الولايات المتحدة وطوفان أخطر مما كشفه «ويكيليكس» يوم الجمعة 7 أكتوبر 2011 أعلنت الحكومة الأمريكية عن خطوات لفرض قيود صارمة على أي شخص يستطيع الوصول إلى معلومات سرية وذلك لتجنب خرق آخر على نطاق ويكيليكس لوثائق الجيش والبرقيات الدبلوماسية. عملية التنظيم الجديد جاءت تقريبا بعد 18 شهرا من أكبر وأخطر عملية تسريب للوثائق السرية الأمريكية. ويتطلب الأمر الرئاسي من الوكالات الأمريكية تعيين اشخاص رفيعي المستوى لمنع ورصد أي خرق وتشكيل قوة مهام لمراقبة أي مخالفات ربما يقوم بها مسؤولون بالحكومة أو موظفين او دبلوماسيين او جنود يتعاملون مع البيانات السرية. وذكر البيت الابيض لدى الاعلان عن الخطط ان قوة المهام التي سيرأسها وزير العدل ومدير المخابرات الوطنية ستحدد السياسات العريضة للحكومة للحيلولة دون سرقة البيانات ووضع معايير ملزمة خلال عام.وأفاد مسؤولون على اطلاع بالأمر والذين فحصوا المقترحات الجديدة لمنع التسرب أن معظمها كان متوقعا وواضحا إلى حد ما كرد فعل على ثغرات في ضبط أمن المعلومات على الكمبيوتر والانترنت. وذكر البيت الابيض في البيان «الحتمية الاستراتيجية لجهودنا هي ضمان توفير الحماية المناسبة لمعلوماتنا السرية وفي نفس الوقت اتاحة المعلومات لكل من يحتاج اليها بشكل معقول لأداء اعمالهم». والمعروف أن حصول موقع ويكيليكس على اكثر من 250 الف برقية من برقيات وزارة الخارجية والشروع في نشرها إبتداء من أبريل 2010 قد تسبب في حرج للحكومة الأمريكية وكشف أساليبها الملتوية للتآمر حتى على حلفائها من أجل تحقيق أطماعها الكونذية. والأمر الرئاسي الصادر يوم 7 أكتوبر 2011 هو نتاج أشهر من المداولات للجنة انشأها البيت الابيض بعد كارثة ويكيليكس التي قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون انها قوضت الجهود الأمريكية للعمل مع دول اخرى وهددت الأمن القومي الأمريكي. الطوفان الأمر الذي وقعه الرئيس أوباما جاء في وقت حذرت فيه عدة وكالات أمنية أمريكية من أن مصادر رصد غربية وشرقية استطاعت أو في طريقها للحصول على ما يكمل وبربط وثائق سرية أمريكية أكثر خطورة من كل ما نشره موقع ويكيليكس، ويتعلق الأمر هذه المرة بالحروب السرية التي تشنها واشنطن ضد الصين وروسيا لزعزعة استقرارهما وضرب اقتصادهما، وكذلك مؤامراتها لإضعاف اقتصاد الإتحاد الأوروبي وتدمير قدرة العملة الأوروبية الموحدة على الحلول مكان الدولار كأداة تعامل رئيسية في السوق الدولية، وأساليب التخريب المطبقة لمنع صناعة الطيران الأوروبية من التفوق بشكل حاسم على نظيراتها الأمريكية وكسب السوق الدولية. مصادر رصد ألمانية تحدثت عن أن الوثائق التي تخشى واشنطن من تسربها أو التي تسرب بعضها تتعلق كذلك بجهود البيت الأبيض لإضعاف دول مجموعة «بريكس» التي تضم البرازيل والهند وجنوب أفريقيا التي تنافس الولاياتالمتحدة إقتصاديا وتعاكس سياستها للهيمنة العالمية. وتضيف نفس المصادر أن من أخطر الوثائق التي يرتعد البيت الأبيض لإمكانيات تسربها في الوقت الحاضر، وعلى أساس ما اكتشفه عن عمليات إختراق لحواسيب عدد من الوزارات