واحدة من الأحفاد الكثيرين لسيد العشيرة خاعْلي . نشأت هي الأخرى في الدارالكبيرة المعروفة بتِغْرَمْتْ ، وبمجرد تخطيها العَقد الأول من عمرها بسنوات قليلة زُوِّجت، وهي لا تزال فتاة غضَّة . لم تبرح في بيت الزوجية غير شهورقليلة ،لأنها لم تطق هذا الارتباط الذي باغتها قبل الأوان.كانت تبكي كل الوقت،ولم تجد ذات صباح مبكر بُدًّا من الفرار. ظلت تجري لمسافة طويلة تقدر بساعات عبر المسالك والدروب الوعرة في الجبل إلى أن دخلت على أهلها الذين فوجِئوا بمقدمها،وبالحالة المزرية التي كانت عليها. آزرتها أمها حتى حصلت على الطلاق،وبعد عام أو أقل زُوجت مرة أخرى إلا أنها هذه المرة استأنست بالزواج لأن الزوج لم يكن غيرابن عمها القريب منها دمًا وسِنًّا وسَكنا. كان بإمكانها أن تزور أهلها في كل وقت وحين من غير قيد ولا شرط . مع ذلك هذا الزواج السعيد لم يستمرهوالآخر، إذ مرت سنتان لم تنجب خلالهما ، فطلقها زوجها على مضض . كان الاعتقاد السائد آنذاك أن عدم الإنجاب تتحمل فيه المرأة المسؤولية كلها . مكثت عند أهلها مدة يسيرة،وبعد انقضاء العِدَّة زُوِّجت لقريب لها يشتغل في المدينة. قضت عنده سنين بهيجة لم ينغِّصها غيراستحالة الحمل.طلقها بعد طول تفكير،وتردد لأنه كان شديد الارتباط بها. عادت مرة أخرى إلى بيت العشيرة ، وقد يئست من الزواج .لا أحد سيقبل بالاقتران بامرأة عاقر حتى ولو كانت جميلة .أحزنها هذا الأمر كثيرا .هل ستظل من غير زوج وهي بالكاد تخطت عقدها الثاني ؟ كانت كلما خلت بنفسها تبكي حظها العاثر،ويزداد الأمر حدة كلما رأت أخريات يلاعبن ويناغين أطفالهن في الساحة الفسيحة أمام تِغرَمْتْ . تزامن ذلك مع قدوم فقيه شاب إلى البلدة.إمام المسجد الذي مرَّهو الآخر بتجربة زواج فاشلة.عندما اقترحوه عليها كزوج رفضت بشدة لأنه من الغرباء القادمين من بعيد. لم يشفع له سنه ولا وسامته.كانت تخشى أن يحدث طارئ،ويغادرالمسجد، بل البلدة كلها،وهي لن تطيق البعاد عن أهلها صحبة هذا الغريب . لكن ضغط نساء العشيرة من أم وخالات وعمات ،وطمأنات الأب جعلها تقبل، وتخوض غمار هذه المغامرة. اقترنت بالفقيه الشاب الوسيم،الذي وُهِب بيتا فسيحا ملتصقا من الجهة اليمنى ببيت العشيرة الكبير.هذا التواجد قريبا من الأهل أسعدها كثيرا. لم يكد ينتهي العام حتى انتابها الغثيان والقيء. ذهلت لهذا الأمرإلا أن ثمة من طمأنها ، بل هنأها لأن تلك الحالة المضجرة إنما هي علامة من علامات الحمل.كان يمكن أن تصدق كل شيء إلا هذه البشرى .ألم تُطلق عدة مرات لهذا السبب ؟ ما الذي حدث إذن؟ الأزواج الذين طلقت منهم تزوجوا بأخريات وأنجبوا عدة أطفال، الشيء الذي جعلها تقتنع بأنها لن تسعد أبدا بمولود . برغم صعوبة الحمل كانت تشعربالفرح العارم ،وأحيانا يُخيل لها أنها في حلم. كيف حدث هذا؟ تقول في سريرتها باستمرار.