أعلن وزير العدل محمد الناصري، الأربعاء بالرباط، عن أنه سيتم إحداث أقسام متخصصة في الجرائم المالية بمحاكم الاستئناف في كل من الرباط، والدار البيضاء، وفاس، ومراكش لتسريع البت في قضايا الفساد المالي. وأوضح الوزير، في ندوة صحفية نظمتها الوزارة لعرض الحصيلة الأولية لورش إصلاح القضاء بمناسبة الذكرى الثانية للخطاب الملكي ل20 غشت 2009 بشأن الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، أن إحداث هذه الأقسام، في إطار مراجعة قانون التنظيم القضائي، يأتي لمواجهة تراكم وطول المدة التي يستغرقها النظر في قضايا الجرائم المالية، بما فيها تلك التي تمت إحالتها من قبل المجلس الأعلى للحسابات، خاصة بعد توزيعها على مختلف محاكم المملكة إثر إلغاء محكمة العدل الخاصة. وسجل الناصري، خلال الندوة التي حضرها عدد من المسؤولين والمدراء بالوزارة، أن هذه القضايا تتطلب معرفة وتقنيات خاصة بالمالية والمحاسبة وتسيير المجالس الجماعية والصفقات العمومية، مضيفا أن الوزارة تعتزم في هذا الصدد تكوين 50 قاضيا من النيابة العامة وقضاة التحقيق والمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف داخل المغرب وخارجه لكي يتمكنوا من الإلمام بكل ما يتعلق بجرائم الأموال. من جهة أخرى، تبرز حصيلة الوزارة أنه تمت منذ سنة 2009 معالجة 172 قضية من قضايا الفساد المالي منها 17 قضية تم إحالتها من قبل المجلس الأعلى للحسابات، وتم توجيه كل ذلك إلى النيابات العامة بالمحاكم لمباشرة الأبحاث بشأنها. وعلى مستوى ترسيخ التخليق في قطاع العدالة، قامت المفتشية العامة للوزارة منذ 2008 إلى منتصف سنة 2011 ب116 تفتيشا عاما و327 بحثا في إطار التفتيش الخاص، انتهت بإحالة عدة حالات على المجلس الأعلى للقضاء، صدرت بشأنها عقوبات خلال السنتين الأخيرتين تمثلت في 8 حالات عزل و43 عقوبة أخرى. ولتخليق المهن القضائية، تم خلال سنتي 2010 و2011 فتح مساطر تأديبية/زجرية في حق محامين، وعدول، ومفوضين قضائيين، ونساخ، وخبراء، وتراجمة، وموثقين. وفي ما يتعلق بتعزيز ضمانات استقلال القضاء، تشير الحصيلة إلى أن تسريع تدبير المسار المهني للقضاة أضحى محل عناية خاصة خلال الفترة 2010-2011 من خلال انتظام دورات المجلس الأعلى للقضاء، حيث تم تعيين 37 مسؤولا قضائيا بمختلف محاكم الاستئناف، و95 مسؤولا قضائيا بمحاكم الدرجة الأولى، والقيام بأكبر حصة من الترقيات (1541 ترقية)، والبت في 361 انتقالا للقضاة، و65 مسطرة تأديب. وفي الشق الخاص بتأهيل الموارد البشرية، واصلت الوزارة عملية توظيف 300 قاض برسم كل سنة ليصل مجموع القضاة الجدد 1500 قاض ما بين 2008 و2012، وكذا توظيف 3360 موظفا من مختلف الدرجات في نفس الفترة. ونظرا للأهمية التي توليها الوزارة للتكوين، فقد خصصت للتكوين المستمر غلافا ماليا سنويا قدره 12 مليون درهم، مما مكن من تكوين أكثر من 2500 قاض وموظف سنويا. كما تعتزم الوزارة رفع القدرة الاستيعابية للمعهد العالي للقضاء، عبر إقامة مركب عصري ضخم لتكوين القضاة والموظفين والمحامين ومختلف مساعدي القضاء. وللنهوض بالجانب الاجتماعي لقضاة وموظفي وزارة العدل، وضعت الوزارة نظاما أساسيا خاصا بهيئة كتابة الضبط لتحسين وضعيتها، ووضعت صيغة جديدة لمشروع قانون إحداث وتنظيم المؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية لقضاة وموظفي العدل، إلى جانب التوقيع على اتفاقيتين أساسيتين حول التغطية الصحية التكميلية عن المرض وإحداث نظام للإسعاف والنقل الطبي وذلك لفائدة 24 ألف مستفيد بغلاف مالي يناهز 23 مليون درهم. وتضمن الخطاب الملكي ل20 غشت 2009 خارطة طريق لإصلاح العدالة تتضمن ستة محاور أساسية تتمثل في تعزيز ضمانات استقلال القضاء، وتحديث المنظومة القانونية، وتأهيل الهياكل القضائية والإدارية، وتأهيل الموارد البشرية، والرفع من النجاعة التنظيمية، وترسيخ التخليق. وتفعيلا لهذه المضامين، وضعت الوزارة، حسب الوثيقة الخاصة بالحصيلة، خططا عملية وبرامج تنفيذية متكاملة ومضبوطة، وفق مقاربة شاملة تجسد العمق الاستراتيجي للإصلاح.