صادق مجلس المستشارين خلال الدورة التشريعية الربيعية المنصرمة على مشروع قانون بمثابة النظام الأساسي لغرف الصناعة التقليدية، هذا المشروع الذي جاء لتعديل أحكام الظهير الشريف بشأن النظام الأساسي لغرف الصناعة التقليدية الصادر في 28 يونيو 1963 بهدف تحيين مضامينه حتى يواكب مستجدات ومتطلبات تنمية هذا القطاع الاستراتيجي والرفع من مستوى أدائه ومساهمته في إنعاش الحياة الاقتصادية والاجتماعية انطلاقا من مؤهلاته والإمكانات التي يتيحها لتحقيق هذا المبتغى خاصة وأن هذا القطاع يشغل أزيد من مليوني نسمة ويساهم بما يفوق 20./. من الناتج الداخلي الخام، ولكن هذه المساهمة تبقى دون طموحات وتطلعات الصناع التقليديين الذين يمثلون خمس سكان البلاد. إن هذا الإطار القانوني الذي يعول عليه الصناع التقليديون ليشكل رافعة قوية لإعطاء القطاع دينامية جديدة بعد انتظار طويل دام أكثر من خمسين سنة يبقى دون تطلعات وانتظارات الحرفيين والمهنيين فيما يخص المهام والاختصاصات المخولة لها التي لا ترقى إلى مستوى تمثيلها للصناع التقليديين باعتبارها مؤسسات دستورية موكول إليها أمرتدبير شؤون القطاع ولا تجعل منها سلطة تقريرية في كل ما يتعلق بتدبير وتطوير الصناعة التقليدية بعيدا عن سلطة الوصاية التي تظل صاحبة السلطة الحقيقية في هذا الشأن. وحتى يكون لهذا المشروع قوته ومناعته ويشكل قاطرة حقيقية للتنمية المنشودة، كان من المفروض أن يعرض على ممثلي الصناعة التقليدية من اجل الاستشارة وإبداء الرأي والمساهمة في تحسين مقتضياته على غرار ما تم بالنسبة لمشروع القانون المتعلق بالنظام الأساسي لغرف التجارة والصناعة. كما أن المادة 54 من الباب الثامن المتعلق بأحكام ختامية وانتقالية تطرح إشكالية مدى مطابقتها للدستورفيما يخص عدم رجعية القانون عندما نصت هذه المادة على استمرار أعضاء مكاتب غرف الصناعة التقليدية المنتخبين طبقا لأحكام الظهير الشريف رقم 194-63-1 المتعلق بالنظام الأساسي لغرف الصناعة التقليدية في مزاولة مهامهم وفق أحكام هذا القانون إلى حين التجديد العام لأعضاء غرف الصناعة التقليدية. إن مقتضيات هذه المادة لا تتعارض فقط مع الفصل الرابع من الدستور، ولكنها أيضا لا تحترم إرادة الهيأة الناخبة التي صوت على أعضاء المكاتب لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد. وفي نفس السياق ، جاءت المادة 39 من المشروع ضد مبدأ الحكامة الجيدة التي تفرض المحاسبة فيما يخص تدبير الشأن العام والتصرف في المال العام عندما فرضت نصاب ثلاثة أرباع أعضاء الغرفة المزاولين لمهامهم طلب عقد دورة استثنائية لإقالة المكتب يوجه إلى رئيسها وإلى السلطة الحكومية المختصة وإلى عامل العمالة أو الإقليم الذي يوجد مقر الغرفة في دائرة نفوذه ويتم التداول في طلب الإقالة والمصادقة عليه من لدن ثلثي الأعضاء على الأقل من أعضاء الجمعية العمة المزاولين لمهامهم، وبالتالي فإن هذين النصابين يعتبران تعجيزا حقيقيا وعرقلة حقيقية للمراقبة الذاتية وحماية شؤون غرف الصناعة التقليدية من سوء التسيير والتدبير والتلاعب بالمال العام ،خاصة وأن الفقرة الأخيرة من المادة 39 لا تجبر إقالة المكتب من مهامه إلا بعد انصرام أجل ثلاث سنوات. ومن جهة أخرى، فإن هذا المشروع يطرح إشكالية الإطار العام للغرف المهنية باعتبارها مؤسسات دستورية، حيث كان من المفروض أن يتم تجميع إطار القانوني في شكل قانون إطار ينظم جميع الغرف المهنية، خاصة إذا ما عرفنا أن البرلمان سبق أن صادق خلال السنة التشريعية المنصرمة على مشروع قانون يتعلق بالغرف الفلاحية يختلف تماما من حيث الصلاحيات والمهام وكذا الأجهزة المسيرة وتكوينها ومقراتها وتنظيمها المالي. ولا شك أن مجلس النواب المحال عليه هذا المشروع سيعمل على تحيين مضامين هذا المشروع بشكل يضمن مطابقة أحكامها للدستور ويحترم إرادة الصناع التقليديين ويقوي اختصاصات ومهام غرف الصناعة التقليدية حتى تشكل بالفعل رافعة قوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.