شكل تخليق المرفق العمومي ورشا كبيرا وضعه المغرب في صلب أولوياته منذ سنة 1999 سعيا إلى نشر ثقافة النزاهة والشفافية ومحاربة الرشوة بجميع أشكالها, عبر اعتماد إصلاحات هامة، وخاصة من خلال تأهيل الإطار القانوني والمؤسساتي لمحاربة الفساد. فبعد تحديد المخطط المندمج الأول للعمل الذي يغطي فترة 2005 - 2009 وبلورة أغلبية التدابير المسطر , تم تجديد نفس المسار في إطار برنامج محاربة الفساد 2010- 2012 المنجز بشراكة مع مختلف المصالح الوزارية المؤهلة والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة, وبتشاور مع ممثلي القطاع الخاص ومكونات المجتمع المدني. وبتاريخ 7 دجنبر 2009, واستنادا لمعطيات نشرت بالموقع الإلكتروني الخاص بالدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التي تحتضنها مراكش (24 ? 28 أكتوبر), تم إحداث لجنة وزارية مكلفة بتحيين وتتبع مخطط العمل للوقاية من الرشوة ومحاربتها, وهي مكلفة بحصر كافة التدابير الملموسة والعملية الكفيلة بوضع برنامج محدد وقابل للإنجاز على المدى القصير. وتبنت اللجنة مقاربة تشاركية في مختلف مراحل بلورة برنامج الوقاية من الرشوة ومكافحتها. وتم تحديد هذه التدابير على المدى القصير ( 2010 ? 2012), خاصة عبر التنسيق مع الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة. كما شاركت هذه الأخيرة بشكل فعال في أشغال اللجنة العامة ومختلف لجيناتها, خاصة أثناء صياغة توصيات موجهة لمختلف المصالح الوزارية ومكنت من إثراء مشروع البرنامج الحكومي بأبعادها الأفقية أو بتفريعها إلى تدابير قطاعية. كما صادق المجلس الحكومي المنعقد يوم الخميس 21 أكتوبر 2010 على برنامج الوقاية من الرشوة ومحاربتها. واعتمدت تدابير الوقاية من الرشوة على المدى القصير (2010 ? 2012) على محاور كبرى يمثل أولها في خلق علاقات شفافة بين الإدارة والمرتفقين , ويروم ,بالخصوص, تحسين استقبال المواطنين بالإدارات العمومية والجماعات المحلية والتعريف بهويات الموظفين وإخبار المواطنين بالتدابير الإدارية والشروط الضرورية للاستفادة من الخدمات العمومية وتسريع وتيرة وضع البرنامج الوطني لتبسيط المساطر الإدارية والبرنامج الوطني للإدارة الإلكترونية. كما يسعى هذا المحور إلى تعزيز قدرة مركز الاتصال والتوجيه الإداري وتعميم تشغيل الرقم الهاتفي الأزرق لمختلف الإدارات وإحداث خلية مكلفة باستقبال ومعالجة الشكايات وإقرار حق الولوج للمعلومة ووضع آلية للإشعار والتبليغ في حال وجود رشوة وآلية تحث الإدارات على تنفيذ الأحكام الصادرة في هذا الباب. ويتمثل المحور الثاني في تدعيم قيم النزاهة والاستحقاق لدى الإدارة العمومية, ويتضمن تدابير تروم اعتماد مدونة أخلاقية لموظفي الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية,مع تعميم مساهمتها في ولوج الوظائف العمومية وتعميم مبادئ الاستحقاق والشفافية لولوج مناصب المسؤولية والترقي وتشجيع الحركية وتوضيح المقتضيات التشريعية المتعلقة بمنع تراكم الوظائف والأجور وتعزيز آلية محاربة تضارب المصالح وتبسيط التصريح الإجباري بالممتلكات. أما المحور الثالث (تعزيز المراقبة الداخلية بالإدارات العمومية) فيتضمن التنصيص على العديد من الإجراءات, من قبيل تفعيل وتقوية دور المفتشيات العامة للقطاعات الوزارية وتقوية التدبير الإداري الجيد واعتماد آلية للتقييم السنوي للإنجازات الخاصة بالوقاية من الرشوة ومحاربتها, إضافة إلى إحداث المركز الوطني لتقييم السياسات العمومية. ويهم المحور الرابع تعزيز الشفافية بالتدبير المالي للصفقات العمومية ويشمل تدابير تهدف إلى غرس المبادئ الأساسية لتدبير المالية العمومية واعتماد بنية جديدة لميزانية الدولة متمحورة حول البرامج وتحسين القراءة وتقوية شفافية القانوني المالي وتحسين دور المفتشية العامة للمالية, وتوحيد الأنظمة القانونية المؤطرة مرورا بالمنافسة والمساواة بين المتعهدين وتخليق تدبير الصفقات العمومية وإدراج التكنولوجيات الحديثة للإعلام والتواصل بمنظومة تدبير الصفقات العمومية فضلا عن تحسين مساطر تقديم الشكايات والطعون. ويعنى المحور الخامس بمواصلة إصلاح النظام التشريعي المتعلق بالوقاية من الرشوة ومحاربتها. ويركز البرنامج في هذا الإطار على مواصلة إصلاح الآلية القانونية المتعلقة بالوقاية من الرشوة ومحاربتها بوضع مقتضيات تشجع على التبليغ بأفعال الرشوة ومقتضيات تضمن السلامة القانونية للضحايا والشهود والخبراء والمبلغين مع توسيع دائرة تجريم الارتشاء وتشديد العقوبات المطبقة على أفعال الرشوة وتقوية دور الوحدة المكلفة بمعالجة المعلومة المالية لمحاربة غسيل الأموال. ويتمثل المحور السادس والأخير في تشجيع الشراكة والتعاون بين المتدخلين على المستويين الوطني والدولي . ويسعى البرنامج من خلال هذا المحور إلى تشجيع اتفاقيات التعاون والشراكة على المستوى الوطني بين مختلف المتدخلين والترويج لتبادل التجارب الدولية في مجال الوقاية من الرشوة ومحاربتها. كما يتضمن تدابير المواكبة الكفيلة بإعداد شروط النجاح والتحفيز على انخراط كل الفاعلين عبر اقتراح مشروع معاهدة وطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها وتنظيم التعاون والتنسيق بين المصالح العمومية والمتدخلين في هذا المجال. وتأتي دسترة مكافحة الفساد في الدستور الجديد الذي ينص على إحداث العديد من المؤسسات, ضمنها الهيئة الوطنية للنزاهة ومكافحة الرشوة, لتعزز التدابير العملية والترسانة القانونية والمجهودات المبذولة في هذا المجال من طرف الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة والهيئات الوطنية الأخرى المكلفة بمكافحة الفساد والمتمثلة بالخصوص في المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات ومؤسسة الوسيط, والمجلس الوطني لحقوق الإنسان, ووحدة معالجة المعلومات المالية في مجال محاربة غسيل الأموال, والمفتشية العامة للمالية, والمفتشية العامة للإدارة الترابية, والمفتشيات العامة للمصالح الوزارية.