المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة الوزير الأول السيد عباس الفاسي بمناسبة استئناف أشغال المجلس الحكومي
خطاب العرش مرجعية أساسية وقاعدة متينة للعمل الحكومي
نشر في العلم يوم 21 - 08 - 2010


لسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة أعضاء الحكومة ؛
نعقد اليوم الاجتماع الأول لمجلس الحكومة بعد احتفائنا بالذكرى الحادية عشرة لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله ونصره عرش أسلافه الميامين، وهي مناسبة نجدد فيها آيات الولاء والإخلاص لجلالته حفظه الله، داعين له بالمزيد من التوفيق واطراد النجاح فيما يقدم عليه من سديد الخطوات وجليل الأعمال.
ونعتبر هذه الفرصة مواتية لاستحضار مضامين خطاب العرش المجيد الذي أكد على ثوابت المغرب المتمثلة في وحدة الوطن والتراب والهوية، وفي مقدسات الأمة التي يسهر على استمراريتها ويضمنها جلالته حفظه الله كأمير للمؤمنين.
كما وضع جلالته في مقدمة الدعامات، توطيد الصرح الديمقراطي وترسيخ دولة الحق والقانون واعتماد إصلاحات حقوقية ومؤسسية عميقة.
وقد شكل هذا الخطاب السامي بحق، مرجعية أساسية وقاعدة متينة للعمل الحكومي، إذ حدد فيه جلالته حفظه الله خارطة طريق لاستكمال المسلسل التنموي في مختلف القطاعات الأساسية ببلادنا، وسطر معالم التوجهات الكبرى الكفيلة بدعم هذا المسار. كما أوضح حفظه الله الأولويات والرهانات الكبرى وأعطى توجيهاته النيرة للحكومة للعمل على رفع مختلف التحديات التي تواجه بلادنا.
وفي هذا السياق، تظل القضية الوطنية وتحصين الوحدة الترابية للمملكة في مقدمة الأولويات، مسجلين دوما باعتزاز المبادرة المقدامة للحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية كحل دائم وفعال وواقعي لهذه القضية ؛ هذه المبادرة التي أصبحت تحظى بدعم متزايد من طرف المنتظم الدولي. وما سحب أربع دول من الكاريبي مؤخرا اعترافها بالجمهورية الوهمية المزعومة، وهي : غرانادا (Grenade) وأنتيغا وبربودا (Antigua et Barbuda) وسانت كيتس ونيفيس (Saint Kitt and Nevis) وسانت لوسيا (Sainte Lucie) إلا عنوان آخر لوجاهة الموقف المغربي وللمجهود الذي تبذله الدبلوماسية المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة أيده الله ونصره.
ولا يسعنا بهذه المناسبة، إلا أن نؤكد تجند الحكومة الدائم وراء صاحب الجلالة حفظه الله لصون وحدتنا الترابية والدفاع عن سيادتها.
حضرات السيدات والسادة ؛
لقد وقف جلالته حفظه الله على ما تم قطعه من أشواط متقدمة ببلادنا، مسجلين بكل اعتزاز ما صدر عن جلالته من سابغ العناية للمجهود المبذول والنتائج المشجعة والملموسة التي حققتها المخططات القطاعية، وكذا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وإذا كان للحكومة أن تشعر بالفخر والاعتزاز بهذه النتائج، فإن الفضل يعود فيها إلى النظرة المتبصرة والاستشرافية لجلالته حفظه الله، للمسار التنموي لبلادنا وإلى حرص جلالته على الوقوف الميداني والقيام بزيارات تفقدية لمختلف مدن وقرى المملكة من أجل تتبع إنجاز الأوراش التنموية والبرامج القطاعية، تجسيدا لسياسة القرب التي نادى بها جلالته.
ومن جهة أخرى، تطرق الخطاب السامي إلى ما يتعين إزاحته من معيقات لاستكمال مقومات النموذج التنموي الديمقراطي، إذ لم يفت جلالته أن يستشرف مستقبل البلاد من خلال حث الحكومة والبرلمان وكافة الفاعلين على بذل المزيد من الجهد للتطبيق الأمثل لكل الإستراتيجيات التنموية المعتمدة ببلادنا.
وفي هذا السياق، أعطى جلالته حفظه الله تعليماته النيرة إلى الحكومة في المجالات التالية :
أولا : التنمية المستدامة، وفي صلبها المسألة البيئية، وكذا النجاعة الطاقية، واعتماد سياسة جديدة للماء، ومواصلة تطوير برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ؛
ثانيا : الحكامة الجيدة، من خلال إصلاح القضاء وفق جدولة مضبوطة، والحرص على حسن انطلاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والحفاظ على التوازنات الاقتصادية وترشيد النفقات، وتحديث الإطار القانوني المحفز في مجال الأعمال، وحسن استثمار مصداقية القطاع البنكي والمالي الوطني ؛
ثالثا : عقلنة تدبير السياسات القطاعية من خلال استجلاء منظور استراتيجي مندمج يتم في إطاره التفاعل الضروري لمختلف الإستراتيجيات القطاعية، مع اعتماد الآليات اللازمة للتكامل فيما بينها.
