الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة الوزير الأول السيد عباس الفاسي بمناسبة استئناف أشغال المجلس الحكومي
خطاب العرش مرجعية أساسية وقاعدة متينة للعمل الحكومي
نشر في العلم يوم 21 - 08 - 2010


لسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة أعضاء الحكومة ؛
نعقد اليوم الاجتماع الأول لمجلس الحكومة بعد احتفائنا بالذكرى الحادية عشرة لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله ونصره عرش أسلافه الميامين، وهي مناسبة نجدد فيها آيات الولاء والإخلاص لجلالته حفظه الله، داعين له بالمزيد من التوفيق واطراد النجاح فيما يقدم عليه من سديد الخطوات وجليل الأعمال.
ونعتبر هذه الفرصة مواتية لاستحضار مضامين خطاب العرش المجيد الذي أكد على ثوابت المغرب المتمثلة في وحدة الوطن والتراب والهوية، وفي مقدسات الأمة التي يسهر على استمراريتها ويضمنها جلالته حفظه الله كأمير للمؤمنين.
كما وضع جلالته في مقدمة الدعامات، توطيد الصرح الديمقراطي وترسيخ دولة الحق والقانون واعتماد إصلاحات حقوقية ومؤسسية عميقة.
وقد شكل هذا الخطاب السامي بحق، مرجعية أساسية وقاعدة متينة للعمل الحكومي، إذ حدد فيه جلالته حفظه الله خارطة طريق لاستكمال المسلسل التنموي في مختلف القطاعات الأساسية ببلادنا، وسطر معالم التوجهات الكبرى الكفيلة بدعم هذا المسار. كما أوضح حفظه الله الأولويات والرهانات الكبرى وأعطى توجيهاته النيرة للحكومة للعمل على رفع مختلف التحديات التي تواجه بلادنا.
وفي هذا السياق، تظل القضية الوطنية وتحصين الوحدة الترابية للمملكة في مقدمة الأولويات، مسجلين دوما باعتزاز المبادرة المقدامة للحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية كحل دائم وفعال وواقعي لهذه القضية ؛ هذه المبادرة التي أصبحت تحظى بدعم متزايد من طرف المنتظم الدولي. وما سحب أربع دول من الكاريبي مؤخرا اعترافها بالجمهورية الوهمية المزعومة، وهي : غرانادا (Grenade) وأنتيغا وبربودا (Antigua et Barbuda) وسانت كيتس ونيفيس (Saint Kitt and Nevis) وسانت لوسيا (Sainte Lucie) إلا عنوان آخر لوجاهة الموقف المغربي وللمجهود الذي تبذله الدبلوماسية المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة أيده الله ونصره.
ولا يسعنا بهذه المناسبة، إلا أن نؤكد تجند الحكومة الدائم وراء صاحب الجلالة حفظه الله لصون وحدتنا الترابية والدفاع عن سيادتها.
حضرات السيدات والسادة ؛
لقد وقف جلالته حفظه الله على ما تم قطعه من أشواط متقدمة ببلادنا، مسجلين بكل اعتزاز ما صدر عن جلالته من سابغ العناية للمجهود المبذول والنتائج المشجعة والملموسة التي حققتها المخططات القطاعية، وكذا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وإذا كان للحكومة أن تشعر بالفخر والاعتزاز بهذه النتائج، فإن الفضل يعود فيها إلى النظرة المتبصرة والاستشرافية لجلالته حفظه الله، للمسار التنموي لبلادنا وإلى حرص جلالته على الوقوف الميداني والقيام بزيارات تفقدية لمختلف مدن وقرى المملكة من أجل تتبع إنجاز الأوراش التنموية والبرامج القطاعية، تجسيدا لسياسة القرب التي نادى بها جلالته.
ومن جهة أخرى، تطرق الخطاب السامي إلى ما يتعين إزاحته من معيقات لاستكمال مقومات النموذج التنموي الديمقراطي، إذ لم يفت جلالته أن يستشرف مستقبل البلاد من خلال حث الحكومة والبرلمان وكافة الفاعلين على بذل المزيد من الجهد للتطبيق الأمثل لكل الإستراتيجيات التنموية المعتمدة ببلادنا.
وفي هذا السياق، أعطى جلالته حفظه الله تعليماته النيرة إلى الحكومة في المجالات التالية :
أولا : التنمية المستدامة، وفي صلبها المسألة البيئية، وكذا النجاعة الطاقية، واعتماد سياسة جديدة للماء، ومواصلة تطوير برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ؛
ثانيا : الحكامة الجيدة، من خلال إصلاح القضاء وفق جدولة مضبوطة، والحرص على حسن انطلاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والحفاظ على التوازنات الاقتصادية وترشيد النفقات، وتحديث الإطار القانوني المحفز في مجال الأعمال، وحسن استثمار مصداقية القطاع البنكي والمالي الوطني ؛
ثالثا : عقلنة تدبير السياسات القطاعية من خلال استجلاء منظور استراتيجي مندمج يتم في إطاره التفاعل الضروري لمختلف الإستراتيجيات القطاعية، مع اعتماد الآليات اللازمة للتكامل فيما بينها.
