مجموعة مدارس أولاد احميد مدرسة ابتدائية يدرس بمركزها 800 تلميذ، وتتموقع بأكاديمية الغرب الشراردة بني احسن على بعد 7 كلم عن مدينة سيدي سليمان، الغريب في الأمر ورغم وجودها في مدار ما يطلق عليه « المغرب النافع» والعدد الهائل من المتعلمين الذين يدرسون بها فهي محرومة من الربط بشبكة الكهرباء! ويزداد الأمر غرابة بمعرفتنا أن المحول الكهربائي يوجد داخل المدرسة! هذا نموذج لمدارس القرن 21 التي تنادي بها الوزارة و خصصت لها ميزانيات ينتظر الكل أن تبررها سنة 2012. بعد هذا النموذج ومثله بالمئات، يأتي الوزير اخشيشن ويتحدث في كلمته خلال ترؤسه للمجالس الإدارية الأخيرة عن مشروع هيكلة الأكاديميات والنيابات، وجعله النقطة الأساسية في كل تدخلاته على الصعيد الوطني. الأمر حسب جل المتتبعين يحتمل تفسيرين لا أقل ولا أكثر: فإما أن هذه المصالح الواقعة تحت سلطة الوزارة لا تقوم بعملها بالشكل المطلوب خاصة بعد الميزانية الضخمة المحولة للأكاديميات، وإما أن هناك «طبخة» أخرى لإعانات ومنح خارجية ويبحث الوزير وفريقه عن مخارج لها ومجالات صرفها بهذه الطريقة أو تلك، وكلا التفسيران يستوجب أكثر من وقفة. كما نتمنى أن نجانب الصواب خصوصا وقد حاولنا الاتصال بالمصالح المختصة بالوزارة لما فكرنا في إنجاز ملف حول موضوع الهيكلة هذه، فووجهنا بالتماطل أولا وهو أمر سنأتي على ذكره، وبعد الإلحاح تلقينا بعض الردود من هنا وهناك من داخل الوزارة تصب كلها في ما جاء على لسان الوزيروهو « الرفع من مستوى تأطير الوظائف والمهام المنوطة بالأكاديمية والنيابات التابعة لها وفق توزيع معقلن للمهام بين المستويات التنظيمية الجهوية والإقليمية». النموذج الثاني من قبائل الأطلس المتوسط، وبالضبط قبيلة ركو التي تستقر في سفوح جبل بوناصر. وتستوطن سفحه الجنوبي قرية مكراز الأمازيغية التي تتشكل من ثلاثة دواوير:أولاد الديب ، بني ورياش، ومكراز. يقارب عدد أسرها50 أسرة، و الحديث عن مدرسة هو من رابع المستحيلات، فباستثناء الآباء الذين يعرفون هذه البناية المسماة مدرسة، فبالنسبة للصغار ومن هم في سن التمدرس، المدرسة ممكن أن تكون أي شيء إلا كونها بناء يقصده أقرانهم لتعلم مبادئ القراءة والكتابة! في طريقنا نحو القرية ونحن نمتطي البغال، صادفنا مجموعة من الأطفال يتبعون قطعان ماعز، فبمجرد ما عرفوا أننا غرباء فروا هاربين. «انظر لحال أطفالنا « ولاو خلويين» لا يستطيعون الاندماج مع إنسان من خارج القرية في غياب مدرسة تعلمهم الانتماء للجماعة والتعاون والتضامن وغيره من القيم»، يتحدث دليلنا عن أطفال القرية، أطفال في عمر الزهور يتسلقون جبالا يفوق ارتفاعها آلاف الأمتار وراء قطعان الماشية والغنم، وفي غياب المدرسة وما إن يكبروا ويشتد عودهم بعض الشيء حتى يدفعهم الآباء للعمل كرعاة في قرى مجاورة « أنا ولدي راه في جرسيف كايسرح عند واحد السيد» / «أنا خويا راه سارح في ترنست» / « أنا ولدي راه كيسرح في العروي»... هذه نماذج لإفادات بعض أهل القرية عن فلذات أكبادهم وإخوانهم حيث الكل يمتهن الرعي في مدن وقرى مجاورة لدرجة أن أحد الأطفال لا يتعدى عمره 14 سنة يرعى قطيعا من الغنم يفوق عدده 300 رأس من المعز. أطفال لا حول لهم ولا قوة، في زمن تعميم التمدرس ، والمصير المنتظر هو الرعي بالنسبة للذكور والخدمة في البيوت بالنسبة للإناث، حاولنا تجاذب أطراف الحديث مع بعضهم، إلا أن محاولاتنا باءت بالفشل، وفي الأخير تمكن أحدهم من إحضار ابنه وابنته الصغيرة على وشك إتمام ربيعها الثامن، غير أنهما ولشدة الخجل والحياء، أو ربما الانطوائية ظلا صامتين على الرغم من إلحاح الأب على الدردشة معنا. الحديث عن تعميم التعليم بعد ما رأينا أطفال القرية خزي وعار، غير أن الآباء هنا لا يطلبون شيئا غير مدرسة «تطوع فقيه قبل سنتين كان زار القرية وسجل 100 طفلا بلغوا سن التمدرس ووعدنا بأنه سيتصل بالقائد وبعض رجال السلطة لبناء مدرسة غير أن ذلك لم يحصل» حسب عبد السلام الصغيري. أغرب الحالات في القرية هي تلك التي سقط فيها طفل كان يرعى قطيعا من الماعز من علو يتعدى 1000م فكسرت إحدى رجليه ويده، ولم يذهب إلى الطبيب بل تم اعتماد «الجبيرة» وفعلا شفي وبعد سنة أخرى هوى من قرب نفس المكان وعلى أكثر من 1000 متر، فكسر من أحد المنكبين وكسور أخرى في سائر أنحاء الجسد ! نموذج ثالث في حاحا، ورابع في الريف، وخامس في تالسينت و... ومثلها كثير لمدرسة القرن 21 كما تراها وزارة التربية الوطنية ويخطط لها مسؤولوها، وهما نماذج من بين أخرى سيأتي الوقت لعرضها وكلها تبين زيف الشعارات التي ترفعها وزارة التربية الوطنية.