مجموعة العشرين تعقد قمة في البرازيل يطغى عليها التغير المناخي والحروب وانتخاب ترامب    الفرحة تعم أرجاء القصر الملكي غدا الثلاثاء بهذه المناسبة        دراسة: البحر الأبيض المتوسط خسر 70 % من مياهه قبل 5.5 ملايين سنة    تصعيد الأطباء يشل الحركة في المستشفى الحسني والمراكز الصحية بالإقليم    بريطانيا تفرض عقوبات جديدة ضد إيران        الحزب الحاكم في السنغال يستعد للفوز    مروحية الدرك تنقذ حياة زوجين مغربي وألمانية في جبال الأطلس    محرك البحث "غوغل" يحتفي بالذكرى ال 69 لعيد استقلال المملكة    تغييرات مرتقبة على تشكيلة الأسود ضد منتخب ليسوتو    هذه هي المنتخبات التي ضمنت رسميا التأهل إلى "كان المغرب" 2025    أجواء غير مستقرة بالمغرب.. أمطار وزخات رعدية وثلوج ابتداءً من اليوم الإثنين    رابطة ترفع شكاية ضد "ولد الشينوية" بتهمة الاتجار بالبشر    جائزة ابن رشد للوئام تشجع التعايش    فتح باب الترشح لجائزة "كتارا للرواية العربية" في دورتها الحادية عشرة    خبير جزائري في الذكاء الاقتصادي: الجزائر تفتقر إلى الثقل الدولي في قضية الصحراء    محامي حسين الشحات: الصلح مع محمد الشيبي سيتم قريبا بعد عودته من المغرب    انطلاق مهرجان آسا الدولي للألعاب الشعبية وسط أجواء احتفالية تحت شعار " الألعاب الشعبية الدولية تواصل عبر الثقافات وتعايش بين الحضارات"    الداخلية الإسبانية تبرز دور فريق الوقاية المدنية المغربي في جهود الإغاثة في فالنسيا    هند السداسي تُعلن طلاقها بخطوة جريئة وغير مسبوقة!    المغرب يستضيف الملتقي العربي الثاني للتنمية السياحية    الدورة الرابعة من بطولة القسم الوطني هواة.. اتحاد الخميسات فاز بصعوبة على وداد تمارة    مركز موكادور للدراسات والأبحاث يستنكر التدمير الكامل لقنطرة واد تدزي    المغرب يرسل أسطولا إضافيا يضم 12 شاحنة لدعم جهود تنظيف قنوات الصرف الصحي في فالنسيا    فوزير يخضع لعملية جراحية ناجحة    تزامن بدلالات وخلفيات ورسائل    بعد غياب طويل.. الجمهور المغربي على موعد مع المطرب العراقي محمد السالم من    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    بني بوعياش وبني عمارت على موعد مع أسواق حديثة بتمويل جهوي كبير    حجز أزيد من 188 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط وإيقاف المتورطين    اصطدام بين سيارة ودراجة نارية يودي بحياة شاب في خريبكة    بلجيكا وهولندا والمغرب في قلب صراع إجرامي بعد سرقة كوكايين    تاركيست: سيدة تضع حدًا لحياتها شنقًا    الجيش الإسرائيلي يعلن أن نحو 30 مقذوفا أطلقت من لبنان نحو إسرائيل    "تعزيز الضمانات التشريعية الوطنية بشأن مناهضة ومنع التعذيب وسوء المعاملة" محور ورشة عمل بالبيضاء    ملعب آيت قمرة.. صرح رياضي بمواصفات عالمية يعزز البنية التحتية بإقليم الحسيمة    فرنسا تقسو على إيطاليا في قمة دوري الأمم الأوروبية    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    المغرب يخنق سبتة ومليلية المحتلتين ويحرمهما من 80% من نشاطهما الجمركي    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين العام لحزب الاستقلال الأستاذ عباس الفاسي في لقاء جماهيري حاشد بفاس
المغرب ينعم بالاستقرار بفضل المكتسبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحققت في عهد جلالة الملك محمد السادس
نشر في العلم يوم 02 - 09 - 2010

ألقى الأمين العام لحزب الاستقلال الأستاذ عباس الفاسي يوم الأحد الماضي عرضا سياسيا مهما تحت عنوان «مزيدا من المكتسبات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية» حضره الآلاف من المواطنين وأعيان مدينة فاس والمحامون والأساتذة ورجالات الاقتصاد.