والوكالات الأمريكية، خطط تحديد الأهداف العسكرية والمدنية في عدة مناطق من العالم المرشحة للتعرض لقصف استباقي بالأسلحة النووية في حالة وقوع نزاع عسكري عالمي، وكذلك ما يتعلق بتنفيذ مخططات الولاياتالمتحدة في منطقة الشرق الأوسط الكبير وأساليبها لركوب حركة التطور في المنطقة، وغرف عملياتها الرئيسية الثلاث الموجودة في واشنطن وتل أبيب وقبرص المكلفة بالتحكم في عملية زعزعة الأستقرار في المنطقة الممتدة من باكستان مرورا بالخليج العربي ومصر وحتى السواحل الأفريقية على المحيط الأطلسي، وذلك وصولا إلى تنفيذ مشروع المحافظين الجدد القاضي بتقسيم المنطقة إلى ما بين 54 و56 دويلة إعتراف ضمني في عملية اعتراف ضمني بخطر تسرب مزيد من المعلومات فائقة الحساسية أعلن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي «اف بي آي» روبرت مولر يوم الخميس 6 أكتوبر 2011 خلال جلسة استماع امام الكونغرس ان الشرطة الفدرالية الامريكية تسعى لان تكون متيقظة حيال القدرات التجسسية الالكترونية لكل من الصين وروسيا. وردا على سؤال لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب مايك روجرز حول من هي اخطر الجهات التي تتجسس على الولاياتالمتحدة، اجاب مولر «اعتقد ان هذا الأمر بحث في جلسات استماع اخرى، ولكن هناك دول مثل روسيا والصين ودول اخرى، لديها قدرات نحن متيقظون حيالها». واضاف مولر انه منذ 2006 سجلت «عشرات الحالات، التحقيقات، الدعاوى لاشخاص مرتبطين بالصين مارسوا التجسس الصناعي وتسريب معلومات او انشطة اخرى مشابهة». واكد مدير «الاف بي اي» من جهة اخرى أن «الخطر» المتمثل بالهجمات الالكترونية هو «احد الأخطار الأكثر اهمية وتعقيدا بالنسبة للبلاد»، وهو أيضا «من بين اولى اولويات الاف بي اي في الوقت الراهن وفي السنوات المقبلة». صندوق العجائب الليبي في الوقت الذي صدر فيه الأمر الرئاسي الأمريكي حول طرق حماية الأسرار، ذكرت صحيفة «ذي تايمز» البريطانية ان حكومات وشركات الغربية لا تألو جهدا وتبذل محاولات يائسة لاستعادة او تدمير المستندات الليبية التي تم اكتشافها من طرف وحدات عسكرية وإستخباراتية فرنسية وأمريكية وبريطانية تدخلت تحت غطاء حلف شمال الأطلسي في الحرب الدائرة على الأرض الليبية والتي تضعها في مواقف محرجة حيث انها تفضح أسرار العديد من الصفقات التي توصلت اليها سواء كانت عسكرية أو مدنية بالاضافة إلى عمليات إسناد مادي لأحزاب وحملات انتخابية مختلفة في عدد من قارات العالم، وتمويلات لشركات أمن خاصة «ما يصطلح على تسميته بمؤسسات المرتزقة» لشن هجمات ونسبها إلى أطراف أخرى أو تنفيذ إغتيالات وعمليات تخريب. كما يجري الحديث عن وثائق تثبت تلاعب القوى الغربية الاستعمارية القديمة بالعديد من المؤسسات ذات الطبيعة الدولية أو المحلية من أجل تبنيها لمواقف تخدم المخططات الأمريكية مما يساعد على الوصول إلى أهداف محددة. وذكرت مصادر امنية في الشرق الاوسط ان وكالات مختلفة للاستخبارات وشركات أمنية خاصة أوفدت إلى ليبيا لتدمير أي أثر لتلك الوثائق وأن هناك عشرات من خبراء المخابرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية يعملون على مدار الساعة لكشف ما لدى أنصار العقيد القذافي من وثائق يمكن أن تحرج عددا من الحكومات والشركات العملاقة العاملة في مجال التسليح أو النفط وغيره. وقد دفع إلى هذا التسارع نحو ليبيا اكتشاف ملفات سرية في مكاتب الحكومة في طرابلس بعد ان سقطت العاصمة الليبية في أواخر أغسطس في قبضة القوات المناوئة للقذافي المساندة من طرف حلف شمال الأطلسي. وأكد موظفون في شركة أمن خاصة في الخليج العربي، بشرط عدم الكشف عن هويتهم او هوية عملائهم، لصحيفة ال»تايمز» أنه طُلب منهم استرداد ما يمكنهم العثور عليه في المكاتب الليبية وتدمير الكومبيوترات وأي مواد يمكن أن تدينهم اذا لم يكن بالإمكان سحبها. وقال أحد مصادر الأمن في الخليج العربي أن «مستندات الاستخبارات التي عثر عليها في طرابلس جعلت كل طرف يشعر بالفزع. فقد خرجت هذه الدول والشركات على عجل من أمرها، وخلفت الكثير وراءها مما يفضلون ألا يرى النور». وقد توجهت بعض شركات الأمن إلى حقول النفط في جنوب ليبيا التي لم تسيطر عليها القوات المناوئة للقذافي، لتنظيف مكاتب شركات النفط الغربية من محتوياتها. غير أن مصادر رصد في العاصمة الألمانية برلين وفي براغ عاصمة جمهورية التشيك، تعتقد أن حكومة العقيد القذافي نجحت في تمرير كم ضخم من الوثائق المحرجة التي كانت في حوزتها والتي كانت تعتبرها بمثابة سيف مسلط على رقاب خصومها يمكن استخدامه عند الحاجة، إلى موسكووبكين وأطراف غربية وشرقية وعربية. كما تعتقد واشنطن أن عملاء لأجهزة استخبارات مختلفة تسابقوا إلى الساحة الليبية وحتى قبل سقوط طرابلس لجمع أكثر ما يمكن من الوثائق السرية سواء التي كانت في يد الليبيين أو في حوزة الشركات والمؤسسات المختلفة والتي يعمل جزء منها لحساب أجهزة دول مختلفة. وحسب صحيفة «ذي تايمز» البريطانية صرح بيتر بوكارت، الذي يعمل مع فريق «هيومان رايتس ووتش» المهتمة بحقوق الانسان «هناك الكثير من الاوراق المحرجة في أماكن مختلفة، ويتصبب مسؤولون حكوميون وتنفيذيون في شركات مختلفة عرقا خوفا مما يمكن ان تكشف عنه الاوراق». لوائح كاملة للمتعاملين مصادر رصد في الاتحاد الأوروبي ذكرت أن لدى بعض أجهزة المخابرات التي لا تصنف في مرتبة حلفاء واشنطن وتلك كذلك المصنفة على أنها معادية للبيت الأبيض، قوائم حصلت عليها بطرق مختلفة منها ما جاء من الساحة الليبية، تضم تفاصيل علاقات الوكالات الأمريكية المختلفة مع عشرات ألاف الشخصيات التي تنتمي إلى عالم السياسة والفن والأدب والصحافة والإعلام والأقتصاد، والذين يصنفون أمريكيا كموظفين أو متعاونين، يتلقون أموالا من أجل تنفيذ مهمات معينة. كما تضم هذه الوثائق معلومات عن عدد من أوساط اعلام التي تعتمد على التمويل الأمريكي أو الغربي المباشر أو غير المباشر أي عن طريق شركات إعلان وما شابه ذلك من أجل نشر أخبار وإشاعات تستهدف توجيه الرأي العام في منطقة نحو تصور معين والتعامل معه بالأسلوب المنتظر مما يسهل تنفيذ المخططات الغربية. بريطانيا والجماعات المتطرفة يوم 25 يوليو 2010 صدر في لندن مؤلف