وعلى هذا الأساس، يسعى اجتماعنا هذا إلى وضع الترتيبات العامة التي يقتضيها تفعيل التوجيهات والتعليمات الملكية السامية بشأن القضايا والملفات الأساسية التي خصها جلالته حفظه الله بسابغ عنايته وفائق اهتمامه. ونرى من الملائم في هذا الاجتماع أن نتمعن في هذه التوجيهات، ونحدد جدولة للشروع في تنفيذها.
أولا : ففيما يتعلق بالتنمية المستدامة، أعطى جلالته حفظه الله تعليمات واضحة للحكومة من أجل :
1- مواصلة تطوير برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي حققت كما قال جلالته حفظه الله نتائج ملموسة خلال الخمس سنوات الماضية، وذلك بالوقوف الميداني، والتقويم والتعميم لتشمل كافة المناطق والفئات المعوزة.
2- بلورة الميثاق الوطني لحماية البيئة في مشروع قانون إطار يكون، كما أراده صاحب الجلالة حفظه الله، مرجعا للسياسات العمومية ؛
3- استثمار المكاسب الجديدة المشهود بها لبلادنا في مجال السدود وتعزيزها بسياسة جديدة للماء قائمة على تعبئة موارده وعقلنة استعماله؛
4- تنفيذ استراتيجية النجاعة الطاقية لاسيما الريحية منها، بالعمل على تعميمها على كل المناطق الملائمة لبلادنا؛
5- مضاعفة الجهود لجلب شراكات مثمرة لإنجاز المشروع الضخم لإنتاج الطاقة الشمسية.
وتبعا لهذه التعليمات السامية الدقيقة، سوف تقوم السيدة وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، والسيد كاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة، كل فيما يخصه، بالتنسيق مع مختلف الجهات المعنية، من أجل :
* تقديم مشروع قانون إطار حول البيئة قبل أواخر السنة الجارية، وذلك حتى نتمكن من دراسته وتبنيه وتقديمه في آجال معقولة.
* البحث عن السبل الكفيلة بالتحكم بشكل أفضل في استعمال الموارد المائية ببلادنا، وهي مسألة أساسية يتعين إيلاؤها كامل الاهتمام، لما لها من انعكاسات عميقة على مستقبل بلادنا وحاجات الأجيال المقبلة من هذه المادة الحيوية النادرة.
وفي هذا الصدد، أطلب من السيد كاتب الدولة، التحضير لاجتماع موسع نخصصه لموضوع استعمال الموارد المائية ببلادنا.
كما أتوجه إلى السيدة الوزيرة لتقوم بالتنسيق مع الوكالة المغربية للطاقة الشمسية من أجل بلورة التعليمات المولوية في ترتيبات عملية تروم عقد شراكات وجلب الاستثمارات لإنتاج الطاقة الشمسية ببلادنا، وفق ما تم تسطيره في البرنامج المقدم أمام جلالته في هذا الشأن.
ثانيا : فيما يخص الحكامة الجيدة، وعلى الخصوص فيما يتعلق بإصلاح القضاء الذي يحظى بانشغال بالغ لصاحب الجلالة حفظه الله، أذكر بأنه بعد الخطاب الملكي السامي ل 20 غشت 2009، عكفت الحكومة على بلورة مخطط متكامل لتجسيد التعليمات المولوية السامية والقاضية، كما تعلمون، بتعزيز ضمانات استقلال القضاء، وتحديث المنظومة القانونية، وتأهيل الهياكل والموارد البشرية، والرفع من النجاعة القضائية، وترسيخ التخليق. كما سبق لجلالته حفظه الله أن أناط بالحكومة، وخاصة وزارة العدل، مسؤولية تفعيل هذا الإصلاح والإشراف عليه. لذا فإن السيد وزير العدل سيعمل جاهدا على استكمال الأشغال التحضيرية والترتيبات القانونية المجسدة لهذا الإصلاح الهام في الأسابيع المقبلة.
أما فيما يخص المجلس الاقتصادي والاجتماعي وطبقا للتعليمات المولوية الصادرة في هذا الشأن، فقد حرصت الحكومة على إعداد وإصدار النصوص التشريعية والتنظيمية المجسدة له. ونحن الآن في المراحل النهائية قبل إقامة هذه الهيئة الدستورية، حيث تقوم حاليا النقابات والهيئات والجمعيات الممثلة فيها بتقديم ترشيحاتها طبقا للمرسوم الذي صدر مؤخرا في هذا الشأن.
