سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في ندوة نظمها حزب الاستقلال بسلا «علال الفاسي والديمقراطية فكرا وممارسة» بمشاركة ثلة من المفكرين والشخصيات البارزة الزعيم علال الفاسي كان مفكرا ومناضلا وحداثيا
نظم حزب الاستقلال ومؤسسة علال الفاسي ندوة فكرية يوم الجمعة 21 ماي الجاري بالقاعة الكبرى بعمالة سلا في موضوع «علال الفاسي والديمقراطية فكرا وممارسة» وذلك احتفاء بالذكرى المائوية لميلاد زعيم التحرير علال الفاسي واستحضار الدور الريادي الذي قام به فكريا وسياسيا ونضاليا من أجل الديمقراطية ووفاء لروحه الطاهرة وتمسكا بالمبادئ والأفكار التي ناضل من أجلها وأصل بها روح المواطنة ورسخ بها ضرورة الوعي بقضايا الوطن، والاخلاص للقيم في فكر ووجدان أجيال متعاقبة وشرائح عريضة من أمتنا، ساهم فيها ثلة من الأساتذة والباحثين هم: عبد الرحيم المصلوحي، عبد الحي المودن، محمد الطوزي، محمد العربي المساري، عبد العلي حامي الدين، حيث تناولوا العديد من جوانب شخصية الزعيم مؤكدين أنه رجل فكر، موسوعي المدارك وعالما مجددا ومجتهدا وسياسيا محنكا ومناضلا تجاوزت عطاءاته واهتماماته حدود الوطن في ثلاثة محاور أساسية وهي كالتالي: النظرية السياسية عند الزعيم علال الفاسي، مواقف علال الفاسي من التجارب الدستورية والنيابية في المغرب (1956/ 1974)، العمل السياسي وبناء الدولة المغربية عند علال الفاسي. وقبل بداية الندوة وقف الجميع دقيقة صمت ترحما على روح شهداء الوحدة الترابية، بعد ذلك قام شيبة ماء العينين عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال بتسيير الجلسة، بعد أن قرأ ورقة تقديمية كأرضية للندوة. وابتدأت الندوة بمداخلة الأستاذ عبد الرحيم المصلوحي الذي عنونها بقراءة في خيار التحديث السياسي عند الزعيم علال الفاسي والتي حاول فيها استجلاء مظاهر الحداثة بشكل عام. للراحل علال الفاسي، لأن سلفية الراحل علال الفاسي، أرى بأنها لم تفهم بالشكل الصحيح وتم ربطها ربما تلقائيا بالتقريبانية، وأنا عندما أقرأ كتاب النقذ الذاتي ، يعتريني إحساس بأن الكتاب كتب في القرن 21، أو بالأحرى كتب ليقرأ في القرن 21، هذه القراءة ليست بمجاملة تقريبية في حق الراحل، أو حكم قيمة. علال الفاسي هو مفكر سابق لعصره، فهذا يعني أن فكره كان يعانق مستقبل من خلال رؤية استشرافية، مستوعبة لروح العصر. الراحل كمفكر ومناضل، كان حداثيا أكثر منه تقليديا، وهو عكس بعض القراءات الفجة، والتي تناولته بشكل يختزل أفكاره وأدبياته في صورة الاصلاحي السلفي المعاصر على التعاطي مع الأفكار الحداثية، والواقع أن منهج علال الفاسي رحمه الله وبأفكاره يزكي هذا الطرح، بأنه كان منفتحا على روح العصر، بشكل يفوق ربما لمنتقديه بل إن قراءة متأنية لتراث الزعيم علال الفاسي تجعلنا ندين إلى الاعتقاد بأن فكره يكاد يطابق مثلا تاريخانية الأستاذ العروي، شريطة أن يستثنى من هذه التاريخانية مطلب الماركسية الموضوعية التي يرى فيها العروي وسيلة لعدم الوقوع في الاستيلاب الثقافي، بمعنى أن فكر الراحل يتفق مع