يخلد العالم اليوم »اليوم العالمي لمكافحة الرشوة« وهذا التخليد ليس من باب الاحتفال السنوي الرمزي فقط ولكنه أيضا استحضار للجهود التي بذلتها عدد من دول العالم ومن بينها المغرب في سبيل مكافحة هذه الآفة التي باتت تؤثر على المجتمعات وتهدد نموها الاقتصادي وتطورها السياسي . وذكر بلاغ لوزارة تحديث القطاعات العامة أن منظمة الشفافية الدولية أصدرت تقريرها السنوي لسنة 2011 حول مؤشر إدراك الرشوة العالمي . وحسب هذا التقرير فقد احتل المغرب المرتبة 80 عالميا من بين 183 دولة جرى تصنيفها طبقا للمؤشر المذكور . كما حصل أيضا على نقطة 3.4 على عشرة في معدل الشفافية عوض 3.3 . وبالمقارنة مع السنتين الماضيتين يتبين بأن المغرب قد أصبح يحقق تقدما ملموسا في مجال محاربة الفساد، حيث يجدر الذكر في هذا الصدد بأنه كان يحتل في نفس التصنيف الرتبة 89 من بين 180 دولة سنة 2009 وتقدم بعد ذلك إلى الرتبة 85 سنة 2010 بمعدل 3.3 . وقد سجل عدد من الملاحظين والمتتبعين أهمية هذا التقدم الذي يعد مؤشرا إيجابيا على نجاعة اختيارات المغرب في مجال الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العام ومحاربة الفساد، كما يعبر عن فعالية البرامج والتدابير التي اتخذتها بلادنا في نطاق الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة وتخليق الحياة العامة، والتي تمت أجرأتها في برنامج عمل الحكومة للوقاية من الرشوة ومحاربتها المتضمن لمجموعة من الإجراءات العملية الملموسة في إطار برنامج مدقق وقابل للتنفيذ على الأمد القصير 2010 - 2012، وهو البرنامج الذي أقرته الحكومة في 21 أكتوبر 2010 تعزيزا للاستراتيجية الوطنية المعتمدة في هذا المجال . والجدير بالذكر، أن الدستور الجديد الذي تمت المصادقة عليه في الاستفتاء الشعبي للفاتح من يوليوز 2011 قد أفرد بابا كاملا للحكامة الجيدة، وأقر عدة إصلاحات عميقة في مجال التخليق وتعزيز الشفافية والنزاهة، من خلال دسترة مختلف هيآت الحكامة الجيدة وفي مقدمتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها . وكانت عدد من دول العالم قد انخرطت في مكافحة هذه الآفة من خلال الدول الأطراف التي وافقت على الميثاق الأممي لمكافحة الرشوة، وقد عقدت إلى غاية أكتوبر المنصرم أربعة مؤتمرات آخرها كان في مراكش في الفترة ما بين 24 و 28 من شهر أكتوبر الماضي حيث انتخب المغرب في شخص محمد سعد العلمي وزير تحديث القطاعات العامة رئيسا لهذه الدورة لمدة سنتين . وكان انعقاد ذلك المؤتمر اعترافا بالجهود التي بذلها المغرب في مكافحة الفساد والرشوة سواء من خلال توقيعه على المواثيق الدولية في هذا الشأن أو من خلال التنصيص على الهيئة الوطنية لمكافحة الرشوة دستوريا وكذا التنصيص قانونيا على حماية الشهود والمبلغين . وبذلك يكون المغرب قد قطع أشواطا كبيرة في هذا المجال مما جعله يحظى بالتقدير الدولي في هذا الباب . وقد زادت هذه الثقة بقبول المغرب لخضوعه لمسطرة الاستعراض التي أقرتها الدول الأطراف في مكافحة الفساد لمعرفة مدى التزام الدول بتطبيق بنود الاتفاق وذلك من خلال الإجابة على عدد من الأسئلة المحددة واستقبال خبراء دوليين في هذا الباب . وقد قطعت آلية الاستعراض بالنسبة للمغرب جميع مراحلها على أن يتم الإعلان عن الخلاصات العامة . ويتطلع المغرب في ظل الدستور الجديد إلى مزيد من العمل في هذا الاتجاه خاصة عن طريق المؤسسة التي أنشأها لهذا الغرض وهي الهيئة الوطنية لمكافحة الرشوة وانخراط كل المؤسسات العمومية والخاصة في هذا الورش عن طريق إرساء الشفافية والحكامة الجيدة .