أصبح يوليو ز أكثر الشهور دموية للقوات الأميركية في الحرب الدائرة بأفغانستان، منذ ما يقرب من تسع سنوات، وذلك بعد مصرع ستة جنود أميركيين يومي الخميس والجمعة الماضيين. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية على موقعها الإلكتروني إن عمليات القتل الثلاث التي تمت الجمعة الماضي جاءت بأسلوب وفي موقع شكل نمطا للزيادة الأخيرة في العنف. وحسب مسؤولين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) قتل جنديان أميركيان بانفجار عبوة ناسفة مزروعة على جانب الطريق، في حين قتل ثالث في هجوم منفصل. ووقع الهجومان جنوبأفغانستان معقل حركة طالبان، واستخدمت فيهما القنابل البدائية المصنعة عادة من الأسمدة، السلاح المفضل لدى الحركة. وقد رفع مقتل الجنود الستة في اليومين الماضيين حصيلة القتلى الأميركيين في أفغانستان في الشهر الماضي إلى 66، ليتجاوز الشهر الذي سبقه حيث سجل فيه مصرع 60 جنديا أميركيا، في حين كان إجمالي عدد قتلى «الناتو »في يوليو ز تحت المعدل الذي سُجل في يونيو الذي قتل فيه 103 جنود. وتقول الصحيفة إنه في ظل الاستعدادات لإرسال ثلاثين ألف جندي إضافي إلى أفغانستان هذا العام، يتوقع القادة العسكريون الأميركيون ارتفاعا حادا في الخسائر مع توجههم إلى معاقل طالبان التي لم تشهد من قبل وجودا كبيرا لقوات التحالف، ويعد فصل الصيف عادة أكثر الشهور عنفا في أفغانستان، حيث لا تعيق برودة الطقس في الجبال حركة مقاتلي طالبان. لكن مع ذلك -تضيف الصحيفة- كان هناك «نمو مطرد في حجم وقوة التمرد»، حيث يقدر مسؤولون أميركيون وأفغان أن عدد مقاتلي طالبان تجاوز الثلاثين ألفا، وأن المقاتلين بدؤوا ينتشرون خارج مناطقهم المعهودة في جنوب وشرق أفغانستان، وأصبحوا حاليا يملكون قوة لا يستهان بها في أماكن أخرى من البلاد، خاصة في الشمال الذي كان يعد هادئا في ما مضى. ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع في «الناتو» أن ما بين الثلث إلى نصف المقاطعات ال82 في أرجاء البلاد التي يعدها «الناتو »حيوية للحرب، أصبحت الآن تحت تأثير المقاتلين. وترى الصحيفة أن التوتر المتأصل في منطقة حرب مثل أفغانستان امتد إلى احتجاج غاضب في كابول الجمعة الماضي، عندما اضطرت الشرطة -حسب مسؤولين أفغان- إلى إطلاق الأعيرة النارية لتفريق حشد أضرم النار في مركبتين تابعتين للسفارة الأميركية بعد حادث سير قتل فيه أربعة مدنيين أفغان. وأوضح بيان صدر عن السفارة أن الحادث وقع على الطريق المؤدية إلى مطار كابول خارج مقر السفارة، حيث اصطدمت سيارة دفع رباعي يقودها متعاقدون أميركيون بسيارة تقل الأفغان الأربعة. وتضيف الصحيفة أن الحادث أثار غضب الأفغان الذين هتفوا «الموت لأميركا»، وقذفوا مراسل وكالة أسوشيتد برس بالحجارة. لكن قائد القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي (ناتو) الفريق ديفد بترايوس، قال في مجلس النواب، إن الخسائر كانت متوقعة لأن الجيش الأميركي زاد عملياته «ووُوجه بمقاومة صلبة في مواقع لا يريد المتمردون التنازل عنها». من جهته قال الجنرال الأميركي ديفد رودريغز، الذي يعتبر الرجل الثاني في الجيش الأميركي بأفغانستان هذا الشهر، إن سبب ارتفاع الخسائر هو دخول القوات الدولية أماكن لم يسبق أن دخلتها من قبل. وكان الشهر الماضي أعنف الشهور بالنسبة للتحالف الدولي الذي فقد 104 من جنوده، في وقت يقترب فيه تعداده من 150 ألفا. ومن شأن ارتفاع