أطروحة عبد الله العروي في التاريخانية، بحيث كلا المفكرين يؤمنان بضرورة الانخراط في حركية التاريخ المعاصر وتمثل روح العصر، لكن المفكرين يختلفان في الوسيلة إلا أن الاستاذ علال الفاسي يرى بأنه ليست هناك حاجة لتبني الماركسية لأن وظيفة التحصيل الثقافي وطرق الاستيلاب الحضاري يمكن للإسلام أن يقوم بها على أكمل وجه، لكن شريطة أن تفهم مقاصد الشريعة الاسلامية بشكل صحيح ، حقيقة القول إن الحكم أصدره العروي في حق علال الفاسي بوصفه فقيها تقليدانيا. هو حكم قاس ومجحف ، لأن الاختلاف حول الوسيلة، (الاسلام الماركسية)، لا يقصيه من دائرة الحداثة، كما أن الموقف من الاسلام أو الماركسية هو موقف إيديولوجي وليس علمي بالضرورة، ولا أريد الخوض مطولا في هذا النقاش، سأحاول أن أجيب مباشرة على السؤال التالي: أين يكمن الجانب الحداثي في فكر علال الفاسي؟ يمكن من منظوري المتواضع أن استهل الاجابة من خلال منهج علال الفاسي في التفكير، أولا من خلال حدة روح النقد عند الاستاذ علال الفاسي، ثانيا من خلال المنهج المقاصدي الذي يعد المرحوم علال الفاسي أحد رواده، والذي يربط أحكام الشريعة الاسلامية بروح العصر وما تقتضيه مصلحة الجماعة. الشق الثاني من الجواب، يرتبط بمضامين الاصلاح السياسي عند الراحل علال الفاسي وهي مضامين حداثية إذا قيست بنسق التفكير والاصلاح السائد في القرن 21، يمعنى تعريفه للحرية والديمقراطية الدستورية والسياسية الاجتماعية إلخ. المستوى الأول، هو منهج علال الفاسي كمؤشر أول للنزعة الحداثية عند هذا المفكر، تجذر روح النقد عند الراحل علال الفاسي ، جعل منه مثقفا منفتحا ذا رؤية نافذة إلى عمق الواقع. كتاب النقد الذاتي هنا، يكاد يشبه مؤلف لينين الشهير «ما العمل» من حيث كونه يهتم بداية بتكوين النظرية ثم بوضع البرنامج التنظيمي المفصل القادر على تحقيق التغيير والإصلاح المنشود. كيف نفكر في المجتمع المغربي ، هذا سؤال محوري في فكر علال الفاسي ويجيبنا عنه كتاب النقد الذاتي من خلال مقدمات نظرية ثم برامج مفصلة، بل إن جرأة الراحل في النقد ذهبت إلى حد اعتبار كتاب النقد الذاتي وما تضمنه من أفكار ومقولات غير نهائية حتى بالنسبة إليه، وأعلن إستعداده لإعادة النظر في كل كل رأي من الآراء يتضمنها الكتاب. النزعة الحداثية عند علال الفاسي تتجلى أيضا في رفضه للتفكير التقليدي وأنت تتصفح كتاب النقد الذاتي تجد أن المستهدف الرئيسي من النقد هو التقليد والجهود، وليس الفكر الغربي مثلا، وهذا ما يعبر عنه تردد بعض المصطلحات السلبية مثل الرجعية الجامدة والتقليد والاقطاعية إلخ. ولسنا نجد أبلغ. وأدل على ذلك من الجمل أو الفقرات المقتبسة من كتاب النقد الذاتي. فيما نبش الأستاذ عبد الحي المودن في فكرة الديمقراطية من خلال النقد الذاتي والتي حاول من خلالها إعادة الاعتبار لبعض النصوص الأساسية التي ساهم بها مفكرون مغاربة من جيلي الذي سبقنا ونحن مطالبون بأن نقرأهم وأن نعيد الأفكار التي طروحها، ووجدت أن هناك إمكانيات متعددة في قراءة علال الفاسي. الامكانية الأولى التي سبقني