هل استجاب الأولياء والسادات الذين زارتهم واحدا واحدا لتضَرُّعِها ودعواتها ؟ هل بركة هذا الفقيه الحافظ لكلام العلي القدير؟ أم تلك الأعشاب الكثيرة التي أوصى بها العطار؟ علم الزوج السابق بأمرالحمل فنازع الفقيه في الجنين،مع العلم أن هذا الأخيرلم يقترن بها إلا بعد استيفاء العِدَّة. كان عليها أن تقسم بالمصحف الشريف يوم الجمعة أمام الملأ بأن الإنجاب من الفقيه وليس من زوجها السابق.أقدمت على هذا الأمر العسيرلأنها كانت متيقنة من نفسها، إذ في تلك الفترة العصيبة كانت فريسة كابوس يتكرر باستمرار،ولا تزال تحكي عنه بالتفاصيل، وهي عجوز جاوزت الثمانينيات من عمرها. تقول: أثناء تلك المحنة بعد الحمل أراد الزوج السابق أن أعود إليه بعد اتضاح أني لست عاقرا، وألتحق به في المدينة . كان الشيطان الرجيم يوسوس بأشياء يزينها لي،ويغريني بالعودة إلى نعيم المدينة بعيدا من خشونة البادية ، إلا أن ماردا جبَّارا ، كان ينتشلني في الكابوس الرَّهيب من أرنبة أنفي،ويرفعني صارخة ما بين الأرض والسماء . كان صوته كالرعد يحذرني من اقتراف ذنب عظيم ، ملحا علي أن الجنين من صلب الفقيه. تكرَّرَ ذلك ثلاث ليالٍ، ثم اختفى المارد الذي نبهني بامتحانه العسيرمن مغبَّة الاستسلام لوساوس الشيطان. كشفت الأيام فيما بعد أن الطفل من الفقيه وليس من غيره، إذ كلما كبُر وشبَّ اتضحت ملامحه الشبيهة بملامح أبيه . كانت سعيدة بهذا المولود الذي نزل إلى العالم وأعطى معنى لحياتها ولأنوثتها. لم تعد تتحسر كلما رأت أُمًّا تناغي وليدها. لم تعد حزينة يفترسها القلق من الداخل.أقبلت على الحياة،وأصبحت تهتم بمظهرها.انفتح قلبها أكثر لزوجها،وأحبته بكل جوارحها،بل هي مستعدة أن ترحل معه إلى أيِّ مكان . ازدادت سعادتها عندما حَبِلَت بمجرد الانتهاء من إرضاع إنجابها الأول .الآن فقط تأكد لها أنها كاملة الأنوثة ،ولم تعد حديث الشامتات من نساء العشيرة . علمها الفقيه ، الذي كان يخيط على هامش مهامه كإمام للمسجد ومعلم كُتَّاب،أن تساعده في خياطة الأثواب التي يأتي بها من السوق أوتلك التي يأتي بها أهالي البلدة .علَّمها أن تمسك بالبرَّشمان ،وهو يَخيط جلبابا أو بُرْنُسًا . هذا العمل الدؤوب داخل البيت ملأ وقتها،خصوصا وأنها لا تخرج، لأن العادة شاءت أن تكون زوجة الإمام محجوبة ؛ أي أنها ليست كباقي النساء اللواتي يذهبن إلى ما تستدعيه الحقول من مشاغل وأعمال،أوإلى الساقية لغسل الملابس والصوف،كما لايسمح لها بحضور الأعراس والمآتم . لاتخرج إلاعندما يصاحبها الفقيه في الصباح الباكر لجلب الماء من البئرالقريبة في قلة كبيرة تحملها على ظهرها ،أو لزيارة أهلها الذين خرجوا من المسكن العشائري الكبيروعادوا إلى الإقامة في أراضيهم العليا في الجبل أو إِغيلْ كما يسمونه . كثرإنجاب الفقيه من فاضمة.ثلاثة ذكورمات منهم واحد وهو صبي وثلاث إناث . كانت أول فجيعة في حياتها هو موت طفلها الثاني .