هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اخشيشن: كنا نعتبر المدرسة مثل «الحانوت» نفتحه ومن أراد أن يأتي فله ذلك ومن لا يرغب فهو الخاسر
وزير التربية الوطنية قال إن 70 في المائة من التلاميذ يغادرون المدرسة من دون كفاءة معينة
نشر في المساء يوم 28 - 09 - 2009

أكد أحمد اخشيشن، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر، أن المذكرة 122 هدفها الضبط والتحكم في الإيقاع المدرسي، موضحا أنه لم يعد ممكنا أن يتصرف أي أحد كيفما شاء دون أن يكون مطالبا بمحاسبة ما. وقال إن بعض الأساتذة يمنحون أنفسهم الحق في عدم الحضور إلى المؤسسة دون مبرر ودون محاسبة. ودعا الوزير إلى ضرورة إعادة الاعتبار للمدرسة وأن تصير لها حرمتها مثل المسجد، مبينا أن قرار هدم أسوار المدارس هدفه انفتاحها على محيطها الخارجي. في هذا الحوار يتحدث الوزير عن المدرسة وقيمها وعن مراجعة المقررات والمناهج، وغيرها من مستجدات الدخول المدرسي.
- ما الذي يميز الدخول المدرسي لهذه السنة؟
< ما يميزه هو أنه أول دخول يتم في إطار المخطط الاستعجالي، لذلك هناك محاور لها أولوية، أولها الشروط المادية للعرض التربوي، خاصة أن المدرسة المغربية عرفت تدهورا كبيرا على مستوى البنايات والتجهيزات خلال العقود الماضية، لهذا فإن إحدى أولوياتنا تدارك الخصاص في هذا المجال لاعتبارين، الأول: هو توفر فضاء يتضمن ما يكفي من الشروط لاحتضان الفعل التربوي من المقومات الأساسية لشروط الجودة.
والثاني: هو أن التعليم اليوم لا يحتاج فقط إلى فضاءات، بل إلى تجهيزات مرتبطة بتطور التكنولوجيا، لذلك قمنا السنة الماضية في إطار برنامج تجريبي بإعادة تأهيل حوالي 3000 مؤسسة، وسنباشر هذه السنة إعادة تأهيل 3700 مؤسسة أخرى، والسنة المقبلة سنكون قد وفينا الجميع، أي حوالي 13 ألف مؤسسة، وتكلفة المجموع غلاف مالي يتجاوز 2،5 مليار درهم، إضافة إلى توسيع العرض المدرسي بتشييد حوالي 1100 مؤسسة خلال الثلاث سنوات المقبلة و370 داخلية، وهذا العرض قطع أشواطا مهمة، إذ تم تقديم طلبات العروض فتسلمنا العروض الأولية، ونحن في مرحلة دراستها، وسنباشر العمل في غضون الأسابيع المقبلة.
محور ثان يحتاج إلى مجهود أساسي هو الاحتفاظ بعدد من الأطفال أطول مسار دراسي ممكن للحد من الهدر، وسنسعى إلى أن تكون لكل من يغادر المؤسسة كفاءة معينة، وليس كما هو الحال الآن، حيث إن أزيد من 70 في المائة يغادرون دون كفاءة، وللوقوف على هذا كان ضروريا أن نتعرف على أسباب عدم جودة التحصيل الذي يؤدي إلى نقاط ضعيفة وإلى التكرار، فالمغرب آخر المنظومات في العالم الذي يعرف التكرار.
وفي كل سنة يغادر 350 ألف تلميذ قبل إتمام الدراسة، فعندما يغادر الطفل قبل 15 سنة، فإننا نقذف به نحو المجهول، خاصة أن القانون يحرم التشغيل قبل هذه السن.
ولا ننسى أن هناك أبعادا أخرى خارج نسق المدرسة، أولها البعد السوسيو اقتصادي، بسبب عجز العديد من الأسر عن تدريس أبنائها بسبب العوز المادي.