وعلى هذا الأساس، يسعى اجتماعنا هذا إلى وضع الترتيبات العامة التي يقتضيها تفعيل التوجيهات والتعليمات الملكية السامية بشأن القضايا والملفات الأساسية التي خصها جلالته حفظه الله بسابغ عنايته وفائق اهتمامه. ونرى من الملائم في هذا الاجتماع أن نتمعن في هذه التوجيهات، ونحدد جدولة للشروع في تنفيذها.
أولا : ففيما يتعلق بالتنمية المستدامة، أعطى جلالته حفظه الله تعليمات واضحة للحكومة من أجل :
1- مواصلة تطوير برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي حققت كما قال جلالته حفظه الله نتائج ملموسة خلال الخمس سنوات الماضية، وذلك بالوقوف الميداني، والتقويم والتعميم لتشمل كافة المناطق والفئات المعوزة.
2- بلورة الميثاق الوطني لحماية البيئة في مشروع قانون إطار يكون، كما أراده صاحب الجلالة حفظه الله، مرجعا للسياسات العمومية ؛
3- استثمار المكاسب الجديدة المشهود بها لبلادنا في مجال السدود وتعزيزها بسياسة جديدة للماء قائمة على تعبئة موارده وعقلنة استعماله؛
4- تنفيذ استراتيجية النجاعة الطاقية لاسيما الريحية منها، بالعمل على تعميمها على كل المناطق الملائمة لبلادنا؛
5- مضاعفة الجهود لجلب شراكات مثمرة لإنجاز المشروع الضخم لإنتاج الطاقة الشمسية.
وتبعا لهذه التعليمات السامية الدقيقة، سوف تقوم السيدة وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، والسيد كاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة، كل فيما يخصه، بالتنسيق مع مختلف الجهات المعنية، من أجل :
* تقديم مشروع قانون إطار حول البيئة قبل أواخر السنة الجارية، وذلك حتى نتمكن من دراسته وتبنيه وتقديمه في آجال معقولة.
* البحث عن السبل الكفيلة بالتحكم بشكل أفضل في استعمال الموارد المائية ببلادنا، وهي مسألة أساسية يتعين إيلاؤها كامل الاهتمام، لما لها من انعكاسات عميقة على مستقبل بلادنا وحاجات الأجيال المقبلة من هذه المادة الحيوية النادرة.
وفي هذا الصدد، أطلب من السيد كاتب الدولة، التحضير لاجتماع موسع نخصصه لموضوع استعمال الموارد المائية ببلادنا.
كما أتوجه إلى السيدة الوزيرة لتقوم بالتنسيق مع الوكالة المغربية للطاقة الشمسية من أجل بلورة التعليمات المولوية في ترتيبات عملية تروم عقد شراكات وجلب الاستثمارات لإنتاج الطاقة الشمسية ببلادنا، وفق ما تم تسطيره في البرنامج المقدم أمام جلالته في هذا الشأن.
ثانيا : فيما يخص الحكامة الجيدة، وعلى الخصوص فيما يتعلق بإصلاح القضاء الذي يحظى بانشغال بالغ لصاحب الجلالة حفظه الله، أذكر بأنه بعد الخطاب الملكي السامي ل 20 غشت 2009، عكفت الحكومة على بلورة مخطط متكامل لتجسيد التعليمات المولوية السامية والقاضية، كما تعلمون، بتعزيز ضمانات استقلال القضاء، وتحديث المنظومة القانونية، وتأهيل الهياكل والموارد البشرية، والرفع من النجاعة القضائية، وترسيخ التخليق. كما سبق لجلالته حفظه الله أن أناط بالحكومة، وخاصة وزارة العدل، مسؤولية تفعيل هذا الإصلاح والإشراف عليه. لذا فإن السيد وزير العدل سيعمل جاهدا على استكمال الأشغال التحضيرية والترتيبات القانونية المجسدة لهذا الإصلاح الهام في الأسابيع المقبلة.
أما فيما يخص المجلس الاقتصادي والاجتماعي وطبقا للتعليمات المولوية الصادرة في هذا الشأن، فقد حرصت الحكومة على إعداد وإصدار النصوص التشريعية والتنظيمية المجسدة له. ونحن الآن في المراحل النهائية قبل إقامة هذه الهيئة الدستورية، حيث تقوم حاليا النقابات والهيئات والجمعيات الممثلة فيها بتقديم ترشيحاتها طبقا للمرسوم الذي صدر مؤخرا في هذا الشأن.