وتهم أوراش الإصلاح أيضا، إعادة هيكلة القطاعات التي أبانت الأزمة العالمية عن محدوديتها، وهو ما أضحى معه ضرورة مواصلة لجنة اليقظة المحدثة، تحت إشراف السيد وزير الاقتصاد والمالية، تكييف أساليب تدخل ودعم الدولة للقطاعات المتضررة، بإدماج الانشغالات التي عبر عنها جلالته حفظه الله في هذا الشأن. وننتظر من هذه اللجنة أن تنكب في اقرب الآجال على هذا الموضوع وتقديم مقترحات وتدابير عملية بشأنه.
وبالنسبة لتحسين مناخ الأعمال الذي نادى به جلالته حفظه الله، فإن اللجنة الوطنية المكلفة بمناخ الأعمال التي أحدثناها مؤخرا لهذه الغاية، مطالبة بالتمعن في التعليمات المولوية السامية ذات الصلة، وذلك بهدف اقتراح تدابير وآليات جديدة من شأنها إضفاء جاذبية أكثر على مجال الأعمال حتى يكون أكثر خدمة لحسن استثمار مصداقية القطاع البنكي والمالي الوطني.
وأغتنم هذه المناسبة، ونحن بصدد الإعداد لمشروع قانون المالية لسنة 2011، للتأكيد على وجوب الاستعمال الأمثل للموارد المتوفرة، وترشيد النفقات والتحكم في نمط عيش الإدارة الذي أخذ، منذ السنين الأخيرة، منحى تصاعديا وجب معه المزيد من الرصانة والصرامة في الإنفاق العام، وهو ما شددنا عليه في المنشور الموجه إليكم بتاريخ 20 يوليوز 2010.
ثالثا : عقلنة تدبير السياسات القطاعية، ويقتضي الأمر هنا، كما أمر بذلك جلالة الملك، استجلاء منظور استراتيجي مندمج يتم في إطاره التفاعل اللازم لمختلف المخططات القطاعية. وتنطوي التعليمات الملكية السامية بهذا الشأن على شقين : أولا تقويم المخططات القطاعية، ثانيا التكامل والتجانس فيما بينها.
ففيما يخص تقويم المخططات القطاعية، أود الإشارة إلى أنه، بالإضافة إلى الدعوة إلى مواصلة إنجاز التجهيزات الكبرى في مجالات توسيع شبكات ومحطات النقل والمواصلات، وإقامة مناطق حرة وأقطاب صناعية مندمجة، فقد تم التركيز في الخطاب الملكي السامي على قطاعات حيوية وواعدة هي : الفلاحة، والصيد البحري، والسياحة، والصناعة، والسكن، وكذا التفعيل الأمثل للإستراتيجية الوطنية للمناطق اللوجيستيكية، وأعطى جلالته حفظه الله بشأن كل واحدة منها، تعليمات واضحة تروم التدقيق في مضامين هذه المخططات وتوسيع آفاق تطويرها.
وبناء عليه، أتوجه إلى السادة الوزراء المشرفين على هذه القطاعات لحثهم على تشكيل فرق عمل للانكباب كل فيما يخصه، على هذه التعليمات السامية، بما يمكنهم من ملاءمة مخططات عمل قطاعهم ومخططات عمل المؤسسات التابعة لهم، مع التوجيهات الملكية السامية، بتقويم ما يتعين تقويمه، أوإدماج مشاريع جديدة تثري عمل القطاع وتفتح آفاقا جديدة لتطويره، وترفع من وتيرة تنفيذ المنجزات، وفقا للإرادة الملكية السامية.
وفي هذا السياق، خص جلالته حفظه الله حيزا هاما من الخطاب السامي للتطرق إلى إشكالية تأهيل الموارد البشرية، ومن ثمة إلى أوضاع نظامنا التعليمي، مُنَبِّهاً الحكومة إلى ما يتعين القيام به لتصبح منظومتنا التربوية قاطرة للتنمية، وذات مردودية في مستوى المجهودات والاستثمارات المعبأة لصالحها.
وإننا لمدعوون جميعا للعمل في هذا الاتجاه وتركيز جهودنا على عقلنة تدبير منظومتنا التربوية، بما يجعلها أكثر إنتاجية ومردودية.
كما أود أن أشير إلى أنه بقدرما سجَّل حفظه الله المجهود التحفيزي الكبير الذي تبذله الدولة في قطاع السكن، فإنه شدد على ضرورة انخراط كافة الفاعلين في هذا المجهود، وعلى التزام جميع السلطات الحكومية المعنية بالتطبيق الصارم للقانون.