- لهذا تم اللجوء إلى تجربة مليون محفظة، هل كان لها بعض الأثر؟
< لاحظنا أن تجربة مليون محفظة السنة الماضية ساهمت في الإقبال على التمدرس، وهذا ما جعلنا نوسع هذه المبادرة لتشمل هذه السنة ثلاثة ملايين و700 ألف طفل، والهدف هو الانتقال الفعلي في غضون السنوات المقبلة إلى مدرسة عمومية مجانية، لا تتطلب من الأسرة مصاريف مباشرة.
إضافة إلى برنامج «تيسير» الذي شمل47 ألف أسرة، قدحققنا من خلاله نتائج باهرة حقيقية، إذ أدى إلى تمدرس 8300 تلميذ ضمنهم 2400 تلميذ كانوا قد انقطعوا عن الدراسة لمدة سنتين، وسيشمل البرنامج مستقبلا 200 ألف أسرة من أجل التمكن من ضمان استمرار تدريس مليون طفل خلال العشر سنوات المقبلة.
- ما هي المعايير المعتمدة لاختيار الأسر المستفيدة من برنامج «تيسير»، علما أن هناك مدراس لم تستفد، رغم أن التلاميذ الذين يدرسون بها فقراء؟
< كنا في مرحلة تجريبية لمعرفة هل هذه الفكرة ناجحة أم لا وهل هذا القدر من المال مغر أم لا؟ إضافة إلى تحديد طرق صرف التعويض المالي للأسرة.
وفي إطار الدعم الاجتماعي أيضا ضاعفنا عدد منح الإطعام المدرسي في أفق مضاعفته ثماني مرات.
ولا ننسى مشكلة النقل أيضا، فتم تخصيص 60 مليون درهم لبرنامج تجريبي يهم اقتناء حافلات من جهة، وتوزيع دراجات هوائية على التلاميذ من جهة ثانية، عن طريق شراكة مع متدخلين محليين والجماعات المحلية.
- هناك من يتهمكم بتبذير المال العام لاقتنائكم شاشات من نوع «إل سي دي» في وقت توجد فيه مدارس بدون مراحيض ولا ماء ولا كهرباء، ماتعليقكم؟
< إن شراء شاشات تلفزيونية من نوع «إل سي دي» لن يكون على حساب ترك مدارس بدون ماء ولا كهرباء، فلا يعقل أن نتصور ذلك، فلكل إجراء ميزانيته الخاصة، كما لا يمكن أن نتصور أن يكون هناك تلميذ في العصر الحالي لم يسبق له أن شاهد شاشة تلفزية، والتي ستكون وسيلة من وسائل التدريس.
- الدخول المدرسي وانفلونزا الخنازير، هل تم اتخاذ جميع الاحتياطات لذلك؟
< شرعنا في التخطيط لهذا الموضوع منذ شهر ماي الماضي، الذي سيكون فيه الأستاذ هو أول محطة إنذار، والذي عليه أن ينتبه إلى الحالة الصحية للتلميذ، وثانيا ضرورة حرص التلميذ على اتخاذ الإجراءات الوقائية، ومنها غسل اليدين بالماء والصابون، إلى جانب ضمان استمرارية العملية التربوية في حالة ضرورة إغلاق بعض الأقسام، لذلك أطلقنا حملة ّأيادي نظيفة» من أجل الحرص على صحة التلميذ.
لقد وضعنا كل الإجراءات بالتدقيق في حالة تطور الوباء، مثلا إذا كان أكثر من ثلاثة تلاميذ مصابين داخل القسم فإننا سنوفر شروط العزل، وهناك قرارات مشتركة مع الإدارة الطبية والإدارة الترابية والجماعة المحلية في حالةالقصوى التي نلجأ فيها إلى إغلاق مؤسسة بكاملها.
- هناك 13 ألفا و550 مؤسسة ابتدائية و216 ثانوية إعدادية غير مرتبطة بشبكة توزيع الماء، كيف يمكن لهذه العملية أن تنجح؟
< نعلم ذلك. إن 80 في المائة من المدارس بالعالم القروي لا تتوفر على الماء. لقد اتخذنا كل الإجراءات المناسبة عبر الاتفاق مع المكتب الوطني للماء والكهرباء من أجل ربط المدارس بالماء، وبقيت حوالي 3000 مؤسسة يتعذر ربطها بالماء، ولكن سنوفره.
