أفاد مصدر قضائي أن وزارة العدل بصدد تهييء غرف قضائية متخصصة في قضايا مكافحة الإرهاب على مستوى قضاء التحقيق، وهيئة الحكم بمحكمة الاستئناف بالرباط، التي أَوْكَل لها المشرع في المادة السابعة من قانون مكافحة الإرهاب رقم 03.03، الصادر يوم 29 ماي 2003 حق النظر في هذه النوازل على الصعيد الوطني دون غيرها من محاكم المملكة متابعة، وتحقيقا، وحكما. واستبعد المصدر تشكيل محكمة قائمة الذات للبت في هذا النوع من الجرائم الذي لاتزال ملفاتها تفرخ منذ الأحداث الدموية لسنة 2003 بالدار البيضاء، إذ تم تفكيك أكثر من 50 خلية، واعتقال أزيد من 3 آلاف شخص، ويرتقب تفكيك عدد محدود من هذه الخلايا المرتبطة بتهجير المتطوعين إلى العراق، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بعد الإعلان أخيرا عن تفكيك خلية «فتح الأندلس». وأكد ذات المصدر أن اعتماد هيئة متخصصة تفرضه مسألة مواجهة تأخير البت في النوازل لأسباب متداخلة تؤدي إلى المس بالحقوق. و احتجاج واعتصام عدد من المتهمين في الخلايا الإرهابية بقاعة جلسات ملحقة سلا، وتخفيف الضغط عن القضاة الذين ينظرون في جميع الجرائم، فضلا عن ضرورة التقيد بالتخصص الذي أضحى يفرض نفسه بإلحاح في عدد من القضايا، كملفات المال العام، وقضايا غسل الأموال، وتوحيد الاجتهاد القضائي. وقال المصدر إنه يرتقب أن تتشكل غرفة التحقيق من ثلاثة قضاة، وغرفة على مستوى الجنايات (الدرجة الأولى) بملحقة سلا، وغرفة مماثلة ضمن الغرف الجنائية بالمجلس الأعلى. وشدد المصدر على أن إقرار هذا التوجه من خيرة القضاة يستلزم مراعاة تخصص الهيئة القضائية بالغرفة الجنائية الاستئنافية كدرجة ثانية للتقاضي لضمان نجاح هذه التجربة/ الخطوة وعدم إفراغها من محتواها، بموازاة اعتماد نفس التخصص على مستوى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وهو نفس التوجه المفترض إقراره في قضايا المال العام، التي ظلت متعثرة بتسع غرف استئنافية منذ إلغاء محكمة العدل الخاصة بالرباط سنة 2004، خصوصا أن المشرع وتصريحات مسؤولي وزارة العدل أكدا على أولا التخصص، وثانيا على إحالة الملفات على غرف متخصصة، وهو الأمر الذي لم تتم مراعاته لحدود يومه، مما يجعل ملايير الدراهم مبعثرة بين دفتي الملفات. وقد سجلنا في «العلم» ظاهرة ملفتة بملحقة سلا، يمكن قياسها على محاكم أخرى، والمتمثلة في الاستعانة بقضاة التحقيق لتكميل نصاب الهيئة القضائية، مما يؤثر سلبا على سير العمل في ظل الخصاص المهول للقضاة الذين يعالجون سنويا ما يفوق 3 ملايين قضية، وهو ما سبق أن نبه إليه وإلى انعكاساته السلبية عدد من الفاعلين في الحقل القضائي ، وتطرق إليه بالتفصيل مرارا ، الوزراء المتعاقبون على وزارة العدل دون إيجاد حلول الخصاص القضاة، وبعض الإشكالات المزمنة المتعلقة بطول إجراءات التقاضي، وتحرير الأحكام قبل النطق بها، والنزاعات الكيدية، وتعليق وضعية متهمين معتقلين بتزامن مع العطلة القضائية السنوية، الشيء الذي يساهم في تأزيم وضعية المؤسسات السجنية، و الكلفة المرتفعة للتقاضي، وعدم تنفيذ الأحكام القضائية بما في ذلك استرجاع الأموال المحكوم بها لفائدة الدولة، وغياب تفعيل مساطر الصلح وضرورة إعادة النظر في المؤسسات الموكول إليها الدفاع عن المال العام، بدءا من مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة.. .