فجر شريط يصور عملية جلد شابة سودانية مشاعر الثورة والغضب لدى عموم السودانيين، ومن بينهم محسوبون أو موالون للحكومة ، مما دعا جهات سودانية عديدة إلى احتجاجات واسعة النطاق على القوانين المسيئة للمرأة. وأظهر تصوير الفيديو عملية تنفيذ حكم بالجلد لشابة سودانية في ساحة أحدى مراكز الشرطة وبحضور قاض كان يستحث الشابة بالجلوس لتنال عقابها ليخلصوا، وإلا فالسجن عامين في انتظارها. ونفذ عليها الحكم شرطيان ظل أحدهم يضحك قبل توليه أمر الجلد أمام الكاميرا التي صورتهما وهما يضربان الشابة بوحشية وعنف خارج المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية. وقد وقعت 22 جلدة على كل جسد الفتاة أمام الكاميرا دون تمييز، بما فيها وجهها ورأسها، وهي تتلوى وتنادي أمها. وقال ناشطون سودانيون في حديث مع صحيفة "الأهرام" المصرية أنهم سيصعدون فى الأيام المقبلة أنشطتهم المنددة بالقوانين المهينة للمرأة فى داخل السودان وخارجه. وأصدرت قوى الإجماع الوطني التى تضم عددا من الأحزاب المعارضة المهمة ومنظمات المجتمع المدنى بيانا أكدت فيه أن القوانين المعيبة والغير دستورية، ومنها قانون النظام العام والمادة 152 عقوبات، تسلط قهر نساء السودان وقمعهن والحط من قدرهن واتهامهن في إنسانيتهن وفعلهن وظهورهن العام، حتى بلغ ما يقع على نساء السودان من سياط تصدر بأحكام رسمية ما يفوق المليون والنصف سنويا. من جانبها شككت قيادة الشرطة السودانية في توقيت ودوافع بث الشريط على الإنترنت مؤخرا، ورأت أن تزامن بثه مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان يهدف إلى جر مزيد من الضغوط على السودان والتشويش على العقوبات الشرعية. وأوضح الفريق عادل العاجب نائب المدير العام للشرطة السودانية أن الفيديو تم تصويره فى يوليو عام 2009 ، واعتبر بثه متزامنا مع اليوم العالمى لحقوق الإنسان عملا خبيثا وتشويه لصورة السودان . وقال بيان قوى الإجماع السودانية المعارضة "لقد روعت هذه المشاهد كل من تمكن من رؤيتها، واسالت دموع الرجال قبل النساء، والشباب قبل الشيب. فقد اساءت لديننا الحنيف، لأعرافنا الوطنية ولانسانيتنا. وهي لا تمت للإسلام ولا للاخلاق السودانية ولا للقيم الانسانية بصلة، بل هي انتهاك لهم جميعا". وأضاف: "إنه لمن المخجل والمخزي حقا حدوث مثل هذا الفعل المنتهك للدستور والمخالف لنصوص قانون الاجراءات الجنائية وكل ضوابط تنفيذ العقوبات، داخل أحد مراكز الشرطة وبواسطة افراد منها وبحضرة قاض. ويجرح ويشكك في السلطات القضائية والمنفذه للقانون في هذا الوقت الحرج الذي يمر به الوطن وهو مقبل على استفتاء يحدد مصيره". وتشمل العقوبة المقررة للباس أو السلوك غير المحتشم أو المخل بالآداب العامة في الأماكن العامة فرض حكم بالجلد 40 جلدة، أو بدفع غرامة. بيد أن نوفمبر 2009 شهد صدور حكم على فتاة كانت تبلغ من العمر 16 سنة في حينه بالجلد 50 جلدة. وأصدر الحكم قاضٍ في محكمة للنظام العام عقب القبض عليها مباشرة في شوارع الخرطوم لارتدائها تنورة تصل إلى ركبتيها. وكانت الصحفية لبنى حسين من أوائل النساء اللاتي يجهرن بالاحتجاج على ممارسة الجلد في السودان ويستنكرن المادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991. ويجري الحديث عن القبض على آلاف الأشخاص، معظمهم من النساء والفتيات، كل سنة في الخرطوم لارتداء ما يعتبر تعسفاً ملابس "غير محتشمة". غير أن الأغلبية تظل صامتة وتكظم غيظها بسبب ما يتعرضن له من صدمة نفسية، أو خشية أن يوصمن بالعار من جانب المجتمع بسبب الاعتقال والعقوبة إذا ما عرف الناس بالقبض عليهن. ويُحكم على معظم هؤلاء بالجلد من قبل محاكم النظام العام، ويحرمن من الاتصال بمحام، وينفذ قرار الجلد فيهن خلال ساعات.