- أثارت المذكرة 122 احتجاج العاملين في القطاع، فقيل إنها جاءت لإلغاء التوقيت المستمر، هل هذا صحيح؟
< إن الزمن المدرسي كان مستهدفا بهدر لا يتصور. لا يمكن السماح بالاستمرار على هذا الحال، فأصبح لزاما أن يكون هناك وضوح في مسار السنة الدراسية التي لها محطات غير البداية والنهاية.
إن الهدف من المذكرة هو ضبط إيقاع الزمن المدرسي واختيار الصيغة المناسبة لكل مؤسسة على حدة.
أما من يتحدث عن فرض المذكرة، ونحن نتحدث عن نخبة البلاد الذي هو قطاع التعليم، فهل نتصور أننا سنسير نخبة المغرب مثل الشاحنات؟ ونقول لها عليك تطبيقها، هذا غير منطقي، الذي يقول هذا الكلام له أهداف أخرى، فالمذكرة تتضمن اقتراحات وللفرق التربوية المحلية واسع النظر، إضافة إلى أنه ليست لدينا سلطة من أجل فرض هذا، لأن ذلك يحدده تدبير الزمن المدرسي اليومي، وتحدده الفرق المحلية، منهم الأساتذة والمفتشون والمدراء والنواب، ولكن لا يمكن أن نترك الوضع كما هو.
- نحن نعلم أن هناك ثقافة منذ سنوات خلت هي أنه في نهاية السنة ينقطع التلاميذ عن الدراسة، وهو ما يصطلح عليه ب»الهروب»، وبعدها ينقطع الأساتذة أيضا عن الحضور، فهل المذكرة جاءت لهذا الغرض؟
< هذا ما حصل، والوقوف ضد المذكرة هدفه أن يظل الذين لا يحترمون أوقات العمل يتصرفون كما يحلو لهم.
- لكن ما جدوى أن يأتي الأستاذ إلى الفصل في غياب التلاميذ؟
< هل هؤلاء التلاميذ يتصرفون حسب أهوائهم؟ إن محاربة غياب التلاميذ يتم عبر خلق فضاء يجعل التلميذ يقبل على المؤسسة، إضافة إلى أن هناك تلاميذ يتغيبون ولا أحد يسأل عنهم، لأننا كنا في وقت ما نعتقد أننا نقدم خدمة اجتماعية، أننا نفتح «حانوت» ومن أراد أن يأتي فله ذلك، ومن لم يرغب فهو الخاسر، لكن هذا غير منطقي، فعدم حضور التلميذ إلى الفصل هو خسارة للجميع، لأن المكان الطبيعي له قبل 15 سنة هو المدرسة.
لذلك ينبغي وضع حد للانقطاع عن الدراسة، لأنه بسلطة القانون يصير التعليم إجباريا إلى حدود بلوغ الطفل سن 15 سنة. لو كنا نفعل القانون لا تخذنا إجراءات زجرية في حق الآباء وأولياء الأمور الذين لا يحرصون على إرسال أطفالهم إلى المدرسة، ولكن نعرف أن كل هذا يحتاج إلى تحسيس وتربية.
- هناك نقاش ببعض البلدان الأوروبية حول العودة إلى سياسة العقاب والصرامة بالمدارس، فهل المغرب يفكر في هذا الاتجاه؟
< الصرامة هي الوضوح، فهناك تلاميذ يتغيبون ويظلون يتجولون بمحيط المدرسة، وقد يظلون على هذه الحال لأزيد من عشرة أيام ولا أحد يهتم بذلك. لذلك لا بد من الضبط والتحكم في الإيقاع المدرسي، أي أنه انطلاقا من الآن لا أحد له الحق في أن يتصرف كيفما شاء دون أن يكون مطالبا بمحاسبة ما. نفس الشيء بالنسبة للأستاذة، فهناك من يمنح لنفسه الحق في عدم الحضور إلى المؤسسة دون مبرر، ولا أحد يحاسبه. كل هذا انتهى زمانه، ولا يمكن بناء نظام تربوي حديث دون ضبط الأدوار، وتكون المحاسبة هي الأساس.