إليها عدد من الكتاب وهو الحكم وتقييم علال الفاسي من خلال موقعه السياسي، أي قراءة فكر علال الفاسي ولكن مع التركيز على ممارسته السياسية . وكما أشار الأستاذ المصلوحي حيث اعتبر أن هذا المدخل يمزج جانبين ربما ليس من السليم من الناحية المنهجية أن نمزج بينهما، أي بين الممارسة والفكر الذي يمكن أن نعتبره تأملا في الأشياء وقضايا بالغة التنوع التي هي في نهاية الأمر ليست مرتبطة ارتباطا وثيقا بالفعل، ولذلك ما يمكن القيام به هو عوض أن نقرأ علال الفاسي من وضعيته كمنظر سياسي أن نقرأه كمفكر أي الشكل الذي رغب في أن أن يقرأ به ما كتب نصوصه. الامكانية الثانية هي الحكم على التيار السياسي، أو الحزب السياسي الذي ينتمي إليه علال الفاسي كحزب له قرارات واختيارات سياسية الحكم على هذه الممارسات بمعيار ما وعد به علال الفاسي، وبذلك فهذه القراءة هي أن نقيم ما يقوم به حزب الاستقلال الآن في الحكومة، أو ما قام به حزب الاستقلال في مرحلة من المراحل على ضوء الأطروحة التي يتحدث بها علال الفاسي في نصوصه النظرية، وأنا أيضا لا أفضل أن أقوم بهذه العملية لأن فيها جانب سياسوي أكثر منه. وبالتالي سأقوم بالسعي إلى أن نفهم الأفكار أو الإشكال الرئيسي الذي طرحه علال الفاسي في نص واحد بين نصوصه الكثيرة والغزيرة وهو نص النقد الذاتي والنظر إلى هذا النص باعتبار أنه يؤثث لأفكار شاب مغربي في تلك الفترة التي كتبها، مع العلم أن النص ليس مؤرخا ولكننا نستكشف من خلال الأحداث التاريخية التي تشملها العديد من النصوص من كتاب النقد الذاتي والذي كتب في منتصف الأربعينيات أي ماهي التصورات التي كانت لهذا الشاب المغربي، والذي كان في الثلاثينيات ، وماهو السياق الفكري والسياسي لهذا الإشكال ثم ما هي الإضافات النوعية لعلال الفاسي في تلك الفترة، وسأترك نقطة ثانوية وهي ماذا يمكن أن نستفيد من هذه الأطروحات بعد مرور ستين سنة أو أكثر. 1 علال الفاسي كانت له قناعة أن فترة الاستعمار فترة منتهية، وفي نفس الوقت لم تكن الحركة الوطنية في فترة المجابهة مع الحماية، ولكنها تهيء من فترة انتقال (فترة إصلاح الحماية) إلى الفترة التي ستليها المطالبة بشكل نهائي بالاستقلال. 2 أفكار النقد الذاتي تهيء لمغرب ما بعد الاستقلال مع التركيز على لا مشروعية الإدارة الاستعمارية أن ينظر إلى ما هي نقائص التي يواجهها المجتمع المغربي في تلك الفترة. 3 المشاكل الرئيسية التي اعترضته هي هيمنة الفكر الديني والزعامة الدينية التقليدية والتي كانت بالخصوص في الزوايا وهذه الهيمنة ترسخ اللاعقلانية في فهم الواقع السياسي. 4 الدعوة إلى التركيز على الاسلام الحقيقي بمبادئه العتيقة للإسلام وهي العقلانية والحرية. 