للكاتب مارك كرتيس وثق فيه تعاون بريطانيا مع الجماعات المتشددة والإرهابية بموجب مبدأ فرق تسد، في كل من العراق وسوريا وافغانستان وليبيا ومصر والبلقان واندونيسيا. وجاء الكتاب الذي ينشر أسرار عديدة، بعنوان العلاقات السرية: التعاون السري لبريطانيا مع الاسلام الراديكالي وفقا لصحيفة الغارديان. يستند الكتاب إلى وثائق رسمية بريطانية رفعت عنها السرية مؤخرا، وتثبت دعم بريطانيا عقب الحرب العالمية الثانية لجماعات اسلامية في كل من العراق وسوريا وايران وافغانستان وليبيا ومصر والبلقان واندونيسيا، فضلا عن اليمن وفلسطين والاردن. يشير مارك إلى بداية تمويل بريطانيا لأطراف قيادية ضمن جماعة الإخوان المسلمين في مصر منذ الاربعينيات ودعمها لجهود إغتيال جمال عبد الناصر ولإسقاط الحكومة الوطنية في سوريا. وكان هدف بريطانيا في دعم «الإسلاميين» تقويض الحكومات الوطنية وعرقلة المد القومي العربي على أساس تصور ساسة لندن أن التوجه القومي يصطدم بالضرورة مع مبادئ الحركات الإسلامية. ووفقا للكتاب انسحب دعم الاستخبارات البريطانية على كل الحركات الاسلامية التي تعمل في الشرق الاوسط ضد حكوماتها. وما ولادة منظمة القاعدة إلا امتداد للسياسة البريطانية الأمريكية في دعم المجاهدين ضد السوفيات والحركة الوطنية في افغانستان. ويفيد الكتاب الذي يستند إلى وثائق سرية كشفت للعلن بعد مضي خمسة عقود على صدورها أن بريطانيا حاربت العديد من خصومها من خلال الحركات «الاسلامية» بتدريب قوات مرتبطة بالقاعدة أو تنظيمات أخرى كما وقع في العراق وافغانستان، وليبيا. وقد دعمت بريطانيا حركات مسلحة جنوب العراق توصف «بالاسلاميين الراديكاليين» لتأمين خروج قواتها منه دون التعرض لهجمات من طرف فصائل أخرى حيث قام الراديكاليون بتأمين حراسة على ممرات انسحاب قواتها أو زودوا الجيش البريطاني بمعلومات استطلاعية عن تحركات خصومه. ويشير الكاتب إلى أن تحويل لندن إلى «لندنستان» من خلال استضافة قادة «الإسلاميين» كان وسيلة بريطانيا لضمان تحقيق أهداف سياستها الخارجية التي تدفعها المصلحة ولكن تفتقر إلى أي معيار أخلاقي. ويؤكد الكاتب أن الواقع هو دوما عكس الحديث العام وفي وسائل الإعلام في أهم القضايا الرئيسية، ومثلا، الحرب على الارهاب هي مجرد حرب لأهداف محددة مسبقا من قبل بريطانيا والولاياتالمتحدة ويمكن أن تمتد لدول لا تخطر ببال أحد. الإختراق يقول خبراء في القارة الأوروبية أن هناك عدد من أصحاب القرار في واشنطن الذين يقدرون أن الأنظمة الأمريكية العسكرية والاستخباراتية غدت مخترقة إلى حد كبير وأن الكارثة الناتجة عن ذلك ليست ببعيدة على عكس التطمينات الصادرة عن عدد من الوكالات الأمنية. ففي سنة 2010 وحدها وخلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2011 سجلت عشرات عمليات الاختراق للأجهزة المعلوماتية الأساسية. يوم 3 اكتوبر 2011 ذكرت وكالة فرانس برس في خبر لها من العاصمة الأمريكية أن وثيقة لشركة «ماكافي» للأمن الالكتروني في العالم كشفت تعرض اكثر من 70 منظمة من بينها الامم المتحدة ومجموعات امريكية دفاعية