- ألا يؤدي هذا إلى ارتفاع وتيرة الشواهد الطبية في صفوف رجال التعليم؟
< هي الآن مرتفعة، فمثلا خلال سنة 2006، على ما أعتقد، بلغ عدد أيام التغيب المبررة بالشواهد الطبية مليونا و800 يوم، فهل هذا منطقي؟ سيكون واقعيا لو كنا لا قدر الله في حرب أو وباء.
هناك أساتذة في فترة العيد يغادرون المؤسسات قبل الموعد الرسمي للعطلة، ويعودون متى شاؤوا دون محاسبة، ويعتبرون الأمر عاديا.
- هناك كثافة في المقررات الدراسية، ألا تعتقدون أن هذا سببه وجود لوبيات تتصارع من أجل صفقات في المجال؟
< هذا صحيح، ليت الأمر مرتبطا بالمجال التجاري، ولكن الذي حدث مثلا أنه في مادة مثل التاريخ، أضيفت مراحل من التاريخ إلى ما كنا ندرسه في السابق، فأصبحت المضامين كثيفة، كما أن مجالات معرفية لم تكن في السابق فتمت إضافتها، وهكذا أصبحنا كلما أضيف مجال معرفي، لا نحاول إعادة التوازن بين المجالات، بل نضيف في الحصص نفسها.
إن المنظومات الحديثة تعمل عكس ذلك عبر اختزال كل المجالات في أسئلة كبرى تتضمن إشكالات، وتتم مساعدة التلميذ على وضع هذه الإشكالات والبحث عن تجميع المعطيات لصياغة الجواب الأمثل لمقاربة هذا الإشكال.
- مضت عشر سنوات على وضع الميثاق الوطني للتربية والتكوين، هل هناك مشروع لتقليص عدد المقررات الدراسية؟
< كانت ثورة فعلية في الوقت الذي تم فيه تحديد الميثاق، ونحن الآن في مرحلة تقييم المناهج والبرامج.
ليس المشكل في العدد، إذا كان الغرض هو المنهجية فلن تبقى هناك كتب، ففي المنظومات الحديثة لا يشكل الكتاب كمقرر إلا جزءا قليلا جدا من الأساليب المتاحة للوصول إلى المعرفة.
ولقد أصبح الكتاب لاشيء مقارنة بالأنترنيت، كما يمكن للعديد من الدروس أن يتم تلقينها عبر زيارات ميدانية، فلم يعد الكتاب هو الهاجس، بل هو أداة من الدعامات الممكنة.
- هل يمكن العودة إلى الكتاب الموحد ؟
< الموضوع مفتوح على كل الاحتمالات، يمكن الرجوع إلى الكتاب الموحد، والحرية للفرق التربوية من أجل تحديد المناهج التي يمكن من خلالها الوصول إلى الأهداف الممكنة.
- حسب نتائج البرنامج الوطني لتقويم التحصيل الدراسي 2008، قدم المجلس الأعلى للتعليم نتائج كانت كارثية بالنسبة للتحصيل في مجال الرياضيات واللغة العربية والنشاط العلمي، كيف ستتعاملون مع الموضوع؟
< طبعا هذه النتائج كانت مرتقبة، ولكن الجديد هو أنه لأول مرة وفر لنا تقرير من هذا النوع أداة لقياس المردودية على عكس ما كان سابقا، إذ كان التقييم يتم من خلال نسب النجاح دون معرفة مستوى التحصيل، وهذا البرنامج سيمكننا من معرفة ما إذا كانت المدرسة استطاعت أن تؤدي دورها المنوط بها، غير أنه يبدو بوضوح أنها لا تؤدي المطلوب منها فيما يخص هذه المعارف، لذلك فإن الغرض من تلك الدراسة هو تصحيح ومعرفة مكامن الخلل، هل يوجد في طبيعة المناهج أو في أساليب عملنا؟
- ستشمل الكتب المدرسية لمادة التربية الإسلامية لأول مرة في الدخول المدرسي الحالي دروسا عن الثوابت الوطنية (إمارة المؤمنين/ الصحابة) ألا ترون أن المواضيع مهمة ولكن المقاربة ترقيعية؟ لماذا لا يتم إقحام بعض الدروس الخاصة بهذه المفاهيم ضمن المناهج الدراسية بكاملها وخاصة مواد اللغات والعلوم الاجتماعية ؟
< من خلال مراجعة المناهج قد تظهر اختلالات أو نقصان دعامة ما، وتقوم فرق التفتيش باقتراح في الموضوع، وإدراج هذه المواد جاء باقتراح من مفتشي مادة التربية الإسلامية، ويمكن إدراجها ضمن مواد أخرى.