5 اعتبر الزعامات القبلية، أنها كانت تبحث عن مصالحها المحلية الضيقة وترسخ الوجود الاستعماري، وبالتالي طرحه فكرة الوطن مقابل المصلحة المحلية الضيقة. فيما سلط الضوء الأستاذ محمد الطوزي على أثر الإمام الشاطبي في بلورة النظرية السياسية عند علال الفاسي وتطرق إلى مقاصد الشريعة، والتي يمكن أن يحللها إلى موقف عالم من العلم أن الأستاذ علال الفاسي كان فقيها وعالما، ولكن أظن أن القراءات الحالية لمقاصد الشريعة أن تستحضر الأستاذ علال الفاسي من خلال وضعه كإيديولوجي في القرن 19، أي منتج لفكر سياسي يستحضر التراث كتقني للتراث، ولكن كمادة خام، وما نطالب به الإيديولوجي ليس الدقة في التحليل بقدر ما نطلب منه وضوح الرؤية والتي تتطلب الجرأة لمخاطبة القرين في الخمسينيات والأربعينيات هو الإيديولوجي الشرقي، أي المصري بالأساس، كان علال الفاسي يحاور من دون علاقة أو انبهار، كان يخاطب طه حسين والعقاد، والإيديولوجيات السلفية المتواجدة في مصر، والتي من خلال معاينة الحركة الوطنية يمكن أن نقول إنها أسست لفكر وطني. التأسيس لفكر سياسي مغربي أظن كان حاضرا بقوة، ونجده أيضا عند عبد الله كنون في مجالات أخرى وأيضا عبد الكريم غلاب وأبو بكر القادري في مجالات أخرى، ويمكن تأكيد هذا البعد الوطني، في محاولات بناء أفكار سياسية، تستحضر الخصوصيات التاريخية للمغرب العربي عموما والمغرب خصوصا. التفرد في الخصوصية كان دائما أكثر من مواجهة مع الغرب، وكان أيضا في مواجهة الشرق، كان مواجها للشرق والغرب معا، لأن العروبة أو البعد العروبي لعلال الفاسي كان نسبيا إلى حد ما، وكان سياسيا أكثر منه فلسفيا، لأنه كان محكوم بالمرحلة التاريخية التي كان يتحرك فيها، وحتى في علاقته مع البعد الأمازيغي في المغرب. أحاول في هذه القراءة استحضار مسألتين، لماذا كان الأستاذ علال الفاسي شغوفا بفكر الشاطبي، رغم أن علال الفاسي يقول في مقاصد الشريعة بأنه عندما يتكلم عن سيد قطب، كان يقول صديقي سيد قطب، ورغم أنه كان عارفا جدا بعلوم ابن رشد، وحتى ما استحضره في إبراز الفكر الإيديولوجي السياسي أو مقومات لفكر سياسي، فهي غالبا تعبر جدا عن إمكانية التصرف بحرية وليست محكومة بالبراغماتية، هناك عمق تحليلي وفلسفي أهمها 1- علال الفاسي استحضر عدة مفاهيم، وأهمها هو مفهوم الفطرة والعقل، ليؤسس لفكر المقاصد. 2- فكر علال الفاسي يستبق للزمان، ليطرح المسألة السياسية كمسألة محورية. 3- حدود مقاصد الشريعة: أ- التحكم في التقنيات الفقهية، التي تعطيه شرعية الكلام. ب- الحدود السياسية يبقى مجبرا على المواد التي تنتمي إلى رصيد فقهي وتراثي حاضرة في القراءات الدينية، وبقوة، وسماه بأزمة النص. ج- حضور الشاطبي كإمكانية للتعبير، مع العلم أن الشاطبي حاضر بقوة في الإسلام السياسي حاليا (استحضر أحمد الريسوني لبناء منظومة فكرية جد متقدمة لبلورة التطور السياسي، والفلسفة السياسية في العالم المغاربي، للخروج من أزمة النص. تدخل العربي المساري وزير الاتصال السابق في موضوع: «معارضة دستور 1970 تفسر تأييد دستور علال الفاسي» مشيرا في البداية أن الجيل الحالي لم يحظ بفرصة معاينة الصرح الكبير الذي كان علال الفاسي رحمه الله أحد رواده الكبار. وفي إطار الحديث عن الحركية التي رافقت إعلان دستور 1970 استحضر الأستاذ العربي المساري الرسالة التي رفعها حزب الاستقلال الى جلالة الملك الحسن الثاني بتاريخ 16 أكتوبر 1972 في سياق الاستشارات