في ظل النقاش الهام حول الإصلاحات الدستورية تبرز الكثير من القضايا التي تستحق الإثراء بمرجعية الحفاظ على المكتسبات الإيجابية وتطويرها وإعادة النظر في العوائق التي تشكل حاجزا أمام التطور المجتمعي ديمقراطيا وحقوقيا وثقافيا. من بين القضايا المطروحة لهذا النقاش دعم ثمثيلية المراة في المؤسسة البرلمانية في ظل ما راكمته من النضالات المتواصلة للحركة النسائية المغربية،و التي توجت في مرحلة أولى بما يعرف بالميثاق الأخلاقي للأحزاب السياسية، لتبني تصور التمييز الإيجابي من خلال اللائحة الوطنية،وتدعم هذا المسار خلال الاستحقاقات الجماعية بخيار يسير في إتجاه دعم مساهمة المرأة في التدبير المحلي من خلال الدوائر الإنتخابية المخصصة للنساء و التي مكنت من رفع حجم التمثيلية بشكل واضح، و اليوم وفي إطار مواصلة المسار يبرز مطلب الثلث في التمثيلية البرلمانية، وهو مطلب له مشروعيته في أفق تحقيق المساواة الكاملة بين طرفي المجتمع المرأة و الرجل. وتدعيما لما ابانت عنه المراة المغربية من كفاءة وإلتزام من خلال التجارب الحالية،فقد إرتأيت طرح مقترح للنقاش بخصوص وسائل التدعيم لتمثيلية المرأة بالبرلمان،مقترح ينطلق من واقع التجربة،وتحقيق الإنصاف الضروري،ويرسخ قيمة الأخلاق السياسية الرفيعة التي يمكن إقرارها بممارسة فعلية لتقويم مالم تستطع القوانين تقويمه، وفي مقدمتها قانون الأحزاب و بالضبط مادته الخامسة،بمعنى واضح أسس وضع حد فعلي لظاهرة الترحال السياسي،فإذا كانت الأحزاب قد تبنت أخلاقيا فضيلة التمييز الإيجابي لجعل اللائحة الوطنية معبرا أساسيا لدعم التمثيلية النسائية،وإذا كانت هذه التمثيلية قد أكدت بان جميع النساء ومن مختلف المشارب السياسية بالبرلمان قد حافظت على أمانة المصوتين، من خلال إلتزامهن داخل الأحزاب اللواتي ترشحن وفق برامجها،ونلن الثقة على أساسها،عكس أشقائهم الرجال الذين لم يلتزم الكثير منهم بأمانة ثقة المصوتين في البرامج الأصلية التي ترشحوا في إطارها مما أفقد العمل السياسي الكثير من مصداقيته،وأثر سلبا على صورة البرلمان في ذهنية المواطن،قلنا مادمت النساء قد أكدن إلتزامهن ووفائهن للمبادئ و القيم التي دافعن عنها أثناء ترشيحهن،ولم يسجل على أي واحدة منهن ترحالها نحو وجهة أخرى طمعا في منصب أو حماية من زلات،فإن إقتراحي يصب في إتجاه تحويل دوائر جميع الرحل وبدون إسثتناء إلى دوائر نسائية تضاف للأئحة الوطنية،فنكون بذلك حققنا هدفين مهمين: أولهما أنصفنا المراة ليس فقط في نسبة التمثيلية ولكن أساسا في إلتزامها وإنسجامها مع القناعة السياسية التي على أساسها نالت الثقة،وثانيهما:أننا سنحقق هدفا مهما وهو قطع دابر المتاجرين في الحياة السياسية بتمكين الأكثر إلتزاما بمسؤولية الدفاع عن المصالح العليا للوطن بدون مقايضات،وهذا الالتزام عمليا لم تحققه إلا المرأة المغربية بكل واقعية وموضوعية،وبذلك سنحقق عملية الدعم الحقيقي للمراة ليس كأرقام فقط،ولكن كآلية منتجة فاعلة أكدت إستحقاقها بجدارة فتكون بذلك إستحقت أكثر من الثلث. قد يبدو المقترح غريبا لكن تأمله بهدوء سيزيل كل ألوان الغرابة،فتطوير الإيجابي اليوم كحقيقة ثابتة تستحقه بكل شجاعة بعيدة عن الشعبوية المراة المغربية على حساب بعض الأجناس غير الصحية في فصيلة شقيقها الرجل. لست رياضيا لأقدم الربح الذي سيجنيه وطننا في هذه المعادلة،لكنني مقتنع أن حل بعض المعضلات لا يكون إلا ببتر أسبابها،ومعضلة الترحال السياسي الرجالي لا يمكن القضاء عليها إلا بتكريم الوفاء الذي جسدته المرأة المغربية بجعل دوائر الرحل،دوائر نسائية لضمان الإستقرار المجتمعي،وإعادة المصداقية لوهج السياسة التي تقودها المرأة المغربية بكفاءة و إقتدار. [email protected]