يستعد الفلاحون المغاربة حاليا لانطلاق الموسم الفلاحي الجديد، في ظل بوادر مشجعة مع بداية التساقطات المطرية التي عرفتها نهاية شتنبر الماضي، إضافة إلى مؤشرات إيجابية أخرى تتمثل أساسا في الاستقرار الذي تعرفه أسعار الحبوب، والمواد النفطية الضرورية في الفلاحة، بعد شهور من الارتفاعات المتواصلة، والتي بلغت أرقاما غير مسبوقة. كما يأتي انطلاق الموسم الفلاحي الجديد في سياق وطني تميزه بشكل خاص مجموعة من التدابير الرامية لتحسين مردودية القطاع الفلاحي عموما وتوفير الشروط الملائمة لضمان السير العادي للموسم الجديد، وتتوخى هذه التدابير تحسين محصول الحبوب باعتباره يشغل مساحات واسعة وأيضا لأنه يساهم بشكل وافر في تحسين دخل الفلاحين، تنفيذا لمخطط المغرب الأخضر. وأوضح بلاغ لوزارة الفلاحة والصيد البحري أن هذه التدابير تهم مختلف القطاعات المرتبطة بالفلاحة، كالحبوب والزراعات السكرية والحوامض والأشجار المثمرة والبواكر والماشية، إضافة إلى الأسمدة وتدبير مياه السقي. وفي هذا الإطار تسعى التدابير المتعلقة بتحسين محصول الحبوب إلى توسيع المساحات الموجهة لإكثار الحبوب إلى 50 ألف هكتار، وكذلك تقديم دعم للبذور المختارة بمبلغ يصل إلى 130 درهم للقنطار بالنسبة للقمح اللين و115 درهم للشعير والقمح الصلب، وذلك من أجل أن تتمكن الحكومة من توفير ما يناهز 1.5 مليون قنطار من البذور خلال الموسم الفلاحي 2009/2010. يضاف هذا الإجراء إلى مواصلة سياسة تأمين محاصيل الحبوب ضد الجفاف، والذي يشمل حاليا 300 ألف هكتار بفضل الدعم الذي تقدمه الدولة لتشجيع الانخراط ومساهمتها في الغلاف المالي الموجه لتعويض المؤمنين والبالغ 120 مليون درهم سنويا. وأضاف البلاغ أنه في ما يتعلق بالزراعات السكرية تمت برمجة زراعة 60 ألف هكتار من الشمندر السكري، ومن أجل ذلك من المنتظر تهييء مخططات جهوية لتنمية زراعات الشمندر وقصب السكر، إضافة إلى دعم بذور الشمندر الأحادي الجنين بمبلغ 700 درهم. ونظرا للأهمية التي تكتسيها الحوامض، تسعى التدابير المتخذة لتطوير القطاع إلى غرس نحو 6800 هكتار، لرفع الإنتاج بنسبة 7 في المائة مقارنة مع الموسم السابق، ليصل إلى 1.32 مليون طن، ومن المنتظر أن ينعكس ذلك أيضا على الصادرات المغربية من الحوامض لتصل إلى 630 ألف طن بما يمثل ارتفاعا بنسبة 8 في المائة. وأشار بلاغ الوزارة إلى أن هناك تفكيراً في رفع منحة الاستثمار في القطاع إلى 12 ألف درهم للهكتار عوض 7800 درهم. وفي نفس الإطار من المنتظر أن يشهد قطاع الأشجار المثمرة تطورا كبيرا مع انطلاق برنامج تنمية الأشجار المثمرة في إطار حساب تحدي الألفية، وهكذا سيتم توزيع 5.6 مليون شجيرة مدعمة منها 5 ملايين شجيرة من الزيتون، وهو ما يمثل حسب وزارة الفلاحة ارتفاعا نسبته 31 في المائة. وأمام الآفات والأمراض التي بات قطاع الماشية يعرفها على الصعيد العالمي، يعمل المغرب على حماية قطيعه من المواشي والدواجن، وذلك من خلال متابعة برامج الوقاية والمراقبة والقضاء على الأمراض، بهدف تحسين إنتاجية القطيع، ومن ذلك البرنامج الوقائي ضد طاعون المجترات الذي ظهر في الآونة الأخيرة في بعض المناطق وتم احتواؤه. ومن القطاعات الأخرى المهمة المرتبطة بالفلاحة والتي تُعد أساسية في تحسين الإنتاج والرفع من الإنتاجية، ما يتعلق بالأسمدة والمياه، وفي هذا الإطار تتوخى التدابير الخاصة بالتهييء لانطلاق الموسم الفلاحي الجديد تقريب الأسمدة من الفلاحين وجعلها في متناولهم حتى يتسنى لهم استعمالها، وذلك بإدماج شركة سوناكوس التابعة للدولة في عملية التوزيع، وأيضا بإرساء أسعار تنافسية. وأشار بلاغ وزارة الفلاحة إلى أنه بموازاة ذلك ستتم مواصلة دعم التحاليل المخبرية الفلاحية بنسبة 50 في المائة. ونظرا لما تطرحه قلة المياه من مشاكل حقيقية أمام القطاع الفلاحي، يكتسي ترشيد استعمال مياه السقي أهمية كبرى في الاستراتيجية الهادفة إلى تنمية القطاع، وفي هذا الإطار تسعى الدولة خلال الموسم الفلاحي الحالي إلى الاستمرار في دعمها لتجهيز الضيعات الفلاحية بأنظمة السقي المقتصدة في الماء، واعتماد نظم السقي الموضعي والتكميلي، علما أن هذه النظم تشمل حاليا 60 في المائة في كل الأحواض المائية. بهذه التدابير التي تم اتخاذها على أبواب الموسم الفلاحي الجديد، يكون مخطط المغرب الأخضر للنهوض بالقطاع الفلاحي قد دخل حيز التنفيذ، لينضاف إلى باقي المخططات القطاعية التي ساهمت في إقلاع مجموعة من الأنشطة حتى أضحت ذات قيمة مضافة عالية مثل السياحة والتجارة الداخلية والصناعة.