تناولت بعض الصحف البريطانية استبدال الرئيس الأميركي باراك أوباما قائد القيادة الوسطى الجنرال ديفد بتراوس بقائد القوات الأميركية الجنرال ستانلي ماكريستال بالنقد والتحليل. وبينما قالت« ذي غارديان» إن خطوة الرئيس الأميركي تعد مؤشرا على فشل إستراتيجيته في الحرب على أفغانستان، دافعت كل من تايمز وديلي تلغراف عن موقف الجنرال المقال. فقد قالت صحيفة «ذي غارديان» في افتتاحيتها إن الرؤوس التي تدحرجت في أفغانستان في الفترة الأخيرة قد لا تدل على العجز الوظيفي لدى أولئك الذين استقالوا أو تمت تنحيتهم عن مناصبهم بقدر ما تدل على فشل إستراتيجية الحرب على أفغانستان برمتها. وأشارت« ذي غارديان» إلى أن تنحية ماكريستال ومن قبله استقالة كل من المبعوث البريطاني الخاص إلى أفغانستان سير شيرارد كاوبر كولز ووزير الداخلية محمد حنيف أتمار ومدير جهاز الاستخبارات الوطنية عمر الله صالح لا تدل بالضرورة على عدم قدرة الرجال على القيام بأعمالهم. أما بشأن التغيير الأخير في القيادة العسكرية في أفغانستان، فقالت الصحيفة إن ماكريستال ما هو إلا مثال جديد على الخلافات التي كانت تجري بين الرؤساء والجنرالات عبر تاريخ الحروب السابقة بشكل عام. كما أشارت الصحيفة إلى ما وصفتها بالانقسامات الحادة التي تعانيها الإدارة الأميركية بشأن الحرب الأفغانية، وقالت إن ماكريستال ما هو سوى القربان الذي تمت التضحية به في سبيل التخلص من تلك الانقسامات، خاصة وأن أوباما تباطأ كثيرا في اتخاذ قرارات بشأن شركة بي بي النفطية البريطانية المعنية بكارثة التسرب النفطي في خليج المكسيك والتي بدورها تكاد تعصف بإدارة أوباما. وأضافت« ذي غارديان» أن الانتصار -الذي أعلنت عنه الولاياتالمتحدة في مرجة بولاية هلمند، جنوبأفغانستان، وقوبل بهجمات معاكسة من جانب حركة طالبان وأدى إلى إشعال حرب في الولاية بدل استقرارها- ينذر بسوء عاقبة الاستعدادات الأميركية لمهاجمة قندهار، أقوى حصون طالبان في الجنوب الأفغاني. من جانبها ، قالت صحيفة «تايمز» في افتتاحيتها إن قرار أوباما لاستبدال قائد القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان يخضع للاعتبارات السياسية قبل العسكرية، مشيرة إلى أن مساعدي الجنرال الأميركي وليس ماكريستال هم من أبدوا الكثير من التعليقات الهدامة في مجلة «رولينغ ستون» بشأن الحرب الأفغانية والتي أظهرت عدم الاحترام للقائد الأعلى للقوات الأميركية المسلحة (أوباما) وعدم الاحترام لبعض القيادات في إدارته المدنية. وأوضحت« تايمز» أن العسكريين الواقعين في الدائرة القريبة جدا من ماكريستال ربما نسوا تماما من أجل من هم يحاربون أو لماذا هم يحاربون؟ مضيفة أنهم كانوا السبب الذي دفعه للإعلان عن تحمله المسؤولية عبر تقديمه استقالته وطلبه من أوباما إعفاءه من منصبه. وأضافت أن ماكريستال لم يمض مع أسرته أياما تزيد على الثلاثين في العام الواحد منذ الحرب على العراق، وأن من عادته زيارة جنوده بشكل مفاجئ في خنادقهم، وأن جنوده مغرمون بحسن قيادته وأنه ما كان ينبغي لأوباما قبول استقالته. أما الكاتب البريطاني كون كوغلين فقال إن الجنرال بتراوس هو الوحيد الذي يستطيع إنقاذ إستراتيجية أوباما في أفغانستان لكونه يعرف تماما ماذا كان ينوي سلفه ماكريستال أن يفعل في الشهور القادمة. وأشار في مقال نشرته له صحيفة «ديلي تلغراف» إلى أن استقالة ماكريستال ربما تعود لخلافات بين القادة العسكريين المحترفين -الذين يسعون إلى تحقيق إنجازات على الأرض في الحرب الأفغانية- وأسيادهم المدنيين سواء في لندن أو واشنطن الذين ينتظرون الفرصة كي يفتحوا السدادة لينطلق الجني الذي يمكنه سحب قواتهم العسكرية وإعادتها إلى أوطانها في أقرب وقت ممكن. وأضاف أن ثمة خلافات نشأت وتراكمت بين ماكريستال والكثير من كبار القادة العسكريين في حلف الناتو منذ أن أعلن أوباما في نونبر الماضي، عن إستراتيجيته المتمثلة في ضرورة بدء الانسحاب من أفغانستان في يوليو ز 2011. وبينما أشار الكاتب إلى إمكانية قيام من راهنوا على ماكريستال -بمن فيهم الحكومة البريطانية- باستخدام حجة استقالته كذريعة للانسحاب من أفغانستان، قال إن طالبان حتما ستبتهج إزاء تعثر أو فشل إستراتيجية أوباما في الحرب الأفغانية.