساب هذه المنظمات السجن في مصر نتيجة اتهامات «باطلة»، على حد وصفه.
ودعا ديفيد كريمر، رئيس منظمة «فريدوم هاوس»، إلى عدم تقديم أي مساعدات أمريكية أخرى لمصر ما لم يتم حل هذا الوضع سريعا.
ورأى «كريمر» أن الأمر يتعلق بحملة منظمة ضد المجتمع المدني، وأن القيادة العسكرية تتغاضى عنها أو أنها تسمح بحدوثها، معتبراً أن «الحملات على منظمات المجتمع المدني تمثل عملا واضحا لتعطيل التحول الديمقراطي في مصر».
دروس التاريخ
رئيس الأركان الأمريكي، الجنرال مارتن ديمبسى عارض الدعوات الصارخة لقطع المعونة عن مصر داخل الكونغرس.
وأرجع «ديمبسى» رفضه تلك الدعوات إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصري يتصرف بمسؤولية، وأن هناك شراكة قوية بين المؤسستين العسكريتين في كل من مصر والولايات المتحدة على مدى 30 عاما.
جاء ذلك في شهادة «ديمبسى» أمام جلسة استماع، للجنة الدفاع الفرعية بلجنة الاعتمادات فى مجلس النواب الأمريكي لبحث ميزانية وزارة الدفاع، والتي رأسها النائب الجمهوري بيل يونغ، بحضور وزير الدفاع ليون بانيتا ووكيل وزارة الدفاع روبرت هيل، رئيس الشؤون المالية.
وفى رده على سؤال من النائبة الجمهورية كاى غرانغر بشأن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر وموضوع الأمريكيين الذين عملوا في منظمات المجتمع المدني فى مصر، قال «ديمبسى»: «أنا متأكد من أن هناك طرقا أخرى للتصرف غير قطع المعونة، ولكن على ضوء بعض الأمور الجارية يجب أن تكون هناك بعض العواقب للاختيارات».
وأوضح «ديمبسى» أن التاريخ أثبت أنه عندما نستخدم التمويل لعزل الولايات المتحدة عن شركاء سابقين، فإن ذلك لا يحقق نتيجة جيدة، لأن ذلك يعزل الإدارة عن الجيل القادم، مضيفا أنه شدد خلال زيارته إلى مصر منذ أيام على حل المسألة عبر اتباع الطريق الصحيح.
وكانت عدة مصادر اعلامية قد ذكرت ان «الجنرال ديمبسي طلب وبصورة ملحة من مسؤولين مصريين التقى بهم ان يتم الافراج عن الامريكيين المتهمين والسماح لهم بالسفر على ان تجري محاكمتهم غيابيا» غير أن «الرد كان ان المسالة تخص القضاء فقط ولا يمكن لأحد ان يصدر أمرا برفع أسماء المتهمين من قوائم المنع بالسفر سوى الجهة المختصة».
ويوم السبت 18 فبراير وردا على التهديدات الأمريكية طلبت القاهرة من «الانتربول» الدولي توقيف 14 أمريكيا تمكنوا من الفرار عقب اتهامهم بتلقي تمويل أجنبي غير شرعي والانتماء لمنظمات سياسية غير مرخصة. وأوضحت مصادر دولية أن قاضي التحقيق في جرائم التمويل الأجنبي غير المشروع لمنظمات المجتمع المدني المستشار سامح أبو زيد، طلب حبس الهاربين احتياطيا بعد إعادتهم تمهيدا لمحاكمتهم جنائيا أمام محكمة جنايات القاهرة، والهاربون من بين 43 متهما في القضية رقم 1110 لسنة 2012 جنايات قصر النيل. وقد حددت محكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار عبد المعز إبراهيم جلسة 26 فبراير 2012 لعقد أولى جلسات المحاكمة.
متى تكشف القصة الكاملة ؟
تفيد مصادر رصد أوروبية أنه يظهر أن السلطات المصرية تملك فيضا من الأدلة عن التدخلات الأمريكية التي تتجاوز المنظمات غير الحكومية، وكذلك تدخلات أطراف أخرى كإسرائيل وقطر... وشركات متعددة الجنسية وتوظيف شركات الأمن الخاصة أو شركات تجنيد المرتزقة في إثارة الاضطرابات والفتن الطائفية ليس في مصر وحدها بل في عدد من الدول العربية التي إكتمل أو يكتمل فيها تطبيق سياسة الفوضى الخلاقة التي وضعها المحافظون الجدد في واشنطن لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد بهدف تقسيم المنطقة إلى ما بين 54 و 58 دويلة متطاحنة.