كان في عمر البراعم،وآية في الجمال.هذا الجمال الذي كان آفة لأنه لم يسلم من العين،وموته وهو في ربيعه الخامس كان كما تعتقد اعتقادا راسخا لهذا السبب. يضاف إلى ذلك سبب آخرآمنت به ،وصدقته وهو أنه كان ينبغي أن يسمَّى عَرَفَة لا صالح؛ لأنه ازداد في هذا اليوم المقدس ،إلا أن المانع هو أن هذا الاسم غدا مكروها لأنه اسم السلطان الدمية الذي حاول الاستعمار وأذنابه أن يفرضوه على البلاد والعباد . لا أحد يستطيع أن يقنعها بغيرذلك. بكته لعدة أسابيع حتى خيف عليها من الخَبَل . استطاع التعاقب أن ينسيها بعض الشيء تلك المحنة العصيبة ، وبالتدريج استعادت حيويتها ،وإقبالها على الحياة . ابتسمت لها الأيام وعوضت لها الفقيد بمولود جديد حرصت أن يسمى مُولُودْ لأنه ازداد صبيحة عيد المولد النبوي.حرصت على ذلك حتى لاتتكررمأساتها السابقة . سعدت به ، وعلقت في عنقه أكثر من تميمة درْءا للعين أوأي مكروه . مرَّت السنون وهي في أحسن حال إلى أن كشَّرت الأيام مجددا. أصيبت بعلة غريبة لم ينفع فيها فقيه ،ولا من هوأقوى منه في الجداول والوصفات العلاجية الغريبة . لم يأخذها أحد إلى طبيب القرية لأنه عادة ما يثير الخوف في نفوسهم لذلك لايقصدونه إلا بعد استنفاد تحَمُّل المرض،وتناول ما يكفي من الأعشاب الموصوفة من طرف هذا العطارأوذاك الدجَّال المشعوذ.كان الكَيُّ أيضا مرحلة من المراحل قبل التفكيرفي أن ثمة إمكانية أخرى هي الطب،الذي غالبا ما يأتي بعد فوات الأوان. كانت تحس بألم فظيع أسفل الظهر. يشتد عليها حدَّ الإغماء. هذا الألم يبدأ وخزا مترددا بعد العصر،ولايأتي الغروب حتى يعلن عن نفسه ،وكلما اشتد الظلام ازداد حدَّة . اعتقدوا أن مسًّا بها،وأن ذات الجِنِّي يَجْهز عليها في ذات الوقت كلما خيَّم المساء. كانت حين يُغمى عليها تُهلوس بكلام غريب لا يعرفون مقاصده فنسبوه إلى الجِن. حملوها إلى السَّادات المنتشرين في المنطقة بدءا من سيدي امْحَنْدْ أُمْحَنْدْ بِآيْت امْحَنْد،وصولا إلي سيدي عبد الرْحيم بِآيت بُوُلِّي . لإيمانها المطلق بكرامات هؤلاء الأولياء كانت تشعر ببعض ارتياح لكن إلى حين فقط .كان الألم يعاودها ، ويزداد حالها سوءا،وتدخل في هلوسات تُفَسَّرعلى أنها حديث الجني الذي يجري على لسانها. كان الحل هواستحضار العارفين من الفقهاء بالتَّعزيم والرُّقية لطرد هذا الجني المارق،وإخراجه من ذاتها. فُعِلَ ذلك كله وباء بالفشل،بل ازداد الوضع سوءا لِما كانت تتعرض له من ضرب مُبرِح أثناء كل تعزيم. تحوَّلت نضارة وجهها الطفولي البشوش إلى شحوب،وعلا بشرتها البيضاء لون داكن. هَزُلت،وبدا أن أيامها على هذه الأرض غدت محدودة . علم أخوها المقيم في طنجة بسوء حالتها من خلال الرسائل التي كانت تصله بين الحين والآخر.راسل الفقيه،وطلب منه أن يُحضرها حتى يعرضها على الأطباء. استجاب الزوج لهذه الدعوة الكريمة .