أحيت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير السبت الماضي بمدينة الداخلة الذكرى الواحدة والثلاثين لاسترجاع إقليم وادي الذهب. وحضر فعاليات هذا الاحتفال عدد وازن من أبناء المنطقة رجالا وشبابا ونساء. ووصف عمر مراد رئيس المجلس الإقليمي لقدماء المقاومين بالداخلة هذا الحدث التاريخي بالحلقة الذهبية في ملحمة الكفاح الوطني، مذكرا أن هذا الاحتفال يحمل أبعادا متعددة في مقدمتها تجديد البيعة واستحضار مواقف المغرب الراسخة حيال الوحدة الترابية والوقوف على المنجزات المتواصلة التي تغير باستمرار وجه المنطقة. وأكد مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن إحياء ذكرى استرجاع وادي الذهب يعكس أجواء الحماس والروح الوطنية الوحدوية والدلالات العميقة والأبعاد الرمزية لتاريخ 14 غشت 1979 الفاصل بين مرحلتين، سياق خلدته الكلمة السامية للمغفور له الحسن الثاني: «وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال، ووصل الرحم وربط الأواصر». واستحضر المندوب السامي في كلمته المواقف البطولية والاستماتة التي أبان عنها أبناء الأقاليم الجنوبية، وتكلل ذلك بعودة إقليم طرفاية في أبريل 1958 وسيدي إفني في 30 يونيو 1969، واسترجاع الصحراء المغربية بفضل مبادرة حضارية مذهلة أبدعها المغفور له الحسن الثاني وتمثلت في المسيرة الخضراء، وفي 28 فبراير 1976 ثم إنهاء الوجود الاستعماري في التخوم الصحراوية. وأمام هذه الإرادة الوحدوية ترسخت العروة الوثقى بين القمة والقاعدة بعد الزيارة المولوية لهذا الإقليم المجاهد يوم 8 مارس 1980 بمناسبة الاحتفالات المخلدة لعيد العرش. وعبر مصطفى الكثيري عن الاعتزاز بالنهضة الشاملة في المنطقة والإقلاع الاقتصادي والقطاعي الذي يهم الفلاحة والصيد والصناعة التحويلية والسيادة والبنى التحتية مما يؤهل المنطقة لتكون قطبا تنمويا موسعا، كما نوه بدخول مدينة الداخلة موسوعة غينيس إثر إقدام الشباب المغربي على صنع أكبر علم مغربي مما يجسد عمق الوطنية والمواطنة والانتماء، وهي مقومات تصون الهوية المغربية وتكسب المغاربة مناعة ضد المناورات والمؤامرات، مضيفا أن الذاكرة التاريخية تظل مرجعية أساسية يستنير بها الخلف بعد السلف. وأشاد بواقعية وقوة صدى مقترح الحكم الذاتي الذي يحصد التأييد تلو التأييد، ولاتزال مشروعية المواقف المغربية تتأكد بالرجوع الجماعي للمغرر بهم الفارين من مخيمات الخزي والعار لملاقاة إخوانهم وأسرهم. كما عبر جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير عن الإرادة الراسخة في الاندماج المغاربي الذي يمثل تطلعا شعبيا عميقا وضرورة استراتيجية وأمنية ملحة وحتمية اقتصادية يفرضها عصر التكتلات، وأكد جلالته الحرص على مواصلة التشاور والتنسيق لتعميق العلاقات الثنائية مع الدول المغاربية الشقيقة، في انتظار أن تتخلى الجزائر عن معاكسة منطق الجغرافيا والتاريخ والمشروعية. وفي ختام هذا الاحتفال تم رصد غلاف مالي بقيمة 62 ألف و500 درهم وزع على شكل إعانات مالية ومساعدات اجتماعية لفائدة أبناء المقاومين بالمنطقة، وتكريم عشرة من رجال المقاومة بالمنطقة وهم محمد أنفال والحبيب الخطاط وأحمد ماغا وحسن ارويجل وعلي منا الواعر والدف بركة وعبد الفتاح للا وبات مشنان ومحمد مشنان والمختار المشضوفي. وللتذكير فقد أحيت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير عددا من الأنشطة بمدن سطات وخريبكة ووادزم وقلعة السراغنة ومراكش ووجدة. أعمار الشيخ برلماني عن منطقة وادي الذهب: تكريم ثلة من المقاومين تأكيد أن الوطن لاينسى من قدم له خدمات أكد أعمار الشيخ أن ذكرى استرجاع وادي الذهب لها طابع خاص بالنسبة لجميع المغاربة وبالخصوص لساكنة الجهة لأنها ترتبط ببيعة 14 غشت 1979، والتي جسدت آنذاك مرحلة تاريخية في المغرب الحديث حيث هب السكان هن بكرة أبيهم لتجديد البيعة وطلب الحماية حينما لاحظوا أشياء غير طبيعية في المنطقة. وقال: «ولله الحمد منذ ذلك اليوم ومسيرة التنمية مستمرة والذي يزور مدينة الداخلة بانتظام يقف على المتغيرات الدائمة، فمدينة الداخلة أصبحت من أهم المناطق وطنيا وعالميا بفضل مشاريع اقتصادية واجتماعية وثقافية، وتمثل نموذجا جيدا للوحدة والانسجام بين الساكنة. وهنا نشيد بحسن استغلال وتوجيه الطاقات المحلية، التي تنخرط بعفوية في الدينامية الاقتصادية. كما نشيد بتكريم ثلة من المقاومين من أبناء المنطقة وهي التفاتة محمودة من المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وهي تعيد للأذهان فترات التضحية ومواجهة المستعمر، ونحن مع هذه المبادرات وتكرارها، حيث تغمر الأسر مشاعر اعتزاز، وأن من يقدم خدمات للوطن، فالوطن لاينساه. والاحتفاء هذه السنة بذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب يعود بذاكرتي إلى الوراء، ذلك أن حدث 14 غشت 1979 كان في رمضان، وكنا آنذاك فتيانا لاندرك أبعاد هذا الحدث الجلل، لكن أجواء الحماس كانت عارمة، وبعد ثلاثة عقود وبفضل هذه الدورة الزمنية يتأكد أن الأمور سارت سيرها التاريخي والموضوعي، لذلك نحن نفخر بما عليه اليوم المجال الجغرافي بالأقاليم الجنوبية، ويبقى حدث 14 غشت 1979 منقوشا بأحرف من ذهب».