قاعة الانتظار موجودة في كل أنحاء العالم،لكنها تختلف في شكل استقبالها للزبناء،وفي ظروف الانتظار،ومدة الانتظار. في بلادنا وبعد حضور الدستور إلى مكتبه بالجريدة الرسمية،دخلنا جميعا مرحلة انتظار قد تطول وقد تقصر،البعض منا في قاعة الانتظار مكيفة الهواء،وبكراسي وثيرة لكنها غير مريحة بفعل ضغط الانتظار،والبعض الأخر يفترش الأرض في الهواء الطلق يحتمي بقبعة،أو «كرطونة» من لهيب الشمس متلهفا لطلعة الدستور وهو محاط بقوانين تنظيمية تطابقه و لا تخالفه. ونحن في قاعة الانتظار لكل منا حلمه،ولكل منا رأيه،فهناك الحالمون بمقعد متقدم في لائحة قالوا عن اسمها اللائحة الوطنية للمرأة و الشباب،وفي رواية أخرى لائحة الأطر أو النخب،وهناك من يسابق الزمن ليزيد في القياس من 35إلى40 ولما لا الخمسين أو السبعين، وهناك من يعاند لكي تبقى الأمور على ما كانت عليه،وهناك من يدافع عن كون اللائحة مكسبا للمرأة يجب تطويرها في أفق تحقيق لمناصفة، وهناك من يبحث في الأخبار عن خبر يمكنه من تدقيق حساباته بناءا على تقطيع انتخابي، لا زال لا يعرفه إلا الذين فصلوه، أو المحظوظين من رواد مصانع الفصالة الفاخرة،وفي قاعة الانتظار أيضا من يحلم بلائحة تسمى لائحة المنزلة بين المنزلتين تجمع بين من ستلفظهم تخريجات اللائحة الوطنية،وتقيهم حر اللوائح الإقليمية. في قاعة الانتظار، ولقتل وقت الانتظار، يتجاذب الناس أطراف الحديث،فيتحول إلى تحاليل وانتقادات لا تخلوا من عمق جوهري،ومن ضمن هذه الانتقادات لماذا نريد لبلادنا أن تصبح فئات متناحرة؟ولماذا نريد تكريس الوصولية، والانتهازية، باسم الديمقراطية تارة،وباسم النخب المفترى عليها تارة أخرى،وباسم التأهيل أحيانا؟لماذا لا نحترم روح الدستور الذي جعلنا مواطنات ومواطنين سواسية في الحقوق كما في الواجبات فنعفي أنفسنا من أثار مجتمعية محتملة تعمق العزوف عوض ترسيخ المشاركة المكثفة؟،وفي قاعة الانتظار كان السؤال أين هي مؤسسات الأحزاب في ظل نقاشات سترهن مصير الوطن لسنوات،وربما لعقود،وأين هو التواصل القوي مع كل المواطنات والمواطنين كما كان أيام الحملة الإستفتائية على الدستور، باعتبارهم الركيزة الأساسية للحياة المجتمعية السياسية ولاقتصادية. وفي انتظار انتهاء الانتظار، ندعو لتأمل المتأني المبني على الحكمة و التبصر في العديد من المؤشرات التي ستكون مضرة بتنزيل الدستور،و من خلالها ستصاب الحياة السياسية بنفس الضرر،لأن الوطن لن يستفيد من تطور حقيقي في ظل مؤشرات المحافظة على صورة متجددة شكليا،لكنها مفتقدة لعمق يتطلب جرأة سياسية اكبر لبناء مؤسسات حقيقية.