وذات صباح مبكر استقل مع فاضمة الشاحبة العليلة الحافلة النازلة من الجبل عبر أفورار باتجاه بني ملال، ثم حافلة أخرى إلى الرباط ، ومن هذا الأخير حافلة ثالثة باتجاه طنجة . وصلت خائرة القوى،ومنهكة. ظلت طوال المسافة الطويلة بين بلدتها في الأطلس المتوسط وطنجة فيما يشبه غيبوبة . كانت لاتفتح عينيها إلا لتسأل عن الوصول. ومما زادها قرَفا حدَّ الغثيان رائحة البنزين المنبعثة من محركات الحافلات،خاصة تلك الحافلة المُتهالكة النازلة من الجبل . في الغد كانت في قاعة الانتظار صحبة الزوج والأخ الذي تكرَّم بعلاجها في المستشفى المعروف بمستشفى سْبَنْيولْ. أجريت لها الفحوصات الأولية والتحاليل وما يلزم من الصُّوَر بالأشعة. كان الطبيب على وشك أن يصعق في وجه زوجها غضبا . أين كنتم كل هذا الوقت ؟ألم تستدع هذه المسكينة رحمة وشفقة؟ ألم تُثِرْكُم كل تلك المعاناة والآلام التي هدَّت كيانها؟ ظل الزوج صامتا أما الأخ فحاول أن يبرِّرَمالايُبرَّر. أخبرهم الطبيب أن غُضرفا في فقَرةٍ أسفل الظهر تآكل، وكلما احتكَّ العظم بالعظم تولَّد عن ذلك ألم فظيع لا يطاق. آنذاك فقط أدرك الزوج كما الأخ كل ذاك الوقت الثمين الذي ذهب سُدًى في التنقل بين الأضرحة ،وحصص التَّعزيم .أدركا فداحة الجهل. ظلت فاضمة في المستشفى ستة أشهربالتمام والكمال.ظلت ممتدة على ظهرهاعلى فراش صَلب من خشب،مع أخذ الأدوية اللازمة . بدأت في التعافي من العلة ، ولم تعد فريسة الآلام الفظيعة. بدأت في الحياة من جديد،والعودة من زمن كان يجنح إلى العدم . استعادت بعضا من تلك الابتسامة العريضة، كما علا وجهها البشوش بعض من تورُّد . عاشت بعد أن كانت في عداد الموتى،وعادت إلى بلدتها كي تستقبل دورة أخرى من دورات الزمن . بالإصرارعلى البقاء استطاعت أن تستعيد بالتدريج ألفتها مع الحياة. اهتمت بالأبناء إلى أن كبروا، وغادروا إلى القرى والمدن.ظلت مع رفيق العمر وجْها لِوَجه كأنهما ما كانا قط أبوين.استوحش البيت الذي كان آهلا بالحركة والغبطة والصخب،ولم يعد فيه غير الصمت المطبق وصدى الذي كان . كانت تشتاق كثيرا لفلذات كبدها،ويراودها الحنين الذي سرعان ما يتحول إلى سيل من الدموع. لم يستوحش البيت فقط،بل المكان كله.إذ معظم الناس نزحوا من أعلى البلدة إلى الأسفل قريبا من الطريق الإسفلتي العابر للحضارة. تزامن ذلك مع شحِّ الأنواء وجَفِّ العيون والآبار ما عاد النبع البعيد بين الجبلين.وكان جلب الماء منه شاقا لطول المسافة. في هذا الزمن العصيب فكر الفقيه أن يرحل بدوره . ليس إلى جنب الطريق حيث أقام الكثيرون، بل إلى القرية البعيدة بنحو سبعة كيلومترات. هذه القرية التي نزح إليها العديد من أُسَر حَلْوان. كان شاقا على فاضمة أن تفارق عالمها،فعلاقتها بشجيرات الزيتون التي غرستها أمام البيت،ورعتها حتى أينعت وأثمرت،علاقة روحية،كتلك التي تربطها ببيت الأسلاف تِغْرَمْتْ المنتصب بشموخ وجلال قبالة مسكنها.