كبرى لعملية تجسس الكتروني على نطاق واسع يرى المحللون ان الصين تلعب دورا فيها، حسبما اوردت صحيفة «واشنطن بوست». واوضحت الصحيفة نقلا عن الوثيقة ان اهداف التجسس التي تم تحديدها انطلاقا من بيانات ملقم واحد، تشمل الشبكات المعلوماتية للامانة العامة للامم المتحدة ومختبرا لوزارة الطاقة الامريكية وعشرات شركات الدفاع. ويبدو ان عملية التجسس استمرت سنوات عدة. وتابعت الصحيفة نقلا عن الوثيقة ان ما مجمله 72 منظمة من بينها 49 مقرها في الولاياتالمتحدة تعرضت للتجسس. واضافت الوثيقة ان المتسللين كانوا يبحثون خصوصا عن بيانات حساسة حول انظمة الدفاع الامريكية الا ان «ماكافي» لم تتهم بكين بوضوح في تقريرها بالوقوف وراء التجسس. ويوم السبت 8 أكتوبر كشف عن عملية اختراق جديدة. فقد اصاب فيروس الكتروني مراكز قيادة الطائرات الامريكية بلا طيار في قاعدة كريتش «نيفادا، غرب» التي توجه هذه الطائرات في مهماتها العسكرية في افغانستان او مناطق نزاع اخرى، كما ذكرت مجلة «وايرد» نقلا عن ثلاثة مصادر لم تسمها. وقالت المجلة على موقعها الالكتروني ان «فيروس كمبيوتر اصاب قمرات قيادة الطائرات الامريكية بلا طيار طرازي بريديتور وريبير مسجلا كل اوامر الطيارين عندما يوجهون عن بعد مهمات في افغانستان وفي مناطق نزاع اخرى». ونقلت المجلة عن عسكريين أمريكيين، انه لم يتم تسرب أي معلومات سرية خارج القاعدة بسبب هذا الفيروس الذي لم يمنع مع ذلك الطيارين من القيام بعملهم. ولكن المجلة اضافت ان «الخبراء العسكريين لا يدرون ما اذا كان الفيروس قد نقل عمدا او عن طريق الصدفة» مذكرة بان معظم المهام التي قامت بها الطائرات بلا طيار جرت من خلال طيارين في قاعدة كريتش. واستنادا الى وايرد فان الفيروس نقل على الارجح الى كمبيوترات القاعدة عن طريق اقراص صلبة خارجية يستخدمها الطيارون لنقل المعلومات من مركز إلى اخر. واضافت ان فنيي القاعدة وجدوا صعوبة كبيرة في التخلص من الفيروس الذي رصد للمرة الاولى منذ اسبوعين. وأفاد مصدر للمجلة طالبا عدم ذكر اسمه «نقوم بالتخلص منه لكنه يعود من جديد. نعتقد انه ليس شديد الخطورة لكننا في الواقع لا نعرف عنه شيئا». وإذا كان التصريح الرسمي يقول أنه لا يوجد خطر تسرب معلومات فإن خبراء معلوميات يؤكدون أن المرجح هو تسرب كميات ضخمة من المعطيات. والطائرات بلا طيار تستخدم بانتظام من قبل الجيش الامريكي او وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية «السي.اي.ايه» في عمليات المراقبة الجوية او القصف، رسمية كانت او سرية، كما ذكرت وايرد. نقطة الضعف تضخم وتوسع أجهزة التجسس ونظم المعلوميات في الولاياتالمتحدة جعل اختراقها أسهل، وعمليا لا تستطيع الإدارة الأمريكية تحصين انظمتها المعلوماتية بشكل أفضل سوى إذا قررت حجبها على عدد كبير من موظفيها وهو ما يعني تقليص فعالية كل أجهزتها. فمثلا وفي شهر ديسمبر 2010 أفادت مجلة درشبيغل الألمانية أن المراسلات الدبلوماسية التي سربها موقع ويكيلكس مصدرها نظام الاتصال المستخدم من جانب وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين. وأوضحت