ركزت الصحافة الفرنسية على عملية اغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن، وتساءلت عن قدرة العملية على وضع حد لأنشطة التنظيم وفكره الجهادي، كما أظهرت الكثير من المخاوف من احتمال إقدام القاعدة على سلسلة من العمليات الانتقامية تستهدف المصالح الأوروبية والفرنسية على وجه الخصوص. في صحيفة «لوفيغارو»، قال القاضي جان لوي بريكير، نائب رئيس اللجنة المكلف بتنسيق محاربة الإرهاب على مستوى محكمة العدل في باريس ، وأحد المشاركين في عمليات تعقب بن لادن، إن «موت زعيم القاعدة لن يغير شيئا». وأضاف أن تصفية بن لادن «لن يكون لها تأثير في إضعاف قدرات الخلايا الإرهابية»، ورجح أن تقوم مجموعات تابعة للتنظيم بردة فعل على ما حصل، متحينة الفرص لتنفيذ بعض عملياتها. ورأى بريكير في الحادثة فشلا رمزيا للمنظمات «الإرهابية الإسلامية»، وانتصارا رمزيا لإدارة أوباما، ونصح الأميركيين وحلفاءهم -وفرنسا على وجه الخصوص- بتوخي اليقظة في الأيام والأسابيع المقبلة على المستويين الداخلي والخارجي وعلى الحدود. «الموتة الثانية» ،هذا العنوان اختارته صحيفة «لوموند» لافتتاحيتها، وقالت إن الصدف تصنع أحيانا الأشياء الجميلة، مضيفة أن وفاة الرجل «الذي يجسد الجهاد العالمي» جاءت في ظرف انتصر فيه «الربيع العربي» على «التعصب الشمولي». وقالت إن بن لادن كان «يحتضر سياسيا» عندما بدأت ثورات الشعوب العربية الباحثة عن الديمقراطية، مبتعدة عن الإمارة الإسلامية التي كان ينشدها. واعتبرت الصحيفة أن تلك كانت موتة بن لادن الأولى، وأن الموتة الثانية «تمت بإعلان وفاته من طرف الرئيس الأميركي باراك أوباما». في سياق آخر، تناولت «لوموند »مخاوف الخبراء الأوروبيين من عمليات انتقامية تقوم بها القاعدة، ونقلت عن منسق سياسة مكافحة الإرهاب بالاتحاد الأوروبي ، جيل دكرشوف، نصيحته لدول المجموعة الأوروبية «بالتزام الحذر». وقد رأى المسؤول الأوروبي أن الأثر الرمزي لهذه العملية من المحتمل أن يلهم بعض المجموعات التابعة للتنظيم الجهادي، لأن القاعدة ما زالت قادرة على القيام ببعض العمليات كتلك التي تم إجهاضها ، الأسبوع الماضي، في ألمانيا، وفق تعبيره. من جهة أخرى ، تناولت «لوفيغارو» موضوع ثروة بن لادن، قائلة إن «الإمبراطورية المالية» لمؤسس القاعدة -رغم صعوبة تقديرها نظرا للغموض الذي يحوم حول مصادر التمويل- كانت تتراوح بين 30 و300 مليون دولار قبل أحداث 11 شتنبر 2001. وأشارت الصحيفة إلى أن ما هو مؤكد أن أصل ثروة بن لادن كانت تركته من والده محمد بن لادن الذي توفي عام 1967 ، وترك وراءه ثروة طائلة جناها من المقاولات في مجال البناء، ووزعت بين أسامة وإخوته وأخواته البالغ عددهم 54 شخصا. وتقول إن ثروة بن لادن بدأت بالتضخم عندما قام بسلسلة من الاستثمارات الخارجية في قرابة 35 بلدا. وعددت الصحيفة من أبرز مؤسسات بن لادن «شركة لادن إنترناشيونال للاستيراد والتصدير»، و«شركة طابا للاستثمار»، و«شركة الهجرة للبناء» المختصة في المقاولات، ورأت أن هذه المؤسسات شكلت غطاء لأنشطة القاعدة ، وساهمت في تمويل معسكرات التدريب وشراء الأسلحة، حسب تعبيرها. وتساءلت مجلة «لوبوان» عن تأثير عملية الاغتيال على مصير الرهائن الفرنسيين المحتجزين لدى أذرع الجماعات الإسلامية المسلحة في أفغانستان والساحل. وقالت إن وزير الدفاع الفرنسي، جيرار لونغي، صرح لقناة «أر.تي.أل» الفرنسية بأن «موت بن لادن قد يلعب دورا إيجابيا في تحرير الرهائن الفرنسيين»، مضيفة أن الوزير قال بأن الخاطفين سيكونون «أكثر وعيا بأن سلاح القوة والعنف لا يمكن أن يستمر».