ارتباك واضح طبع أداء حزب الأصالة والمعاصرة خلال دراسة مشروع القانون المالي بمجلسي البرلمان، عادة ما تساعد الهوية السياسية لأي حزب الرأي العام على فهم طبيعة التصويت، فمثلا حينما يكون الحزب مصنفا في المعارضة من الطبيعي أن يتوقع الرأي العام أن يكون تصويت الحزب في اتجاه الرفض. هذه القاعدة لا تنطبق على حزب الأصالة والمعاصرة، حيث يقول إنه يوجد في المعارضة ولكنه لا يتوانى لحظة واحدة في التصويت بالإيجاب على ميزانيات الوزارات التي تسمى خطأ وزارات السيادة، وكأن باقي الوزارات لا علاقة لها بالسيادة. إن الارتباك يوضح ويؤكد أن حزب الأصالة والمعاصرة يعارض بانتقائية دقيقة، فهو لا يعارض الحكومة برمتها، بل يعارض جزءا، من هذه الحكومة، وهذا يعني أن حزب الأصالة والمعاصرة يمارس فتحا جديدا في الممارسة السياسية. طبعا، إن هذا السلوك يعكس هوية الحزب الإداري الجديد الذي يقوده كاتب دولة سالف في الداخلية، إنه حزب «الأغلبية السرية» الذي يعارض «بالقياس» أي أنه يعارض لتحقيق سقف معين من الأهداف، حتى إذا رأى أن العملية قد تتجاوز سقف أهدافه سارع إلى تدارك الأمر وغير تصويته لفائدة الحكومة. إنها معارضة جديدة يتزعمها أكثر الناس ارتباطا وانتفاعا من النظام السياسي في البلاد، بل الأكثر انتهازية سياسية في النظام، إنها معارضة «الأغلبية السرية» التي تشتغل بحسابات خاصة جدا، معارضة جديدة جدا يقودها وزير داخلية سابق. هل فهمتم شيئا، إذا فهمتم ساعدوا المغاربة على الفهم؟!