السياسية التي فتحها الملك الراحل مع القوى السياسية في أعقاب حادثة الطائرة وهي «دستور تميز بالتراجع عن كل مكاسب الشعب التي حققها منذ الاستقلال وكرس السلطة المطلقة في الوقت الذي حرم الشعب من أن يستعيد السيادة التي نص عليها في ديباجة الدستور. ولم تكن تلك الخطوات الرجعية بكافية، بل إن السلطة تجندت لإجراء استفتاء مزيف، وأعقبته انتخابات تشريعية مغشوشة تميز بها صيف سنة 1970 قاطعها الشعب هي الأخرى، كانت نتيجتها أن زادت الهوة اتساعا بين الشعب والمسؤولين وأعطت صورة مخجلة عن المغرب في الخارج». وأكد أن رفض علال الفاسي لدستور 1970 كان له مايبرره لأن هذا الأخير أنقص بكثير ما أعطاه دستور 1962 بل جاء ليفرغ الدستور من محتوياته الايجابية بدليل أن مجلس النواب الذي كان منتخبا بالاقتراع العام المباشر أصبح بعد إقرار دستور 1970 في معظمه منتخبا بالاقتراع غير المباشر. وذكر بأن موقف «لا» ضد دستور 1970 كان نابعا من قرار مشترك بين كل من حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وذلك إزاء الحالة السياسية التي كانت سائدة في البلاد. وقال المساري إن حزبي الإستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية أصدرا بيانا مشتركا في 5 سبتمبر 1969 حينما اتجهت الحكومة الى تنظيم انتخابات بلدية وقروية كمرحلة أولى لإعداد البرلمان وتضمن هذا البيان تحذيرا قويا من فساد الترتيبات التي كانت الحكومة قد أقدمت عليها في ذلك الصدد، وبالتالي أعلن الحزبان عزمهما على مواصلة اليقظة في النضال بكل الوسائل القانونية لإقامة ديمقراطية حقيقية. وأوضح أن مقاومة دستور سنة 1970 كانت تندرج في سياق سياسة حزب الاستقلال لإقامة ديمقراطية عصرية وناجعة في البلاد وهو الهدف الذي سعى إليه الزعيم علال الفاسي من وراء تبنيه لدستور 1962 . وأشار الأستاذ المساري أن الراحل علال الفاسي دافع على دستور 1962 وهو في المعارضة على اعتبار أنه مقبولا بوجه عام وآفته هي في التطبيق، وضرب على ذلك مثلا بأن الوزير الأول ظل يماطل مدة طويلة في تقديم برنامج الحكومة أمام البرلمان، وحاول أن يقتصر الأمر على الاستماع إليه دون مناقشته. واعتبر أن النكسة التي رافقت تكوين أول برلمان سنة 1963 كانت ضربة قوية للمسيرة الديمقراطية من خلال التزييف الذي لحق انتخاب مجلس النواب لتقليص وجود حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية. كما تحدث عن حرص الزعيم علال الفاسي على احترام الدستور من خلال الخطاب الذي وجهه الراحل الى المغفور له الملك الحسن الثاني بتاريخ 13 أبريل 1963 محذرا إياه بترك المغرضين يعبثون بتنفيذ الدستور بدعوى الوقاية من الجماعات الخطرة لأن الشعب المغربي يقبل بكل شيء إلا أن يستهزأ به وبمكاسبه التي كافح من أجلها، وقال إن علال الفاسي طالب في نفس الخطاب بتنحية اكديرة من منصب مدير الديوان الملكي. وأكد المساري في تدخله أنه مايلزم لفهم مقولة علال الفاسي بأن المهم هو «الخروج من اللادستور إلى علاقات وطنية ينظمها دستور» أن ندخل في الحسابات مسألة ميزان الفتوى، إن وحدة