وقد تناول الأستاذ عباس الفاسي في هذا العرض عددا من القضايا الوطنية التي تهم الرأي العام المغربي وتحدث عن مجمل المكتسبات التي تعززها المعطيات الدولية والإقليمية، وهي مكتسبات مرقمة ومدونة وفي متناول المواطنين.
وأكد استمرار الحكومة في رفع التحديات التنموية ومواصلة مسلسل الإصلاحات في جميع القطاعات.
وفيما يلي النص الكامل لهذا العرض السياسي.
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على خير المرسلين وآله وصحبه
الأخ عمدة مدينة فاس حميد شباط عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال والكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إخواني أعضاء مجلسي النواب والمستشارين، إخوتي المنتخبين والمنتخبات بمدينة فاس، إخواني كتاب الفروع بفاس، السادة العلماء الأجلاء ورجال ونساء المجتمع المدني إخواني التجار والفلاحين، الأساتذة المحامون، إنني جد سعيد بالحضور، في هذه الليلة المباركة والشهر المبارك، سعيد أن أتواجد بمدينة فاس، مدينة العلم التي انبثقت منها الحركة الوطنية والكفاح الوطني الذي اندلع في جميع ربوع المغرب حتى تحقق الاستقلال ورجع محمد الخامس رضوان الله عليه وعائلته الشريفة، أنا معتز بالحضور اليوم في مدينة أعطت الشهداء وضحت بالغالي والنفيس في سبيل الاستقلال، وأنجبت العديد من الشخصيات الفذة التي يفتخر بها المغرب وعلى رأسهم الزعيم علال الفاسي، هذه المدينة التي وحدت الشعب المغربي وانتصرت على المستعمر فقط بكلمة واحدة «يالطيف، يالطيف».
اخترت اليوم عنوان المداخلة «مزيدا من المكتسبات في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والدبلوماسي»، وفي الحقيقة عندما أقول المكتسبات سأبين لكم أن المغرب في ظل الحكومة الحالية، وبعض الحكومات السابقة أي منذ 1959 حقق كثيرا من المنجزات والمكتسبات في مختلف الميادين منذ 1955 وسأبين أن هناك فعلا مكتسبات لهذه الحكومة التي أتشرف بقيادتها بفضل ثقة جلالة الملك وثقة أعضاء مجلس النواب. هناك مكتسبات ولكننا نعتبر الشعب المغربي طموحا وجلالة الملك جد طموح، لذلك نريد المزيد من المكتسبات، وقبل أن استعرضها بتفصيل، لابد من التذكير بمدخل تاريخي أعتبره جد أساسي، لأنه يفسر ما سيعرفه المغرب ما بعد الاستقلال، وكما يقولون في السياسة كل شيء يفسر ببدايته، وبدايتنا كانت لسوء الحظ متعثرة، وتجلى ذلك في أمرين أساسيين:
تعثرات مغرب ما بعد الاستقلال
إن بلادنا حصلت على الاستقلال في 1955، ومنذ ذلك الحين وإلى غاية تربع جلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه سنة 1999، عاش المغرب تعثرات كبيرة، بسبب حصول الأمرين اللذين قلت إنهما أساسيين وكان لهما تأثير في مغرب ما بعد الاستقلال.
