تقول يا سيدي بأنّك تريد أن تأخذ رأيي أو وجهة نظري في مشكلتك بعد أن وقعت في حب جديد بقلب جديد وروح جديدة، لكن بضمير مثقل، فأنت بعد أن أحلت إلى التقاعد لبلوغ السن، وجدت نفسك تسير للملل والفراغ بين جدران البيت، وتجلس طوال الوقت وجهاً لوجه أمام زوجتك على مقعدك المفضّل الذي جعلت منه مقعداً وسريراً تقضي عليه طوال ساعات النهار، ولا تنتقل منه إلا إلى حجرة نومك، وأصبحت لا ترى غيرها أمامك، ولا تتحدث إلا إذا دعت الضرورة للكلام، وفي هذه الحالة لا تكون إلا جملة أو جملتين مما زاد شعورك بالفراغ والعزلة، ومن الطبيعي من خلال تكرار الصور أنهيت على كل الكلام وأغلقت كل الموضوعات التي يمكن أن تتناقش فيها حتى تسرب وعشش الملل بينكما. بعدها أصبحت تتشاجر معها لأتفة الأسباب، وأصبح مزاجك عصبياً وكثير الإنتقاد واللوم وغرقت في دوامة الملل، فحياتك بلا هدف ومن دون أمل وليس لها لون أو طعم، وشعرت منذ اللحظة التي تركت فيها وظيفتك بأنك تعيش على هامش المجتمع، وبأنّك بضاعة راكدة لا يشعر بها أحد، ولم تحتمل هذا الشعور طويلاً، وظللت تفكر في كيفية الخروج من هذه الدائرة المغلقة، وبدلاً من التفكير في طريقة لتجدد بها حياتك لتسعد نفسك وزوجتك وتعيد بها ما يمكن استعادته في مثل هذه السن، قررت التمرد والاستمتاع بوقتك بعيداً عن منزلك، ووجدت أنّ في السفر سبع فوائد، وعزمت أمرك وأصبحت رجلاً رحالاً، وفي إحدى سفراتك وقعت عيناك على امرأة كما تقول سلبت عقلك وقلبك وكل كيانك، وأقبلت على هذا الحب بكل جوارحك. سيدي إنّ الحب الحقيقي هو الحب الذي يظل كامناً تحت السطح، لا الحب الذي شعرت به من خلال نظرات متبادلة، فأنت لا تعيش الحب الحقيقي كما تتخيله، وإنّما تعيش مرحلة الحاجة إلى الحب.. وتجديد الحياة.. والرغبة بمعايشة المشاعر العاطفية التي عشتها مع زوجتك، اعترف يا سيدي بأنّك تعيش قصة حنين إلى الشباب المبكر، ولم تفكر ولو لحظة في مصير زوجتك، وكيف ستتلقى هذه الصدمة بعد أن تحملتك طوال تلك الأعوام وأكملت رسالتها؟ وكما تعلم بأن الطبيعة ضد الفراغ.. والعقل إذا خلا من التفكير فيما يشغله تسللت إليه على الفور الهموم والأحزان والأفكار السلبية والسخط والتذمر. إنّ السبب الأهم لظهور هذا الحب في هذه المرحلة من حياتك هو أنّ الوقت قد اتسع أمامك، وأصبحت تتلفت حولك بعد أن هدأت وتيرة العمل وقلَّ نشاطك، وأصبح لديك الوقت لتنظر بتمعن فيما تعتبره عيوبً جديدة في زوجتك وإختلافات في رؤية كل منكما للحياة وتناقضات في وجهات النظر، مما لم يكن له من قبل أدنى أثر على علاقتكما معاً وأنتما في مرحلة الكفاح والنشاط والإنغماس في العمل. فجأة التقيت بأخرى وأنت في حالة من الضعف النفسي، بسبب الفراغ، فتحركت مشاعرك أو هكذا تظن، وظهورها في حياتك المملة جاء على ما تشتهي فيه نفسك لتعيش قصة حب عاطفية متأخرة تحرك المياه الراكدة وتبث في أعماقك الحرارة والدفء. فلا تبرر لنفسك بأنّك قد أصبحت أكثر سعادة، وانعكس ذلك بالخير على علاقتك بزوجتك، فكلُّ ما تشعر به هو إحساسك بالذنب تجاهها ومحاولتك نفسياً ولا إرادياً تعويضها عن خداعك لها، لذا سيظل ضميرك مثقلاً، ولن ترتاح حتى تعود لبيتك وزوجتك ولحياتك الطبيعية. - أنين الحياة: «قالت الزوجة إنّ الموت أرحم من الحياة مع زوج قاتل، سألها القاضي: هل كان زوجك متهماً بالقتل؟ نعم قتل الحب الذي جمع بيننا وكان ثالثنا بعد أن منحه المأذون الشرعية، وجعل من قلبي وقلبه سكناً له، قال الزوج: وأنا أطلب السماح من زوجتي.. نعم أخطأت.. ردت الزوجة تقاطعه: أوّل خطأ كان مثل الطلقة الطائشة، أمّا الثاني فسبب جرحاً، والثالث قتل الحب الكبير.. عاد الزوج يقول: امنحيني فرصة أخيرة.. بكت الزوجة وهي تهمس: «يا ريت.. الموتى لا يعودون للحياة».