ويستنتج من ذلك توجهان أساسيان : أولهما يتعلق بالعمل على ابتكار أساليب جديدة للتنسيق بين كافة الفاعلين والمتدخلين في هذا المجال الحيوي، وثانيهما يهم الاستهداف الأمثل للمستفيدين من هذا المجهود، وذلك بوضع برامج مضبوطة من أجل تمكين ذوي الدخل المحدود وقاطني الأحياء الصفيحية من الحصول على سكن اجتماعي لائق.
ويتعين مراعاة هذه الجوانب عند وضع البرامج المعدة لهذا الغرض، بما يستجيب للغاية المثلى المتوخاة من هذا الورش الاجتماعي الكبير الذي يرعاه جلالته حفظه الله.
أما فيما يهم التكامل بين المخططات القطاعية وتجانسها، فهي كلها أوراش تستدعي منا جميعا البحث المتواصل عن المنهجية والمقاربات المناسبة والأساليب الناجعة التي من شأنها بلوغ هذه الغاية، ذلك أن هناك تحديا حقيقيا يتمثل في ضرورة التلازم بين هذه الأوراش ضمن منظور استراتيجي مندمج، لا مجال معه للنظرة القطاعية الضيقة، كما نبَّه إلى ذلك جلالته حفظه الله.
لذا أرى أن نعقد قريبا بحول الله، اجتماعا في الإطار الأنسب، نخصصه للبحث عن سبل تحقيق الالتقائية بين المخططات القطاعية والتجانس فيما بينها، واستجلاء رؤية موحدة في هذا الشأن.
حضرات السيدات والسادة ؛
لقد دعا جلالة الملك حفظه الله الحكومة إلى أن تركز السياسات العمومية على توسيع قاعدة الطبقة الوسطى باعتبارها ركيزة للتوازن الاجتماعي والتنمية والتحديث. وفي هذا الصدد، ومنذ أن أعطى جلالته تعليماته السامية في هذا الشأن، بادرت الحكومة إلى إحداث لجنة وزارية في الموضوع، واتخذت بالموازاة مبادرات وإجراءات على المستويين المنهجي والإجرائي لفائدة الطبقة الوسطى. ويتعين مواصلة هذه الجهود في إطار المنهجية العامة التي تبنيناها بهذا الخصوص، داعيا إياكم إلى إيلاء هذا البعد عناية خاصة ومتواصلة عند وضع المشاريع والمخططات.
كما أنتظر من اللجنة السالفة الذكر، أن تحرص على استكمال الدراسة الجارية في هذا الشأن وعرض خلاصاتها على أنظار الحكومة في أقرب أجل.
حضرات السيدات والسادة ؛
إن هذه الإصلاحات التي دعا إليها جلالته حفظه الله، في ظل التحضير لانطلاق جهوية موسعة، تمليها بإلحاح ضرورة إزاحة العوائق التي وقف عليها جلالته حينما أكد على ضعف التنافسية، واختلال تناسق حكامة المخططات القطاعية، وتأهيل الموارد البشرية باعتباره التحدي الأكبر الذي تواجهه بلادنا.
ومن هذا المنطلق، فإننا مطالبون، حكومة وجهازاً تشريعياً وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين وباحثين، إلى التأمل في هذه التحديات بإحساس كبير بالمسؤولية، وبكل تجرد وواقعية، لاستكمال بناء النموذج التنموي الديمقراطي المغربي الذي ما فتئ جلالته حفظه الله يدعو إليه، وهو النموذج الذي يستند على النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وعلى توطيد التضامن وجعلهما محورا للسياسات العمومية، كما أكد جلالته حفظه الله على ذلك.
ولنفس الغاية، ستكثف الحكومة جهودها من أجل تحسين القدرات التنافسية لاقتصادنا الوطني وجاذبيته، وعلى الرفع من حجم الاستثمارات ببلادنا، بما أوتينا من موارد ومؤهلات يتعين استثمارها بالشكل الأفضل.
وأخيرا، نجدد عزمنا جميعا على حسن تنفيذ التعليمات السامية، والعمل على وضع وإنجاح الإصلاحات التي دعا إليها جلالته حفظه الله، في إطار من التشاور بين مختلف مكونات الأغلبية، والتفاعل الإيجابي بين أعضاء الحكومة، وفي ظل التضامن الحكومي الذي ينبني عليه عملنا.
ولا تفوتني المناسبة دون أن أتقدم إليكم بأحر التهانئ بمناسبة شهر رمضان المبارك الكريم، متوجها إلى الباري تعالى كي يحفظ جلالة الملك ويمد في عمره لتحقيق المزيد مما ينشده لهذا الوطن الأمين ولشعبه الوفي.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.