إننا تفاوضنا مع فرنسا في إيكس ليبان ومع إسبانيا في مدريد حول استقلال المغرب، ولكن نتائج هذه المفاوضات أثرت على مستقبل البلاد، إنني أحسن الظن بجميع الذين تفاوضوا باسم المغرب وأعتبر أنهم كانوا يدافعون عن بلدهم، لكن هناك من يعتبر أنهم لم يحسنوا الاختيار ضمن الاختيارات التي كانت مطروحة آنذاك، وهي إما اللجوء إلى اختيار سياسة المراحل، بمعنى
نأخذ من المستعمر مكتسبا ثم نكافح من أجل مكتسب آخر، واختيار ثاني وهو للزعيم علال الفاسي الذي كان يقول لا مفاوضة مع المستعمر إلا إذا تفاوضنا على جميع الأراضي المغربية المغتصبة بما في ذلك تندوف والساقية الحمراء ووادي الذهب وسبتة ومليلية، وهذا مدون في الألوكة التي وجهها الزعيم علال الفاسي لمؤتمر الشبيبة الاستقلالية بفاس في مارس 1956، إذن لم نتفاوض على كل أجزاء المغرب وهذا ملف نجر مخلفاته إلى الآن، طبعا عرف هذا الملف عدة ملاحم مثل المسيرة الخضراء والتفاف الشعب المغربي وراء جلالة الملك الحسن الثاني وجلالة الملك محمد السادس، لكن إذا كان الملف قد انتهى بالنسبة للشعب المغربي وبالنسبة لجلالة الملك فإنه لم ينته على المستوى الدولي، وسبب ذلك أننا لم نتفاوض في 1955 على هذه الوحدة على جميع الأراضي بدون استثناء، وهاهي الحقائق الآن تؤكد صواب الموقف الذي أعلن عنه الزعيم علال الفاسي في ذلك الإبان.
الأمر الأساسي الثاني يتعلق بمنطق الديمقراطية، ويتعلق بأن الحزب الذي قاد معركة التحرير والاستقلال إلى جانب جلالة الملك المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه هو الذي كان يجب أن يقود أول حكومة ما بعد الاستقلال، والذي حدث أن حزب الاستقلال الذي كان الحزب الأول والرئيسي شارك مع الأسف في الحكومة الأولى والثانية برئاسة شخصية لا منتمية سياسيا. وإني أحترم اللامنتمين والتقنوقراطيين، لكن للحكومة مدلولا سياسيا صرفا، وهذا هو الخطأ الثاني الذي أثر على مغرب ما بعد الاستقلال.
إنني بهذا المدخل أمهد للحديث عما سيأتي ولكني أيضا أذكر بأحداث تاريخية تشفي غليل شباب يتساءل اليوم عما حدث وكيف حدث؟!
بعد ذلك دخلنا فترات مد وجزر في حياة سياسية لم تكن خاضعة لضوابط دقيقة وواضحة. فمرة نحقق مكتسبات مهمة، ومرة أخرى نصدم بانتكاسات، تارة يكون هناك دستور جيد يحقق إضافات وتارة أخرى يكون هناك دستور رجعي يمس بحقوق الإنسان ودواليب الحكم ويفسح المجال لنهب خيرات البلاد إلى أن حلت سنة 1999، تاريخ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس سدة العرش حيث تكرس الاستقرار في البلاد. وتعلمون أن الاستقرار يعتبر شرطا أساسيا لتحقيق التنمية المنشودة، وتحقق هذا الاستقرار بفضل المكاسب الهامة التي راكمتها البلاد في عهد جلالة الملك محمد السادس خلصت البلاد من هزات الماضي.
تمسك بالثوابت
الحضور الكريم، إذا كان من تفسير للاستقرار الذي تنعم به البلاد فهو موجود في التمسك بالثوابت، فحينما حظيت بثقة جلالة الملك محمد السادس وعينني وزيرا أول، تقدمت أمام غرفتي البرلمان بتصريح حكومي تضمن البرنامج الحكومي الذي التزمت بتنفيذه باسم الحكومة، أكدت فيه أني سأعمل مخلصا من أجل تكريس وتثبيت ثوابت الأمة وهي أولا الإسلام. نحن نريد إسلام أجدادنا، إسلام الوسطية والعدل وإسلام حقوق المرأة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، هذا هو الإسلام الذي نريده، ثم هناك الملكية الدستورية، فالمغرب منذ الفتح الإسلامي لم يعرف إلا نظاما سياسيا واحدا وهو الملكية، لأن الملك يوحد الأرض والدساتير المغربية تقول الملك هو الضامن للوحدة الترابية ووحدة الشعب المغربي وهو رمز السيادة وأمير المؤمنين، وفي هذا الصدد لا يمكن للشعب المغربي أن يفكر في شيء آخر، لأن المغاربة عرب وأمازيغ وأندلسيين وصحراويين من إفريقيا جنوب الصحراء، وليس من الساقية ووادي الذهب فقط، هؤلاء دائما مغاربة، أتكلم عن الذين أتوا من السينغال وغينيا ومالي والكامرون وغانا، وهذا لا يمكن أن يوحده إلا جلالة الملك.