القوى المعنية بالديمقراطية هي التي أدت إلى دستور 1992 الذي كان موضع تراض مع الكتلة الديمقراطية رغم موقف اللاتصويت. وأبرز أن علال الفاسي كان يعطي أهمية قصوى لوحدة الوطنيين واستدل على ذلك بأن الانشقاق الذي وقع بحزب الاستقلال سنة 1959 قد أدى الى إضعاف الصف الديمقراطي، وقال بأن الراحل دعا في وقت مبكر إلى تركيز المراهنة على ربح الانتخابات لأنه لم يكن يتصور وسيلة أخرى لتحقيق الاصلاحات التي تتطلبها الأمة إلا بالعمل في إطار المشروعية. وأوضح بأن علال الفاسي لم يندم على أنه لم يدخل في الحساب أي مقاربة أخرى بل أكد دائما أن أهم الاصلاحات وأكبرها يمكن أن تنجز بالاتفاق مع المؤسسة الملكية. لا مناص من الاقتداء بنضال وفكر علال الفاسي ومرونته الفكرية وشجاعته في قول «لا» وقول «نعم» استهل عبد العالي حامي الدين أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة عرضه في موضوع: «السلطة التأسيسية عند الزعيم علال الفاسي: الفكر والممارسة» بتساؤل ماذا بقي من علال الفاسي اليوم؟ وأجاب بقي الكثير. وأكد أن هناك أربعة مفاتيح لفهم فكر علال الفاسي جملة وتفصيلا وهذه المفاتيح مازالت صالحة إلى اليوم للتعامل مع مجموعة من الاشكالات التي لازالت تعترضنا في الواقع. وقال بقي من فكر الراحل المنهاج المقاصدي وقدرته على توظيف مفهوم المصلحة ومفهوم درء المفسدة والاستخدام اللامحدود للعقل، إلا على ضوء قطعية الشريعة والاجتهاد المتواصل عند الزعيم علال الفاسي لفهم القرآن والسنة وتوظيفه في الإشكالات المتعلقة بالسلطة والسياسة على اعتبار أن مجال تنظيم السلطة هو ليس مجالا محسوما بالنصوص القطعية بل هو منطقة فراغ تشريعي. وأشار إلى أن علال الفاسي تميز بالمرونة الفكرية وهو ينظر للممارسة السياسية لحزب الاستقلال ويضع كذلك المعالم الكبرى لمشروع الدولة، ويضيف الأستاذ حامي الدين ان هذه المرونة الفكرية ليست تلفيقية وإنما مرونة مؤسسة على مقاصد ومؤسسة على أدوات علمية ومنهجية، وهي التي أدت بالزعيم علال الفاسي إلى امتلاك الجرأة في قول «لا» وهي جرأة مؤسسة وليست جرأة عنترية بل هي جرأة سياسية تستحضر عنصر التوازن في الخطاب، وعلى أساسها كان الراحل يقول «لا في الوقت المناسب ويقول «نعم» في الوقت الذي ربما يعتقد البعض بأن الموقف المطلوب هو «لا»، وهذه الجرأة سياسية مبعثها المرونة الفكرية التي تتأسس بدورها على الفقه المقاصدي. وأكد بأن علال الفاسي انفرد بقدرته على الانفتاح على التراث الغربي في مجال تنظيم السلطة وهو انفتاح لا يكون إلا استثنائيا في تلك المرحلة لكنه انفتاح مطبوع بنزعة نقدية صارمة تمتلك كامل المؤهلات للثقة في الذات وفيما تمتلك الذات من إمكانات معرفية لمسايرة الاشكالات المتعلقة بالسلطة. وذكر أن الزعيم علال الفاسي عندما كان ينظر للممارسة السياسية بالمغرب وللممارسة الدستورية يستحضر مسؤولية ضمنية أنه يمثل حلقة وصل بين علماء المغرب وبين النخبة التي سوف تتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام بعد الاستقلال، كما كانت له ثقة بأن الاستقلال