الفقيه أيضا عليه أن يبيع مطيته في زمن عزَّف فيه التبن . انتقلا إلي قرية واويزغت،وهي مكان آمن وهادئ .والحدث الاستثنائي الوحيد والهام ،هو يوم السوق حيث يحج إلى القرية يوم الأربعاء غفر كثير من بدو الجبال للتسوق وحلق رؤوسهم بعد أن باعوا الخراف والديكة ،وصفَّحوا مطاياهم التي عادة ما تكون بغال ذات قدرة كبيرة على التحمل. في البيت الجديد لم يعد أمرالماء صعبا ،كما هو في البادية في ظل سنوات الجفاف. الصنبور طوع اليد كما زرالإنارة . بدأت فاضمة في الاستئناس بعالمها الجديد.فقدت كثيرا من عاداتها وهي ربة بيت في بيتها الريفي،وعليها الآن أن تكتسب عادات أخرى أملاها بالقوة الانتماء لفضاء القرية والتمدن. كانت كلما هب البرد القارس من أعلى الفجاج تستعيد شريط دفء كان إلى جانب موقد النار،وتعود بها الذاكرة إلى تلك الجلسات والمسامرات صحبة الزوج والأبناء حول ذات الموقد في الليالي الشتوية الطويلة. يستنيرون ويدفئون.وكلما دنت الشعلة من الانطفاء أطعمها أحدهم ببعض القش والأعواد كي تتوهج وتنيرالمطبخ كله. كانوا يتحلَّقون حول الموقد ينصتون إلى ما يُحكى من حكايات إلى أن يغلبهم النعاس فيبدأون في الانسحاب واحدا تلو الآخر. تستعيد فاضمة كل ذلك ،وتتحسر على زمن جميل مضى. دار الزمان دورته كي تجد نفسها أرملة وهي في خريف العمر. مات الزوج بعد مرض عضال لم يمهله كثيرا.أصيبت بالذهول لعدة أيام،ولما استفاقت بكته بكاء مرًّا. كان الوضع الجديد صعبا وشاقا عليها،إذ السنوات التي قضتها محجوبة جعلتها لا تدري كيف تدبرشؤونها،فهي كمن كان في كهف. لاتعرف كيف تتسوق لأنها لم يسبق لها أن تعاملت بالنقود،كما لا تعلم شيئا عن قيمة الأشياء وثمنها . مرت بأوضاع نفسية عصيبة كادت أن تربك توازنها،ولولا قوتها من الداخل لاختلت. إصرارها على الحياة جعلها تتماسك طيلة مدة الحداد،وتعد نفسها لتقضي ما تبقى من حياتها مسلمة بقدرها،وما يحمله الآتي من الأيام. عملت جهدا جاهدا في التعرف على العالم الخارجي إلى أن أصبح بإمكانها أن تسافربمفردها إلى القرى والمدن التي يتواجد بها أقاربها. استعادت عافيتها ،كما قهقهاتها،واستطاعت أن تطرد عنها الأحاسيس السوداء في عزلتها بالزيارات المتتالية لإخوتها وأبنائها في جهات موزعة على امتداد الوطن . اندمجت وأصبحت قادرة حتى على تتبع بعض المسلسلات برغم جهلها للغة،إذ من خلال الحركات تستنتج الحدث،وخيوط الحكاية برمتها،بل تستطيع أن تعيد سرد الأحداث وفق ما يسمح به خيالها وقدرتها على الفهم والإدراك. استعادت تفاؤلها بالكامل،ولم تعد تلتفت كثيرا إلى الوراء، والذي راح ومضى.لم تَعُد تعدُّ السنين بعد أن شارفت عقدها التاسع،بل إنها تتحدث عن الآتي من الأعوام ليقينها أن في الرئات ما يكفي من نفس لمواصلة السير على جسد هذا الزمن المخاتل الشيق.