- أصبح الخوف يتملك الآباء بشأن أبنائهم بفعل انتشار العديد من الآفات من قبيل المخدرات والسجائر، وجاء المخطط الاستعجالي بمشروع «مدرسة الاحترام». ما الهدف من ذلك؟
< إن النقاش داخل المجتمع هو أن المدرسة لم تعد تقوم بالأدوار المنوطة بها، وما يطلبه المجتمع هو أن تعيد المدرسة تشكيل الذات الجماعية، وأن يعرف المتعلمون ما هو المغرب, ويدركوا أن ديننا الإسلام، وغير ذلك من الأمور.
لقد عرفت المنظومة التعليمية اختلالات تتعلق بمكونات الذات الجماعية التي أضحت متلاشية، مثلا لا أحد يعرف النشيد الوطني، والراية غير موجودة بالمدرسة، علاوة على تدهور العلاقة بين الأستاذ والتلميذ، والتطاول على حرمة المدرسة، ولا يقتصر الموضوع على المخدرات والسجائر، ولكن أصبحت جنبات المدرسة أسواقا شعبية.
زد على ذلك شحن البرامج والمناهج بعدد من الأمور، مما جعل كل أهداف العملية التعليمية متساوية.
فمثلا لا يمكن معرفة ضرورة النظافة وواجب احترام الوالدين وحب الوطن... كل ذلك نسترجعه ضمن المشروع الجماعي الذي هو مدرسة الاحترام.
لا بد من احترام محيط المؤسسة، مثلا بأمريكا لا يمكن أن تجد حانة أو محلا لبيع السلاح قرب مؤسسة تعليمية، ولا يمكن السماح لسيارة بالوقوف أمام مدرسة.
وبالمغرب يجب الاتفاق مع الجميع، سواء جمعيات آباء وأولياء التلاميذ أوالسلطات المحلية، على فرض الأمن، بل أكثر من ذلك اتخذنا قرار هدم أسوار المدارس، لتصبح فضاءات مفتوحة على المجتمع، فإذا كان المجتمع المغربي غير قادر على حماية المدارس، فلن نحميها عبر بناء الأسوار.
- ألا يؤدي هذا القرار إلى انعدام الأمن داخل المؤسسة التعليمية، خاصة مع انتشار العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية؟
< لا يمكن انتظار حتى ينهي المجتمع علاقته مع المخدرات والخمر ونقوم بهذا الإجراء، هناك مجتمعات تتفشى فيها آفات أكثر من المغرب، ولكن يدركون أن الخط الأحمر هو المدرسة.
مثلا قام شخص بسرقة أشياء من مدرسة، فقلت لهم إذا لم يقض ليلته في السجن فسنغلق هذه المؤسسة. ينبغي أن تكون للمدرسة الحرمة ذاتها التي يتوفر عليها المسجد.
- ستتحول المدارس حتما إلى مرتع للمشردين والمنحرفين بعد هدم الأسوار، أليس كذلك؟
< الدليل على عدم جدوى الأسوار أنها لم تحل المشكلة، في السابق كانت المدرسة مسيجة بشباك حديدي وكان كل ما يقع داخلها باديا للعيان، وكانت فضاء مفتوحا. لا نريد أن تتحول المدرسة إلى سجن مفتوح على الفضاء الخارجي.
