انتصر المغرب في الكلمة التي ألقاها الوزير الأول السيد عباس الفاسي يوم الجمعة، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي المحادثات التي أجراها مع رؤساء عدد من الدول والوفود من افريقيا وأمريكا اللاتينية، مجدداً لمقترح نظام الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. وأكد الوزير الأول التزام المغرب بمواصلة مسلسل المفاوضات حول الصحراء للتوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي يحترم السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة، مع تمكين سكان الأقاليم الجنوبية من نظام الحكم الذاتي، لتدبير شؤونهم. وكانت مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب رسمياً إلى الأممالمتحدة في شهر أبريل 2007، بعد مسلسل تشاوري معمق، على الصعيد الوطني وبمشاركة القوى الحية في الاقاليم الجنوبية، قد أطلقت دينامية على مستوى الأممالمتحدة وفي العواصم المساهمة في صنع القرار الدولي تجسدت في إشادة مجلس الأمن في قراره 1754 الصادر في نهاية أبريل 2007، بالجهود المبذولة من المغرب التي وصفها بالجدية وذات المصداقية. وفي السياق نفسه الذي نهجه هذا القرار، أكد القراران 1783 و 1813 الصادران عن مجلس الأمن مصداقية وجدية المقترح المغربي وطلب القرار 1813 من الأطراف التفاوض بروح من الواقعية والتوافق، آخذة بعين الاعتبار آخر التطورات وخاصة المبادرة المغربية للتفاوض حول نظام الحكم الذاتي. وفي غمرة هذه الدعوة أكد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالملف السيد بين فان فالسوم أن مشروع الانفصال في الصحراء غير واقعي، داعياً إلى انتهاج البحث عن الحل الواقعي الذي لايمكن أن يحيد عن مقترح الحكم الذاتي. وأعلنت الدول المؤثرة في صنع القرار الدولي عن تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي وأكدت الإدارة الأمريكية أن هناك أفكاراً جيدة مطروحة في طاولة المفاوضات ولايمكن العودة إلى نقطة الصفر، مرجحة استكشاف الحل في إطارالحكم الذاتي. وأيدت فرنسا مقترح الحكم الذاتي ولوحظ أن مجموعة من الدول من افريقيا وأمريكا اللاتينية أكدت لأول مرة في كلماتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تشجيعها البحث عن حل سياسي للنزاع المفتعل، في إطار الحكم الذاتي. وأبرز الوزير الأول أن المغرب طرح مبادرة الحكم الذاتي كإطار منفتح للتفاوض، لإيمانه بضرورة تجاوز هذه العوائق التي تعطل مسيرة بناء المغرب العربي وتطبيع العلاقات بين الدول الأعضاء، مضيفاً ان مغرباً عربياً ومندمجاً ومستقراً ومنفتحاً على جواره الأوسع، من شأنه أن يلعب دوراً أساسيا في استتباب الأمن والسلم وتطويرالتعاون بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط وأن يسهم في دعم الاندماج الإفريقي ويعمل كشريك فاعل وذي مصداقية لتحقيق الأهداف التي نشأت، من أجلها منظومة الأممالمتحدة. وبهذا الموقف أكد المغرب أنه حريص على صيانة العلاقات المغاربية من الخلافات المفتعلة، وأن على الأشقاء في الجزائر الذين افتعلوا النزاع حول الصحراء أن يدركوا أهمية تجاوز هذا النزاع، لإخراج المنطقة المغاربية من واقع التشرذم إلى فضاء التعاون والبناء المشترك للكيان المغاربي، في ظل احترام سيادة الوحدة الترابية لأعضائه. لقد نقل الوزير الأول بكل ثقة ومسؤولية أطروحة المغرب إلى المنتظم الدولي وقوامها ان مغربية الأقاليم الجنوبية لا رجعة فيها وأن بلادنا تقدم مبادرة الحكم الذاتي حلاً نهائياً وواقعياً لنزاع مفتعل آن الأوان لوضع حد له في إطار مصالحة تاريخية تخدم المغرب العربي والسلم والاستقرار في المنطقة المتوسطية.