نظم مكتب فرع حزب الاستقلال بمدينة شفشاون بمناسبة الذكرى السابعة والستين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال 11 يناير 1944 ، تجمعا خطابيا حاشدا بقاعة مركب محمد السادس للثقافة والفنون والرياضة ، أطره مبعوث اللجنة التنفيذية و عضو اللجنة المركزية للحزب الأخ عبد الجبار الراشدي، وحضور مفتش الحزب بالإقليم الأخ فؤاد الخنيفي والكاتب الإقليمي للحزب الأخ توفيق الميموني وكاتب فرع الحزب بشفشاون الأخ محمد الغرناطي. في البداية تمت قراءة آيات بينات من الذكر الحكيم رتلها المقرئ الناشئ الشاب طه أزماط ، كما تمت قراءة الفاتحة على أرواح شهداء الاستقلال والواجب الوطني والمناضلين. وفي كلمة كاتب فرع الحزب محمد الغرناطي فقد اعتبر أن وثيقة 11 يناير كانت لبنة لتأسيس مجتمع تعادلي ، تميز بمخاض مسلسل الإصلاح الديمقراطي والحقوقي الطويل ، الذي يعد اليوم مكسبا تطلعيا ، جعل من بلادنا محورا لمجالات التنمية . وأضاف أن التأهيل الديمقراطي يقتضي بالضرورة استحضار القيم والثوابت أولا وأخيرا ، مع الحرص على تسريع وتيرة تنفيذ البرامج المسطرة والتصورات المضبوطة ، خدمة للصالح العام. ونبه في سياق كلمته إلى خطورة ظاهرة الوافد –الإداري- الجديد المقوض لمسار الديمقراطية والمدعوم بامتلاك سلطات: الإدارة ، والمال ، والنفوذ والإعلام . مؤكدا أنه يستعمل أساليب و سلوكات دخيلة على العمل السياسي ، تعيد عقارب الساعة إلى الوراء بغية تكريس ثقافة جديدة ، تقوم على التيئيس والتبخيس ، وتضرب في الأساس أجواء الثقة والحرية التي تُمَيز عهد جلالة الملك ، كما تضرب في العمق بمكتسبات الأحزاب الوطنية الديمقراطية . واستحضر الأخ الغرناطي واقع الجماعة الحضرية بشفشاون التي أضحت يافطة لمشروع غامض الملامح غارق في التخبط والارتجالية، انعكس سلبا عبر ما نلمسه من تدهور خطير على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية بالمدينة ، مقارنة مع تطلعات الساكنة وقضاياهم وانتظاراتهم اليومية ، وهو ما عرى عشرات الشعارات الجوفاء ، عبر الركوب على شعارات التغيير المزعوم ، معتبرا في هذا الصدد أنه عوض الحديث عن حصيلة سنة من عمل الجماعة ، صار السكان يتحدثون عن ( حَصْلة شفشاون) ، في إهدار المال العام وغياب المراقبة والتتبع ، واللهث وراء سياسة التفويتات واستنزاف قدرات الجماعة وتعطيل مصالح المواطنين . وقدمت التلميذة فدوى ريان من منظمة الشبيبة الاستقلالية قصيدة للزعيم علال الفاسي معنونة ب: « رسالة» والذي كان الشعر بالنسبة إليه رسالة إلى كل المواطنين الذين عاش معهم ودافع عن قضاياهم فألهب حماسهم وأوصل الكلمة إلى قلوبهم وعقولهم. وفي العرض السياسي الهام الذي قدمه الأخ عبد الجبار الراشدي ، فقد أبلغ الحضور تحيات الأمين العام للحزب الأستاذ عباس الفاسي واللجنة التنفيذية للحزب، متوقفا على مضامين وثيقة 11 يناير التي شكلت حدثا مفصليا في تاريخ المغرب ، معتبرا أن كتلة العمل الوطني سبق وأن تقدمت سنة (1934) بمطالب الشعب المغربي للإقامة العامة والتي كان من أبرزها المطالبة بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ، لتأتي وثيقة سنة (1944) التي طالبت بالاستقلال والحرية. فالوثيقة ليست عادية ، يضيف الأخ عبد الجبار ، لأننا لازلنا اليوم نستلهم روحها ونستنير بها في عملنا السياسي والفكري وعملنا النضالي ، مضيفا أن الوثيقة تضمنت مبادئ أساسية تجلت في استقلال المغرب والتشبث بالإسلام والملكية، والوحدة الترابية وإقامة نظام ملكي ديمقراطي، وأن أهدافها لم تتحقق كاملة لهذا فهي ما زالت مرجعية أساسية في عملنا السياسي، خصوصا ما يتعلق منها باستكمال وحدتنا الترابية ومواصلة ترسيخ وتوطيد الاختيار الديمقراطي ببلادنا. وتوقف الأخ المبعوث على أحداث العيون الأخيرة ، متسائلا عن كيفية إحداث مخيم تحت أنظار السلطات في ظرف قياسي ووجيز ، وهو ما اعتبره محاولة يائسة لتسييس القضايا المحلية بمدينة العيون والتي تزعمها حزب الوافد الجديد ، ومحاولة إعطائها بعدا آخر لا نعرف خفاياه ،معتبرا ذلك تورطا مفضوحا ومكشوفا واستغلال سياسوي ضيق في محاولة يائسة لاستمالة القاعدة الشعبية العريضة لحزب الاستقلال بهذه المنطقة ، مضيفا أن هذا الحدث المفتعل شوش بشكل ملحوظ على المسار الايجابي لقضية وحدتنا الترابية. وحلل الأخ المبعوث مضامين وعمق مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية الذي وجد تجاوبا كبيرا من قبل العديد من الدول التي انخرطت في الإشادة بهذا المشروع ، لأنه تضمن اقتراحا ديمقراطيا وواقعيا ومخرجا سياسيا ذا مصداقية ، يفسح المجال واسعا أمام مشاركة المواطنين في تدبير شؤونهم . وأضاف أن المغرب راكم مكاسب مهمة خلال العشر سنوات الأخيرة ، رغم معاكسة خصوم وحدتنا الترابية وعلى رأسهم الجزائر التي تسخر أموال البترول والغاز من أجل التصدي لمقترح الحكم الذاتي ، في الوقت الذي كان من الأولى تسخيرها للشعب الجزائري الذي بدأ يتفطن وينتفض جراء نهب أمواله من قبل طغمة من الجنرالات والفاسدين، وتعبئتها لفائدة ما يسمى البوليساريو . كما أشار الأخ الراشدي أن بلادنا اليوم تعيش منعطفا تاريخيا دقيقا ، يتطلب منا جميعا التعبئة وتماسك الجبهة الداخلية وحشد الدعم والهمم ، لأننا مؤمنون بانتصار عدالة قضية وحدتنا الترابية . وتوقف الأخ عبد الجبار الراشدي على مضامين مشروع التعادلية الاقتصادية والاجتماعية الذي أبدعه حزب الاستقلال (11 يناير 1963) ، وهو مشروع نابع أساسا من مبادئ الدين الإسلامي ومن قيم وتطلعات المغاربة . كما استعرض حدث تشكيل الحكومة والمنهجية الديمقراطية التي نهجها جلالة الملك بتعيينه للوزير الأول من الأغلبية التي أفرزتها صناديق الاقتراع ، مؤكدا أن حزب الاستقلال ظل وفيا لمبادئ ميثاق التعادلية الاقتصادية والاجتماعية ، مقدما مضامينه ضمن برنامجه الانتخابي ، والذي يسهر حاليا على تطبيقه ضمن العمل الحكومي ، والمتمثل في تخليق الحياة العامة عبر إصدار القوانين المتعلقة بالتصريح بالممتلكات ، مضيفا أن المجلس الأعلى للحسابات ، تلقى عما يزيد من (100 ألف) تصريح في هذا الصدد ، فضلا عن تفعيل آليات محاربة الرشوة بجميع المؤسسات ومرافق الدولة بإنشاء الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ، وتفعيل أدوار مجلس المنافسة وإقرار الشفافية في الصفقات العمومية. وفي المجال الاجتماعي ، فقد أكد الأخ المبعوث على أن الحكومة قامت بتعبئة موارد مالية هامة، بلغت( 80 مليار درهم) خلال الثلاث سنوات الأخيرة للمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين ، ودعم المواد الأساسية ، رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم. كما عملت الحكومة على مأسسة الحوار الاجتماعي ، وخصصت 19 مليار درهم للاستجابة لمطالب المركزيات النقابية ، وتمت الزيادة في الأجور بنسبة (10 )في المائة بالقطاع الخاص ومابين 10 و22 في المائة بالقطاع العام ، كما تم التخفيض من الضريبة على الدخل والزيادة في التعويضات العائلية من( 150 درهم) إلى (200 درهم).وعلى مستوى التشغيل يستطرد الأخ الراشدي بأنه تم إحداث حوالي 80 ألف منصب شغل في الوظيفة العمومية برسم الميزانية العامة لسنوات (2008-2009- 2010 -2011)؛ أي بعدل 20 ألف منصب شغل في السنة في الوقت الذي لم يكن هذا المعدل يتجاوز في السبق 7000 منصب في السنة،كما تم تخصيص حوالي 1300 منصب سنويا لحملة الشهادات العليا العاطلين. واعتبر أن السياسة الإرادية في التشغيل والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية مكنتا من تراجع البطالة ببلادنا من 9.8 % سنة 2007 إلى 9 % سنة 2010 رغم تداعيات الأزمة العالمية. وأضاف أن الحكومة حافظت على حوالي 100 ألف منصب شغل كان سيسرح أصحابها بفعل تضرر المقاولات المغربية من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ،وذلك عبر دعم المقاولات المتضررة من تداعيات الأزمة العالمية وبالتالي تم الحيلولة دون تسريح هؤلاء العمال. وأكد الأخ الراشدي إلى أن ميزانية العالم القروي ارتفعت سنة 2007 من (8.3 مليار درهم )إلى (20 مليار درهم) ، وذلك لتطوير البنيات التحتية وشق الطرق وتوفير الماء الشروب... وهو ما يبرز المجهود الكبير الذي تقوم به الحكومة ، تفعيلا لبرنامجها الانتخابي ولمبادئ الوثيقة التي سطرها المناضلون والمتمثلة في التعادلية الاقتصادية والاجتماعية وبناء المجتمع الديمقراطي. واختتم الأخ الراشدي عرضه الهام بالتشديد على ضرورة تحصين المسلسل الديمقراطي ببلادنا ، الذي خطا خطوات إيجابية ، محذرا من مغبة تسفيه العمل السياسي وبلقنته ومحاولة استهداف الأحزاب الجادة ، معتبرا أن حزب الاستقلال محصن ضد كل المناورات والحملات المسعورة ، لأنه حزب يتطور ويتجدد ويتقوى بثوابته وتنفيذ تعهداته أمام الشعب المغربي.