- إلى جانب انتشار المخدرات والسجائر، هناك العديد من التلميذات يتعرضن للتحرش الجنسي بالقرب من المؤسسات بسبب توافد الغرباء. ما هي الإجراءات المتخذة في هذا الباب؟
< يجب أن يتم تحديد الأدوار، فالتلميذ ينبغي أن يبقى تلميذا والأستاذ أستاذا، والمدير مديرا. إن التلميذة التي بمجرد ما تغادر المؤسسة ولا تعتبر نفسها تلميذة، ولا ترتدي الزي الذي يميزها عن الأخريات، ستتعرض حتما للتحرش، وهي بدون شك تكون مستعدة لممارسات ما بسبب العديد من الإغراءات.
كما أن الذي يمنح لنفسه الحق في التحرش بتلميذة بالقرب من المؤسسة التعليمية ولا يطاله أي عقاب، فإن ذلك يشجعه على التمادي في تصرفاته، والشيء نفسه بالنسبة لمروجي المخدرات والسجائر.
وعلى سبيل المثال، فإن التدخين أصبح ممنوعا داخل الفضاءات المدرسية، هذا يعني أن الاتساهل مع الأستاذ أو المدير أو أي شخص كان، وهذا كله توضيح للأدوار التي تحدثنا عنها سلفا، والذي تجاوز حده ينبغي أن يعاقب على ذلك.
- هل تراجع دور الأستاذ التربوي؟
< صحيح. لقد أصبح هم الأستاذ هو أن يدرس وينصرف لحاله، وهذه تطورات عرفتها العديد من المجتمعات، وخلال هذه السنة سنشغل 300 مساعدة اجتماعية غرضها الوقوف على العديد من المشاكل المرتبطة بالتلميذ.
- لكن في السابق كان الأستاذ يقوم بدور التربية والتعليم في آن واحد، لماذا لا يقوم الآن بدور المساعدة الاجتماعية؟
< لم يعد ممكنا، وهذا يحتاج إلى تكوين وإلمام بحل المشاكل التي لها أبعاد اجتماعية، إضافة إلى ضرورة تحديد المهام والوظائف داخل المدرسة، والمساعدات الاجتماعيات سيساعدن في حل مشكلة الغياب عبر السؤال عن أحوال التلاميذ المتغيبين ومعرفة أحوالهم الأسرية.
- ما مصير مشروع المدرسة الجماعية، إذ لحد الآن لم يتم تشييد أي واحدة منها؟
< هذه السنة شرعنا في بناء حوالي 14 مؤسسة ستكون جاهزة مع الدخول المدرسي المقبل، وسطرنا في نهاية البرنامج الاستعجالي إنشاء 50 مدرسة، ولكن بدون شك سيكون العدد أكبر وقد نصل إلى 200 مدرسة.
إن هذا الإجراء جاء لإصلاح اختيار لم يكن صائبا، حيث كنا نعتقد أنه ينبغي تشييد مدرسة بكل دوار، والتي تشبه في كثير من الحالات «علبتي عود ثقاب»، لا تتوفر على ماء ولا كهرباء ولا مرحاض، فهل هذه الشروط ستمكن الأساتذة من ممارسة عملهم في أحسن الظروف، وتدفع التلاميذ إلى التحصيل؟
- هل هذا سيضع حدا لما يسمى ب«القسم السلسلة» الذي يضم كل المستويات التعليمية في قسم واحد في العالم القروي؟
< «الحماق هداك»، أي قسم السلسة، الحل سيتم عبر المدرسة الجماعاتية، حيث يمكن الاتفاق مع المتدخلين على موقع معين لبناء مؤسسة تضم عشرة أقسام، ويدرس بها ما بين 12 و15 أستاذا، وتضم داخلية تاوي تلاميذ يبعدون عن المؤسسة بمسافة معينة، ومطعما وسكنا للأساتذة والمرافق الصحية، وتحتوي على الشروط الصحية لاحتضان الفعل التربوي.