النقطة الثالثة في الثوابت هي الوحدة الترابية، فمنذ الفتح الإسلامي والساقية الحمراء ووادي الذهب أرض مغربية وسبتة ومليلية مدينتان مغربيتان، والاستعمار مزق أرضنا نظرا للموقع الجغرافي المهم، فبلادنا تتميز بالفصول الأربعة ومطلة على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وهذا الموقع الجغرافي الاستراتيجي كان على الدوام محل أطماع الاستعمار، وجعل استقلالنا غير كامل، والحمد لله فنحن ناجحون في ملف الوحدة الترابية، لم نكن كذلك في البداية لأن الجزائر كانت مدعومة بأنظمة عسكرية وبأنظمة الحزب الوحيد في إفريقيا لكن مع عودة الديمقراطية إلى إفريقيا تهاوت هذه الأنظمة وسجل المغرب نقطا إيجابية بينما تراجع موقف الجزائر.
وبعد التصريح الحكومي أكدت جميع الفرق البرلمانية، أغلبية ومعارضة هذه الثوابت وأضحت محط إجماع رغم أن الأمر لم يكن كذلك في السابق.
نعمة المفهوم الجديد للسلطة
طبعا، إنني أعتبر الإجماع الحاصل الآن حول ثوابت الأمة من المكاسب العظيمة ومن النعم التي أنعم بها الله على هذا الشعب المسلم.
كما أنني أعتبر أيضا تدشين المفهوم الجديد للسلطة في عهد جلالة الملك محمد السادس من المكاسب الكبيرة والوازنة، إذ بعد أربعة أشهر من تربع جلالته على العرش قرر إبعاد وزير الداخلية الذي كان يعيث في الأرض فسادا. فجميع الانتخابات في عهده كانت مزورة ولن أطيل في هذا الموضوع، فجلالة الملك أنقذ المغرب وبدأ بداية سعيدة بإبعاده هذا الوزير، وصارت وزارة الداخلية تدريجيا تمد جسور الثقة مع المواطن، وكل من مر بوزارة الداخلية ترك بصمته في تحسين العلاقة بين السلطة والمواطن.
احترام المواعيد الانتخابية
ثم هناك قضية أخرى تتقدم لائحة المكاسب الكبرى وتتعلق باحترام آجال الانتخابات وهي قضية أساسية في الديمقراطية، احترام موعد الانتخابات التشريعية كل خمس سنوات، واحترام أجل الانتخابات الجماعية كل ست سنوات وتجديد أعضاء مجلس المستشارين كل ثلاث سنوات، دون زيادة أو نقصان، هذا لم يكن في السابق،
والتاريخ يؤكد أن البلاد بقيت بدون انتخابات من الاستقلال سنة 1956 إلى 1963 موعد أول انتخابات تشريعية ، والتي سرعان ما أعقبتها حالة الاستثناء سنة 1965، وبقيت البلاد دون انتخابات إلى غاية 1977، وهكذا دواليك، وحدث مرة أن أضيفت سنتان لعمر ولاية تشريعية، هذا أضحى الآن من الماضي، بعدما تكرس مكتسب احترام مواعيد وآجال جميع الانتخابات الجماعية والتشريعية والمهنية.
مكسب المنهجية الديمقراطية
ومن المكتسبات الجديدة والوازنة أيضا قرار جلالة الملك اختيار الوزير الأول من الحزب الذي يحصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، وحصل لي شرف تعييني كوزير أول من خلال هذا المكتسب من طرف جلالة الملك، وأنا على يقين أن جلالته سيستمر على هذا النهج القويم الذي حسن صورة البلد، والفضل في هذا يعود إلى جلالة الملك.
