مع حلول شهر رمضان من كل سنة، تتجدد قصة الخلاف حول رؤية هلال الشهر الفضيل، خصوصا بين أولئك الذين يصرون على ضرورة رؤيته بالعين المجردة، أو آخرين يرون أنه من الضروري استعمال المناظير من أجل رصد الهلال. وتختلف عملية رصد الأهلة من دولة الى أخرى، وذلك بحسب التقنية المستعملة وعلى هذا الأساس هناك من الدول من تعلن بداية الشهر الفضيل على أساس الحسابات الفلكية، وأخرى تعلن بدايته في اليوم الموالي بناء على رؤية الهلال، ودول أخرى تعلن بداية رمضان بعد يومين أو ثلاثة أيام بناء على رؤيته أيضا. فما سبب هذا الاختلاف؟ وما حقيقته؟ تعتمد عملية رؤية شهر رمضان على شرطين أساسيين أولهما: أن يصل الهلال لعملية الاقتران (وهي وقوع الشمس والقمر على خط طول سماوي واحد) وثانيهما أن تغرب الشمس قبل غروب الهلال وإلا استحالت رؤية الهلال، إذ يطغى ضوء الشمس على الهلال، فتنعدم الرؤية. وسيعرف شهر رمضان لهذه السنة اختلافا هو الآخر، فليبيا ستكون أول دولة إسلامية تصوم شهر رمضان وذلك يوم الثلاثاء العاشر من غشت، وذلك حسب المهتمين ليس راجعا إلى قرار سياسي من الجماهيرية، ولكنه بسبب أن معدي التقويم الفلكي في ليبيا يشترطون أن تكون لحظة الاقتران قبل الفجر في آخر يوم من أيام الشهر الهجري وذلك راجع إلى أن بداية اليوم عندهم تكون مع مطلع الفجر. ويوم الأربعاء 11 غشت سيكون أول أيام شهر رمضان في دول أخرى مثل مصر. أما السعودية فستتحرى الهلال يوم الثلاثاء وفي حالة استحالة رؤيته سيكون أول أيام شهر رمضان هو يوم الخميس بإذن الله. المغرب يعتمد على تحري رؤية الهلال بالرؤية المجردة وإذا كانت بعض الدول تعتمد الحساب الفلكي فإن المغرب من الدول التي تعتمد الرؤية المجردة وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على دول أخرى أمثال سلطنة عمان التي يحتسب فلكيوها أن تكون عملية الإقتران قد حصلت قبل غروب الشمس في آخر ليلة من الشهر الهجري وأن يغرب الهلال بعد غروب الشمس في مساء ذلك اليوم في دولهم وأن يكون بالإمكان رؤية الهلال حسب الشروط العلمية الفلكية لمبدأ إمكانية الرؤية. فالمغرب يتحرى رؤية هلال شهر رمضان دائما في اليوم التاسع والعشرين لشهر شعبان وفي حالة عدم ثبوت رؤيته من طرف مختلف الجهات المسؤولة والوحدات المكلفة برصد وتتبع هلال هذا الشهر الفضيل فإن المملكة تعلن أول أيام شهر رمضان في اليوم الموالي أي بعد إتمام شهر شعبان لثلاثين يوماً. ويعد المغرب من الدول القليلة في العالم الإسلامي التي تتحرى الهلال في كل شهر وليس في شهر رمضان فقط وذلك بشكل رسمي، وتعلن المملكة نتائج التحري رسميا وبشكل فوري عبر وسائل الإعلام العمومية، فهي تتحرى من خلال 270 موقع موزع على مختلف أنحاء المملكة المغربية. وتشارك القوات المسلحة الملكية في عملية التحري، وبذلك يعد المغرب حسب المهتمين أفضل دولة إسلامية عربية في تحديد بدايات الأشهر الهجرية. بالاضافة إلى ذلك تدعو المملكة المواطنين إلى المشاركة في رصد الهلال وتخصص لذلك أرقاما هاتفية يتصل بها المواطن في حالة ثبوت رؤية هلال شهر رمضان. دعوة لتوحيد صيام شهر رمضان مع تزايد الخلاف بين الدول الاسلامية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بفارق زمني يصل إلى ثلاثة أيام أحيانا، طالب مجموعة من العلماء إلى اعتماد قرار سياسي يوحد جميع الدول الإسلامية فيما يتعلق بصيام شهر رمضان. وضرورة إعتماد المناظر التي أصبحت تسهل عملية رصد هلال هذا الشهر المبارك. إذ يرى هؤلاء أنه ليس من المعقول أن يكون هناك اختلاف بين الفلكيين والشرعين في البلد الواحد، وأنه لابد لصناع القرار في الدول الاسلامية من توحيد كلمتهم. وفي نفس الآن دعا مجموعة من العلماء إلى إلتزام كل مواطن بموعد الصيام في بلاده وأن لا يصوم بالاعتماد على رؤيته في بلاد أخرى مادام أن الدول الإسلامية لا تعتمد في صومها على رؤيته في بلد آخر.