إن أي تصور يستهدف تشكيل رؤية نقدية عن المنجز الروائي للدكتورسعيد علوش،يستلزم تأسيس النظر من المنطلقات التالية: 1/ منطلق التأسيس.. 2/ منطلق التداول.. 3/ ومنطلق الاستمرار.. فالتأسيس تمثل منذ الفتح البكر متجسدا في رواية "حاجز الثلج" (بيروت/1974)، والتي دلت من ناحية على ميلاد روائي، ومن ثان الانخراط في توسيع المتن الروائي بالمغرب، على ندرة النتاجات التي انتمت حينها إلى هذا الجنس، وفي سياق تراكم شبه كمي للقصة القصيرة(وهنا أشير إلى أن الدكتور سعيد علوش لم يوثر عنه كتابة قصة قصيرة)..على أن من مظاهر منطلق التأسيس وتجلياته: أ الرهان على الصيغة الروائية المغايرة، حيث تمثل وبقوة المرجعيات الأوروبية قراءة وتأليفا، وفي تضاد والأشكال التقليدية التي سادت.. ب إن من تولى مسؤولية الرهان وانخرط في تجذير أسسه، النخبة المغربية التي درست في الغرب( فرنسا كمثال)، إلى التي حذقت اللغات الأجنبية وألفت بها وتواصلت من خلالها..ومن هؤلاء: المفكر و الروائي عبد الله العروي( الغربة/1971)، محمد زفزاف (المرأة والوردة/1971)، محمد عزالدين التازي(أبراج المدينة/1978)..و غيرهم كالمديني وشغموم وبرادة، ومن تفردوا بالكتابة باللغة الفرنسية:الطاهر بنجلون، عبد الكبير الخطيبي، إدريس الشرايبي، ومحمد خير الدين.. ت-الامتداد بالتجربة في محاولة دينامية للتوسيع، حيث يحق الحديث عن الموازاة بين تجارب تقليدية(غلاب،السباعي،البقالي،زياد)،والحداثية المرتهنة لقوة التجريب.. ومن حيث منطلق التداول فإن التجربة الروائية للدكتور سعيد علوش، حظيت بكم واسع من النقد، وأشير خاصة إلى روايته "إيملشيل" (المغرب/1980)، والتي عمقت نزوع كسر الكتابة الروائية التقليدية، إلى الضم النصي مجسدا في الرهان على التوثيق الذي يعضد النص ويغنيه ويوسع آفاقه.. ومن بين التجارب النقدية التي أولت عنايتها واهتمامها للمسار الروائي للدكتور سعيد علوش ما كتبه: إبراهيم الخطيب، حميد لحميداني، محمد الاحسايني، عمر بنعياش،إلى الاشارات الواردة ضمن السياقات العامة المركزة على المتن الروائي بالمغرب، وتتجسد فيما كتبه:إدريس الناقوري(الوادنوني سابقا)، نجيب العوفي، قمري البشير، سعيد يقطين وغيرهم.. ومن بين ما أجمعت عليه هذه التداولات: 1/ أن تجربة سعيد علوش تراهن على خلق مسارها، وتخليق أسئلتها.. 2/ أن التجربة تنفتح على حقول ومجالات مجاورة للروائية، في نوع من التعضيد القصدي.. 3/ وأن التجربة تنخرط في الرهان على بناء وتشخيص العالم الروائي وفق مواصفات تحتكم إلى اللغة وتشظي الحكاية وتداخل الأزمنة والمشاهد واللوحات الروائية إلى السخرية من السائد.. وأما منطلق الاستمرار، فتمثل في حصيلة التراكم الروائي الذي أعقب رواية "إيملشيل" ودلت عليه التجارب:تاسانو ابن الشمس، سيرك عمار، مدن السكر وكاميكاز..وكأن الأمر يتعلق بتراكم كان في الظل لا يترقب سوى فسحة النشر والتداول..واللافت أن منطلق الاستمرار: 1/ يوسع دائرة الأثر الروائي المنجز سابقا.. 2/ ينوع عليه وفق قناعات واختيارات تتحكم فيها مرجعيات وقراءات مختلفة.. 3/ وأن التجريب ثابت، ولئن تنوعت تمظهراته ومقاصده بين أثر ولاحق.. إن المنجز الروائي للدكتور" سعيد علوش"، ينم في الجوهر عن وعي ثقافي فكري وإبداعي،إذا ما أشرنا لإسهامات الدكتور المتجلية في البحث الأدبي والترجمة على السواء..بمعنى أن المنجز يتأسس على حمولة وامتلاء وليس وليد فراغ..وهذا يشترط نوعية معينة على مستوى التلقي، أي أن الدخول في حوار مع الأثر، يفترض كفاءة التلقي مادام مفهوم الرواية و بالتالي مغامرة الكتابة وصيغتها،يرتهنان للمغامرة تصورا وأسلوبا.. على أن ما يمكن الانتهاء إليه في هذا التقديم العام: 1/ كون التناول النقدي لهذه التجربة، يجدر أن يتأسس من منطلق الرؤية الشمولية.. 2/ كون سؤال الحداثة يظل بارزا في سياق النظر إلى هذه التجربة.. 3/ ولا يمكن نهائيا الغفل عن الظروف التي قادت إلى تشكل هذه الآثار وفق الصورة التي هي عليها.. * نص التقديم العام ليوم دراسي يقيمه مختبر السرديات، وذلك حول المنجز الروائي للدكتور سعيد علوش..