هاربا من يباس المدينة راح يقلب كفيه ذات اليمين وذات الشمال عسى يعيد لهذا الفجر إكسيره الراقص غير أن ملوحة البحر كسّرت مراياه وصار الخطو شظايا.. بلا ماض ولا مستقبل هذا الولع الكسيح يستقطر الأنفاس ليس يدري كيف يشد أوتار اللفظ لحنا بلا خطايا.. يرتعش الجسد اليابس ويمد يدا إلى مطر مرتقب كي يدفع ما تبقى من حكايات ليس لها من قرار غير هذا الأنين يقود إلى درب سحيق حيث لا رفيق يرمم فراغ الروح أو يجفف دمع المكان.. عجبا لهذا الليل البهيم أرخى جفونه فارتد الكلام شفرة قدت من سنان.. يا أيها الجرح القاتلْ واصل نبضك، واصل ما عاد غريبا أن تعاند الريح سفر الشراع أو تطارد الشمس عبر النوافذ عيون الصغار.. يا جرحا يسكن في الأعماق طار الحمام وارتد صداه يسائل الغمام من يروي عطش النبع؟ من يقشر صدر الأرض؟ من يفضح هذا السراب؟ يا زمنا أبرد من الموت سئمت تكاليف العبارة وغباء الوضوح بين ذهاب وذهاب.. فيا زهرا شد عن الطوق رُدّ روحي لست سوى سيزيف هدّه العياءُ.. لك المجد يا سندبادُ لم يتعبك الترحال وما استهوتك الأضواءْ سابقت العمر بأجنحة من خيال وصار المكان همسا يقتفي سر المدى مثل حلم في أروقة المساءْ..