بعيدا عن أية مجاملة، فإن المعرض الدولي للفلاحة في دورته السادسة والذي أقفل أبوابه يوم الأحد الماضي شكل الحدث الاقتصادي الأبرز في الأسبوع المنصرم ليس على مستوى مدينة مكناس أو حصة مكناس تافيلالت وإنما على مستوى القطاع الفلاحي برمته الذي يحتل مكانة هامة في بنية الإقتصاد المغربي ويشكل بدون أية مبالغة رافعة أساسية للنمو الاقتصادي. لقد استطاع المعرض الدولي للفلاحة أن يواكب على مدى أربع سنوات مخطط المغرب منذ انطلاقه وشكلت المناظرات المنعقدة على هامش انعقاد المعرض فرصة هامة لمناقشة وتقييم الاستراتيجيات والبرامج وهذا التراكم هو ما مكن من الوقوف على بعض الاختلالات وتصحيحها ولعل أهمها هو الإهتمام بالقاعدة العريضة للفلاحة المغربية وفلاحيها الصغار الذين أعطتهم المناظرة الأخيرة أهمية بالغة من خلال الشعار الذي انعقدت تحته المناظرة الرابعة وهو «تسويق المنتجات الفلاحية في خدمة الفلاح والمستهلك» وذلك في تناغم مع شعار «الفلاحة التضامنية» التي انعقدت تحتها الدورة الداسة للمعرض في هذه السنة. فالإنتقال من التركيز الكلي على الفلاحة التصديرية رغم مالها من أهمية والاهتمام بالعمق والغنى الفلاحي المغربي الذي يهم الفلاحين الصغار والاهتمام بالشريحة العريضة من الفلاحين والمزارعين بغرض النهوض بأوضاعهم وبأوضاع الفلاحة المعيشية، وتحديث القطاع والرفع من مردوديته وتنويع الأسواق الداخلية والخارجية. وأهم شيء ميز المناظرة الرابعة للفلاحة هو ماجاء في الرسالة الملكية الموجهة الى المناظرة من تشخيص دقيق للأهداف والإعلان عن عدة تدابير فعلية لفائدة الفلاحين الصغار. فالتنمية الفلاحية حسب الرسالة الملكية السامية هي رهان مجتمعي متعدد الأبعاد مرتبط بالمعيش اليومي لكل الفئات والجهات «تتبوأ فيها تنمية العالم القروي والنهوض بأوضاع الفلاحين ولا سيما الصغار منهم وتوفير فرص الشغل المنتج للشباب مكانة الصدارة في النموذج التنموي المغربي الذي نحرص على تكامل نجاعته الاقتصادية مع تضامنه الاجتماعي» واعتماد مقاربة تشاركية وإدماجية لكل الفاعلين في القطاع وتعميق مخطط المغرب الأخضر في بعده الاجتماعي بالنهوض بالفلاحة التضامنية». وجاءت الرسالة الملكية للمناظرة بعدة تدابير هامة لفائدة الفلاحين الصغار تخص تخفيف عبء الديون المتراكمة عليهم لدى القرض الفلاحي وإعادة جدولتها مع ترك الفرصة لهم للاستفادة من سلفات جديدة وكذا إعفاء الفلاحين الصغار من تكاليف مياه السقي لما قبل سنة 2008 في حدود 10 آلاف درهم مع إعفائهم من الفوائد المترتبة عنها. كما همت التدابير الملكية تعميم التغطية الصحية للفلاحين الصغار والرفع من الحد الأدنى لأجور العمال الفلاحيين. ومضاعفة جهود تعميم التمدرس بالعالم القروي ومواصلة مشاريع فك العزلة عن المناطق النائية والصعبة وتوفير البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية وتقوية التمويل العمومي لدعم الفلاحة التضامنية. ومن جهة أخرى تميزت الدورة السادسة للمعرض الدولي للفلاحة بحضور دولي لافت (30 دولة) وبتوقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية بين المغرب والعديد من الدول تهم مجالات الفلاحة وتربية المواشي والمجال العلمي وتطوير التكنولوجيات الفلاحية. كما تم توقيع العديد من الاتفاقيات المغربية المغربية بين القطاعين العام والخاص والخاص خاص همت الاقطاب التسعة بالمعرض: قطب الجهات القطب المؤسساتي القطب الدولي القطب الانتاجي قطب التجهيز الفلاحي قطب الطبيعة والبيئة قطب تربية المواشي قطب المكننة والسوق. ويذكر أن مخطط المغرب الأخضر يتضمن إحداث 1500 مشروع فلاحي هام في أفق سنة 2020، فضلا عن إنجاز مشاريع اجتماعية على مستوى الجهات. وتجدر الإشارة، إلى أن غياب لغة الخشب بين المتناظرين من مختلف القطاعات والمشارب ساهم في تقوية العلاقة النفعية وعلاقة الثقة بين مختلف الفاعلين في القطاع، وهو ماساهم بشكل أو بآخر في مواكبة مسلسل إنجاز مخطط المغرب الأخضر الذي يشكل المعرض الدولي للفلاحة أرضيته الخصبة.