وتهم أوراش الإصلاح أيضا، إعادة هيكلة القطاعات التي أبانت الأزمة العالمية عن محدوديتها، وهو ما أضحى معه ضرورة مواصلة لجنة اليقظة المحدثة، تحت إشراف السيد وزير الاقتصاد والمالية، تكييف أساليب تدخل ودعم الدولة للقطاعات المتضررة، بإدماج الانشغالات التي عبر عنها جلالته حفظه الله في هذا الشأن. وننتظر من هذه اللجنة أن تنكب في اقرب الآجال على هذا الموضوع وتقديم مقترحات وتدابير عملية بشأنه.
وبالنسبة لتحسين مناخ الأعمال الذي نادى به جلالته حفظه الله، فإن اللجنة الوطنية المكلفة بمناخ الأعمال التي أحدثناها مؤخرا لهذه الغاية، مطالبة بالتمعن في التعليمات المولوية السامية ذات الصلة، وذلك بهدف اقتراح تدابير وآليات جديدة من شأنها إضفاء جاذبية أكثر على مجال الأعمال حتى يكون أكثر خدمة لحسن استثمار مصداقية القطاع البنكي والمالي الوطني.
وأغتنم هذه المناسبة، ونحن بصدد الإعداد لمشروع قانون المالية لسنة 2011، للتأكيد على وجوب الاستعمال الأمثل للموارد المتوفرة، وترشيد النفقات والتحكم في نمط عيش الإدارة الذي أخذ، منذ السنين الأخيرة، منحى تصاعديا وجب معه المزيد من الرصانة والصرامة في الإنفاق العام، وهو ما شددنا عليه في المنشور الموجه إليكم بتاريخ 20 يوليوز 2010.
ثالثا : عقلنة تدبير السياسات القطاعية، ويقتضي الأمر هنا، كما أمر بذلك جلالة الملك، استجلاء منظور استراتيجي مندمج يتم في إطاره التفاعل اللازم لمختلف المخططات القطاعية. وتنطوي التعليمات الملكية السامية بهذا الشأن على شقين : أولا تقويم المخططات القطاعية، ثانيا التكامل والتجانس فيما بينها.
ففيما يخص تقويم المخططات القطاعية، أود الإشارة إلى أنه، بالإضافة إلى الدعوة إلى مواصلة إنجاز التجهيزات الكبرى في مجالات توسيع شبكات ومحطات النقل والمواصلات، وإقامة مناطق حرة وأقطاب صناعية مندمجة، فقد تم التركيز في الخطاب الملكي السامي على قطاعات حيوية وواعدة هي : الفلاحة، والصيد البحري، والسياحة، والصناعة، والسكن، وكذا التفعيل الأمثل للإستراتيجية الوطنية للمناطق اللوجيستيكية، وأعطى جلالته حفظه الله بشأن كل واحدة منها، تعليمات واضحة تروم التدقيق في مضامين هذه المخططات وتوسيع آفاق تطويرها.
وبناء عليه، أتوجه إلى السادة الوزراء المشرفين على هذه القطاعات لحثهم على تشكيل فرق عمل للانكباب كل فيما يخصه، على هذه التعليمات السامية، بما يمكنهم من ملاءمة مخططات عمل قطاعهم ومخططات عمل المؤسسات التابعة لهم، مع التوجيهات الملكية السامية، بتقويم ما يتعين تقويمه، أوإدماج مشاريع جديدة تثري عمل القطاع وتفتح آفاقا جديدة لتطويره، وترفع من وتيرة تنفيذ المنجزات، وفقا للإرادة الملكية السامية.
وفي هذا السياق، خص جلالته حفظه الله حيزا هاما من الخطاب السامي للتطرق إلى إشكالية تأهيل الموارد البشرية، ومن ثمة إلى أوضاع نظامنا التعليمي، مُنَبِّهاً الحكومة إلى ما يتعين القيام به لتصبح منظومتنا التربوية قاطرة للتنمية، وذات مردودية في مستوى المجهودات والاستثمارات المعبأة لصالحها.
وإننا لمدعوون جميعا للعمل في هذا الاتجاه وتركيز جهودنا على عقلنة تدبير منظومتنا التربوية، بما يجعلها أكثر إنتاجية ومردودية.
كما أود أن أشير إلى أنه بقدرما سجَّل حفظه الله المجهود التحفيزي الكبير الذي تبذله الدولة في قطاع السكن، فإنه شدد على ضرورة انخراط كافة الفاعلين في هذا المجهود، وعلى التزام جميع السلطات الحكومية المعنية بالتطبيق الصارم للقانون.