والحديث عن المكتسبات يحتم التأكيد على أن المؤسسات الدستورية تمارس صلاحياتها في أجواء طبيعية، فالحكومة تواصل أداءها بانسجام كامل بين جميع الوزراء ومن الطبيعي أن نتقبل في الحكومة المعارضة النزيهة والنقد البناء وأن نرفض المعارضة المغرضة والنقد الذي يسعى إلى الهدم.
كما أن البرلمان يقوم بدوره في التشريع والمراقبة، ومن الطبيعي أيضا أن تكون انتقادات لعمله، فرغم كل العمل الجبار الذي تقوم به المؤسسة التشريعية، فإن المواطن دائما يطالب بالمزيد، وهنا لابد من الإشارة إلى ظاهرة غياب البرلمانيين التي علمت أن البرلمان بصدد البحث عن حلول لها.
ثم هناك المجلس الدستوري الذي أضحى عمله عنوانا بارزا من عناوين دولة الحق والقانون، إذ بعد التعديل الدستوري الأخير أصبحت قراراته ملزمة للجميع، وهو اليوم مؤسسة دستورية جد محترمة.
التعديلات الحكومية طبيعية
يجري كثير من الحديث حول التعديلات الحكومية التي أسالت كثيرا من الحبر، وأقول هنا إن التعديلات الحكومية التي جرت لحد الآن طبيعية جدا كثير منها لأسباب قاهرة من قبيل المرض أو التعيين في منصب دولي مدى الحياة أو لضرورة طارئة، وهي على كل حال ليست كثيرة ولا تدعو إلى كل هذا الاهتمام الزائد.
واسمحوا لي أن أعطي مثالا بالتجربة الفرنسية، حيث أقدم الرئيس الفرنسي ساركوزي على تغيير وزيرين وأعلن عن تعديل حكومي كبير مرتقب خلال شهر أكتوبر القادم. وهذا أمر طبيعي جدا.
والمهم بالنسبة إلينا هو ما نحن بصدد تحقيقه من مكتسبات وازنة جدا من قبيل تجريم ظاهرة التعذيب الذي تحول إلى جريمة، والتخلص التدريجي من الإفلات من العقاب حيث نسمع باستمرار عن متابعات قضائية في حق مسؤولين في مختلف القطاعات ومتابعات المجلس الأعلى للقضاء، تأخذ مجراها الطبيعي، لكن من غير المقبول أن تقع المطالبة بالاعتقالات العشوائية، بل منطق دولة القانون يفرض متابعة من ثبت تورطه في فعل جرمي ما. ومن قبيل الرزمة الكبيرة من القوانين المتعلقة بتخليق الحياة العامة التي رأت النور في عهد الحكومة الحالية، واسمحوا لي أن أؤكد لكم أنه لم يسبق لأية حكومة سابقة أن أعدت نصوصا لتخليق الحياة العامة بالحجم والأهمية التي أعدت بها الحكومة الحالية هذه القوانين، فبالنسبة للتصريح الإجباري بالمكتسبات كان لدينا قانون 1992 الذي بقي حبرا على ورق نظرا لمحدودية مضامينه، وعلى عهد الحكومة الحالية عرف هذا القانون تعديلات جوهرية وأساسية من قبيل أن التصريح لم يعد يقدم للوزير الأول بل إلى المجلس الأعلى للحسابات ، أي أنه يقدم للسلطة القضائية، كما أن قاعدة الملزمين بالتصريح اتسعت بشكل كبير جدا ، ثم وجود جهاز يخبر بعدد المطالبين بالتصريح ومجموع الذين صرحوا فعلا، وأخبركم اليوم أن عدد المطالبين بالتصريح بممتلكاتهم يصل الى 15 ألف وجميعهم قدموا هذا التصريح، وأيضا من قبيل إصدار قانون مكافحة تبييض الأموال الذي يضع حدا للتوظيف المشبوه للأموال وغسلها بمشاريع، وهناك الآن لجنة تقوم بمتابعة تبييض الأموال، ومن قبيل تنصيب جهاز للوقاية من الرشوة والذي كانت منظمة الأمم المتحدة قد نصحت به، وهو الآن يضم ممثلين عن المجتمع المدني والنقابات والحكومة وهو يشتغل بدراسة سبل معالجة داء الرشوة، ونحن في الحكومة سنواصل من جهتنا دراسة وتفعيل ما أعده الأخ محمد سعد العلمي من إجراءات عملية لمحاربة الرشوة حيث بذل الأخ سعد العلمي مجهودا كبيرا ومهما في قطاع تحديث القطاعات العامة لبلورة اقتراحات وجيهة كفيلة بمحاربة الرشوة.