آت وعلينا أن نحضر له. وأضاف أن أهم الاشكالات التي عالجها علال الفاسي ما يتعلق بالسلطة التأسيسية أي من يضع الدستور، من يعطي الشعب مسؤولية وشرعية وضع الوثيقة الدستورية التي تنظم العلاقات بين الحاكمين والمحكومين، وذلك من خلال دعوته الى ضرورة توفير البلاد على دستور ديمقراطي يعترف بحقوق الانسان والمواطنين ويراعي في وضعه ما تتوقف عليه حياة المغاربة وحاجياتهم، وهو ما جاء في كتابه النقد الذاتي الذي يوضح فيه بأن أسلوب الدستور المقترح وهو تلك المسطرة المتبعة بتلك الدول الديمقراطية ذات التقاليد التاريخية في مجال التنظيم الدستوري والتي تعتمد على انتخاب هيئة قانونية وسياسية عن طريق الاقتراع العام وتتمتع بدرجة السمو في ممارسة السلطة، وتمنح كافة الضمانات القانونية والسياسية لوضع وصياغة وثيقة دستورية تنظم على أساسها كافة السلطات وتحدد اختصاصاتها بدقة. وقال إن علال الفاسي كان يقصد أسلوب الانتخاب عن طريق الاقتراع العام ويضرب مثالا على ذلك بالأنظمة الغربية خصوصا التجربة الانجليزية والولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا. ويبرز الأستاذ حامي الدين ان تصور الزعيم علال الفاسي في وضع الدستور كان يستند الى الرفض القاطع في أن ينفرد فرد خاص بمهمة وضع هذا الدستور مهما كان وضعه ووظيفته الاجتماعية والسياسية. وتساءل كيف أن الراحل الذي كان يناضل من أجل إحقاق الدستور الذي يعكس واقع الديمقراطية في بعدها الحقيقي ويطرح في كتابه النقد الذاتي فكرة الدستور الموضوع من طرف المجلس التأسيسي تخلى عن هذه الفكرة بل وقبل بفكرة الدستور الموضوع من لدن شخص واحد وقبل المشاركة فيه وانتخب رئيسا له لكن أجاب على ذلك بأن التحولات التي عرفها المغرب بعد الاستقلال دفعت علال الفاسي الى نهج المرونة الفكرية الذي تميز بها وفضل تحمل الضرر الخاص من أجل الدفع بالضرر العام للخروج من حالة اللادستور الى حالة الدستور مهما كان الثمن الذي ندفعه من أجله مادام أن الهدف الآني والمستعجل هو إقرار حياة سياسية تخضع للقانون الدستوري بغض النظر عن الوسيلة المتبعة لتحقيق هذه الغاية وأضاف أن علال الفاسي كان يتجنب أي احتكاك صريح مع المؤسسة الملكية بالرغم من الوضعية القوية لحزب الاستقلال خلال تلك المرحلة. وأفاد أن التفكير السياسي لعلال الفاسي تحكم فيه كذلك الاقتناع بضرورة الحفاظ على الانسجام بين الشعب والملك باعتباره الضمان الوحيد لتحقيق كل الأهداف وهنا استحضر الراحل مصلحة الاستقرار السياسي لأنه بالنسبة إليه مصلحة كبرى إذا فقدناه فقدنا كافة الأشياء التي يمكن أن نناضل من أجلها فيما بعد. وختم عرضه بتساؤل لو كان الزعيم علال الفاسي حاضرا بين ظهرانينا ماذا سيكون موقفه الآن؟. وقد حضر هذه الندوة التي غاب عنها ولظروف قاهرة الأستاذ عبدالله ساعف الذي كان مقررا أن يتناول فيها موضوع «قراءة في مسارات السياسات الاجتماعية بالمغرب على ضوء نصوص علال الفاسي» عدد هام من الشخصيات من أعضاء مجلس الرئاسة لحزب الاستقلال وأعضاء اللجنة التنفيذية الى جانب أعضاء من المجلس الوطني.