ويستنتج من ذلك توجهان أساسيان : أولهما يتعلق بالعمل على ابتكار أساليب جديدة للتنسيق بين كافة الفاعلين والمتدخلين في هذا المجال الحيوي، وثانيهما يهم الاستهداف الأمثل للمستفيدين من هذا المجهود، وذلك بوضع برامج مضبوطة من أجل تمكين ذوي الدخل المحدود وقاطني الأحياء الصفيحية من الحصول على سكن اجتماعي لائق.
ويتعين مراعاة هذه الجوانب عند وضع البرامج المعدة لهذا الغرض، بما يستجيب للغاية المثلى المتوخاة من هذا الورش الاجتماعي الكبير الذي يرعاه جلالته حفظه الله.
أما فيما يهم التكامل بين المخططات القطاعية وتجانسها، فهي كلها أوراش تستدعي منا جميعا البحث المتواصل عن المنهجية والمقاربات المناسبة والأساليب الناجعة التي من شأنها بلوغ هذه الغاية، ذلك أن هناك تحديا حقيقيا يتمثل في ضرورة التلازم بين هذه الأوراش ضمن منظور استراتيجي مندمج، لا مجال معه للنظرة القطاعية الضيقة، كما نبَّه إلى ذلك جلالته حفظه الله.
لذا أرى أن نعقد قريبا بحول الله، اجتماعا في الإطار الأنسب، نخصصه للبحث عن سبل تحقيق الالتقائية بين المخططات القطاعية والتجانس فيما بينها، واستجلاء رؤية موحدة في هذا الشأن.
حضرات السيدات والسادة ؛
لقد دعا جلالة الملك حفظه الله الحكومة إلى أن تركز السياسات العمومية على توسيع قاعدة الطبقة الوسطى باعتبارها ركيزة للتوازن الاجتماعي والتنمية والتحديث. وفي هذا الصدد، ومنذ أن أعطى جلالته تعليماته السامية في هذا الشأن، بادرت الحكومة إلى إحداث لجنة وزارية في الموضوع، واتخذت بالموازاة مبادرات وإجراءات على المستويين المنهجي والإجرائي لفائدة الطبقة الوسطى. ويتعين مواصلة هذه الجهود في إطار المنهجية العامة التي تبنيناها بهذا الخصوص، داعيا إياكم إلى إيلاء هذا البعد عناية خاصة ومتواصلة عند وضع المشاريع والمخططات.
كما أنتظر من اللجنة السالفة الذكر، أن تحرص على استكمال الدراسة الجارية في هذا الشأن وعرض خلاصاتها على أنظار الحكومة في أقرب أجل.
حضرات السيدات والسادة ؛
إن هذه الإصلاحات التي دعا إليها جلالته حفظه الله، في ظل التحضير لانطلاق جهوية موسعة، تمليها بإلحاح ضرورة إزاحة العوائق التي وقف عليها جلالته حينما أكد على ضعف التنافسية، واختلال تناسق حكامة المخططات القطاعية، وتأهيل الموارد البشرية باعتباره التحدي الأكبر الذي تواجهه بلادنا.
ومن هذا المنطلق، فإننا مطالبون، حكومة وجهازاً تشريعياً وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين وباحثين، إلى التأمل في هذه التحديات بإحساس كبير بالمسؤولية، وبكل تجرد وواقعية، لاستكمال بناء النموذج التنموي الديمقراطي المغربي الذي ما فتئ جلالته حفظه الله يدعو إليه، وهو النموذج الذي يستند على النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وعلى توطيد التضامن وجعلهما محورا للسياسات العمومية، كما أكد جلالته حفظه الله على ذلك.
ولنفس الغاية، ستكثف الحكومة جهودها من أجل تحسين القدرات التنافسية لاقتصادنا الوطني وجاذبيته، وعلى الرفع من حجم الاستثمارات ببلادنا، بما أوتينا من موارد ومؤهلات يتعين استثمارها بالشكل الأفضل.
وأخيرا، نجدد عزمنا جميعا على حسن تنفيذ التعليمات السامية، والعمل على وضع وإنجاح الإصلاحات التي دعا إليها جلالته حفظه الله، في إطار من التشاور بين مختلف مكونات الأغلبية، والتفاعل الإيجابي بين أعضاء الحكومة، وفي ظل التضامن الحكومي الذي ينبني عليه عملنا.
ولا تفوتني المناسبة دون أن أتقدم إليكم بأحر التهانئ بمناسبة شهر رمضان المبارك الكريم، متوجها إلى الباري تعالى كي يحفظ جلالة الملك ويمد في عمره لتحقيق المزيد مما ينشده لهذا الوطن الأمين ولشعبه الوفي.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.