وهناك مجلس المنافسة لمحاربة الغش في الأثمنة والمضاربة فيها وهو جهاز كان موجودا في السابق وعين فيه وزير سابق فرفض ذلك، وبدل أن يتقدم الملف بقي مجمدا ل 15 سنة، وقد عين جلالة الملك رئيسا جديدا، وقدمنا له ميزانية، وقام بدراسات مهمة كما هو الحال بالنسبة للزبدة والكتب المدرسية وهذا يسجل كحصيلة لهذه الحكومة.
وهناك جهاز جديد لحماية المعطيات الشخصية، لأن كل واحد يكتب ما يريده بيد أنه لا يمكن المساس بأعراض الناس وممتلكاتهم وسيتم تنصيب هذا الجهاز، فالرئيس يعينه جلالة الملك والوزير الأول يعين عضوين ورئيس مجلس النواب يعين عضوين ورئيس مجلس المستشارين يعين عضوين، وأنتم تتذكرون كيف كانت الجماعات المحلية في 1962 و 1963 كانت كارثية لم تكن الاختصاصات ولم تكن الانتخابات، الاختصاصات تقدمت في 1977 واليوم هناك ميثاق جماعي يعطي اختصاصات أكثر ولابد أن أنوه في هذا الصدد بالعمل الذي يقوم به الأخ حميد شباط بفاس والمنتخبون فالحصيلة تشرف، وقد تابعت في قناة تلفزية فرنسية برنامجا عن فاس وهو مشرف وتحدث عن إحياء التراث والبنى التحتية والبرامج، والاعتزاز باللغة العربية، ومن أحسن الصدف أن ميلاد القناة الأمازيغية كان في عهد هذه الحكومة إنني أؤكد بهذه المناسبة أن دفاعنا عن اللغة العربية ولا يعني معاداتنا للغة الأمازيغية ولكن لا يمكن أن تحل الفرنسية محل العربية ولا نقبل أن تحل العامية أو الدارجة محل العربية لأن ذلك يحط من مستوى الفكر وهي لا تملك حمولة العربية في شعرها وبلاغتها العربية وهي لغة القرآن. مع تركيزنا باهتمام باللغات الأجنبية والانفتاح عليها
ولابد من الإشارة إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهو مؤسسة أحدثت في دستور 1992 ، والآن وصلنا إلى مرحلته النهائية وسيعين جلالة الملك تركيبته كي يباشر أشغاله وهو مهم فيه التجار والصناع ورجال الاقتصاد والنقابات العمالية والمنظمات، والأهم أن كل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية تحال عليه قبل أن تحال على البرلمان.
نجاح باهر على المستوى الديبلوماسي
فيما يتعلق بالدبلوماسية ، فالجزائر كانت مسيطرة على إفريقيا جنوب الصحراء، بينما كان لدينا أصدقاء مخلصون ولكن عددهم كان قليلا، وتغير الوضع حيث سحبت 20 دولة اعترافها بالجمهورية الوهمية وهي اليوم تؤيد المقترح المغربي، وبذلك تغير ميزان القوة، والمغرب رغم انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية بقي متصلا بإفريقيا، وبينما كانت الجزائر تقدم المال، كان المغرب يضمن تكوين الأطر الإفريقية فلدينا 10 آلاف طالب من إفريقيا جنوب الصحراء لديهم منحة مغربية، هؤلاء عاينوا أجواء الحرية والدمقرطة بالمغرب وهم سفراء لنا في بلدانهم كما يقيم المغرب تعاونا ثنائيا في الهندسة والزراعة ويقدم مساعدات إنسانية، وهناك مجموعة الساحل والصحراء (سين صاد) التي كونها العقيد معمر القذافي في 1997، وفي 2003 أصبح المغرب عضوا فيها، وهي تضم 28 دولة وهي مناسبة لتكون لنا علاقة مستمرة مع هذه الدول، وقد نُبت عن جلالة الملك في ثلاث قمم بليبيا والبنين وتشاد. وهناك مجموعة الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي من المغرب إلى إفريقيا الجنوبية ومقرها في المغرب وهي مهمة على مستوى الصيد البحري ومحاربة الإرهاب والمخدرات، وهي تجعل ثقلنا كبيرا في إفريقيا ثم هناك قمة الفرنكفونية التي أضحت منتدى اقتصاديا هاما وتتيح لنا الاتصال مع أكثر من عشرين دولة من إفريقيا دون أخرى من خارج إفريقيا.
