بعد خمس سنوات تقريبا على بدء تطبيق بنود مدونة الأسرة الجديدة، تكشفت الكثير من الصعوبات والتحديات التي حالت دون أن تجد مساطر وبنود القانون الجديد طريقها إلى التطبيق، وتمكين المتقاضين في محاكم الأسرة من تلمس حسنات وايجابيات هذا القانون الذي شكل حدثا تاريخيا يوم صدوره والى الآن، وهو التاريخ الذي اقره صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوما وطنيا للمرأة المغربية.. وتخليدا لهذا اليوم في دورته الأولى واحتفاء بالذكرى الستينية لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، نظم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بشراكة مع وزارة العدل ، ندوة لإثارة الإشكاليات التي أبرزتها تجربة الخمس سنوات الأخيرة وكذا المكاسب التي تحققت باعتبار المدونة مشروعا مجتمعيا مفتوحا على المستقبل يؤسس لإعادة بناء العلاقة بين الجنسين داخل فضاء الأسرة على قاعدة مبدأ المساواة والمسؤولية المشتركة والتكافل العائلي واحترام كرامة كل أفراد الأسرة كما جاء في الورقة التقديمية للندوة .. ومن بنود المدونة الجديدة التي تم استهدافها كونها لم تعرف طريقها للتطبيق رغم التعديل ، زواج القاصر الذي تحول من استثناء إلى قاعدة كما تشير إلى ذلك معطيات وزارة العدل، حيث يمثل نسبة 10%من نسبة الزيجات وهي نسبة ترتفع نسبيا سنة بعد سنة بدل أن تتراجع، حيث تتم تلبية حوالي 90%من طلبات الإذن بالزواج، ثم ثبوت الزوجية الذي لم يمكن من تعميم عقد الزواج كوسيلة إثبات وحيدة لقيام العلاقة الزوجية ، حيث سينتهي في مطلع فبراير المقبل ، اجل الخمس سنوات الذي حدده المشرع لتسوية وضعية الزيجات غير الموثقة ،حيث أشارت تقارير وزارة العدل إلى أن عدد الزيجات التي تم توثيقها لم يتجاوز 50000الف حالة لثبوت الزوجية بين سنتي 2005و2007وهو رقم بعيد عن ظاهرة الزواج بالتعاقد الشفوي (بالفاتحة )، الجاري به العمل على نطاق واسع في البوادي المغربية ، ولم يبق على انتهاء اجل الخمس سنوات سوى اقل من ثلاثة أشهر لتصبح آلاف الأسر القروية في وضعية مخالفة للقانون .. وتبقى إشكالية النفقة من الإشكالات الاساسية ، التي تدور حولها التساؤلات حتى عند المواطن العادي وذلك كونها من القضايا الأولى الرائجة في محاكم الأسرة، حيث تشير بيانات وزارة العدل إلى أن التجربة، أبرزت إشكالات حقيقية في كيفية تحديد النفقة، من ناحية ، فالكثير من أحكام النفقة لا تجد طريقها إلى التنفيذ، ولا تضمن قوت الآلاف من الأطفال أما بسبب عسر الزوج أو بسبب ظاهرة التملص و اللا مسؤولية التي تجعل بعض الآباء يفضلون التحايل على القانون بدل توفير حياة كريمة لأبنائهم وهو ما يدعو إلى ضرورة تفعيل صندوق التكافل العائلي الذي دعا جلالة الملك محمد السادس الى احداثه في خطاب 10 أكتوبر 2003 أمام البرلمان، والذي أعلن فيه عن مشروع الإصلاح الذي كان إحداث الصندوق العائلي من أهم عناوينه .. وأشار احمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، في تدخله إلى أن مدونة الأسرة صدرت في إطار عملية إصلاح واسعة شملت عدة نصوص من بينها القانون الجنائي ، وقانون السجون ، ومدونة الشغل، وقانون كفالة الأطفال المهملين والحالة المدنية، وقانون الولوجيات، فضلا عن قانون منح الجنسية المغربية للأبناء من أم مغربية ..كما ركز في مداخلته على مستجدات المدونة كإفرادها لمجموعة من المقتضيات المتعلقة بحقوق الطفل ، وذلك تفعيلا لاتفاقية الاممالمتحدة لحقوق الطفل ، اذ نصت المدونة على تمتع الطفل بالرعاية المشتركة لوالديه وبحقوقه عليهما من اجل بقائه ونموه وحمايته ثم اتخاذ إجراءات صارمة لحماية حق الطفل في النسب ، وضمان سائر حقوقه في حالة افتراق والديه ، مع تضمين اجراءات الحضانة توفير السلامة البدنية والنفسية للطفل، ومتابعة مساره الدراسي..وأشار ايضا الى بعض مظاهر المساواة بين الولد والبنت مثل سن الزواج وسن اختيار الحاضن من الوالدين ، وفي الاستفادة من تركة الجد(الوصية الواجبة) وبخصوص ما مدى تطبيق بنود هذه المدونة وجعلها سارية بحكم القانون خاصة في محاكم الأسرة، أشار حرزني إلى أن المدونة ولدت تطلعات خاصة بالتفعيل وذلك على مدى السنوات الأخيرة ، وذلك عند كل الأطراف حكومة وبرلمانا وجمعيات ومنظمات حقوقية ومواطنين ومتقاضين مبينا أن من مظاهر القصور والخلل التي برزت بعد ما يقرب من خمس سنوات من التطبيق هناك ما يرتبط بتحديات توفير قضاء اسري مؤهل على المستويات المادية والبشرية والمسطرية حتى تتوفر بالفعل شروط العدل والإنصاف ويتم ضمان السرعة في البت في القضايا المطروحة على القضاء الأسري ومن الإشكالات التي تطرق إليها مسالة الطلاق والزواج دون سن الأهلية وثبوت الزوجية اعتبارا لما يترتب عن ذلك من تبعات يقول احرزني لها انعكاسات أسرية واجتماعية مقلقة تصل إلى في كثير من الأحيان إلى درجة إفراغ المدونة من مقاصدها الحقيقية .. وقد عرفت الندوة تدخلات فعاليات نسائية تمثل بعض هيئات المجتمع المدني ، التي كانت خير شاهد على واقع النساء وواقع الأسرة وما تعانيه بعد أن تتداعى أركانها ويصل الزوجان إلى القضاء للفصل بينهما ليبقى مصير الأطفال هو الأكثر حساسية وتضررا في ظل الصعوبات التي تعترض تطبيق بنود المدونة الجديدة ، واستمرار تعطيل إخراج صندوق التضامن العائلي الذي أجمعت جميع التدخلات على دوره الأساسي كونه آلية رئيسية في التعديلات التي طالت المدونة..