التهديد بكشف جزء من هذا الفيض هو أحد الدوافع التي تولد خلافا داخل دوائر القرار في واشنطن بشأن أسلوب التعامل مع القاهرة. وتضيف مصادر الرصد هذه أن هناك معلومات مؤكدة عن استخدام عدد من وكالات الأمن والتجسس الأمريكية ال 16 أقمار التجسس وطائرات بدون طيار لتوجيه الأحداث.
فمثلا يقوم سلاح الجو الأمريكي بالتعاون مع المخابرات المركزية بتسيير رحلات استطلاع جوية من عدة قواعد بالشرق الأوسط بواسطة جيل جديد من طائرات الاستطلاع من دون طيار قادرة على التحليق أعلى وأسرع ولفترة أطول، وتقوم هذه الطائرات بتوجيه تعليمات إلى متعاونين على الأرض.
ويتعلق الأمر بطائرة تحمل اسم «غلوبل أوبزيرفر» وهي قادرة على التحليق لأيام على ارتفاع 19.8 كيلومترا أي خارج مدى معظم الصواريخ المضادة للطائرات.
وتفيد مصادر في صناعة الطائرات الأوروبية أن الطائرة المذكورة يمكنها أن تنافس أقمار التجسس الاصطناعية من خلال استطلاع مساحة 450616 كيلومتر مربع أي مساحة أكبر من أفغانستان بلمحة واحدة.
وعلى خلاف طائرات التجسس الحالية التي تحلق لمدة 30 ساعة فقط يمكن لطائرة «غلوبل أوبزيرفر» أن تحلق بشكل متواصل لمدة أسبوع وهي مصممة للقيام بعمل القمر الصناعي بينها ربط الاتصالات ورصد تحركات القوات والعثور على الثغرات في الإجراءات الأمنية إلى غير ذلك.
وتقوم الطائرات المنطلقة من القواعد الشرق أوسطية أساسا بعمليات استطلاع فوق شرق البحر المتوسط ومصر وأجزاء من شمال السودان وكذلك أجزاء من شمال أفريقيا. وغالبية الطائرات المستخدمة قادرة على بث لقطات فيديو للتحركات في مدينة بأكملها وقت حدوثها.
ويمكن لهذا النوع من الطائرات من دون طيار أن يحمل تسع كاميرات قادرة على نقل 56 صورة مباشرة في وقت واحد إلى جنود أو محللين يتعقبون تحركات الخصوم.
نفس المصادر عادت إلى التذكير بمعلومات عن تهريب الأجهزة الأمريكية والإسرائيلية وغيرها أجهزة إتصال عبر الأقمار الصناعية وأسلحة بل إدخال قناصة إلى مصر وعدد من الدول العربية ودول أخرى كباكستان من أجل تصعيد المواجهات، زيادة على تشجيع الحركات الانفصالية في عدد من الدول على أسس عرقية ودينية وطائفية. وتضيف أنه يجب تسجيل واقع معاش وهو أن غالبية الحركات الانفصالية في منطقة الشرق الأوسط الكبير تتمركز في الولايات المتحدة والدول الحليفة لها في حلف شمال الأطلسي وتحصل على دعم مالي من منظمات أمريكية وغيرها تصف نفسها بغير الحكومية.
من أخر الأمثلة على هذا السلوك أنه يوم السبت 18 فبراير 2012 أدان رئيس وزراء باكستان يوسف رضا جيلاني القرار الذي قدمه نائب أمريكي إلى الكونغرس يطالب فيه منح اقليم بلوشستان الجنوبي الغربي حق تقرير المصير وسيادته الكاملة على اراضيه. وقال جيلاني في حوار مع الصحفيين في كراتشي «هذا القرار ينتهك سيادتنا ونحن ندين ذلك». وبثت قنوات فضائية ما جاء في مشروع قرار النائب الجمهوري دانا روهراباشر وزميلين آخرين يوم الجمعة 17 فبراير بأنه ينبغي السماح للبلوشيين اختيار هويتهم وحق تقرير المصير وسيادتهم على أراضيهم. ويذكر أن تقارير عدة تتحدث منذ سنوات عن محاولات أمريكية إسرائيلية لنزع سلاح باكستان النووي وتقسيم البلاد حتى لا تخلط موازين القوى في هذا الجزء من جنوب آسيا.
هناك من يعتقد أن للتاريخ أحكامه التي تؤسس على قواعد ثابتة يختلف في تحديدها الكثيرون ولكنها تفرض نفسها في النهاية.
وكما فرض التاريخ مع بداية القرن الأخير نهاية الاستعمار بشكله القديم، يعتقد أن نفس الأحكام ستفرض نهاية أو على الأقل كابحا للإستعمار بشكله المستحدث مع بداية القرن الحادي والعشرين وإلا تبلورت توقعات هؤلاء الذين يتحدثون عن نهاية التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.