ثم هناك العلاقة مع الاتحاد الأوروبي فنحن الوحيدون الحاصلون على صفة الوضع المتقدم، وكان لي شرف تمثيل جلالة الملك في قمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بغرناطة الإسبانية، وسجلوا بارتياح تقدم المغرب في ميدان حقوق الإنسان، وأشادوا بجدية وبمصداقية المقترح المغربي في الأقاليم الجنوبية. لذلك لنا علاقات اقتصادية وتجارية وسياحية مع أوروبا، كما هناك 3 مليون من إخواننا بأوروبا، وهناك أيضا الاتحاد من أجل المتوسط، لم يبدأ بداية طيبة بسبب الأزمة الاقتصادية وهو يضم 27 دولة من أوروبا و 14 من جنوب البحر المتوسط وهو سيكون قوة مهمة في مجال البيئة.
كما لدينا علاقات طبيعية كدولة عربية مع العالم العربي، حيث تتدفق علينا استثمارات عربية، إضافة إلى اتفاقية تجارية مع تونس ومصر والأردن.
حصيلة حكومية جيدة
إن تسريع وتيرة الأداء الحكومي تعتبر بحق من المكتسبات لأسباب كثيرة في مقدمتها ثقة جلالة الملك، ونسجل بارتياح كبير أن جميع أرقام الحصيلة لسنتي 2008 و2009 أحسن بكثير من أرقام 2007 وما قبلها، وفي مختلف القطاعات.
إن الأزمة الاقتصادية العالمية خلفت نتائج كارثية في العديد من أصقاع المعمور، وهناك الكثير من الدول الأوروبية نزلت عن الصفر فيما يتعلق بمعدل النمو سنتي 2008 و 2009 بينما نحن في المغرب حققنا معدل نمو وصل إلى 6،5 بالمائة سنة 2008 و 3،5 بالمائة سنة 2009، كما أن غالبية الإحصائيات المتعلقة بتصدير المواد الفلاحية جيدة وفي ارتفاع، و تنفيذ الأوراش الكبرى متواصل بالوتيرة المطلوبة، ومكاسب أخرى تحققت بالنسبة لتمثيلية المرأة في المؤسسات المنتخبة. وفي مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير والصحافة.
وكل المجهود المالي تحقق رغم أن المالية العامة تحملت تكاليف مهمة جدا فيما يتعلق بتمويل الحوار الاجتماعي الذي كلف 19 مليار درهم. وتمويل حذف السلالم الدنيا من 1 إلى 4 وبأثر رجعي ومساعدة كثير من المقاولات للحفاظ على مناصب الشغل.
نحن وحدويون
فيما يخص الحياة السياسية، نحن في حزب الاستقلال وحدويون، عندما حصلنا على الاستقلال جاء الزعيم الطريس إلى الزعيم علال الفاسي لانجاز الوحدة بين الحزبين ونحن دائما مع الوحدة ونصفق لها، لذلك قمنا بتشكيل الكتلة الوطنية في عهد الزعيم علال في 1970 ثم قمنا بتشكيل الكتلة الديمقراطية سنة 1992 . وعندما يرفض بعض الحلفاء الاستمرار لأسباب لانعرفها لانفعل شيئا ولكن نستمر في الطريق.