- قضية التوظيف المباشر الذي تم بموجب المباراة التي نظمتها الوزارة في 3 غشت، والتي سيتم بموجبها تعيين أكثر من 1800 إطار تربوي بدون تكوين، ألا ينعكس هذا على جودة التعليم؟
< طبعا يحد من جودة التعليم، لأن هناك مقولة،هي: «ليست هناك منظومة يمكن أن تعطي أكثر من كفاءة الأستاذ»، لذلك فبقدر ما كانت للأستاذ كفاءة عالية بقدر ما يرتفع سقف طموحنا.
وعليه، فالعديد من الدول يتوفر أستاذ التعليم الابتدائي على شهادة الماستر ثم يخضع إلى تكوين عملي في التدريس، ونحن في المغرب أبدعت قريحتنا تكوين أطرنا في مراكز خاصة، في حين أن العالم بأسره توجد به مسالك للمهن المدرسية في الجامعة شأنهم في ذلك شأن الأطباء والمهندسين، وهذا ما سنفعله ابتداء من السنة المقبلة، حيث سنفتح مسالك للتكوين في الجامعة مرتبطة بالمهن المدرسية يلجها الطلبة الحاصلون على البكالوريا، وبعد الإجازة نفتح مباراة للتوظيف ويخضعون لتكوين، مدته سنتان، خاص بالمستويات التي سيدرسونها داخل مراكز جهوية سنفتحها لهذا الغرض.
- في كل سنة يطرح ملف الالتحاق بالأزواج في قطاع التعليم، هل فكرتم في حلول لذلك؟
< مشكلة الالتحاق بالأزواج مطروحة فقط بمنظومة التعليم ولا توجد بباقي القطاعات، وكان تدبيرها يتم عبر الحركة الانتقالية، علما أنه سنويا يتم تقديم 70 ألف طلب بهذا الخصوص ولا تتم الاستجابة إلا ل10 في المائة، ولهذا فإن فرق عمل تبحث في الموضوع لتدبير حلول أخرى، والحل الذي يبدو لحد الآن مناسبا هو خلق نوع من «بورصة للتبادل بين الأساتذة» لحل هذا الملف، إضافة إلى وجود تحفيزات أخرى من قبيل توفير السكن، وتقديم تعويضات مادية للذين يدرسون في ظروف صعبة.
- ما رأيك في الساعات الإضافية التي تحولت إلى تجارة مربحة في صفوف الأساتذة؟
< الخطير هو أن هناك ممارسات أصبحت تمس أخلاقيات المهنة، لأننا وقفنا على حالات يتم فيها ابتزاز التلميذ الذي لا يأتي للدروس الإضافية ويتعرض لعقاب قد لا يكون معلنا، وتتحول العلاقة ما بين التلميذ والأستاذ إلى علاقة زبونية، ولمواجهة هذه الآفة لا بد من الدعم التربوي لتدارك التفاوت بين التلاميذ.
وما دامت الساعات الإضافية تدخل في إطار علاقة تجارية فإن المجتمع يقبلها، لكن ما أخشاه هو أن يطال الابتزاز، كما هو حاصل في الجامعات، علاقات أخرى فتتحول إلى علاقات مشبوهة لا يمكن التحكم فيها.
- أطلقتم مبادرة مدرسة النجاح وأعلمتم بتأسيس جمعيات مدرسية لهذا الغرض برئاسة مديري المؤسسات التعليمية، ألا يحدث هذا تداخلا بين مهامها ومهام مجالس تدبير المؤسسات؟
< هذا غير صحيح، فمجالس التدبير محددة بموجب القانون، أما جمعية النجاح فالغرض منها هو حل العديد من المشاكل الآنية داخل المؤسسة. لهذا فإننا اعتمدنا على مبدأ أساسي هو الصيانة الوقائية عبر تخصيص ميزانية لكل مؤسسة، حسب عدد الأقسام، لمواجهة المشاكل البسيطة من قبيل إصلاح طاولة أو نافذة، إضافة إلى تدبير ملف مليون محفظة. فلا يمكن للمدير وحده أن يقوم بهذا العمل لوجود تعقيدات إدارية، لذلك قمنا بتفويت هذا الملف إلى الجمعيات لأنها هي الأدرى بمحيطها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.