أقدم في هذه الورقة معطيات تتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب قبل أحداث 2003 وما بعدها إلى غاية سنة 2005 استنادا إلى تصريحات رسمية لتمكين بعض الطلبة الباحثين من الأرقام المتوفرة لدينا، وإمداد بعض الأساتذة الباحثين «المتخصصين» بالمادة الخام، خاصة أن أحد المتخصصين في قضايا ما يسمى ب «السلفية الجهادية» أبان أخيرا عن فقر في المعطيات وتضارب رقمين اثنين في مادته التحليلية المنشورة بإحدى الجرائد الوطنية رغم أنه يُنسب إليه تخصصه في قضايا الإرهاب. وتعميما للفائدة نقدم ما توفر لدي في أرشيفي الخاص من أرقام حول قضايا مكافحة الارهاب، التي أضحت موكولة لمحكمة الاستئناف بالرباط كمحكمة وطنية بعد المصادقة على القانون رقم 03.03 .يوم 28 ماي 2003 وصدوره في الجريدة الرسمية في اليوم الموالي: بلغت النوازل المطبق فيها قانون مكافحة الإرهاب 207 قضية ما بين يونيو 2003 ودجنبر 2005، منها 185 نازلة محكومة، و22 قضية رائجة، توبع فيها 1151 متهم، حيث حكم منهم 977 متهم، وبقي 174 متابع، ينتظرون صدور الأحكام. وقد حصل 101 متهم على البراءة، و977 متهم صدرت في حقهم أحكام، منها 8 أحكام موقوفة التنفيذ، والغرامة لكل واحد من 118 ظنين، و317 نازلة ذات صبغة جنحية صدرت بشأنها أحكام حبسية، و433 ملف جنائي قضت فيه المحكمة بالسجن بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب. إن أحكام البراءة والغرامة في قضايا مكافحة الإرهاب تثير نقاشا فقهيا بشأن موضوع الاختصاص الموكول وطنيا لمحكمة الاستئناف بالرباط. أكد وزير العدل الأسبق المرحوم محمد بوزبع أثناء تقديم مشروع الميزانية الفرعية لوزارته بمجلس النواب بتاريخ 05 نونبر 2003 وخلال ندوة صحفية عقدت يوم 6 غشت من نفس السنة على أنه: «يتبين من حصيلة تقارير النيابات العامة لدى بعض المحاكم أن عدد الملفات المرتبطة بالأحداث الإرهابية بالدارالبيضاء التي عرضت إلى غاية يوم 05 يونيو 2003 وصلت إلى 375 ملف، إذ تم البت في 332 نازلة، بينما 43 قضية مازالت رائجة أمام التحقيق والمحكمة. وتوبع في هذه القضايا 1540 متهم، من بينهم 1126 توبعوا بعد أحداث 16 ماي 2003، حسب التفصيل التالي حسب تصريح وزير العدل آنذاك: - 131 متهم مازالت ملفاتهم رائجة أمام التحقيق. - 121 متهم معروضون على غرفتي الجنايات بالدارالبيضاء والرباط، أو أمام المحاكم الابتدائية، أو الغرف الجنحية لدى محاكم الاستئناف، من ضمنهم 98 معتقلا، أما الباقي (874 متهم) فقد تم البت في ملفاتهم من قبل غرف الجنايات، أو الغرف الجنحية لدى محاكم الاستئناف، منهم 679 معتقل. أما بالنسبة ل 414 متهم المتابعين قبل أحداث 16 ماي 2003 فقد تم الفصل في قضاياهم، باستثناء 18 متابعا في حالة سراح لاتزال ملفاتهم منشورة أمام محكمة الاستئناف بالرباط. وهكذا صدرت في حق المتهمين أحكام من طرف غرف الجنايات، والغرف الجنحية لدى محاكم الاستئناف، والمحاكم الابتدائية على النحو التالي: الإعدام: 17 متهما، السجن المؤبد: 55 متهما، 30 سنة سجنا نافذا: 22 ظنينا. العقوبة من 20 الى 30 سنة سجنا نافذا: 37 متهما السجن النافذ من 10 إلى 20 ظنين. العقوبة من 5 إلى 10 سنوات: 129 متهم الحبس أقل من 5 سنوات: 301 ظنين، تبعا لما أعلن عنه وزير العدل الأسبق. إن قضايا مكافحة الإرهاب تستلزم مراجعة جذرية في إطار استراتيجية واضحة ومحددة الأهداف على الأمد المتوسط والطويل لايمكن أن تزحزح خطوطها وركائزها الأساسية تحت أي طارئ، بناء على دراسات ميدانية، والانفتاح على المهتمين الممارسين من قضاة ومحامين وصحفيين، وإعادة قراءة جميع الأحكام والقرارات القضائية، واعتماد تصريحات المسؤولين، وربط الأسباب بالمسببات لاستخلاص العبر وترتيب النتائج. وكان وزير العدل المرحوم محمد بوزبع قد أعلن في ندوة صحفية يوم 06 غشت 2003 على هامش تقديم أشغال المجلس الأعلى للقضاء أن عدد الأشخاص المحالين على القضاء في قضايا مكافحة الإرهاب قبل وبعد فاجعة 16 ماي 2003 بمدينة الدارالبيضاء وصل الى 1042 شخص، منهم 634 أحيلوا بعد أحداث الدارالبيضاء والذين يوجد منهم 260 محاولون على قضاة التحقيق، و115 شخص معرضون على غرف الجنايات، بينما الباقون تروج نوازلهم أمام لقضاء، أو تم البت فيها. ويتوزع انتماء المتهمين المحالين على 20 محكمة إلى غاية 2003/08/04 كالآتي: السلفية الجهادية: 699 متهم الهجرة والتكفير: 119 ظنين. الدعوى والتبليغ: 20 متهما. العدل والإحسان: 120 ظنين أهل السنة والجماعة: 16 متهما. القاعدة: 17 متهما. الصراط المستقيم: 17 ظنينا. المذهب الشيعي: 6 متهمين. وأوضح وزير العدل في ندوته الصحفية المشار إليها أن فاجعة 16 ماي 2003 بالدارالبيضاء لها بصمات وارتباط بالخارج، سواء على مستوى التمويل، أو طريقة العمل والأسلوب، حيث تم تأطير أشخاص لا علم لهم، ولا سياسة لهم، مضيفا أن هناك تأثيرا لأشخاص كانوا في أفغانستان يستعرضون أفلام العمليات الاستشهادية. كما سبق أن نشرنا بجريدة «العلم» أن قضايا قانون مكافحة الإرهاب المدرجة أمام محكمة الإستئناف بالرباط وصلت بتاريخ 30 نوفمبر 2004 الى 173 قضية، منها 136 قضية محكومة نهائيا، وهي موزعة على النحو التالي: 82 ملفا عرض على الغرفة الجنائية الابتدائية للراشدين، و 86 نازلة أدرجت أمام الغرفة الجنائية الاستئنافية للراشدين، و 5 قضايا أمام الغرفة الجنائية الابتدائية والاستئنافية للأحداث. لاشك أن هذه المعطيات الرسمية في شموليته وتواريخها المقترحة تساعد الباحث في تحليل الظاهرة الإرهابية، خصوصا وأن هذه المرحلة تمثل دورة من حيث إحالة الملفات على القضاء، دون إغفال مسألة جوهرية تتعلق بتصدير تنظيمات دولية متطرفة عناصر إلى المغرب، خاصة منهم أبناء المهاجرين في أوروبا، واستغلال بعض الباحثين عن لقمة العيش ممن هاجروا من المغرب... إلخ.