يمكن القول إن العالم عاش مفارقة غريبة حيث كانت معظم البلدان تعيش حالة احتقان بسبب تداعيات الأزمة العالمية التي انطلقت في 2008 وامتدت لسنة 2009، لتفرز موجات من التسريحات والاستدانات الأسرية وتقلص فرص الشغل إن لم يكن انعدامها كما حدث في اليونان وإسبانيا، مما فضح عدم قدرة الرأسمالية على ضمان الاستقرار والحماية الاجتماعية. في هذا الوقت كانت شركات تصنيع الأسلحة تحصي مداخيلها في المصارف وتراقب تضخم الأصفار بسبب صفقاتها المربحة التي لم تتوقف. فحسب تقرير صدر أخيرا عن المعهد الدولي للبحث من أجل السلام في ستوكهولم (السويد)/ sipri باعت 100 من كبريات شركات تصنيع السلاح في العالم دون احتساب الصين ماقيمته 401 مليار دولار من قطع الأسلحة سنة 2009. وحققت بذلك هذه الشركات زيادة في أرباحها وصلت 14.8 مليار دولار مقارنة مع سنة 2008 أي بمعدل ارتفاع وصل 8 في المائة حسب تقرير المعهد السويدي دائما. ويعود نصيب الأسد في هذه المبيعات الموجهة إلى أركان الحرب سواء على المستوى المحلي أو الدولي إلى الولاياتالمتحدة التي استأثرت ب 61.5 في المائة من حصص المبيعات نظرا لتوفرها على 45 شركة كبرى لتصنيع الأسلحة محققة بذلك رقم 247 مليار دولار. ويفيد التقرير أن انتعاش هذه الصناعة في أمريكا يعود إلى إرادة الحكومة الأمريكية في دعم الشركات المصنعة، والذي كان عاملا حاسما في رفع أرباحها، حسب ما أوردته سوزان جاكسون الخبيرة في المعهد السويدي في مجال صناعة الأسلحة، واحتلت مجموعة لوكهيد مارتن صدارة الشركات ببيعها ما قيمته 33.4 مليار دولار متقدمة على الشركة البريطانية BAEsystems التي حققت 33.3 مليار دولار. وضمن العشر شركات الأولى نجد سبع شركات من أمريكا، وهي لوكهيدمارتن ونورتن غرومان وجنيرال دايناميكس وبوينغ وريفون ول 3 كوميونيكايشنز وأخيرا يونايتد تكنولوجيز. أما المجموعة الأروبية EADS فحققت مبيعات بقيمة 16 مليار دولار والمجموعة الإيطالية فينميكانيكا 13.3 مليار دولار. وضمن هذا الترتيب المائوي، هناك 33 شركة أروبية تنتمي لبلدان ألمانيا وإسبانيا وفنلندا وفرنسا والنرويج والسويد وسويسرا، وهذه الشركات الأروبية حققت مبيعات بقيمة 120 مليار دولار أي 30 في المائة من إجمالي المداخيل. ولم يأخذ التقرير بالصين رغم توفرها على شركات مصنعة مهمة، ويعزو التقرير ذلك إلى خصاص في المعلومات وفي دقتها، رغم ذلك فإن آسيا ممثلة في هذا التصنيف بواسطة شركات من اليابان والهند وكوريا الجنوبية وسنغفورة، إضافة إلى ثلاث شركات من إسرائيل وواحدة من الكويت وواحدة من تركيا. وحققت شركات آسيا والشرق الأوسط 24 مليار دولار. التقرير يؤكد أيضا أن عددا من الدول رفعت نفقاتها العسكرية على غرار البرازيل وروسيا والسعودية التي تعتبر كأول بلد عربي ب 41.3 مليار دولار بينما الحجم الإجمالي للنفقات العسكرية في الشرق الأوسط بلغ 75.6 مليار دولار. وبخصوص شمال إفريقيا وصل حجم النفقات العسكرية 7.8 مليار دولار سنة 2008.