الخسائر تثبيط عزيمة الدول التي زجت بقوات في هذه الحرب التي تلقى أيضا رفضا شعبيا أفغانيا متصاعدا بسبب الخسائر المدنية المتزايدة، آخرها أربعة مدنيين قتلوا أمس في كابل عندما دهستهم عربة مدرعة أميركية، مما أثار احتجاجات أمام السفارة الأميركية تصدى لها الأمن الأفغاني. وأزالت لجنة خاصة في مجلس الأمن أسماء خمسة من قادة طالبان السابقين من قائمة العقوبات، في خطوة لتسهيل جهود مصالحة يقول الرئيس الأفغاني حامد كرزاي إنه يريد تحقيقها مع قادة الحركة ممن يقطعون صلاتهم بالقاعدة، ويتوقفون عن العنف ويعترفون بدستور البلاد. وحسب دبلوماسي رفعت أسماء كل من عبد الحكيم مجاهد محمد أورنق، وهو سفير أفغاني سابق لدى الأممالمتحدة، وعبد السلام ضعيف الذي مثل طالبان لدى باكستان، وعبد الستار باكتين، وأيضا عبد الصمد خاكسار، ومحمد إسلام محمدي، وكلاهما متوفى. وفي العراق أيضا اعتبرت السلطات العراقية شهر يوليوز الماضي، الأكثر دموية في العراق خلال السنتين الأخيرتين، حيث سقط فيه 535 قتيلا وجرح أكثر من ألف شخص. يأتي ذلك في وقت اتهم زعيم منظمة بدر هادي العامري واشنطن بعرقلة تشكيل الحكومة. ووفق حصيلة صادرة السبت عن وزارات الصحة والدفاع والداخلية ، فإن بين أولئك القتلى 396 مدنيا، إضافة إلى 89 شرطيا و50 من الجيش العراقي. وتعود الحصيلة الأكثر ارتفاعا خلال شهر واحد في العراق إلى مايو 2008 حينما سقط 563 قتيلا. وحسب الأرقام الجديدة أصيب 1043 شخصا بجروح في يوليو ز، بينهم 680 مدنيا و198 شرطيا و165 جنديا، وهي أعلى حصيلة منذ مطلع السنة. وفي أحدث التطورات الميدانية ، قتل ثلاثة جنود عراقيين ومدني في انفجار عبوة ناسفة زرعت على جانب الطريق في حي الرشيد جنوب بغداد. وفي اليوسفية ، جنوب بغداد، أصيب سبعة جنود ومدني في انفجار عبوتين ناسفتين كانتا تستهدفان دورية للجيش العراقي. وفي كركوك، شمال العراق، أصيب شرطي حينما هاجمه مسلحون من سيارة مسرعة، في حين أصيب خمسة شرطيين ومدنيان في انفجار عبوة ناسفة في الموصل. وفي الطارمية ، شمال بغداد قتل ثلاثة مدنيين وأصيب ثمانية آخرون في انفجار قرب حافلة صغيرة الجمعة. وفي الشأن السياسي اتهم هادي العامري، الأمين العام لمنظمة بدر والقيادي في الائتلاف الوطني العراقي الذي يتزعمه عمار الحكيم ، واشنطن بتعطيل تشكيل الحكومة عبر منع قيام تحالف بين ائتلاف الحكيم وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، وقال إنها تفضل تشكيل حكومة تقوم على التحالف بين قائمتي «العراقية» و»دولة القانون». واتهم العامري في مقابلة مع رويترز واشنطن بالسعي لإقصاء الكتل الأخرى بما فيها منظمة بدر التي فازت ب11 مقعدا في البرلمان. من جهته توقع زعيم ائتلاف العراقية إياد علاوي، أن يطلب مجلس الأمن الدولي، خلال جلسته يوم الأربعاء القادم من الساسة العراقيين، الإسراع في تشكيل حكومة جديدة. ودعا علاوي جميع الكتل السياسية إلى إبقاء الأبواب مفتوحة للتحاور والتفاوض. من ناحية أخرى رجح القيادي في التحالف الكردستاني محمود عثمان أن يبدأ مستشار الأمن القومي الأميركي جيمس جونز زيارة إلى بغداد الأسبوع الجاري، لبحث عدة قضايا قد يكون على رأسها تشكيل الحكومة العراقية. يأتي ذلك بينما تشرع الكتل السياسية العراقية هذا الأسبوع في عقد اجتماعات جديدة للبحث عن قواسم مشتركة لعقد تحالفات تمهد للاتفاق على تسمية أعضاء الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة.