كان لابد للمشاركة المغربية الوازنة في المهرجان العالمي للشباب والطلبة بجنوب إفريقيا أن تزعج من تعودوا على سماع الرأي الواحد ومن أدمنوا المنولوغ في قضايا هي في العمق خلافية، أثبتت المشاركة المغربية أن الجنوب إفريقيين لازال أمامهم مسار طويل ليتعلموا أصول الضيافة ومبادئ الحوار والاختلاف وأن تنظيم تظاهرة دولية تستوجب على البلد المضيف حدا أدنى من اللياقة اتجاه الضيوف مهما كانت الاختلافات، فجميع الوفود جاءت إلى بريتوريا تحمل اختلافاتها ووجهات نظر متباينة حول عدد كبير من قضايا العالم، الحركة المهرجانية العالمية منذ أن شكلت عقب الحرب العالمية الثانية كانت قائمة على رسالة بسيطة وبليغة مفادها أن الحروب لا تصنع المستقبل وأن الحوار وترسيخ قيم السلام هي الكفيلة بإيجاد الحلول لأكثر النزاعات تعقيدا، الجنوب إفريقيون حولوا المهرجان إلى ساحة لتصفية الحسابات خدمة لتوجهات شمولية أصبحت هيمنتها على الحركة المهرجانية تهددها بالسكتة القلبية. مساء الأحد تناقلت الوفود المشاركة بإستياء كبير ودهشة بالغة خبر توقيف مشاركة الوفد المغربي على خلفية الأحداث التي عرفتها الندوة التي كانت تعالج موضوع الحكم الذاتي وآفاق الحل السياسي في الصحراء المغربية، والتي تميزت بالصعلكة التي حاول الوفد الإسباني اختبارها على حساب الوفد المغربي الذي تصدى بكل قوة لأحفاد فرانكو ولقنهم درسا بليغا في الوطنية وعدم التساهل في المحاولات المسح برموز المملكة، وذلك على مرأى ومسمع الوفود المشاركة والصحافة المحلية المكتوبة والمسموعة والمرئية، حيث تحول الحادث هنا في بريتوريا إلى مادة إخبارية رئيسية في كل وسائل الإعلام، على إثر ذلك عقدت المجموعة العربية اجتماعا طارئا لتباحث هذه الوضعية والتي تعتبر سابقة في تاريخ الحركة المهرجانية العالمية، إذ لم يسبق على مدى أكثر من 60 سنة أن تم طرد وفد كامل العضوية في الفدرالية العالمية للشباب الديمقراطي من المهرجان ، وذلك باعتبار الدولة المستضيفة لا تملك المهرجان وليس لها الحق في أن تسقط مواقفها السياسية على باقي المشاركين وأن تعمد إلى سرقة المهرجان لخدمة أهدافها ومصالحها وعلاقاتها ...تحركت الهواتف مساء الأحد وصباح الاثنين ودخلت على الخط قيادات عربية وازنة مشاركة في المهرجان ومن أبرزها السيد روحي فتوح الرئيس السابق للمجلس التشريعي الفلسطيني وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي استضاف بشكل عاجل قادة الوفد المغربي لتدارس الرد المناسب على التصرف غير المسؤول الذي ورطت فيه ممثلة شبيبة حزب المؤتمر الإفريقي اللجنة التحضيرية الدولية ، المنظمات الإقليمية الشبابية والطلابية إتحاد الشباب العربي وإتحاد الطلاب العرب أصدرا بيانا مشتركا شديدة اللهجة يدين فيه قرار طرد الوفد المغربي ويدين إقصاء القضايا العربية الرئيسية وتعمد تبني القضايا التي تهدد بتقسيم الوطن العربي ، كما أشار البيان إلى أن المنظمات العربية سوف تعيد تقييم موقعها داخل الفدرالية العالمية للشباب الديمقراطي حتى وإن اقتضى الأمر الانسحاب منها وتأسيس إطار جديد بالنظر إلى الانحرافات التي ظهرت فاضحة في دورة جنوب إفريقيا مما أصبح من المستحيل السكوت عنه ..عمليا الجميع هنا يعلم أن المهرجان اختتم واقعيا يوم الأحد، والوفد المغربي أنهى كل البرامج التي كانت مبرمجة وبالتالي اعتبر العديدين هنا في بريتوريا أن قرار الطرد هو قرار سياسي انتقاما من الإحراج الذي تسبب فيه الوفد المغربي للدولة المستضيفة والتي تعادي المغرب صراحة في وحدته الترابية بل تحولت إلى عُراب للأطروحة الانفصالية في إفريقيا والعالم ،باختصار الجنوب إفريقيون ارتكبوا فضيحة في تاريخ الحركة المهرجانية العالمية يمكن تسميتها بفضيحة بريتوريا..وإلى لقاء [email protected]