يبقى رئيس فنزويلا، هوغو شافيز، أكثر رؤساء العالم شغبا، من دون أن ننسى شغب نيكولا خروشوف ، رئيس الاتحاد السوفياتي الراحل في ستينيات القرن العشرين، وهو شغب محدود في الزمان(الحرب الباردة) ، وفي المكان(مقر الأممالمتحدة بنيويورك)، إضافة ألى خرجات الرئيس الليبي، معمر القذافي، بين الفينة والأخرى . شافيز أشهرُ من نار على عَلَم في هذا المجال . فهو حين يغضب يعبّر عن غضبه بكافة حواسه وبجميع أعضاء جسمه(كما يفعل نظيره الكوبي فيديل كاسترو الذي يجذب أمام الميكروفون)؛ أما حين يضحك ، فهو يضحك لذاته . وفي بعض الحالات يخرج عن أطواره، ويتصرف كشخصية تنتمي إلى معارضة بئيسة أكثر منه شخصية رجل دولة ، خاصة مع دول يتبادل معها العداء والكراهية مثل الولاياتالمتحدةالأمريكيةواسبانيا . على ذكر هذه الأخيرة، رفض الرئيس الفنزويلي (شافيز) ما اعْتُبِرَ مزاعم اسبانية حول احتضان فنزويلا عناصر من «حركة إيتا» الانفصالية ، والإشراف على تدريبهم . وكعادة شافيز، لم يترك أمر الرّدِّ على الاتهام الإسباني إلى حكومته ، في شخص الناطق باسمها ، إذا كان وجود لهذا الناطق ، أو إلى وزارة الخارجية من خلال إصدار بيان في الموضوع ، بل تَوَلّى الأمر بنفسه ، هو صاحب الأمر. شافيز ، إذن، كلَّف نفسه عناء تقديم بيان على شاشة تلفزته ، ينفي فيه أيّة صلة مع«إيتا» الانفصالية ، معتبرا اتهام اسبانيا له يدخل في إطار ما سمّاه «أوركسترا تُوَاصِل العزف ضد الثورة البوليفارية »، حيث أن شافيز يعتبر نفسه امتداداً ، إن لم أقل وريثا لسيمون بوليفار، أحد الزعماء المشهورين بنشاطه في تحريرأمريكا الجنوبية من الاستعمار الإسباني . لكن شافيز يواجه أيضا اتهامات بدعم المتمردين والمسلحين في بعض دول أمريكا الجنوبية ، وتحديدا في كولومبيا المجاورة. وهي اتهامات ينفيها في كل مناسبة. ما يهمنا نحن المغاربة في هذه النازلة ما يتعلق بوحدتنا الترابية ، حيث من المعروف أن فنزويلا ظلت تؤيِّد «جبهة البوليزاريو» ضدّاً على المغرب ؛ وهي ليست حركة تحرير ، وليس بينها وبين التحريرلا خيرٌ ولا إحسان ، ولا هي حركة مقاومة لأنها لم تقاوم أبدا الاستعمار الإسباني أيام احتلاله للأقاليم الجنوبية في الصحراء المغربية، بل صنعتها الجزائر وأخرجتها من الْوَهٌمِ إلى الوهم ، وتدعمها سياسيا وعسكريا وماليا ( وحَدِّث ولا حرج) فقط لمعاكسة المغرب في استرجاع صحرائه وتثبيت وحدته الترابية والوطنية ، وإيهام من لديهم استعداد لِتَبَنِّي الوهم بحقٍّ يُرادُ به باطل. وفنزويلا واحدة من الذين انطلت عليهم الحيلة ، ففتحت أبوابها لأعضاء «جبهة البوليزاريو»، وظلت تحتضنهم وتحتفي بهم وتدعمهم ... وفي هذا ضررٌ بالغ بالعلاقات التي من المفروض أن تكون طيبة بين المغرب وفنزويلا التي تربطنا وإياها ، وسائر بلدان أمريكا الجنوبية، وشائج تعاطف قوية تُحَوِّلُ البُعْدَ الجغرافي إلى تقارب عاطفي متين يزداد قوة وعمقا مع مرور الأيام . بالتأكيد، مصلحة فنزويلا ليس مع «إيتا» ولا مع «بوليزاريو» ولا مع غيرهما من حركات الوهم ، بل مصلحة فنزويلا مع المغرب حاضرا ومستقبلاً . ولا يصح إلاّ الصّح. [email protected]