الآن نقول لانعادي أحدا، نتدارس الأفكار والبرامج وليس الأشخاص، الأهم بالنسبة لحزب الاستقلال اليوم هو كيف نبني مغربنا وكيف نكمل وحدتنا الترابية وكيف ننمي فلاحتنا وصناعتنا التقليدية ؟
ونجدد التأكيد اليوم بالنسبة لتحالفاتنا أنه هناك حلفاؤنا في الكتلة وحلفاؤنا في الحكومة وفي الحكومات السابقة، ومن شعرنا بأن له استقلالية في القرار فنحن معه.
التعديل الدستوري بتوافق مع جلالة الملك
لقد كثر الحديث عن الاصلاحات الدستورية ونحا في بعض الأحيان إلى المزايدة، وبهذه المناسبة نقول أولا إن التعديل الدستوري لوحده غير كافي، ففي سنوات الرصاص وتزوير الانتخابات والشطط في استعمال السلطة ونهب خيرات البلاد كانت هناك دساتير تمنع وجود وسيادة مثل هذه المظاهر، لكن التنصيص لم يكن كافيا، لذلك نقول بأنه إضافة إلى تعديل الدستور لابد من تطبيق مضامينه تطبيقا سليما.
ونحن نفهم الدستور على أنه تعاقد بين الأطراف المكونة للمجتمع، وهذا التعاقد لايمكن أن يتم على أساس المواجهة، لذلك اخترنا في حزب الاستقلال منهجية التوافق مع جلالة الملك. لانريدها مناسبة للتصعيد.
وأعتقد أن التعديل الدستوري سيتم في بحر السنتين القادمتين، وستكون لنا فرصة لدراسة هذا الموضوع وعرض مطالبنا خصوصا مايتعلق بتوسيع اختصاصات البرلمان ودسترة اللغة الأمازيغية وتوسيع حقوق الإنسان وغيرها إضافة إلى قضية الجهوية التي تشتغل اللجنة الاستشارية للجهوية حولها، والحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، ولكن ماذا يقول الدستور، أن مشروعه يصوغه جلالة الملك ويقدمه للاستفتاء، ولكن يقول أيضا مجلس النواب يصوغ مشروع الدستور ويطرحه للاستفتاء، لذا فمن هو في عجلة من أمره ولايريد طريقتنا الحضارية أي عدم المواجهة يمكنه أن يسلك الطريق الآخر. إذن الحديث الكثير عن التعديل الدستوري ليس وساما، نحن نريد تلاحما مع العرش كما كان دائما.
فيما يتعلق بالعمل الحكومي سنستمر في الأشغال الكبرى في الطرق والطرق السيارة والقطار فائق السرعة والموانئ والمواقع السياحية مثل مارتشيكا، ونحن نرى أن الميناء المتوسطي فرض وجوده في حوض المتوسط، وهناك مشروع جديد تحت اسم ميناء الناضور غرب لتزويد البواخر بالوقود وهو مبادرة من جلالة الملك ويذكر أن 75 في المائة من نشاط الملاحة سيمر عبر هذا الميناء.
وأما مايهم التغطية الصحية فكانت تقتصر على الموظفين فقمنا بتعميمها على الطبقة الشغيلة وسندعمها بالمساعدة الطبية للمعوزين، وقد انطلقت في تادلة أزيلال حيث تسلم المعنيون البطائق لتلقي العلاجات بالمجان في أفق تعميمها على جميع المواطنين، هذا بالإضافة إلى توزيع الأنسولين بالمجان على المعوزين، وفسح المجال للأمهات الحوامل للوضع في المراكز الصحية والمستشفيات بالمجان وهو ما ساهم في تخفيض الوفيات ب 130 بالمائة.
لذلك سنستمر في التنمية الاجتماعية وسنتدارك النقط السلبية وفق التوجيهات الملكية، ونظل في حزب الاستقلال متفائلين، نطور برنامجنا وأفكارنا ولانمس مبادئنا لأنها راسخة، وهذا مايضمن لنا وحدة الصف، فالأقلية تناقش وتنتقد لكنها تخضع لرأي الأغلبية.
وفي الختام أشكركم على الحضور.
«ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب».
والسلام عليكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.