المجلة الألمانية الواسعة الاطلاع أن قسما من البرقيات الدبلوماسية مصدره نظام «سيبرنت» «سيكرت إنترنت بروتوكول راوتر نيتوورك» الذي يملك نحو 2.5 مليون موظف في القطاع العام الأمريكي حق الوصول إليه، من خلال أجهزة كومبيوتر معتمدة في الدوائر الرسمية يتم تغيير آليات الدخول إليها كل 150 يوما تقريبا. اخفاقات الأمر الذي عزز مخاوف الإدارة الأمريكية بشأن وجود اختراق خطير لعدد من أهم ملفاتها السرية مجموعة من الاخفاقات التي تكبدتها أثناء تنفيذ مخططاتها في عدة مناطق من العالم والتي عزتها بعض الأوساط إلى تلقي الخصوم إنذارات مبكرة. فمثلا وجدت واشنطن أن القاهرة استطاعت خاصة ومنذ شهر مايو سنة 2011 استباق كل الخطوات الأمريكية الإسرائيلية الهادفة إلى زعزعة الإستقرار وخلق وقيعة بين الجيش والشعب، أو إثارة أوضاع أمنية خطرة في صحراء سيناء تسمح بفرض إملاءات أو دفع القاهرة إلى الاقدام على خطوات تكون في صالح المخطط الصهيوني. كما سجلت المخابرات المركزية الأمريكية تراجعا مهولا في قدراتها على جمع المعلومات من مصر، زيادة على أن مصادر في السفارة الأمريكيةبالقاهرة حذرت من أن القضاء المصري قد يكشف عن علاقة بين جاسوس الموساد الإسرائيلى إيلان تشايم غرابيل والمخابرات المركزية الأمريكية. والمعروف أنه تم في الثلث الأول من شهر يونيو 2011 القبض على الجاسوس الإسرائيلى إيلان تشايم غرابيل فى أحد الفنادق بوسط القاهرة وهو يحمل الجنسيتين الاسرائيلية والأمريكية. وأعلن في حينها المستشار عادل سعيد النائب العام المساعد، والمتحدث الرسمى للنيابة العامة، أن مصالحه تلقت معلومات من المخابرات العامة التى أشارت إلى أن الجاسوس المذكور قد تم دفعه إلى داخل البلاد وتكليفه بتنفيذ بعض الاحتياجات للجانب الإسرائيلى، وتجنيد بعض الأشخاص لتوفيرها للجانب الإسرائيلى من خلال نشاطه فى التجسس ومحاولة جمع المعلومات والبيانات ورصد أحداث 25 يناير، والتواجد فى أماكن التظاهرات وتحريض المتظاهرين على القيام بأعمال شغب تمس النظام العام، والوقيعة بين الجيش والشعب بغرض نشر الفوضى بين جميع المواطنين والعودة لحالة الانفلات الأمنى، ورصد مختلف الأحداث للاستفادة بهذه المعلومات، بما يلحق الضرر بالمصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد والتأثير سلبا على الثورة. وأشارت معلومات المخابرات العامة إلى أن المتهم كان أحد عناصر جيش الدفاع الإسرائيلى وشارك فى حرب لبنان عام 2006 وأصيب خلالها. ارتباك حرص واشنطن على إبعاد أي ارتباط بينها وبين إيلان تشايم غرابيل، دفعها إلى ارتكاب ما اعتبر هفوات عكست بعضها وسائل اعلام إسرائيلية. وهكذا ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن صفقة إطلاق سراح إيلان، أوشكت على الإنتهاء، مشيرة إلى أن واشنطن اقترحت على مصر زيادة المساعدات الإقتصادية مقابل الإفراج عن غرابيل، وأنه سيعود لواشنطن خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر بصحبة وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا، بعد ختام زيارته للقاهرة التي بدأها يوم