تلعب العوامل الأسرية دوراً حيوياً في صحة الفرد النفسية، ولقد أجمع العلماء على أهمية الأسرة وأثرها العميق في تنشئة الأبناء إجتماعياً، إذ أنها تزود الفرد بالرصيد الأوّل من أساليب السلوك الإجتماعية والعادات والقيم وسمات الشخصية السوية. كذلك فعن أساليب المعاملة للأبناء لها أثر كبير في تشكيل شخصية الابن، كما أن خبرة الآباء والأُمّهات لحياتهم، عامل هام ومؤثر في معاملتهم لأبنائهم كما أن اتجاهات الوالدين علاقتهما والسعادة الزوجية قد تنعكس على تعامل الأبناء وبالتالي قد تؤثر على سماتهم الشخصية. إنّ أساليب معاملة الوالدين هي الأساليب أو الأسس التربوية التي يعامل بها الوالدان، الطفل، والتي تتمثل في الرعاية، العطف، الإهمال، الرفض، عدم التقبل، التساهل، الحماية الزائدة، التدليل، إلى غير ذلك من الأساليب. فما يبذله الوالدان من إشباع لحاجات الأبناء من حب وعطف وحنان وإرشاد ورعاية وأمان وتشجيع يجعلهم أكثر طموحاً ونجاحاً، وكل هذه الجوانب تسهم بدرجات مختلفة فيما يضعه الفرد لنفسه من طموحات وتحديد الأهداف والسعي إلى تحقيقها في ضوء الخبرة والقدرات. أمّا أساليب المعاملة الأسرية غير السوية، فتفقد الفرد، الثقة في نفسه، وبالتالي يخشى ذاتياً، التعبير عن أفكاره ويميل إلى الاعتقاد على الغير وعدم المشاركة مما يجعله أقل صداقة مع الآخرين حيث يعتبرهم أفضل منه، لأنّه يشعر بالهزيمة وفقدان الأمل. كذلك فإن معاملة الوالدين السيِّئة للأبناء تنعكس على سمات شخصياتهم وطموحاتهم بالإضافة إلى أن تقديرهم لذاتهم يكون أقل نتيجة لعدم الثقة في النفس وافتقادهم لتشجيع الوالدين على تحقيق النجاح. يتفق علماء النفس على أن جذور القلق توجد دائماً في العلاقات التي تقوم بين الأطفال وآبائهم في المراحل المبكرة من حياة هؤلاء الصغار، فعندما تصبح مطالب الآباء من أطفالهم أعلى مما يستطيع هؤلاء أداءه، وحين يستخدم الآباء في سبيل ذلك، العقاب القاسي والقيود المتشددة، وعندما يقيم الآباء ما ينجزه الأطفال تقييما سلبياً باستمرار، ويقرعونهم على كل ما يصدر عنهم، إذا كان ذلك هو اتجاه الوالدين في تنشئة أبنائهم، فإنّ الاحتمال الأكبر هو أن يصاب الصغار عندئذٍ بالقلق. إنّ القلق قد يبدأ كخوف له أساس نتيجة تجربة قاسية مثلا، وعلى العكس من ذلك قد ينشأ القلق دون أي سبب ظاهر، ويذهب البعض إلى أنّ القلق خيالي لأنّ الخطر الذي يتسبب عنه لا وجود له إلا في مخيلة الطفل، وينتج عن تجارب الطفل الأولى حين يجد نفسه في مواقف لم يفهم لها تفسيراً أو لم يستطع التحكم فيها.. وبعد أن ينمو الضمير في الطفل، تظهر حالات القلق لديه غالباً عندما يكافح مشاعره الداخلية للخير والشر والصواب والخطأ، ونظر الآن قلق الطفل المتعلق بحبه لأُمّه هو أوّل ما يظهر في حياته فإنّه كثيراً ما يعتبر القلق الأساسي الذي له أعظم الأثر على شخصيته. ويرى الباحثون التربويون أن أهم أسباب القلق وعوامل الإحباط، الإعاقة التي تمنع الفرد من إشباع حاجاته ودوافعه، ومن بين هذه الإعاقة، قسوة الوالدين وعدم إشباعها لحاجات الطفل، وتوقعه العقاب، على كل كبيرة وصغيرة وذلك بسبب إفراط الوالدين في القسوة وكثرة الأوامر والنواهي. وهناك أمثلة عديدة، يتمثل فيها الإحباط فقد يكون بسبب عوامل شخصية، أو عاهات بدنية، أو ظروف إجتماعية تحيط بالفرد، ومن الأمثلة على ذلك: - ولادة طفل جديد في الأسرة. - الإصابة بعاهات جسمية أو فقد بعض الحواس وعيوب النطق التي تعوق الطفل المصاب في تحقيق أهدافه ورغباته، وتعرضه لمواقف الإحباط. وقلق الطفل، شعور عام غامض، مصحوب بالخوف والتوتر، يرافقه في العادة بعض الإحساسات الجسمية، مثل: - برودة أطراف اليدين والرجلين. - إضطرابات في النوم. - إضطراب التنفس. - فقدان الشهية للأكل. وكذلك أثبتت الدراسات العلمية أنّ القلق، ويؤثر على النمو الإجتماعي والمعرفي عند الطفل. ماذا نفعل إذن لكي نبدد القلق من نفوس أطفالنا؟ يرى علماء التربية والنفس، ان أهم السبل تتلخص فيما يلي: 1- يجب إحاطة الطفل بجو من الدفء العاطفي والحنان والحزم بدرجة معقولة ومرنة. 2- إعطاء الإهتمام الكافي للمشاكل التي تؤرق بال الطفل والإتصالات الجيِّد لمخاوفه بدل من الإكتفاء بتوجيهه، فبهذه الطريقة، نظهر الإهتمام بأحاسيسه ونشجعه على الافضاء بالمزيد، وان صادف الطفل ما يخيفه أو يزعجه لا نساعده على النسيان، فالنسيان يدفن المخاوف في النفس، ثمّ تصبح مصدر القلق والإضطراب النفسي، ولكن يجب أن نتفاهم معه ونوضح له الأمور بما يجعله يهدأ نفسياً ولا يبالغ في الخوف. 3- يجب أن نوفر للطفل الحياة الأسرية الهادئة التي تشبع حاجاته النفسية وتشعره بالأمن. 4- يجب أن يكون سلوك الآباء متزناً هادئاً، خالياً من الهلع والفزع في أي موقف، خصوصاً إذا مرض الطفل وأصابه مكروه، لأن جزع الآباء، ينعكس على الطفل كما انّه يتعلم الإستجابة لمواقف الحياة بنفس أسلوب الأبوين في معالجة هذه المواقف. 5- العمل على إعداد الطفل لكل شيء جديد، فأكثر الأشياء إثارة للقلق عند الطفل هي عنصر المفاجأة. 6- على الوالدين أن يتقبلا طفلهما على الصورة التي هو عليها وليس كما كانا يفضلان أن يكون عليها وان يساعداه التكليف مع المجتمع الذي يعيش فيه بطريقته الخاصة.