سبق ان أعلن وزير العدل عن عدة ترتيبات تدخل في سياق تاهيل القضاء والارتقاء بدوره في المجتمع ارساء للعدالة وتماشيا مع مختلف الارادات حيث كشف أنه سيتم إحداث أقسام متخصصة في الجرائم المالية بمحاكم الاستئناف في كل من الرباط، والدار البيضاء، وفاس، ومراكش لتسريع البت في قضايا الفساد المالي. اللقاء كان مناسبة كذلك للكشف أنه تمت منذ سنة 2009 معالجة 172 قضية من قضايا الفساد المالي منها 17 قضية تم إحالتها من قبل المجلس الأعلى للحسابات، وتم توجيه كل ذلك إلى النيابات العامة بالمحاكم لمباشرة الأبحاث بشأنها. وعلى مستوى ترسيخ التخليق في قطاع العدالة، قامت المفتشية العامة للوزارة منذ 2008 إلى منتصف سنة 2011 ب116 تفتيشا عاما و327 بحث في إطار التفتيش الخاص، انتهت بإحالة عدة حالات على المجلس الأعلى للقضاء، صدرت بشأنها عقوبات خلال السنتين الأخيرتين تمثلت في 8 حالات عزل و43 عقوبة أخرى. ولتخليق المهن القضائية، تم خلال سنتي 2010 و2011 فتح مساطر تأديبية/زجرية في حق محامين، وعدول، ومفوضين قضائيين، ونساخ، وخبراء، وتراجمة، وموثقين. موازاة مع هذه الحصيلة التي تنحو نحو تنقية فضاء العدالة من غير المستقيمين وحماية المال العام في اتجاه تفعيل مختلف المقتضيات المتعلقة بتخليق الحياة العامة تعتزم الوزارة تكوين 50 قاضيا من النيابة العامة وقضاة التحقيق والمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف داخل المغرب وخارجه لكي يتمكنوا من الإلمام بكل ما يتعلق بجرائم الأموال. فهل تكون هذه المبادرات البداية لتلمس الطريق نحو ضمان سلامة تدبير المؤسسات العمومية وارساء الحكامة المطلوبة بها وتخليقها؟ الواضح ان وزارة العدل رفعت من الايقاع لتجاوز التراكمات والمخلفات على اعتبار أن إحداث الأقسام المتخصصة في جرائم المال، في إطار مراجعة قانون التنظيم القضائي، يأتي لمواجهة تراكم وطول المدة التي يستغرقها النظر في قضايا الجرائم المالية، بما فيها تلك التي تمت إحالتها من قبل المجلس الأعلى للحسابات، خاصة بعد توزيعها على مختلف محاكم المملكة إثر إلغاء محكمة العدل الخاصة. وان هذه القضايا تتطلب معرفة وتقنيات خاصة بالمالية والمحاسبة وتسيير المجالس الجماعية والصفقات العمومية. والمؤمل ان يقف نزيف جرائم الأموال عند هذا الحد لدخول عهد جديد في تدبير الماليات العمومية والخاصة بما يتناسب مع متطلبات التنمية الجماعية والرهانات التي تتسابق اليها كل المجتمعات ولا ينبغي ان نخلفها فنقع في التصنيفات التي تخدش ولا تسر.