الثلاثاء 4 أكتوبر. بعد ساعات من خبر صحيفة «يديعوت أحرونوت» نفي وزير الدفاع الأمريكي قيامه بأي مفاوضات مباشرة مع المسئوليين المصريين بشأن الإفراج عن المواطن الأمريكي. وذكر بانيتا، فى الوقت نفسه ،أنه تطرق إلى الموضوع في مباحثاته مع المسئولين المصريين .. قائلا إنه على ثقة من أن الحكومة المصرية ستفرج عنه قريبا. وردا علي سؤال حول تقييمه للوضع الأمني في سيناء، عبر بانيتا عن قلقه تجاه الوضع الأمني في هذه المنطقة بسبب وقوع هجمات استهدفت أنابيب نقل الغاز لإسرائيل مشيرا الى أن الأمر يتطلب بذل مزيد من الجهد لتحسين الوضع الأمني هناك. وأشار إلي أن المشير طنطاوي أكد قدرة مصر علي التصدي لمن يهددون الاستقرار والسلام معربا عن اعتقاده بأن أي توتر في سيناء سيؤثر علي المنطقة بأكملها. وردا علي سؤال حول إمكانية تعديل اتفاقية كامب ديفيد، نفي بانيتا عمله بما إذا كان الجانب المصرى طلب تعديل الاتفاقية، قائلا إن المسئولين المصريين أكدوا له خلال مباحثاته التزامهم باتفاقية كامب ديفيد وأن هناك التزاما بالحفاظ علي الأمن في سيناء. وأكد الوزير الأمريكي استعداد بلاده لتقديم دعم إضافي إذا طلب الجانب المصري ذلك موضحا أن التعاون العسكري بين البلدين اتسم بالقوة في الماضي وسيستمر في هذا الاتجاه. وأكد أن كلا الجانبين سعى إلى استمرار التعاون العسكري الوثيق بين الولاياتالمتحدة ومصر، والذي يشتمل على المعونة الأمركية السنوية والمقدرة ب 1300 مليون دولار ومناورات مشتركة نصف سنوية. تهديد بقطع المعونات بعد أقل من 36 ساعة على التصريحات الأولى لوزير الدفاع الأمريكي قالت السفيرة الأمريكية في القاهرة آن باترسون يوم الخميس 6 أكتوبر وربما مصادفة في يوم الاحتفال بذكرى نصر حرب أكتوبر 1973 أن الحكام العسكريين المؤقتين في مصر لا يعرفون متي سينقلون السلطة إلى حكومة مدنية جديدة. وأشارت باترسون إلي أن الوضع في مصر «ضبابي» بعد 25 يناير، وأضافت أن المسئولين في بلادها لا يعرفون نية المجلس العسكري في مصر وموعد نقل السلطة. وتابعت قولها بأن هذه العملية يحيطها الغموض منذ البداية بسبب القرارات التي يتم إتخاذها بصورة يومية، متوقعة استمرار الوضع الراهن لبعض الوقت. وكان وزير الدفاع الأمريكي قد أكد أن الجدول الزمني أمر يرجع للمصريين، مشددا علي ضرورة الإسراع في نقل السلطة إلي حاكم مدني من أجل الديمقراطية. عدم الرضا الأمريكي المغلف بما يسمى اللباقة الدبلوماسية والناتج عن تقلص قدرة واشنطن في التحكم في مسار الأحداث في مصر ليس حديث العهد، ولهذا تم في بداية صيف سنة 2011 إقامة مركز عمليات إضافي في قبرص انضم إلى المركزيين الأقدم في كل من تل أبيب وواشنطن المكلفين بإدارة العمليات في المنطقة العربية مع بدء الحركات المطالبة بالتغيير. كما تكاثرت الانذارات للقاهرة وهكذا مثلا هددت عضوة الكونغرس الأمريكي كاي غرانغر، رئيسة اللجنة الفرعية الخاصة بمخصصات العمليات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي في نهاية شهر أغسطس بقطع المعونة السنوية عن مصر. في نفس التوقيت لوح زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكي إيريك كانتور بوقف المساعدات الأمريكية وأكد رفض الكونغرس بمجلسيه لاتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية بين حركتي «فتح» و»حماس» الذي رعته القاهرة، ولطلب انضمام فلسطين إلى الأممالمتحدة. وذكر، في هذا السياق، بأن مجلسي الشيوخ والنواب وافقا على قرارات تدعو إلى قطع المساعدات الأمريكية عن السلطة الوطنية الفلسطينية إذا طبقت اتفاق المصالحة أو تحركت لطلب عضوية فلسطين في الأممالمتحدة. وقبل ذلك ويوم الخميس 28 أبريل 2011 دعت اللجنة الامريكية للحريات الدينية في العالم الى وضع مصر على القائمة السوداء للدول التي تفتقر الى الحرية الدينية بحجة ان الاعتداءات على المسيحيين الاقباط وغيرهم من الاقليات ازدادت سوءا رغم التغييرات السياسية التي شهدها ذلك البلد. الأسرار الأكثر خطورة هذه التطورات ربما تكون مؤشرا على قرب إنفجار صندوق الأسرار الأمريكية الأكثر خطورة منذ الأنفجار الأول سنة 2010. ومن أجل الوفاء لمبدأ الحقيقة يجب القول أن ما تم الكشف عنه عبر موقع «ويكيليكس» ليس سوى الطبقة السطحية لما تحتويه مغارة أسرار تتوغل في أعماق الأرض، فالمجموعة الأخيرة من وثائق الخارجية تتعلق في غالبيتها بمراسلات السفارات والقنصليات الأمريكية عبر مختلف دول العالم ما بين سنة 2004 و2010 حول تقديرها للأوضاع قي مناطق عملها، وما تمخض عنه تحليلها للاتصالات مع مسؤولي الدول التي تعمل بها، أو ما تم الاتفاق عليه بشكل سري معهم. وهذه الوثائق تعطى نموذجا مصغرا لأساليب التعامل التي تمارسها الآلة الدبلوماسية الأمريكية عبر مختلف مناطق المعمور سواء مع من تعتبرهم واشنطن حلفاء أو الذين يصنفون خارج هذا الإطار. غير أن الأمر الذي يجب تسجيله هو أن ما تم الكشف عنه لا يتضمن التقارير بالغة السرية التي تضعها مكاتب أجهزة الاستخبارات الأمريكية الموجودة في السفارات والقنصليات، ولا التقارير التي يضعها الملحقون العسكريون الأمريكيون في السفارات. زيادة على ذلك فإن التقارير المنشورة في جزء منها تتعلق بفحوى محادثات دبلوماسيين أمريكيين مع مسؤولين أجانب، وفي هذا الصدد يجب الأخذ بعين الاعتبار أن عددا كبيرا من هؤلاء المسؤولين أرادوا بعث انطباعات معينة وأخبار قد تكون كاذبة أو غير دقيقة إلى المحللين في واشنطن لعلهم يبنون عليها تصورا يقود إلى قيام الولاياتالمتحدة بعمل يريدونه. وكشفت الوثائق مدى جهل أو ما قد يسميها البعض سذاجة بعض الدبلوماسيين الأمريكيين الذين كانوا يغذون بما يروق تصوراتهم وتمنياتهم من طرف محدثين أرادوا أما اختبار نوايا البيت الأبيض أو بعث رسائل مغلوطة لإيهام أصحاب القرار في البيت الأبيض أنهم يجهلون توجهاتهم الحقيقية. اللافت للانتباه كذلك أن وثائق الخارجية الأمريكية المتسربة لا تتضمن الحسابات الخاصة بالمصاريف المادية للوزارة والتي تتعلق بالمال أو الهدايا والمنح التي تقدم إلى أشخاص وهيئات ووسائل إعلام من أجل الترويج لخبر أو تحليل ما وغير ذلك من الخدمات، وهي نفقات تضاف إلى تلك التي تقدمها الخارجية الأمريكية عبر قنوات سرية موازية.